نسخة تجريبيـــــــة
حياته ورحلاته وسياحاته ووفاته

كان للشاذلى سياحات ورحلات كثيرة منذ كان يافعا، فقد دخل أكثر بلاد المغرب، ودخل القيروان وإفريقية وأدى فريضة الحج، فدخل مصر وفلسطين والشام، ورحل إلى العراق[1].

وكانت رحلاته هذه للدراسة وطلب العلوم العقلية والنقلية والصوفية، وللتعرف على العلماء الأعلام من كل صنف. ولم تكن للنزهة والترف والترفيه عن النفس، وذلك لأن النفوس العالية تواقة دائما إلى العلوم والمعارف.

وأولى رحلاته لطلب العلم كانت إلى «زرويل» وعمره حينئذ عشر سنوات، ثم رحل إلى مدينة تونس وتلقى على علمائها وشيوخها علوم : الفقه على مذهب الإمام مالك، والنحو والصرف والأدب والتفسير والحديث والتوحيد وعلم الكلام، وبالجملة جميع العلوم الدينية، وكان متفوقا على أقرانه حتى أنه كان يناظر أكبر العلماء بتونس وينتصر عليهم[2].

وأخبر الإمام بنفسه عن دخوله تونس وهو شاب صغير فقال : «لما دخلت مدينة تونس وأنا شاب صغير وجدت بها مجاعة شديدة، ووجدت الناس يموتون فى الأسواق، فقلت فى نفسى لو كان عندى ما أشترى به خبزا لهؤلاء الجياع لفعلت، فألقى فى سرى : خذ ما فى جيبك، فحركت جيبى فإذا فيه دراهم، فأتيت إلى خباز بباب المنارة فقلت عد خبزك فعده على ثم ناولته للناس فتناهبوه، وأخرجت الدراهم فناولتها إلى الخباز فوجدها زائفة، فقال لى هذه مغاربة، وأنتم المغاربة تشتغلون بالكيمياء، فأعطيته برنسى وكرزيتى رهنا فى ثمن الخبز وتوجهت إلى جهة الباب وإذا برجل واقف عند الباب، فقال : يا على أين الدراهم ؟ فأعطيته إياها فهزها فى يدها ثم ردها إلى، ثم قال : أدفعها إلى الخباز فإنها طيبة فدفعتها إلى الخباز فقال هذه طيبة وأخذت برنسى وكرزيتى ثم طلبت على الرجل فلم أجده.

فبقيت أياما حائرا فى نفسى على أن دخلت يوم الجمعة لجامع الزيتونة عند المقصورة فى شرق الجامع، فركعت تحية المسجد وسلمت، وإذا الرجل عن يميني، فسلمت عليه، فتبسم إلى وقال لى : يا على أنت تقول لو كان عندى ما أطعم هؤلاء الجياع لفعلت. تتكرم على الله الكريم فى خلقه، ولو شاء لأشبعهم وهو أعلم بمصالحهم منك.

فقلت له : يا سيدى بالله من أنت ؟ فقال أنا أحمد الخضر كنت بالصين، فقيل لى أدرك ولى عليا بتونس فأتيت مبادرا إليك. فلما صلينا الجمعة نظرت إليه فلم أجده»[3].

وحكى عنه الشيخ صالح أبو فارس عبد العزيز بن فتوح فى فضائل أبى سعيد الباجى رحمه الله، قال عن سيدى أبى الحسن رحمه الله : أنه قال : لما دخلت تونس فى ابتداء أمرى قصدت من فيها من المشايخ وكان عندى شيء أحب أن أعرضه على من يبين لى ما فيه، فلم يكن فيهم من شرح لى حالا، حتى عرضته على الصالح أبى سعيد الباجي، فأخبرنى بحالى قبل أن أبديه، وتكلم على سري، فعلمت أنه ولى الله، فلازمته فانتفعت به كثيرا[4].

ودخل الإمام رضى الله عنه بغداد سنة 618هـ، وعمره خمس وعشرون عاما، واجتمع بطائفة من الصالحين منهم أبو الفتح الواسطى الذى دله على القطب الأكبر[5]. وكان يبحث فى بغداد عن القطب الذى يلزمه لا سيما أن بغداد منذ بداية عهد العباسيين هى محط أنظار طلاب الدنيا والدين، فكانت تضم كبار الفقهاء، وأعلام المحدثين، والقمم العوالى من الصوفية، كما تضم كبار الساسة والقادة. كان ذلك فى عهدها الزاهر، وكأن الإمام تساءل إن لم أجد هذا الشيخ فى بغداد، فأين أجده ؟ فالتقى بالأولياء، وكان قمتهم فى نظره هو أبو الفتح الواسطي[6].

يقول الإمام أبو الحسن : «لما دخلت العراق اجتمعت بالشيخ الصالح أبى الفتح الواسطي، فما رأيت بالعراق مثله. وكان بالعراق شيوخ كثيرة، وكنت أطلب على القطب، فقال لى الشيخ أبو الفتح تطلب على القطب بالعراق وهو فى بلادك، ارجع إلى بلادك تجده، فرجعت إلى بلاد المغرب –بمدينة فاس- إلى أن اجتمعت بأستاذى الشيخ الولى العارف الصديق القطب الغوث أبى محمد عبد السلام بن بشيش الشريف الحسني[7].

قال الإمام رضى الله عنه : لما قدمت عليه، وهو ساكن مغارة برباطه فى رأس الجبل، اغتسلت فى عين أسفل الجبل، وخرجت من علمى وعملي، وطلعت عليه فقيرا، وإذا به هابط علي، فلما رآنى قال : مرحبا بعلى بن عبد الله بن عبد الجبار، وذكر لى نسبى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال لى : يا على طلعت إلينا فقيرا من علمك وعملك أخذت منا غنى الدنيا والآخرة، فأخذنى منه الدهش، فأقمت عنده أياما إلى أن فتح الله على بصيرتى ورأيت له خرق عادات من كرامات وغيرها.

قال : وكنت يوما جالسا بين يديه وفى حجره ولد صغير، فخطر ببالى أن أسأله عن اسم الله الأعظم ؟ فقام الولد إلى ورمى يده إلى أطواقي، وقال : يا أبا الحسن أردت أن تسأل الشيخ عن الاسم الأعظم، إنما الشأن أن تكون أنت هو الاسم، يعنى سر الله مودع فى قلبك، قال : فتبسم الشيخ وقال أجابك فلان عنا، وكان ذا ذاك قطب الزمان، ثم قال لى : يا على ارتحل إلى إفريقية، واسكن بها بلدا تسمى شاذلة، فإن الله يسميك الشاذلي، وبعد ذلك تنتقل إلى مدينة تونس ويؤتى عليك بها من قبل السلطنة، وبعد ذلك تنتقل إلى بلاد المشرق، وترث القطبانية، فقلت له : يا سيدى أوصني، فقال : الله الله، والناس تنزه لسانك عن ذكرهم، وقلبك عن التماثيل من قبلهم وعليك بحفظ الجوارح وأداء الفرائض وقد تمت ولاية الله عليك، ولا تذكرهم إلا بواجب حق الله عليك وقد تم ورعك، وقال : اللهم ارحمنى من ذكرهم، ومن العوارض من قبلهم، ونجنى من شرهم، وأغننى بخيرك عن خيرهم، وتولنى بالخصوصية من بينهم، إنك على كل شيء قدير»[8].

وذكر ابن الصباغ عن الإمام رضى الله عنه، فقال : «ولما توجه رحمه الله  من عند أستاذه إلى إفريقيا وأمره بالنقلة إلى شاذلة وصل إلى مدينة تونس إلى مصلى العيدين، فلقى حطابا من أهل شاذلة، فخرج معه متوجها إليها على نحو ما أمر به الأستاذ، فنسى الحطاب حاجة فى السوق فرجع قاصدا إليها وترك الحمار عنده، فلما توجه قال فى نفسه : هذا رجل غريب يهرب بالحمار وأبقى فى عدمه، فناداه الشيخ فرجع إليه فقال له يا بنى : خذ حمارك معك وأنتظرك حتى تعود إلى لئلا أهرب لك بالحمار على زعمك وتبقى ف طلبه، فبكى الحطاب وقال : والله ما اطلع على هذا إلا الله تعالى، فعلم بولايته فجعل يقبل يديه ويسأله الدعاء، ثم انصرف لحاجته وعاد إليه فخلف له أن يركب الحمار وأردفه خلفه، وقال والله ما كان الحمار يحملنى إلا بعد جهد لضعفه وقلة علفه.

قال : فمشينا قدر الميل وإذا بالشيخ نزل، وإذا نحن عند الساقية بطرف شاذلة. قال : فأخذنى الدهش، ثم هجمت عليه، وقلت له : يا سيدى أنا مبتلى بالفاقة أحتطب الحطب فأبيعه فما أصل إلى القوت إلا بعد جهد، وكان فى طرفى شعير اشتريته برسم قوت العيال وعلف الحمار، قال لى : هات ذلك الشعير فحللت طرفى فأدخل يده فيه، وقال : اجعل ذلك الشعير فى قفة وأغلق عليه، وأدخل يدك، وكلوا منه، وما بقيت تشتكى الفاقة أبدا، أسأل الله أن يغنيك ويغنى ذريتك، فلم يرد من ذريته فقير إلى الآن.

قال : فجعلت أدخل يدى وأخرج وأنصرف وحرثت على الحمار، وزرعت منه فوجدته أصابه خير كثيرة وحللت عنه وكلته فوجدته على نحو ما كان، فلما دخلت عليه قال لى : لو لم تكله لأكلت منه ما دام عندكم.

وكان أول من صحبه بشاذلة الشيخ الصالح الولى المكاشف أبو محمد عبد الله بن سلامة الحبيبى من أهل شاذلة، كان يدخل مدينة تونس ويحضر مجلس سيدنا الشيخ الصالح العارف الفاضل أبو جعفر الجاسوس، وهو مشتمل فى حولي، فيقول الشيخ رضى الله عنه : العوالى فى الخوالي. قال : فأخذت بيده يوما وقلت له : يا سيدى أتخذك شيخى ؟ فقال لى : يا بنى ارتقب أستاذك حتى يصل من المغرب، حسنى من كبار الأولياء هو أستاذك، وإليه تنسب، فكان يرتقبه وكل من الفقراء المغاربة يصحبه حتى قدم الشيخ إلى شاذلة فاجتمع به، وكان ذلك إكراما به وسابقة خير له فصحبه ولازمه وتوجه معه إلى جبل زغوان، وتعبد معه، وجاهد وقتا طويلا»[9].

ثم قال ابن الصباغ : «فدخل إلى مدينة تونس وسكن بها دارا بمسجد البلاط، وصحبه بها جماعة من الفضلاء منهم : الشيخ أبو الحسن على بن مخلوف الصقلي، وأبو عبد الله الصابوني، والشيخ أبو محمد عبد العزيز الزيتوني، وخادمه أبو سلطان ماضى من المسروقين، وأبو عبد الله البجاوى الخياط، وأبو عبد الله الخارجى كلهم أصحاب كرامات وبركات نفعنا الله بجميعهم.

وأقام بها مدة إلى أن اجتمع عليه خلق كثير، فسمع به الفقيه أبو القاسم ابن البراء، وكان إذ ذاك قاضى الجماعة، فأصابه منه حسد، فتوجه إليه لينازعه، فلما يقدر على التمكن منه، فقال للسلطان : إن ههنا رجلا من أهل شاذلة سواق الحمير يدعى الشرف، وقد اجتمع عليه خلق كثير ويدعى أنه الفاطمى ويشوش عليك فى بلدك»[10].

قال ابن الصباغ : «وكان السلطان الأمير أبو زكريا رحمه الله فجمع مع البراء جماعة من الفقهاء فى القضية، وجلس السلطان خلف حجاب، وحضر الشيخ رضى الله عنه فسألوه عن نسبه مرارا والشيخ يجيبهم عليه والسلطان يسمع، وتحدثوا معه فى كل العلوم فأفاض عليهم بعلوم أسكتهم بها وما استطاعوا أن يجاوبوه عليها من العلوم الموهوبة، والشيخ يتكلم معهم فى العلوم المكتسبة ويشاركهم فيها.

فقال السلطان لابن البراء : هذا رجل من أكابر الأولياء ومالك به طاقة، فقال له : والله لئن لم يخرج فى هذه الساعة ليدخلن عليك تونس ويخرجونك من بين أظهرهم فإنهم مجتمعون على بابك. قال : فخرج الفقهاء وأمر الشيخ بالجلوس، فقال : لعل أن يدخل على بعض أصحابي، فدخل عليه بعض أصحابه فقال له : يا سيدى الناس يتحدثون فى أمرك ويقولون يفعل به كذا وكذا من أنواع الأدب، وبكى بين يديه ، فتبسم الشيخ. وقال له: والله لولا أني أتأدب مع الشرع لخرجت من ههنا ومن ههنا ، فمهما أشار إلى جهة انشق الحائط، ثم قال: ائتني بإبريق وماء وسجادة وسلم على أصحابي وقل لهم: ما نغيب عنكم إلا اليوم خاصة، وما نصلي المغرب إلا معكم إن شاء الله، فأتاه بما أمره به فتوضأ وتوجه إلى الله سبحانه وتعالى. قال الشيخ أبو الحسن: فهممت أن أدعو على السلطان، فقيل لي: إن الله لا يرضى لك أن تدعو بالجزع من مخلوق...»[11].

قال ابن الصباغ : «وكان عند السلطان جارية من أعز نسائه عليه أصابها وجع فماتت فى حينها، فأصيب من أجلها، فغسلت فى بيت سكناه واشتغلوا فى دفنها فنسيت المجمرة بالنار فى البيت فالتهبت النار، ولم يشعروا بها حتى احترق كل ما فى البيت من الفرش والثياب وغير ذلك من الذخائر، فعلم السلطان أنه أصيب من قبل هذا الولي.

فسمع بذلك أخو الملك أبو عبد الله اللحياني، وكان فى خبائه بخارج المدينة فأتى مبادرا إليه، وكان كثير الاعتقاد والزيارة للشيخ، فقال لأخيه : ما هذا الذى أوقعك فيه ابن البراء ؟ أوقعك والله فى الهلاك أنت ومن معك، فدخل عليه وجعل يقول : يا سيدى أخى والله غير عارف بمقدارك، وجعل يقبل يديه ويسأله الصفح عنه، فقال : والله ما يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فكيف يملكها لغيره، كان ذلك فى الكتاب مسطورا.

وخرج الشيخ أبو عبد الله اللحيانى بصحبة الشيخ رضى الله عنه إلى داره، فأقام الشيخ أياما، - وظل ابن البراء فى اضطهاده للإمام- ثم باع ربعه الذى بناه بمسجد البلاط وأمر أصحابه بالنقلة إلى الديار المصرية، ووجه إلى ابن البراء، وقال له : ترانى أوسع عليك مدينتك تونس»[12].

قال ابن الصباغ : «وحدثنا الشيخ أبو العزائم خادمه : قال : لقى الشيخ يوما ابن البراء، فسلم عليه الشيخ، فأعرض عنه، ولم يرد عليه السلام، وإذا بالفقيه أبى عبد الله بن أبى الحسن حاجب السلطان، فلما رآه ترجل عن بغلته وبادر إلى الشيخ وجعل يقبل يديه ويبكى ويسأله الدعاء، فدعا له وانصرف. فلما دخل الدار قال : خوطبت الآن فى هؤلاء الاثنين، فقيل لى : يا على وسم عبد بالشقاوة علم الحق وتعامى عنه، ولو علم ما علم، ووسم عبد بالسعادة علم الحق وأتى إليه ولو عمل ما عمل. قال :وما سمع الشيخ أن دعا عليه ولا ذكره بشيء حتى كنا بعرفات يوم عرفة، قال : أمنوا على دعائي، فالآن أمرت أن أدعو على ابن البراء، فقال : اللهم طول عمره، ولا تنفعه بعلمه، وافتنه فى ولده، واجعله فى آخر عمره خادما للظلمة.

قال : ولما توجه رضى الله عنه سمع السلطان فتغير لخروجه من بلاده فوجه إليه من يرده، قال الشيخ : ما خرجت إلا بنية الحج إن شاء الله، ولكن إن قضى الله حاجتى أعود إن شاء الله، فلما توجهنا إلى المشرق ودخل الإسكندرية عمل ابن البراء عقدا بالشهادة : أن هذا الواصل إليكم شوش علينا بلادنا، وكذلك يفعل ببلادكم، فأمر السلطان أن يعقل بالإسكندرية، فأقمنا أياما وكان السلطان رمى رميه على أهل البلد وهم أشياخ البلد، يقال لهم القبائل، فلما سمعوا بالشيخ أتوا يطلبونه فى الدعاء، فقال لهم : غدا إن شاء الله نسافر إلى القاهرة ونتحدث مع السلطان فيكم، فسافرنا وخرجنا من باب السدرة، والباب فيه الجناشرة والوالى وما يدخل أحد ولا يخرج حتى يفتش، وما كلمنا أحد ولا علم بنا.

فلما وصلنا القاهرة أتينا القلعة، فاستؤذن عليه السلطان، فقال : كيف ونحن أمرنا أن يعقل بالإسكندرية، فأدخل على السلطان والقضاة والأمراء، فجلس معهم، ونحن ننظر إليه، فقال له : ما تقول أيها الشيخ ؟  فقال له : جئت أشفع إليك فى القبائل، فقال له : اشفع فى نفسك، هذا عقد بالشهادة فيك وجهه ابن البراء من تونس، ثم ناوله إياه.

 فقال له : أنا وأنت والقبائل فى قبضة الله، وقام الشيخ ومشى قدر عشرين خطوة، فحركوا السلطان فلم يتحرك ولم ينطق، فبادروا إلى الشيخ وجعلوا يقبلون يديه ويرغبونه فى الرجوع إليه. فرجع وحركه بيده، فتحرك ونزل عن كرسيه، وجعل يستحله ويرغب منه الدعاء، ، ثم كتب إلى الوالى أن يرفع الطلب عن القبائل ويرد جميع ما أخذه منهم، وأقام عنده فى القلعة أياما، واهتزت بنا الديار المصرية إلى أن طلعنا إلى الحج ورجعنا إلى مدينة تونس. وسكن الشيخ بداخل باب الحديد ببطحاء الشعرية، دارا تفتح للجوف، وأقام بها زمنا طويلا إلى أن قدم الشيخ الولى : أبو العباس المرسي، الذى ورث مقامه بعد ما جاء من بلاد الأندلس صغيرا، وأخوه أبو عبد الله محمد، وكان معلما للصبيان بالإسكندرية. فلما اجتمع بالشيخ قال : ما ردنى لتونس إلا هذا الشاب، فرباه وسلكه وسافر معه إلى الشرق.

قال رضى الله عنه : رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، فقال لى : يا على انتقل إلى الديار المصرية تربى بها أربعين صديقا، وكان فى زمن الصيف، وشدة الحر، فقلت : يا سيدى يا رسول الله الحر الشديد. فقال لى : إن الغمام يظلكم. فقلت : أخاف العطش. فقال : إن السماء تمطركم فى كل يوم أمامكم. قال فوعدنى بسبعين كرامة فى طريقي.

قال : فأمر أصحابه بالحركة، وسافر متوجها إلى الديار المصرية، وكان ممن صحبه فى سفره الشيخ الولى الصالح أبو على بن السماط»[13].

قال ابن الصباغ : حدثنى والدى رحمه الله قال : حدثنى الشيخ الصالح المقرئ أبو على الناسخ. قال : توجهت صحبتهما فى خدمة الشيخ أبى علي، فلما وصلنا إلى مدينة طرابلس، قال الشيخ : نتوجه على الطريق الوسطى، واختار الشيخ أبو على طريق الساحل. قال : فرأى الشيخ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له : يا أبا علي، أنت ولى الله، وأبو الحسن ولى الله، ولن يجعل الله لولى على ولى سبيلا، امش على طريقك التى اخترت، وهو على طريقه التى اختار. قال : فافترقا إلى أن اجتمعنا بمقربة الإسكندرية، قال : فلما صلينا الصبح، توجه الشيخ أبو على إلى خباء الشيخ أبى الحسن، ونحن صحبته، فدخل عليه، وجلس بين يديه، وتأدب معه أدبا ما اعتاده منه، وتحدث معه بكلام ما فهمنا منه كلمة. فلما أراد الانصراف قال له : يا سيدي، هات يدك أقبلها، فقبل يده، وانصرف وهو يبكي.

قال : فتعجبنا من حاله معه، فلما كان فى أثناء الطريق التفت لأصحابه وقال رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لى : يا يونس، كان الشيخ أبو الحجاج الأقصرى بالديار المصرية، وكان قطب الزمان، فمات البارحة، وأخلفه الله بأبى الحسن الشاذلي، قال : فأتيته حتى بايعته بيعة القطابة.

قال : فلما وصلنا الإسكندرية وخرج الناس يتلقون الركب، رأيت الشيخ أبا على يضرب بيده على مقدم الرحل، ويقول وهو يبكى : يا أهل الإقليم، لو علمتم من قدم عليكم فى هذا الركب لقبلتم أخفاف بعيره، قدمت والله عليكم البركة»[14].

قال ابن الصباغ : «وقال رضى الله عنه : لما قدمت إلى الديار المصرية، قيل لى : يا علي، ذهبت أيام المحن، وأقبلت أيام المنن، عسرا بيسر، اقتداء بجدك صلى الله عليه وسلم»[15].

وذكر على سالم عمار نزول الشاذلى رضى الله عنه إلى مصر فقال : «ولما نزلوا الإسكندرية دخلوها من جهة عمود السواري، ثم اتخذ الشيخ أبو الحسن دارا بإزاء قلعة الديماس –كوم الدكة الآن- وأقام بها هو وأصحابه الذين أخذوا جميعا فى الدعوة إلى الله وعلى رأس أتباعه صفيه وخليله أبو العباس.

وأخذ الشيخ أبو الحسن يلقى دروسه بمسجد العطارين، فهرع إليه لاستماع دروسه خلق كثير بين أجلاء العلماء وأكابر الفضلاء، وصار يعقد حلقات الذكر ومجالس الوعظ والتهذيب وكان الإقبال على دروسه محل اهتمام الخاصة والعامة، كما كان هو موضع تقدير الجميع على اختلاف درجاتهم وكان ممن صحبه بمصر الشيخ مكين الدين الأسمر، والشيخ عبد الحكيم بن أبى الحوافر والشيخ أمين الدين جبريل والشيخ شرف الدين البونى والشيخ عثمان التوريجى والشيخ القبارى والشيخ ابن المنير وغيرهم. ثم أخذ الشيخ ينتقل إلى عواصم القطر قياما بنشر دعوته دعوة الأخلاق والفضيلة وطاعة الله وتربية المريدين. ومن بين البلاد التى دخلها غير الإسكندرية وكان له شأن بها دمنهور والمنصورة، وزار الوجه القبلى جميعه فى أكبر عواصمه أثناء أدائه لفريضة الحد بطريق القصير، وخص القاهرة بنصيب وافر من إقامته، فألقى دروسا عديدة بالمدرسة الكاملية وبمسجد المقياس بالروضة تجاه الجيزة»[16].

وكانت القاهرة إذ ذاك ذات ثروة كبيرة من أعلام العلماء والفقهاء والمحدثين الذى يعتد بهم فى العلوم الدينية، ولا تزال مؤلفاتهم وفتاويهم من أهم المراجع إلى عصرنا هذا، وحسبنا من بينهم مفتى الأنام الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، وشيخ الإسلام تقى الدين ابن دقيق العيد وشيخ المحدثين عبد العظيم المنذرى شيخ المدرسة الكاملية والشيخ الصالح شمس الدين ابن كتيلة رئيس خانقاه سعيد السعداء وقاضى الجماعة ابن بنت الأعز وغيرهم ممن جعلنا لهم صحيفة خاصة من الأصحاب والأتباع والمجاهدين الذين كانوا يجلسون إليه متأدبين ويستمعون إليه متعلمين متبصرين كأنهم بين يدى أستاذهم ومعلمهم»[17].

وكان مسكنه رضى الله عنه فى الإسكندرية ببرج من أبراج السور، حبسه السلطان عليه وعلى ذريته، دخله ابن الصباغ عام خمس عشرة وسبعمائة  فى أسفله ماجل كبير ومرابط للبهائم، وفى الوسط منه مساكن للفقراء، وجامع كبير، وفى أعلاه أعلية لسكناه ولعياله.

وتزوج هناك، وولد له أولاد، منهم : الشيخ شهاب الدين أحمد، وأبو الحسن علي، وأبو عبد الله محمد شرف الدين. أدركه ابنُ الصباغ بدمنهور قاطنا بها. ومن البنات : زينب ولها أولاد، رأى ابن الصباغ بعضهم. وعريفة الخير أدركها ابن الصباغ بالإسكندرية، وقال ابن الصباغ: وأقام أعواما يحج عاما ويقيم عاما آخر»[18].

وفى ضوء ما سبق يمكن أن نستخلص التواريخ الأساسية التى تمثل أطوار حياة الشيخ أبى الحسن الشاذلى :

1- سنة 593 هـ : تاريخ مولده رضى الله عنه بغُمَارة بالمغرب.

2- 615 إلى 620 هـ : فترة الرحلة والسياحة والسفر شرقا ، حيث لقى بغداد سنة 618 هـ أبا الفتح الواسطى ، ثم عاد إلى المغرب ليلقى ابن مشيش .

3- 620 إلى 642 هـ : إقامته بشاذلة ، ثم بتونس ونشره الطريق بها، وقد حج فى أثنائها ، وأتاه أبو العباس المرسى سنة 640 هـ، وكان مجيئه السبب فى الرحيل النهائى إلى مصر.

4- 642 إلى 656 هـ : الرحيل النهائى إلى مصر، وكان خلالها يحج عاما وعاما ، وكف بصره سنة 646 هـ ، وحضر واقعة المنصورة سنة 648 هـ ، وأخيرا إلى انتقل إلى الرفيق الأعلى ودفن بحميثرة بصحراء صعيد مصر أثناء ذهابه للحج سنة 656 هـ.

انتقال الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه إلى جوار ربه:

لعل أكمل وأوثق ما نقل فى انتقال الإمام أبى الحسن الشاذلى  –رضى الله عنه- إلى جوار ربه، وما سبق ذلك من أحداث ما ذكره ابن الصباغ فى كتابه درة الأسرار؛ لذا ننقله بتمامه حيث قال: «الفصل الخامس فى وفاته وما جرى له فى ذلك من خرق العادات واستخلافه لسيدى أبى العباس :

حدثنى من أثق به أنه قال : لما دخلت الديار المصرية، وسلكت بها قلت : يا رب أسكنتنى بلاد القبط. أدفن بينهم حتى يختلط لحمى بلحمهم، وعظمى بعظمهم. فقيل لى : يا علي، بل تدفن فى أرض لم يعص الله عليها قط.

وحدثنى سيدى ماضى بن سلطان –رحمه الله- : لما توجه رحمه الله فى سفرته التى توفى فيها قال : وكنت تزوجت امرأة من أهل الإسكندرية، وكانت حاملا، فجعلت تبكى وتقول لى : تتركنى على ولادة وتسافر عني. قال : فأخبرت بذلك الشيخ، فقال : ادعها إلي، فأتيت بها إليه. فلما دخلت بها عليه قال لها : أم عبد الدائم، اتركى لى ماضى يسافر معي، وأرجو لك من الله خيرا. فقالت له : يا سيدي، السمع والطاعة. فدعا لها وانصرفت، فولدت ونحن مسافرون مولودا ذكرا فسمته عبد الدائم.

قال : فلما تجهز للسفر قال : احملوا معكم فأسا ومسحاة فإن توفى أحد منا واريناه الثرى. قال : ولم يكن له بذلك عادة متقدمة فى جميع ما سافرت معه، فكان ذلك إشارة لوفاته.

وحدثنى ولده الشيخ الصالح شرف الدين بمدينة دمنهور فى عام خمسة عشر وسبعمائة. قال : كان عندنا شاب يقرأ معنا القرآن تربى معنا يتيما لا أب له، وأمه عندنا فى الدار، فلما أراد الشيخ السفر أمرنا أن نتحرك معه بجميع الأهل والأولاد، فتشوق الشاب للسفر معنا، فقال الشيخ : احملوه معكم، فجاءت أمه إلى الشيخ، فقالت له : يا سيدى لعل يكون نظركم عليه. فقال لها : يكون نظرنا عليه إن شاء الله إلى حميثرة.

قال ولده الشيخ الصالح شرف الدين: وسافرنا فلما دخلنا البرية مرض الشيخ والشاب، فمات الشاب قبل أن يصل إلى حميثرة بمرحلة، فأردنا دفنه، فقال احملوه إلى حميثرة. فلما نزلنا وغسلناه وصلى عليه الشيخ ودفناه بها كان أول من دفن بها، وتوفى فى تلك الليلة.

قال ولده الشيخ الصالح شرف الدين: جمع أصحابه فى تلك العشية وأوصاهم بأشياء، وأوصاهم بحزب البحر، وقال لهم : احفظوه لأولادكم فإن فيه اسم الله الأعظم.

وخلا بسيدى أبى العباس المرسى وحده، وأوصاه بأشياء واختصه بما خصه الله به من البركات، وقال لهم : إذا أنا مت فعليكم بأبى العباس المرسى فإنه الخليفة من بعدي، وسيكون له بينكم مقام عظيم، وهو باب من أبواب الله سبحانه وتعالى.

قال ولده الشيخ الصالح شرف الدين: فلما كان بين العشاءين فقال : يا محمد، املأ لى إناء بالماء من هذه البئر، فقلت له : يا سيدي، ماؤها مالح زعاق، والماء عندنا عذب. فقال لى : ائتنى منها فإن مرادى غير ما أنت تظن. فقال : فأتيته بإناء مملوء بالماء فشرب منه، ومضض فاه ومجه فى الإناء، ثم قال لى : رده إليه فرددته إليه، فحلا ماء البئر وعذب، وكثر بإذن الله تعالى.

قال ولده الشيخ الصالح شرف الدين: وبات تلك الليلة متوجها إلى الله سبحانه ذاكرا اسمه يقول : إلهى إلهي، فلما كان السحر سكن، فظننا أنه نام، فحركناه، فوجدناه ميتا رحمه الله.

واستدعينا سيدى أبا العباس المرسى فغسله، وصلينا عليه، ودفناه بحميثرة، وهذا الموضع ببرية عيذاب فى واد على طريق الصعيد، وقد شربت من مائها وزرت ضريحه ورأيت له بركات نفع الله به فى الدنيا والآخرة.

قال ولده الشيخ الصالح شرف الدين: ولما دفناه اختلف أصحابه فى الرجوع أو التوجه، فقال لهم سيدى أبو العباس : الشيخ أمرنى بالحج، ووعدنى بكرامات، وتوجهنا ورأينا تهوينا وبركات، ورجعنا صحبته، وظهر من بعده له ظهورٌ عظيم، وظهرت له كرامات كثيرة.

وقال الشيخ أبو الحسن رضى الله عنه : لما مرضت قلت : إلهى متى يكون اللقاء ؟ فقيل لى : يا على إذا وصلت إلى حميثرة فحينئذ يكون اللقاء. وقد رأيت كأنى أدفن إلى ذيل جبل بإزائه بئر قليلة الماء مالحة يكثر ماؤها ويعذب.

قال ابن الصباغ: وحدثنى الشيخ الصالح الفقيه الفاضل، الخطيب المفتى ، قاضى الجماعة بتونس أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرفيع رحمه الله تعالى، قال : لما توجه الشيخ أبو الحسن للحج فى سفرته التى توفى فيها قال لأصحابه : فى هذا العام أحج حجة النيابة، فمات قبل أن يحج.

فلما رجع أصحابه إلى الديار المصرية سألوا المفتى عز الدين بن عبد السلام، وأخبروه بمقاله، فبكى ثم قال لهم : الشيخ والله أخبركم أنه يموت، وما عندكم به علم، قد أخبركم أن الملك هو الذى يحج نيابة عنه؛ لأنه جاء فى الحديث عن  النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من خرج من بيته قاصدا للحج، ومات قبل أن يحج، فإن الله عز وجل يوكل ملكا ينوب عنه بالحج فى كل عام إلى يوم القيامة».

قال ابن الصباغ: وحدثنى الفقيه القاضى الأعدل الأكمل الأفضل عماد الدين قاضى القضاة بالإسكندرية فى عام خمسة عشر وسبعمائة. قال : توفيت امرأة بالإسكندرية، وكانت مسرفة على نفسها، فرئيت فى حالة حسنة، فقيل لها: ما فعل الله بك ؟ قالت : مات اليوم الشيخ أبو الحسن الشاذلي، ودفن بحميثرة، فغفر لكل من دفن اليوم من المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، فغفر لى من أجله تعظيما له وإكراما به.

فلما قدم الحجاج أخبروا بوفاته، فوجدنا التاريخ صحيحا.

وتوفى –رحمه الله- فى سنة ست وخمسين وستمائة وهو ابن ثلاث وستين سنة أو نحوها، رحمه الله ورضى عنه.

وسمعت سيدى ماضى رحمه الله يقول فى صفته : إنه كان آدم اللون، نحيف الجسم، طويل القامة، خفيف العارضين، طويل أصابع اليدين كأنه حجازي، فصيح اللسان، عذب الكلام. وكان يقول إذا تكلم واستغرق فى الكلام : ألا رجل من الأخيار يعقل عنا هذه الأسرار ؟ هلموا إلى رجل صيره الله بحر الأنوار»[19].

راجع لمزيد من التوسع حول الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه : ابن عطاء الله السكندرى ، لطائف المنن فى مناقب أبى العباس المرسى وشيخه أبى الحسن ، خاصة ص 71 - 93. - وابن الصباغ ، درة الأسرار، خاصة من ص 4-40. - ابن عياد الشافعى ، المفاخر العلية فى المآثر الشاذلية، ص 5-44 (ط الحلبى) . - وابن الملقن، طبقات الأولياء، ص 458-459. - والصفدى، الوافي بالوفيات، 12/92، 93. - ابن العماد، شذرات الذهب، 5/278 . - والسيوطى، حسن المحاضرة، 1/298. - وحسن أبو الإقبال بن على وفا (السيد الشريف الحسنى ) ، شجرة الإرشاد، ص 3- 14. - والشعرانى ، الطبقات الكبرى (2/4-12). - والكوهن ، طبقات الشاذلية الكبرى ، ص 20 - 64 . - والنبهانى، جامع كرامات الأولياء، 2/175-177. - وعلى سالم عمار، "أبو الحسن الشاذلى ، عصره - تاريخه - علومه - تصوفه"، وهو من أول وأفضل ما كتب عن الشيخ أبى الحسن فى العصر الحديث، بحيث صار مرجعا أساسيا عنه، رغم تعدد ما كتب عنه بعد ذلك. - ومحمد بن عثمان الحشايشي، الدر الثمين فى التعريف بأبى الحسن الشاذلى وأصحابه الأربعين، ص 25-60. - وحسن السندوبى ، أبو العباس المرسى ومسجده الجامع بالإسكندرية، ص 13 - 40 . - عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية ، ص 15 - 173 . - أحمد حامد عبد الكريم الشريف، الطبقات العروسية الشاذلية ، ص 69-71. - ود/ محمد أحمد درنيقة، الطريقة الشاذلية وأعلامها، ص 13-63. - وعبد المنعم قنديل، أبو الحسن الشاذلي زعيم الحياة الروحية في القرن السادس عشر.


[1]    للمزيد من التوسع بخصوص حياة الشيخ أبى الحسن راجع : د/ عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية، (ص 15- 42)

[2]    راجع : على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه، 1/49 ، 50.

[3]    ابن الصباغ، درة الأسرار، ص 5-6 مط التونسية ..

[4]    ابن الصباغ، درة الأسرار، ص 6 مط التونسية.

[5]    راجع : عبد العزيز أحمد منصور، أبو الحسن الشاذلى منهجا وسلوكا، ص 11 .

[6]    راجع : ابن الصباغ ، درة الأسرار، ص 4. - والدكتور عبد الحليم  محمود، المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي، ص 22 ، 23.

[7]    انظر ترجمته : الكوهن ، طبقات الشاذلية الكبرى، ص 65-.

[8]    راجع : ابن الصباغ ، درة الأسرار، ص 4-5. - وابن عياد، المفاخر العلية فى المآثر الشاذلية، ص 12، 13.

[9]    ابن الصباغ، درة الأسرار ص 6 .

[10]   ابن الصباغ، درة الأسرار ص 10 .

[11]   ابن الصباغ، درة الأسرار ص  10-11.

[12]   ابن الصباغ، درة الأسرار ص  11.

[13]   راجع ابن الصباغ، درة الأسرار ص 11-13، وابن عياد، المفاخر العلية فى المآثر الشاذلية، ص : 27 ، 28.

[14]   راجع : ابن الصباغ، درة الأسرار ص 13-14.

[15]   راجع : ابن الصباغ، درة الأسرار ص 14.

[16]   على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلي، عصره-تاريخه-علومه-تصوفه 1/102 ، 103.

[17]   على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلي، عصره-تاريخه-علومه-تصوفه 1/ 103، 104.

[18]   ابن الصباغ  ، درة الأسرار، ص 15.

[19]   ابن الصباغ ، درة الأسرار،  144-146.        


التقييم الحالي
بناء على 35 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث