فى هذا المدخل نتعرف على الإمام أبى الحسن الشاذلى من حيث معرفة اسمه ونسبه ونشأته.
أ- اسم الشيخ أبى الحسن ونسبه:
أما عن اسم الشيخ أبى الحسن ولقبه وكنيته ونسبه ، فلقبه هو تقى الدين، وكنيته أبو الحسن، واسمه علي، وشهرته الشاذلي، ينتمى إلى قبيلة «عموان»[1]المغربية التى ينتمى لها السيد عبد الرحيم القنائى دفين قنا، أجمع علماء الأنساب على أنه من أسرة شريفة علوية، نسبه الأغلب إلى الحسن بن على من جهة أبيه، كما نسبوه إلى الحسين من جهة أمه.
والمشارقة يرجعون نسبه إلى عيسى بن محمد بن الحسن بن على بن أبى طالب، فعيسى الجد الخامس عشر له، فهو على بن عبد الله بن عبد الجبار بن تميم بن هرمز بن حاتم بن قصى بن يوسف بن يوشع بن ورد بن بطال بن أحمد بن محمد بن عيسى بن عيسى بن محمد بن الحسن بن على بن أبى طالب.
وكذلك نسبه ابن عطاء الله فى لطائف المنن والشيخ داود بن باخلا فى اللطيفة المرضية ، وتبعهم الشيخ محمد البهى المصرى فى التحفة البهية ، والسيد أبو المحاسن القاوقجى فى البدر المنير.
أما المغاربة فيرجعون نسبه إلى الأدارسة سلاطين المغرب الأقصى عدا مولاى الفضيل الإدريسى فى الدرر البهية والجواهر النبوية، فيجعل أجداده عشرين بدلا من خمسة عشر فيقول بعد عيسى الجد الثالث عشر : عيسى بن إدريس بن عمر بن إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط.
أما ابن الصباغ صاحب «درة الأسرار» ، وتبعه ابن عياد فى المفاخر العلية فيجعلان أجداده تسعة عشر وعندهما : عيسى بن إدريس بن عمر بن إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط، فيسقطون (إدريس) إما الأزهر وإما الأكبر[2].
فنسبه عند ابن عياد هو : علي، بن عبد الله، بن عبد الجبار، بن تميم، بن هرمز، بن حاتم، بن قصي، بن يوسف، بن يوشع، بن ورد، بن أبى بطال، بن على، بن أحمد، بن محمد، بن عيسى، بن إدريس، بن عمر، بن إدريس المبايع له ببلاد المغرب، بن عبد الله بن الحسن المثنى، بن الحسن، بن على بن أبى طالب. وقد قال عقب ذكره لذلك النسب : «وهذا هو النسب الصحيح لسيدى أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه، صاحب الطريق ومظهر لواء التحقيق»[3].
نشأة الشيخ أبى الحسن الشاذلى:
ولد الإمام أبو الحسن الشاذلى سنة 593 هـ الموافق 1179م بقرية «غمارة» المغربية القريبة من مدينة سبتة[4]. وكانت بلاد المغرب تحت حكم دولة الموحدين وقد سبق الحديث عن ذلك فى الحالة السياسية.
ونشأ الإمام فى قرية غمارة مسقط رأسه، وأتم فيها حفظ القرآن وتجويده بها، وتلقى علومه الابتدائية على شيوخها، وحينذاك تاقت نفسه على سلوك طريق القوم، ثم تتفتق فطرة الشاذلى واستعداده إلى الاستزادة من العلوم والمعارف ففى سن عشر سنوات يولى وجهه إلى «زرويل» بالأخماس قرب شفشاون وذلك سنة 602هـ ، تاركا سبتة القريبة منه وفاس ومراكش اللاتى كانت غاصة بالعلماء[5].
راجع لمزيد من التوسع حول الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه: ابن عطاء الله السكندرى ، لطائف المنن فى مناقب أبى العباس المرسى وشيخه أبى الحسن ، خاصة ص 71 - 93. - وابن الصباغ ، درة الأسرار، خاصة من ص 4-40. - ابن عياد الشافعى ، المفاخر العلية فى المآثر الشاذلية، ص 5-44 (ط الحلبى) . - وابن الملقن، طبقات الأولياء، ص 458-459. - والصفدى، الوافي بالوفيات، 12/92، 93. - ابن العماد، شذرات الذهب، 5/278 . - والسيوطى، حسن المحاضرة، 1/298. - وحسن أبو الإقبال بن على وفا (السيد الشريف الحسنى ) ، شجرة الإرشاد، ص 3- 14. - والشعرانى ، الطبقات الكبرى (2/4-12). - والكوهن ، طبقات الشاذلية الكبرى ، ص 20 - 64 . - والنبهانى، جامع كرامات الأولياء، 2/175-177. - وعلى سالم عمار، "أبو الحسن الشاذلى ، عصره - تاريخه - علومه - تصوفه"، وهو من أول وأفضل ما كتب عن الشيخ أبى الحسن فى العصر الحديث، بحيث صار مرجعا أساسيا عنه، رغم تعدد ما كتب عنه بعد ذلك. - ومحمد بن عثمان الحشايشي، الدر الثمين فى التعريف بأبى الحسن الشاذلى وأصحابه الأربعين، ص 25-60. - وحسن السندوبى ، أبو العباس المرسى ومسجده الجامع بالإسكندرية، ص 13 - 40 . - عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية ، ص 15 - 173 . - أحمد حامد عبد الكريم الشريف، الطبقات العروسية الشاذلية ، ص 69-71. - ود/ محمد أحمد درنيقة، الطريقة الشاذلية وأعلامها، ص 13-63. - وعبد المنعم قنديل، أبو الحسن الشاذلي زعيم الحياة الروحية في القرن السادس عشر.
[1] وقيل إنه ولد فى قبيلة «بنى منصور» . راجع : على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه، هامش 1/33، والهامش من تعليقات السيد عبد الله بن الصديق على الكتاب.
[2] على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه، 1/32.
[3] ابن عياد الشافعي، المفاخر العلية فى المآثر الشاذلية، ، ص 10 (ط الحلبى).
[4] ويكاد يكون هناك إجماع على الاتفاق على سنة مولده إلا ما ذكره أبو المحاسن القاوقجى فى «البدر المنير وخلاصة الزهر» حيث قال إن مولده كان سنة 571هـ ولم يذكر المصدر الذى استقى منه هذا الخبر. راجع : على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه، 1/33.
[5] راجع : على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه، 1/49 ، 50.