"شيخ الطريقة الخلوتية": منهج الطريق أن يكون المريد محمدياً في طبعه ذاكراً لله في كل حياته
ـــ تعلم بجامعة فؤاد الأول وعمل منذ 1942 بالجهاز المركزي للمحاسبات
ـــ يتفاءل برقم 13 الذي وافق كل ترقياته وتوفى فيه ابنه
ـــ احياء علوم الدين بداية طريقه للتصوف
حاوره: محمد على
بتاريخ: 11-01-2012
على ما يقرب من ساعة ونصف، استطاع الشيخ سليمان سامي، شيخ الطريقة الخلوتية المحمدية بمصر، في حوار لـ "الصوفي" أن يوضح كيف تم تسجيل الطريقة الخلوتية بالمشيحة العامة للطرق الصوفية، والصعوبات التي واجهته، كما يؤكد أن منهج الطريقة الخلوتية؛ هو امتثال لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يكون كل مريد محمدياً في طبعة ذاكراً لله في كل حياته.
النشأة
الشيخ سليمان أجاب على كافة الأسئلة التي طُرحت عليه، رغم أن عمره يناهز 82 عاما، وقال عن منشأه إنه ولد بحي السيدة زينب عام 1917 وتخرج من كلية التجارة دفعة 1941، وكان المدرسون فى عهده من الانجليز والفرنسيين، وكان اسمها كلية التجارة التابعة لجامعة الملك فؤاد الأول، وأصبحت جامعة القاهرة حالياً.
جاء تعيينه بالجهاز المركزي للمحاسبات عندما افتتح في 1 أكتوبر1942فى عهد أمين عثمان باشا، رئيس الديوان الأسبق، وتسلسل في السلم الوظيفي، حتى اختاره جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية الأسبق، و17موظفاً بعد ثورة ليبيا فى بعثة إلى ليبيا لإعطاء محاضرات لليبيين لكشف المخالفات في الوزارات عام 1970، وعاد إلى مصر عام 1973مصاب بوعكة صحية، وكان عمره حينئذ 55 عام، وظل في وظيفته عامين وتقدم بطلب للخروج على المعاش للتفرغ للطريق.
وقد أنجب ولد وبنت ، فالولد تخرج في كلية الهندسة وتوفى في 13 يناير سنه 84 19. وقال إنه متفائل برقم 13 لأن كل ترقياته الوظيفية كانت يوم 13 وتوفى ابنه يوم 13 وحج ببيت الله الحرام13 مره ، و كان يسافر إلى السعودية بالباخرة وليس بالطيران، حتى يوفر جزء من المال، وينفقها على الفقراء .
بداية الطريق
عندما كان في الثانوية العامة سنة1936-1937جاء ابن خالته وطلب من والدته أن يأخذه للذهاب إلى ابن عمة ، وقال : عند دخولنا الفيلا رأيت صالة كبيرة وفي آخرها شخص يقرأ كتاباً ويبكى ويشرب خمرًا فلفت نظري فتقربت منه ووجدته يقراء كتاب ،و أمامه أربع كتب ، فسحبت كتاب فوجدتة كتاب احياء علوم الدين للإمام أبى حامد الغزالي فرجعت إلى البيت وجذبني هذا الكتاب بضرورة الإطلاع عليه.
وفي اليوم التالي، ذهب إلى المكتبات الإسلامية لشراء مجلد إحياء علوم الدين الأجزاء الأربعة وعلى هامشهم عوارف المعارف والذي شدَّه واطلع عليه كاملاً ، وقام بشراء أربع كشاكيل ، ليقوم بتفريغ كل الأحاديث والآيات في الكشاكيل، واستمر في ذلك حتى تخرج في الكلية والتحق بالجهاز المركزي للمحاسبات .
ويواصل حديثه : إنه كان يسكن بمنطقة السيدة زينب في حي البغالة في بيت على هيئة فيلا، وكان يسكن معه الحاج عبد المنعم شعيب، وكيل الطريقة الخلوتية الأسبق، ومكثا عامين يركبان التروماي وينزلان ميدان السيدة زينب ، وعندما كان يرى سليمان الناس نائمين على رصيف مسجد السيدة زينب يشربون الخمر، كان يعتقد أن هؤلاء هم أهل التصوف، فيقوم بسبهم ، وكان في تلك الفترة لا يعرف أدني فكرة عن التصوف الحقيقي ، والحاج عبد المنعم لايعلق عليه، وبعد مضي عامين نطق الحاج عبدالمنعم وقال له :" أنا عندي درس ديني كل يوم أحد يتم فيه شرح حكم بن عطاء الله السكندري، ويوم الثلاثاء شرح مدارك السالكين للهروى، وعرض عليه الحضور معه قال له نعم، وذهب معه ودخل الشيخ محمد عيد الشافعى وكان يحضر عليه الدكتور عبدالحليم محمود وسمعت إلى كلام لم أقرأه في الكتب، فأعجب بهذا الكلام و ذلك فى مايو 44 19 ، وفى الأسبوع الثاني في شرح منازل السائرين للهروى و عددهم 200 منزلة .
تسجيل الطريقة وانقسامها
تكشف للشيخ سليمان أن أحمد نور، نائب عام الطريقة ورئيس مجلس إدارة الجمعية الإسلامية لرعاية الطريقة الخلوتية، يلعب بطرق ملتوية في تأشيرات الحج والعمرة للحصول على ضعف قيمة التأشيرة الواحدة فانفصل عنه حتى لا يسوء سمعته.
وبعد الانفصال تيقن الشيخ سليمان أن أحمد نور ليس معه إجازة الإرشاد وكان يكذب عليه بأن لدية إجازة من الشيخ عيد الشافعى، مؤسس الطريقة، وعندما كان يذهب أحمد لتسجيل الطريقة في المشيخة العامة للطرق الصوفية يقول لسليمان أعطيني إجازة الإرشاد الخاصة بك لأن إجازته أخذها باحث لإعداد ماجستير ، وقدمنا ثلاث طلبات إلى المشيخة العامة باسمه لتسجيل الطريقة، لكن الشيخ سطوحي، شيخ المشايخ الأسبق، كان يرفض وفي الاحتفال بمولد سيدي أحمد البدوي عام 1945أخذ سليمان كتاب الأسماء الحسنى، وكتاب أنوار تجليات الذات الإلهية الذي ألفهما، وكان شيخ المشايخ حين ذاك أحمد عبد الهادي القصبي شيخ المشايخ الأسبق، ثم دخل على سيدى أبو العينين أحد الأولياء لزيارته فجاء الأمر منه وقال لسليمان قدم أوراقك في المشيخة ومبروك ، وفى ذات الوقت كان لا يعرف شيخ المشايخ عبد الهادي القصبي لكن عبد الحميد عبد اللطيف،الأمين العام المشيخة، يعرفه جيداً.
وفى سرادق الاحتفال دخل سليمان وقََبَّلَ يد شيخ المشايخ وقرأ عليه الفواتح وقال له ممكن تقبل هذه الهدية كتاب أسماء الله الحسنى، فقام الشيخ عبد الجليل التهامى مندوب وزارة الأوقاف في المشيخة بخطف الكتاب، فقال لشيح المشايخ أريد أن أقدم طلب تسجيل الطريقة الخلوتية فى المشيخة ، فقال له قدم ،فقال عبد الحميد عبد اللطيف قدموا لي ثلاث مرات وترفض، فقال شيخ المشايخ منذ متى، فقال من عشر سنوات ، فقال لى قدم وطلب منى إعداد كتاب عن التربية الصوفية ، وبالفعل كتب سليمان جزأين، وفى أول رجب جلد الكتاب بدون مراجعة وذهب إلى الشيخ القصبي وقال له : لحقت تخلصه" فقلت له إرادة الله فقال لى أنت تكلمت عن الأولياء في المساجد للتصدي للفكر الوهابي ، وكان الكتاب يضم عشرين موضوعاً، فقال لي على خيرة الله، و قدمت طلباً إلى المشيخة وجاءت المشيخة ووافقت الجمعية العمومية على تسجيل الطريقة .
* ما منهج الطريقة الخلوتية ؟
- يعتبر منهاج الطريقة الخلوتية التي ترسم لهديه صلى الله علية وسلم ، وامتثالاً لما جاء به حتى يكون كل فرد من أفرادها محمدياً في طبعة ذاكراً لله في كل حياته عاملاً بأحكامه تعالى في كل ما يهتم به من أمور ويعقد النية عند بداية كل فعل بأن يكون فعله خالصاً لوجهه سبحانه " وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى "وتلك هى طاعة الله ورسوله إلى مقام الربانية، ولذلك فالمنهج الصوفي للطريقة الخلوتية المحمدية هو ما تلخصه عبارته الجامعة" تصعيد الأعمال إلى الله " أقول " ليس للعارف دنيا بل أقول ليس له آخرة فدنياه لآخرته وآخرته لله.
*هل تدعم الصوفية ثقافة الديمقراطية والفاعلية أم طبيعتها الاستبداد والانعزالية ؟
- الحديث عن الجانب الروحي من حياتنا قد يبعدنا عن جانبها الدنيوى فقد جعلنا الله خلائف فى الأرض وأمرنا أن نرعى ما استخلفنا فيه، فنحن عبيد نعمل فى ملك سيدنا وقد جاء الدين شاملاً لنظامنا الروحي والدنيوي وآخذاً بأسباب النظامين معاً ومن ثم كان كل ما يتعلق بالجانب الروحي من حياتنا له أعمق الأثر وأبعد الخطر على الجانب الدنيوي منها؛ إذن الصوفية ليسوا بالطائفة الخاملة، وهم أهل التواكل والعجز بل هم الطائفة النشطة التى َتهُبّ عندما يتحرج الموقف ويعجز الكل.
*ما الأهداف العامة للطريقة الخلوتية ؟
- نُلزم أنفسنا بأربعة أمور لابد منها فالهدف الأول أن يكون على كل منتسب للطريق أن يحفظ من كتاب الله تعالى كل يوم ولو آية، أما الهدف الثاني وهو الخاص بالتطبيق العملي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "، بينما الهدف الثالث يؤكد على تنظيم الإحسان والمعاملات، وذلك بأن يقوم الغنى بإعطاء حق الله للفقير من أسرته . والهدف الرابع استغلال كنوز الثروة العلمية لصالح الناحية الاجتماعية وذلك بطبع ونشر المؤلفات الصوفية .
*الشيخ محمد عيد الشافعي هو أول من دعا إلى تكوين اتحاد عالمى للصوفية يضم جميع القائمين بالإرشاد من رجال التصوف، فهل هذا يعد جزء من الناحية السياسية ؟
- لا يبتعد الاتحاد كل البعد عن الناحية السياسية، فلا يكون له هدف سياسي مطلقاً وإنما هدفه الأسمى الذي يؤسس من أجلة هو تدعيم الناحية الأخلاقية في عموم أفراد الأمه والعمل على كل ما يعود بالخير لها فى سائر بقاع الأرض، حتى تصل الأمة إلى ذروة المجد اللائق بها طالما أن المجد هو اشتمال الأمة على جوامع مكارم الأخلاق ضمن برنامج التعليم فى شتى أنواعه ومراحله مع المراقبة الفعلية من أستاذ المادة لتلاميذه بحكم الصلة العملية والروحية على أن تقوم الدولة وهي جهة الاختصاص تشجيعاً منها على العناية بهذا العلم النافع .
*ما أسس الدعوة أو النظام التعبدي في الطريقة ؟
- الدعوة من خلال الدرس الأسبوعي والذي يقوم به أحد المأذونين بالإرشاد والمجازون بالدعوة إلى الله تعالى، الذين أتموا سلوك الطريقة وذلك فى شرح بعض كتب أو شرح الأحاديث النبوية وبعض التفاسير أو مدارسة عامة لقضايا الدين وفى ذلك ما فيه من ثقافة دينية وغذاء روحي .
*ما شكل الحضرة الأسبوعية للطريقة ؟
- يجلس الإخوة المتحابون في الله في شكل دائري أو صفوف وهم على طهارة ثم تطفأ الأنوار ليكون ذلك أجمع لحواس الذاكرين ثم يبدأ القائم على أمرها بقراءة الفاتحة إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم والحاضرون يتابعونه ثم الفاتحة إلى رجال سلسلة الطريقة الخلوتية ثم الفاتحة إلى شيخنا مؤسس الطريقة الخلوتية ثم يبدأ قائلاً : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم " قل هو الله أحد " ثلاث مرات ، وكذلك الإخوان مستهلين بالتعوذ فى المرة الأولى فقط وبعدما يقرؤون المعوذتين مرة واحدة ثم الفاتحة مرة ثم يختم هذا الاستهلال بصيغة سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، ثم يفتح القائم على الحضرة قراءة الإستغفار بصيغة أستغفر الله العظيم فيقرأونها مائة مرة ثم يختم بصيغة أستغفر الله العظيم الذي لااله الا هو الحى القيوم وأتوب إليه " ثلاث مرات ثم يذكر بالكلمة الطيبة لا إله إلا الله " مائة مرة وتختم الحضرة .
*ما النظام الاجتماعي للطريقة ؟
- وضع مؤسس الطريقة اهتماماً كبيراً بالجانب الإجتماعي إضافة إلى الجانب الروحي التعبدي في الطريقة لأنه لو أغفل الجانب الاجتماعي فيها لما اكتملت سمات الإسلام في الطريقة، ولما كانت محمدية الطابع، كما أرادها لأن الدين ينقسم إلى عبادات ومعاملات، لذا فمن أهدافنا إنشاء دار للتصوف الإسلامي بها قاعة للمحاضرات ومكتبة ثقافية ضرورة لدعوة الصوفية ، إنشاء دار للحديث لدراسة وخدمة السنة المحمدية، وإنشاء معهد للدراسات الصوفية والإسلامية، إنشاء وتعمير المساجد ودور العبادات، وإنشاء الدور الثقافية الإسلامية.
