نسخة تجريبيـــــــة
النقيب

اعلم أن اتخاذ المشايخ للنقباء له أصل في السُّنَّة المحمدية، بل وفي السُّنَّة الموسوية؛ فقد اتخذ ×نقباء من الأنصار تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، وقال لهم: أنتم كفلاء على غيركم، ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم عليه السلام، وكان من جملتهم أسعد بن زرارة كان نقيبًا على أخواله ×بني النجار، ولمَّا مات أسعدتقالوا له ×: اتخذ لنا نقيبًا، فقال: أنا نقيبكم.

آداب النقيب :

ينبغي أن يكون النقيب على الجماعة متصفا بالعديد من الصفات والآداب:

1- فلا بد أن يكون حسن الخلق.

2- مديم الذكر.

3- يُنْزِل كلَّ واحد من الإخوان مرتبته.

4- كثير الوداد.

5- جميل الصفح عن إخوانه.

6- لا يغضب عليهم.

7- ولا يؤاخذهم بما وقع منهم في حقه؛ بل يحسن إليهم.

8- وأن يكون ذا همَّة عالية ونزاهة كلية.

9- يسأل عن إخوانه إذا غابوا.

10- ويتواضع لهم إذا حضروا، وكذا كل من ولِيَ رتبة في طريق الفقراء.

11- وأن يتحمَّل أذاهم.

12- ويصبر على جفاهم.

13- ويخلِّص النية من شوائب الأغراض النفسانية.

14- ولا يستنكف عن الخدمة للصغير، فضلًا عن الكبير.

15- أن يكون فطنًا فهيمًا ذكيًّا.

16- له دراية تامة بالشيخ وأهله والإخوان.

17- متقدمًا عنهم، عالمًا بالشريعة، عارفًا بالحقيقة والطريقة والمعرفة.

18- وإذا دخل على الشيخ حال جلوسه على السجادة فله أن يجلس على ركبتيه مستقبل القبلة، ويقرأ الفاتحة ويهديها إلى أرباب الطريق والحقائق كل طريقة بطريقتها، وكل حرفة بحرفتها، والسبعة وأزمتها.

وفى المقابل يجب عليهم احترامه، وتعظيمه، وامتثال أمره ولو كانوا أكبر منه سنًّا.

وقد قيل: من تعزز عن خدمة الإخوان ابتلاه اللَّه بالذل والامتهان، لا ينفك عنه ذلك حتى يموت ويذهب؛ فاحذر أيها النقيب من التقصير فتخيب، فاجعل عموم سعيك للَّه القدير، وتحبب لإخوانك، وأصلح بين المتشاحنين والمتباغضين، ولا يكن في قلبك غلٌّ لأحد، وعاملهم باللطف والرفق، واحذر من الكبر، والحسد، وحب الرياسة، والحقد، والغيبة والنميمة؛ فإنها تجلب المهالك وتسد المسالك.

النقيب وطريقة دخوله مجلس شيخ الطريقة الأحمدية:

وإذا كان أحد الإخوان له حاجة فليقبلها منه بالفاتحة إلى أن تتكامل الفواتح، ثم يقرأ هو ثلاث فواتح، ويقوم يقدِّم على الشيخ ويقرأ الفواتح، ويلقي ما معه من المسائل، ويطلب أرباب الحوائج أمام الشيخ، وبعد الانتهاء يجب أن يرجع إلى الجمع يقدِّم بثلاث خطوات، ويرجع بالشمال ويتبع باليمين، ويقوم بالسلام على الجمع ومن هو فيه حاضر، وثاني خطوة يقول: السلام عليكم يا نجوم الزواهر. وثالث خطوة يقول: السلام عليكم يا من نورتم السرائر، ويقف في باب الجمع ويقرأ الفاتحة للأقطاب والأنجاب والخلفاء والنقباء ورجال اللَّه أجمعين، ويقول: دستوركم يا معدن الجود والفخار، وكنز الهيبة والوقار، ومن سادوا بالحلم وبالذوق والمعرفة على موج البحار، عَبْدُكم على بابكم وخادم تراب أعتابكم، من افتخر على أقرانه وشاع وساد بخدمتكم وخدمة طريقة سيدي أحمد البدوي، من ذكره في سائر الأقطار بأنه أبو الفتيان، وها أنا أسألكم أن تشملوني بنظرة بعين الرضا؛ لأكون بنظركم الفالح ودعائكم الصالح امتثل لخدمة الإخوان، وأكون معهم بصفة رقيق أو خدام. فيقول له الشيخ والخلفاء الاختيارية: بل نحن الجميع راضون عنك أهلًا وسهلًا ومرحبًا بالحبيب المقرَّب، ويقول الشيخ هذين البيتين:

ومن جاءنا يا مرحبًا بقدومه

*

يجد عندنا حبًّا صحيحًا ثبوته

ومن صدَّ عنا حسبه الصد والجفا

*

ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته

 

فعند ذلك يقرأ النقيب الفاتحة، ويقول: من له حاجة فليقل: يا قاضي الحاجات اقضِ حوائجنا وحوائج السائلين، بجاه نبيك صاحب المعجزات الباهرة صلى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فإذا سمع أهل الجمع هذا الكلام فكل من كان له حق أو دعوى على أحد، فإنه يظهر نفسه ويقوم إلى باب الجمع ويدعي على غريمه، فيعامله الشيخ وأهل الجمع بمعاملة أهل الطريق على قدر جنايته، فإذا لم تكن دعوى ولا طلب فعلى أهل الجمع أن يجاوبوه ويقولوا له: اللهمَّ زد المحبة والمودة والصفاء بين إخواننا أهل الطريق، وفرِّج عنهم كل هم وضيق؛ فعند ذلك يعلم النقيب أنه لا شيء إلا الصفا بين الإخوان، فيقول بعد ذلك: دستوركم يا أهل الطريق والمعرفة، وابسطوا أياديكم يا كرام للفاتحة أمِّ القرآن، ومدوها وها يدي أرفعها معكم لحضرة سيدنا محمد ×سيد ولد عدنان، وبعد ذلك يقول: يا أهل السماح والألسن الفصاح، هذا باب الجمع مفتوح، وعليه النور يلوح، فمن أراد الجلوس فليجلس، ومن أراد الرواح فليتوجه بالتوكل على اللَّه سبحانه وتعالى. فإذا قام الشيخ عن السجادة؛ يقرأ النقيب فواتح كما وقف في الأول، ويأتي إلى السجادة ويقرأ الفاتحة، ويطويها بفاتحة، ويرفعها بفاتحة، ويسير أمام الشيخ بسلام.

فهذا ما على النقيب من الخدمة للإخوان، وهو يكون حينئذ نقيب النقباء؛ لأنه يصير وزير الجمع، وسلطانه الشيخ لأنه رأس الجمع، ونقيب النقباء رجلاه. فعليه أن يأمر الإخوان بالإكثار من قول: لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه؛ لأنها مكتوبة على باب الجنة، فالإكثار منها يذكرنا بدخول الجنة؛ لأن ابن آدم يتنفس في اليوم والليلة مائة وأربعة وعشرين ألف نفس، فإذا قالها في اليوم والليلة مرة واحدة فكأنما عَبَد اللَّه صائمًا وقائمًا، وفضل الذكر لا يمكن حصره، ومدار الطريق وسلوك المريدين عليه، ووصولهم في أقرب وقت هو التزود بالتقوى ويصحب الأدب، ولا بد من دليل لئلا يخشى عليه العطب قال اللَّه تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا=٢-وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾[الطَّلاق:2-3]وقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ﴾[الحجرات:13]فانظر يا أخي إلى قوله «أتقاكم» ولم يقل: أعلمكم ولا أنسبكم ولا أشجعكم ولا أفصحكم إلى غير ذلك. والتقوى: هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فإذا حصل ذلك من المريد كان مطمئنًا في سيره، وإذا كان عنده إلمام تام بعلم آداب السلوك والسير على طريق القوم، كان ذلك أنيسه، وإذا تلقى عن شيخ كامل واصل كان ذلك هو دليله وجليسه.

 

المصدر:

- المصدر: نور الدين الحلبي (صاحب السيرة الحلبية المشهورة)، سيرة السيد أحمد البدوي المسمى «النصيحة العلوية في بيان حسن طريقة السادة الأحمدية»، تحقيق وتقديم وتعليق: أحمد عز الدين خلف الله، القاهرة: محمد عاطف وسيد طه وشركاهما، ط1،1964م، ص 116-118.

- عبده حسن راشد المشهدي ، النفحات الأحمدية والجواهر الصمدانية  في النسبة والكرامات الأحمدية ، القاهرة: مكتبة أم القرى، 2002 ، ص 290-293، 309-310.

 


التقييم الحالي
بناء على 24 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث