نسخة تجريبيـــــــة
المريد

تعريف المريد:

المريد عند السادة الأحمدية: من انصرفت إرادته لشيخه، وانصرمت عن غيره، وثبتت إرادته لشيخه ؛ فأسقط مراداته له، وصحت رابطته معه؛ بقوة محبته له واعتقاده به؛ حتى يكون أحب إليه من ماله وعرسه، ومن والده وولده ونفسه، ، قال تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾[الحشر: 9].

ويكون معظمًا له بقلبه ولسانه وجوارحه، مهتمًا بحفظ سرِّه؛ فإن القوم أجمعوا على أن من لم يحفظ قلوب المشايخ، يسلط الله عليه الكلاب التي تؤذيه، وأن نتائج القوم لا تحصل إلا بالآداب.

أول واجب على المريد:

وقال الفحول في الطريق: أول واجب على المريد معرفة اللَّه سبحانه وتعالى، وهي أول فرض يطلب منه ويسأل عليه في قبره، معرفة خالقه جل وعلا، وهي الجزم المطابق للواقع عن دليل قوي؛ لأن العبادة لا تصح إلا بعد معرفة المعبود، فكيف يعبد من لا يعرفه؟! ومعرفته هو: أن يعرفه بأسمائه وصفاته ، ولكن علم التوحيد كلما تكرر يحلو؛ فيجب بل يفترض عليك أن تجزم بأن اللَّه سبحانه وتعالى: موجود، قديم، باق، مخالف للحوادث، قائم بنفسه، واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، متصف بالقدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام، ومتصف بكل كمال، ومنزه عن كل نقص، وعن أضداد ما ذكرناه، وأن اللَّه تعالى يجوز عليه فعل كل ممكن وتركه. ووجود هذا العالم البديع الشكل هو الدليل على كل ذلك؛ لأن كل صنعة لا بد لها من صانع.

فإذا علمت ذلك فيجب عليك الإيمان به وبرسوله سيدنا محمد ×وبما يجب للرسل وهو: الصدق، والأمانة، والتبليغ، والفطانة، وتنزيههم عن كل ما لا يليق بمقامهم الشريف، وبما يجوز في حقهم من الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية، وأن تعتقد أن جميع ما جاء به النبي ×حق وتؤمن بذلك، أي: تصدق بقلبك، وتقر بلسانك، وتعمل بجوارحك؛ بحيث يكون  الظاهر مبنيًّا على الباطن، أي: العمل يكون موافقًا للتصديق.

حرمة الشيخ فى قلب المريد:

قالوا: من لم يجد للشيخ حرمة عالية في قلبه، تمنعه من سوء الأدب والانبساط في الحركات والسكنات بحضرته؛ فهو عن نتيجة القصد بمعزل.

وقالوا: من أهمل حرمة مجالس المشايخ، وطلب نتائج هممهم؛ فقد نادى على نفسه بالجنون؛ فإن نتائج القوم، لا تحصل إلا بالأدب الشامل، وهذا ما كان عليه أصحاب رسول الله، عليه أفضل صلوات الله؛ فإنهم كانوا إذا تشرفوا بمجلسه الطاهر، كأنما على رؤوسهم الطير، وما ذلك إلا لما قام في قلوبهم المباركة؛ من حفظ حرمة مجلسه الأشرف، وللوارث ومريديهم أسوة حسنة برسول الله ×وأصحابه الكرام رضي الله عنهم.

وكلقدوة لم يكن له سهم من آداب المصطفى ×؛ فهو مبعود، وكل مقتدٍ لم يكن له سهم من آداب الصحابة الكرام رضي الله عنهم؛ فهو مردود.

أدب المريد مع شيخه :

والمريدمن ثبتت إرادته لشيخه؛ فأفنت كل إرادة غيرها؛ لأن محبة الشيخ لله تعالى من محبة الله عز وجل.

ويلزمالمريد أن يسلم نفسه لخدمة شيخه، ويعتقد ترك مخالفته، ويكون الصدق حاله، ويكره للمريد مفارقة أستاذه، وعليه أن يصبر تحت أمره ونهيه.

والمريدمع شيخه، كالميت مع الغاسل.

والمريدبلا أستاذ، كالشجرة التي تنبت بلا غارس بنفسها، تورق ولا تثمر ، ويمكنأن تثمر، ولكن لا يكون لفاكهتها لذة فاكهة أشجار البساتين، ولا طعمها أيضًا.

وقالت المشايخ: من لم يصاحب مفلحًا؛ لم يفلح.

ويجب على المريد امتثال أمر شيخه، عقل معناه أو لم يعقل، ومتى صرف فهمه للتأول؛ فليعلم أنه في إدبار.

وأجمع أهل الله تعالى، على أن الواجب على المريد: أن يعمر قلبه بمحبة شيخه وحرمته، وأن لا يجلس على سجادته، ولا يمشي أمامه إلا في ليل؛ ليكون له واقيًا، ولا يبادره بسؤال، ولا يتجسس أحواله وأفعاله، ويلزم الصمت والخشوع بحضرته، ولا يتصدر في مجلسه؛ لإظهار فضل، وكشف غامض، ولا يرفع صوته على صوته، ولا يكثر الكلام في حضرته، ويخرج له عن مألوفاته، ويرى نفسه دون كل أحد؛ فإذا قدَّمَ الشيخُ عليه أحدًا بخطاب أو خدمة أو بشاشة؛ فعليه أن يجهد بالخدمة، ويرى من نفسه القصور، وعليه أن يحب من أحبه الشيخ، ويتباعد عمن يكرهه الشيخ؛ فلا يعادي له صديقًا، ولا يوالي له عدوًّا، ولا يزور أحدًا من صالحي الوقت؛ إلا بإذنه، بل ويستغني به عن غيره من رجال عصره؛ اعتقادًا بأنه أقرب أهل العصر من ربه، وأعلمه بالطريق، وعليه أن يلازم خدمته ما عاش ولو بلغ الفطام في الطريق، وأن يحفظ له ولذريته وعشيرته حق المحبة وصدق المودة حيًّا كان الشيخ أو ميتًا، ولا يفارقه بحال من الأحوال؛ إلا إذا دعاه لغير ما أمر الله به ورسوله ×؛ فإذا دعاه لغير ما جاء به رسول الله ×؛ فمفارقته حينئذ واجبة، وموافقته ضلالة، وعلى المريد أن لا يخون شيخه في أمر من الأمور، وأن يواظب على الورد الذي يعطيه له شيخه، وأن يستسلم لحكم شيخه فيه إذا وقع في زلة، وأن يطلب في كل شؤوناته رضا الشيخ؛ لوجه الله تعالى، لا لعلة ولا لغرض من الأغراض، وأن يعتقد به ما اعتقد به ما اعتقده السلف الصالح بأئمتهم، رضوان الله عليهم أجمعين.

ويلزم المريد أن يمتثل أمر شيخه، ويكون الصدق حاله، ويكره له مخالفة أستاذه فيما يرضي الله ورسوله، وعلى المريد أن يعمر قلبه بمحبة شيخه، وأن لا يجلس على سجادته، ولا يكثر الكلام، ولا يرفع صوته في حضرته، وعليه أن يلازم ورده الذي أمره به، وأن يحب ما يحبه شيخه، ويتباعد عما يكره شيخه وأن يسلم لحكمه فيما إذا وقع في زلة، وإذا رأى من شيخه هفوة يسترها، ويدفع عنه اللوم ما أمكن، ولا يعتقد فيه إلا كل خير اعتقادًا صحيحًا، كما كان عليه السلف الصالح.

أدب المريد فى سلوكه:

وأما ما يلزم للمريد، ليبلغ به درجة الوصول:

1- فدوام الذكر.

2- وصحة الحضور .

3- والخروج عن المألوفات.

4- وترك البطالة.

5- وهجر الخلان السوء وأهل الهوى.

6- ومصاحبة الأتقياء وأهل الخير.

7- وأن يعتصم بالسنة.

8- ويجاهد نفسه؛ ليخرجها من سفاسف الأمور إلى معاليها.

9- ويتخلق بالأخلاق المرضية.

10- ويلين جانبه لإخوانه.

11- ويحافظ على مروءتهم وشرفهم، ولا ينظر في ذلك إلى غني أو فقير، أو عظيم أو حقير؛ حيث إنهم نسبوا إلى أصل واحد أستاذ، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ﴾[المائدة: 2].

12- ويجب عليه أن يطرح شقشقة اللسان.

13- وأن يشتغل بالفكر والذكر، والعبادات والطاعات، والجوع والسهر، والعزلة عن الناس حسب الإمكان.

14- والإقلال من الكلام .

15- والتجرد لله، بشرط عدم الترفع على أحد من الخلق.

16- وأن يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه.

17- وينفر لوجه الله من أهل البدع السيئة، والمذاهب الفاسد، والأقوال الباطلة.

18- وأن يعظم إمام طريقه شافعيًّا أو حنفيًّا أو مالكيًّا أو حنبليًّا، معتقدًا صحة مذهبه في الطريق، وأرجحيته على غيره من أئمة الطرق؛ بشرط حفظ مقاماتهم، والتسليم لهم؛ إلا فيما يخالف الشرع؛ فإن المسلم المنصف مع الشرع لا مع الهوى.

19- ويجب أن يستغني بذكر الله، وبالاعتماد عليه عن الأغيار، ولله در القائل:

قلت أحب سواك لأنال المنى

*

وجنت عليه يد الصدود بما جنى

كيف التعوض عن هواك لغيره

*

ولنا إليك الفقر لا عنك الغنى

 

20 - ويجب على المريد: أن يعتصم بالسنة السنية المحمدية.

21- ويحارب نفسه؛ ليخرجها من سفاسف الأخلاق إلى معاليها؛ فيستبدل كبرها بالتواضع، وضجرها بالتحمل، وغضبها بالحلم، وبخلها بالجود، وحرصها بالزهد، وكذبها بالصدق، وجزعها بالتسليم، وهمها بالتوكل، وظلمها بالإنصاف، وتجاوزها بالوقوف عند الحدود، وخيانتها بالأمانة، وعذرها بالعدل، وخلفها بالوفاء، وكل خلق سيئ بخلق حسن؛ حتى يصير مظهرًا لسر البعثة المحمدية، ممتثلًا تلك الدعوة النبوية، على الرسول الأعظم ×قال: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

فإذا كان المريد متصفًا بهذه الأوصاف، ثابتًا عليها، ناهجًا بها منهج الاستقامة؛ يصير مرادًا، ويرقى إلى درجات الكمال، ويدخل في عداد الرجال، قال بعضهم:

وطهر النفس من الأدناس

*

وزكها بأطيب الأنفاس

وارفق بها في سنن الإنصاف

*

إن طلبت حقًّا بقلب صافي

واشغلنها صاح بالطاعات

*

كالصوم والأذكار والصلاة

وكل فعل للإله يصلح

*

فإنها بذاك حقًّا تفلح

واحذر أخي سائر الأنفاس

*

وسائر الأعضاء والحواس

احذر -وقاك الله- شر العين

*

فإنه يورد للداءين

واحذر -كفيت الشر- شر السمع
ذ

*

فداؤه يفضل داء السبع

فاسمع به للذكر والقرآن

*

والعلم والوعظ وللآذان

وكل قول صالح جميل

*

يصلح للعرض على الجليل

واحذر  -وقاك الله- داء الشم

*

من كل شيء جالب للأثم

أما إذا شم من الحلال

*

فطب بغاليه ولا تبال

لأنه من جملة الطاعات

*

فيما أتى عن سيد السادات

واحفظ -هديت- الرشد للسان

*

فإنه الحارس للجنان

فاسجنه إلا عن كلام الخير

*

تكف إذا بذاك كل ضير

واشغله بالقرآن والأذكار

*

وكل ما يدنيك للغفار

واحذر -كفيت السوء- داء الأيدي

*

فكم بلاء للأنام تبدي

وارع لسعي الرجل في الخطاء

*

واحذر ترى في موضع الخطاء

وطهر البطن من الأدناس

*

ولا تكن لحفظه بناسي

وإنما المرء بقلب حاضر

*

منور لباطن وظاهر

وحصن الفرج عن الزناء

*

بعون ذي القدرة والنعماء

واحفظ لذي الأعضاء والجوارح

*

من دون الأسواء والقبائح

متابعًا للشرع بالآثار

*

مقتفيًا لسنة المختار


تربية المريدين عند السادة الأحمدية:

 

وقد اختلفت مذاهب المشايخ، في أمر تربية المريدين؛ فمنهم من يبدأ بتربية المريد بالذكر وإكثاره جهرًا، ومنهم من يأمره بالذكر الخفي؛ ليعمر قلبه، ومنهم من يزكي نفسه؛ بتبديل الأخلاق الذميمة، ويعمره بالأخلاق الكريمة، وبعد أن تطهر نفسه، وتكرم أخلاقه؛ يأمره حينئذ بالذكر.

على أن صلاح القلب لا يكون؛ إلا إذا زكت النفس، ويؤيد ذلك قول الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا =9-وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾[الشمس: 9-10]، وتزكية النفس: هي المعراج لصلاح القلب، وقد كان عليه الصلاة والسلام إذا رجع من الجهاد؛ يقول: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» يعني: جهاد النفس.

هذا طريق السادة الأحمدية رضي الله عنهم؛ فإنهم يتركون نفوس المريدين، فإذا طهرت نفوسهم، وزكت أمورهم بإنارة القلوب بالذكر؛ أمروهم بالسير.

ثم يأمره المرشد، بأن يواظب على الاستغفار، بقوله: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه. بعد كل صلاة [عشرين مرة].

- وكذلك يأمره بالصلاة على النبي ×، بصيغة: اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم. عقب كل صلاة [عشرين مرة].

- ولا إله إلا الله. كذلك [عشرون مرة] عقب كل صلاة، فإذا طابت نفس المريد على ذلك واطمأنت؛ يزيد له المرشد في العدد شيئًا فشيئًا؛ حتى لا تسأم نفس المريد؛ فإن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل.

ثم يأذن المرشدللمريد، بتلاوة حزب شيخ الطريقة.

أهمية تعلم المريد العلوم النافعة:

ثم اعلم يا أخي أرشدنا اللَّه وإياك لطاعته، أن المريد السالك يلزمه أن لا يضيع أوقاته النفيسة سدى؛ لأن اللَّه سبحانه وتعالى قال في كتابه المكنون: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾[الذاريات:56]. وأعظم العبادات عمومًا معرفة المسائل التوحيدية؛ لأن علم التوحيد هو الأساس لسائر العلوم، ثم يليه المسائل الفقهية، ثم علم التصوف؛ لأن كتب القوم جامعة مانعة، فإذا اتفق أن سأل عنها المريد السالك في طريق القوم - وكان من طلبة العلم الشريف- عجز عنها لعدم تعلقه بكتب التصوف، ولا يوقفه عيبها إلا كل صوفي مدقق في علم التوحيد والتصوف، واتفق عليها الأئمة الأخيار من المتقدمين والمتأخرين.

ويلزم كل مريد طالب للوصول أن يكثر من الذكر إن كان عاميًّا، وإن كان من طلبة العلم الشريف فليجعل همَّته مطالعة كتب القوم الموضوعة في الآداب؛ ليتعلم منها أخلاق رجال الصلاح أهل الفلاح؛ لكي يعرف الخوض من العوم، لعل اللَّه سبحانه وتعالى أن يوفقنا كما وفقهم؛ لنسير بسيرهم، ونغترف من بحرهم، ويمدنا بمحبتهم؛ لأن من أحبَّ قومًا حُشِر معهم وإن لم يعمل بعملهم؛ لأن طريق القوم سداها هذه الآداب، ولحمتها ذكر الملك الوهاب، فلا يتم نسجها إلا بهما، فتمسك يا أخي بهذه الطريقة الأحمدية، وتلبَّس بهذه الآداب المحمدية، وتعلَّق بأذيال أهلها؛ لترد موارد فضلها، وتغترف من بحرها الزاخر، وتشرب الكأس الأولى والأخرى. فمن تمسك بها، واشتغل بأورادها وأحزابها؛ نال سعادة الدارين، وانجلى عنه الرين والغين؛ لأن طريق القوم هي تقوي اللَّه تعالى أي: أساسها التقوى. فالمتقون هم أولياء اللَّه تعالى، والذاكرون هم أحبابه؛ فليحذر المعترض عليهم من مقت اللَّه وغضبه، لأن من اعترض على رجال اللَّه تعالى طُرد عن رحمة اللَّه تعالى .

 

المريد الكامل من حافظ على الحقيقة والشريعة:

قال المحققون من السادة الأحمدية: إنه لا يكون المريد كاملًا إلا إذا كان محافظًا على الحقيقة والشريعة، فإن من تشرع ولم يتحقق فقد تفسق، ومن تحقق ولم يتشرع فقد تزندق، وقال عليه الصلاة والسلام «أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم». لأن المتصوف لا بد له من قادح ومادح على المخاطبة لكل من الناس على قدر عقله، ومعلوم عند ذوي الفهوم أن علم التصوف عجيب وغريب بين غير أهله؛ لأنهم يجدون كلامه وتراكيبه من أعجب العجائب، لأنه هبة وفضل من اللَّه سبحانه وتعالى يهديه لمن يشاء من أحبابه الذي  نالوا ذلك بسبب حبهم في حبيبه، وخيرته من خلقه، سيدنا وهادينا، مهدي الخير إلينا وشفيعنا، سيد ولد آدم نبيه وصفيه محمد ×واللَّه ذو الفضل العظيم، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

الأعمال الظاهرة والباطنة للمريد:

إن اللَّه سبحانه وتعالى قد أمرنا بأعمال باطنية تتعلق بالقلب، وأعمال ظاهرية تتعلق بالجوارح الظاهرية، ونهانا عن أمور باطنية وأمور ظاهرية.

1- فالأعمال الباطنية التي أمرنا بها: الإيمان باللَّه سبحانه وتعالى وبرسوله: وهو تصديق النبي ×بكل ما جاء به مما نعلم من الدين بالضرورة، والإسلام وهو انقياد القلب وخضوعه لقبول الأحكام الشرعية، والرضا بالقضاء، والتسليم للَّه تعالى، والصبر على البلوى، واعتقاد أن كل نعمة عليك فهي منه تعالى، والاعتماد على اللَّه سبحانه وتعالى في جميع الأمور، وحسن الخلق مع إخوانه، والتواضع، والخضوع، والخوف، والرجاء في اللَّه سبحانه وتعالى، والإخلاص في العمل، وحب اللَّه تعالى ورسوله ×وأوليائه، وبغض كل كافر وكافرة أعدائه وأعداء رسوله؛ من حيث إنهم أعداؤه، وكف النفس عن اتباع الهوى والشهوات، ومحبة العبد لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، ومحاسبة النفس على ما وقع منها من المخالفات، وعقد التوبة من جميع الذنوب الماضية وعدم العود إليها، وبغض أهل الفسوق والفرار منهم، وحب أهل الصلاح والطاعات يقرب إلى اللَّه، وكذا بغض أهل الأهواء والملاهي والظلمة والجبارين يقرب إلى اللَّه ورسوله.

2- والباطنية التي نهانا اللَّه عنها: كالكبر، والعجب، والرياء، وحب المحمدة، والسمعة، وحب الرياسة والجاه، والتفاخر، والحقد، والحسد وهو تمني زوال نعمة الغير، والمكر، والشح والبخل، وضد جميع ما تقدم؛ لأن كل ذلك قواطع عن اللَّه سبحانه وتعالى، ووردت الأحاديث الصحيحة بذمِّها وعقاب كل من اتصف بها كما هو مقرر في محله.

3- وأمَّا الظاهرية التي أمرنا اللَّه سبحانه وتعالى بها: فشهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا، وجميع الفروض المتعلقة بها كفرائض الوضوء والغسل من الجنابة والحيض والنفاس والصلاة وغير ذلك، وبقية الأحكام الشرعية المذكورة في كتب الفقه.

4- وأمَّا الظاهرية التي نهانا اللَّه تعالى عنها فكثيرة: كالزنا، واللواط، وشرب الخمر، وأكل أموال الناس بالباطل، وقتل النفس، وأذية خلق اللَّه تعالى ومنها: الغيبة والنميمة، والسب والطعن في الأعراض، وما يتعلق بذلك كله فليس بمتق؛ فتجب عليه التوبة والاستغفار والرجوع إلى اللَّه سبحانه وتعالى من جميع الذنوب والأوزار، ومن تمسك بها كان من المتقين الفائزين.

 

المصادر :

- محمد محمد محمد شمس الدين الصغير، الجوهر الثمين في آداب المشايخ والمريدين، المطبعة العامرة الشرقية، 1314هـ، ص 6- 10.

- إبراهيم محمد الدسوقي الأحمدي، الفيوضات الرحمانية في الأوراد الأحمدية، القاهرة: المطبعة التجارية، دت ، ص 45- 47.

- عبده حسن راشد المشهدي ، النفحات الأحمدية والجواهر الصمدانية  في النسبة والكرامات الأحمدية ، القاهرة: مكتبة أم القرى، 2002 ، ص 253 ، 293 –296 ، 311.

 


التقييم الحالي
بناء على 26 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث