يرى مشايخ الطريقة الأحمدية العلية أن الكرامة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: باختيار الولي.
القسم الثانى: كرامة بغير اختياره.
فالتي بالاختيار كشرب خالد بن الوليدتللسم؛ لأنه رمى بقطرة من ذلك السم بعيرًا؛ فتفتت أعضاؤه على رءوس الأشهاد، فحينئذ تناول الإناء الذي فيه السم وقال: بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، بسم اللَّه، اللَّه أكبر مما أخاف وأحذر، لا قدرة لمخلوق مع قدرة الخالق، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الحمد للَّه رب العالمين، لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه وشربه جميعه، والقوم ينظرون إليه فهذه باختيارهت؛ لأنه متيقن يقينًا قويًّا أنه لا يضره؛ لأنه لو شربه غير متيقن أنه لا يضر كان آثمًا؛ لأن قتل النفس حرام لنص الكتاب.
وكما اتفق للشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي - قدس اللَّه سره ونور ضريحه- حين جاءه رجل يعتقد أن التأثيرات للطبائع في النار وفي المخلوقات، فدارت المذاكرة في إلقاء النمروذ لإبراهيم عليه الصلاة والسلام في النار، فقال ذلك الرجل: ليست النار هذه التي تحرق بالطبع، إنما هي نار الغضب، وليس هناك نار تأجج. فقال الشيخ محيي الدينت: أهذه النار التي تراها هي التي تحرق بالطبع؟ قال: نعم هي. فقال الشيختلبعض أصحابه الحاضرين بالمجلس: هات تلك النار - أي الجمرات الكبيرة بها- ثم مد الشيخ كمه أي كم قميصه وقال للتلميذ: ألقها يا ولدي بالكم، ولفه بالقميص بعد ما ألقاها فيه، وجعل الشيختيتحدث ساعة فلكية، ثم كشف كمُّه؛ وإذا النار قد عادت فحمًا ولم تحرق شيئًا من ثوبه ذلك.
فكانت هذه الكرامة سببًا في توبة ذلك الرجل وصلاح حاله، ما أبداها الشيختإلا لهذا الغرض لإنقاذه من الضلال إلى الطريق المستقيم وسعادته الأخروية والدنيوية؛ إذ لو كانت على جهة التفاخر لكانت مذمومة عقلًا وشرعًا، فإن رجلًا منهم جاء إلى رجل يصيد الحيتان في البحر ولكنه لم يقبض شيئًا، فأدخل ذلك الولي يده في الماء، فخرج في كل شعرة من شعر يده حوت. فقال ذلك الصياد وهو منهم: أتفخر عليَّ؟ ثم أومأ إلى البحر أن هيا الرواح؛ فجعل الماء يمشي بعده. فكلا الرجلين بقي زمانًا يجاهد في أن يعود إلى الدرجة التي كانت فيها فلم يمكن.
المصدر: عبده حسن راشد المشهدي ، النفحات الأحمدية والجواهر الصمدانية في النسبة والكرامات الأحمدية ، القاهرة: مكتبة أم القرى، 2002 ، ص 268- 270.