ينبغي للمريد الوارد هذا المورد الحميد، أن يلازم الرغبة والمحبة في الله تعالى، وأن يشمر عن ساعد الجد في العبادة، مخلصًا لله رب العالمين، ولا يسهل الوصول إلى ذلك إلا بالقيام بأركان الطريق وهى :
1- بمداومة ذكر الله تعالى ليلًا ونهارًا.
2- وخلو القلب من الشواغل.
3- وتعلقه بالله سبحانه وتعالى.
4- وخلو الجوف .
5- والسهر .
6- والصمت إلا عن ذكر الله تعالى.
وملاحظة بقية أركان الطرائق؛ وهي خمسة:
7- تجديد التوبة.
8- والشكر.
9- والصبر.
10- والفكر.
11- والشيخ العارف بأحكام الشرع؛ حتى يصلح أن يكون قدوة.
وهذه تسمى بالمجاهدة، قال تعالى : ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت:69].
ويسمى أيضًا بالسلوك.
وأما السير إلى الله تعالى؛ فهو التوجه إليه بالقلب، مع مخالفة النفس في شهواتها، ولو مباحة؛ طلبًا لمرضاته تعالى.
ومبدأ الوصول: مخالفة النفس الأمارة بالسوء، ومجاهدتها على ترك ما جبلت عليه من القبح، وحب الرذائل، وجميع الخصائل المذمومة؛ فإذا خالفتها، ونبذت ذلك وراء ظهرك؛ كنتمترشحًا إلى درجة الوصول الحقيقية، وناداك ربك بأحسن مقال: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ =٢٧-ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً =٢٨-فَادْخُلِي فِي عِبَادِي=٢٩-وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر: 27- 30].
وينبغي أيضًا أن يكون حليمًا، راضيًا بالقضاء والقدر، مسلمًا لربه في جميع أحواله، متصفًا بالأوصاف الحميدة، ومتخلقًا بالأخلاق المرضية؛ من: الشكر والزهد والرضا، والتوكل والخضوع واللين، والخروج من الخلق إلى الخالق؛ فيصير بذلك واصلًا محافظًا؛ فيكون في قول القائل:
وبعد الفنا بالله كن كما تشا |
* |
فعلمك لا جهل وفعلك لا وزر |
وقال صاحب الخريدة البهية:
وغلب الخوف على الرجاء |
* |
وسر لمولاك بلا تناء |
وجدد التوبة للأوزار |
* |
لا تيئس من رحمة الغفار |
وكن على آلائه شكورا |
* |
وكن على بلائه صبورا |
وكل أمر بالقضاء والقدر |
* |
وكل مقدور فما عنه مفر |
وهذا كله لا يحصل إلا بالأخذ فى أسبابه فمن طمع فى ذلك بغير فعل ولا استعداد فهو مذموم، قال بعضهم:
بقدر الكد تكتسب المعالي |
* |
ومن طلب العلى سهر الليالي |
تروم العز ثم تنام ليلًا |
* |
يغوص البحر من طلب اللآلي |
فمن جد وجد، وقال بعضهم: لا تترك المجاهدة، ولو صرت من أهل الوصول، وقال تعالى : ﴿لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ....﴾[آل عمران:92]فلازم أيها الطالب ذلك، واعرف قدر ما أرشدتك إليه؛ لتكون مع الذين ذكروا الله ذكرًا كثيرًا، وسبحوه بكرة وأصيلًا، نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب، ويهدينا إلى سواء الصراط. آمين.
المصدر : إبراهيم محمد الدسوقي الأحمدي، الفيوضات الرحمانية في الأوراد الأحمدية، القاهرة: المطبعة التجارية، دت ، ص 44- 45.