روى عن رسول الله ×أنه قال:«اذكروا الله بالقلب فكرًا، وباللسان ذكرًا؛ بأن تقولوا: لا إله إلا الله مع الإخلاص».
والذكر ثلاثة أقسام: نفي وإثبات، وإثبات بغير نفي، وإثبات بغير تعرض لنفي ولا إثبات.
- فالأول: قول لا إله إلا الله؛ فإنه نفى المعبود بباطل، بقوله: لا إله، وأثبت المعبود بحق، وهو قوله: إلا الله، والذكر به قوام كل جسد، وموافق لمزاج كل أحد.
- الثاني: ذكر اسمه الشريف الجامع، وهو: «الله» اسم جلال محرق، ليس كل أحد يطيق الذكر به.
- والثالث: ذكر الإشارة، وهو: «هو»؛ فدوام ذكر: لا إله إلا الله، سبب لليقظة من الغفلة، وذكر الله «الله» سبب للخروج عن اليقظة في الذكر، إلى وجود الحضور مع المذكور. وذكر هو «هو» سبب للخروج عن سوى المذكور. انتهى.
(وقال)الفخر الرازي: قال الأكثرون: الأولى أن يكون الذكر في الابتداء، قول: لا إله إلا الله، وفي الانتهاء الاختصار، وفضَّل بعضهم الأول مطلقًا؛ لأن عالم القلب مشحون بغير الله؛ فلابد من كلمة النفي؛ لنفي الأغيار، فإذا خلا منبر التوحيد -وهو القلب- عن الأغيار؛ جلس عليه سلطان المعرفة، وحلَّت عليه الأنوار، وبعضهم فضَّل الثاني مطلقًا؛ لأنه حين ذكر النفي، قد لا يجد مهلة توصله إلى الإثبات؛ فيبقى في النفس غَينٌ منتقل إلى الإقرار؛ فإنه أي الذكر أو «الله» عون لك على ما تطلب؛ أي: لأنه مساعد لك على تحصيل مطلوبك؛ لأنه سبحانه يحب أن يذكر، ولو من فاسق، فإذا ذكره ثم دعاه أعطاه ما تمناه؛ ولهذا قال بعض الصوفية: الإعراض عن الذكر يشوش الرزق، ويضيق المعيشة.
(وأخرج) ابن عساكر، أن أبا مسلم الخولاني، كان يكثر الذكر؛ فرآه رجل، فقال: أمجنون صاحبكم هذا؟ فسمعه، فقال: هذا ليس بجنون يا ابن أخي، هذا دواء الجنون.
المصدر : محمد محمد محمد شمس الدين الصغير، الجوهر الثمين في آداب المشايخ والمريدين، المطبعة العامرة الشرقية، 1314هـ، ص 17.