قدم الشيخ الإمام نور الدين الحلبى صاحب السيرة الحلبية المشهورة، تأريخا متميزا للطريقة الأحمدية، وذلك فى كتابه المسمى «النصيحة العلوية في بيان حسن طريقة السادة الأحمدية»، والذى نشر تحت عنوان «سيرة السيد أحمد البدوي»، ومما قاله عن الطريقة الأحمدية :
واعلموا يا إخواني أن الفقراء الأحمدية من أحسن من رأينا في زماننا هذا الذي قارب النصف الأول من القرن الحادي عشر الذي لم يبق ولم يذر، ولم يذكره الشيخ الأكبر بل اقتصر على القرن العاشر فقال فيه: في القرن العاشر احذر أن تعاشر في القرن العاشر من الأهوال ما يكفي عن المقال، في القرن العاشر من القرون كن في الخمول مدفون. فقد شاهدنا من أولئك الفقراء الأحمدية أخلاقًا مرضية، وخلالا حسنة زكية منها: حسن الوفاء لإخوانهم، والشفقة عليهم في سائر أحوالهم، ملازمون على عيادة المرضى وتشييع الجنائز وفك المحبوس، ومنع الظالم عن المظلوم، ولذلك قيل فيهم: إنهم أهل لمن لا أهل له، وعند اجتماعهم في مجالس الذكر ترى عليهم من السكينة والوقار ما تشهد به قاسية القلوب فضلاً عن قلوب الأبرار، وعند سماع الذكر منهم، تسكب عبرات العيون، ويسر كل قلب محزون، ترى الواحد منهم كأن جميع أعضائه ذاكرة غير غافلة، ويكفيهم من الشرف العظيم والمقام الكريم، قول مولانا الأستاذ لخليفته سيدي عبد العال رضي الله تعالى عنهما (يا عبد العال: فقرائي كالزيتون فيهم الكبير والصغير، ومن لم يكن فيه زيت فأنا زيته) أشار رضي الله تعالى عنه ونفعنا به ولا أخلانا من مدده إلى أن فقراءه المنسوبين إليه والمعولين في أمورهم عليه: متفاوتون في السر الإلهي، وأن من كان منهم خال من ذلك يمده الأستاذ بالمدد حتى يصير من أهل الأسرار الإلهية والمعارف الربانية. والمعنى أن كلًّا من فقرائه فيه زيت الكبير والصغير، إلا أن الصغير يحتاج أن يلحق بالكبير ،وهذا هو المعنى بقوله: ومن لم يكن فيه زيت أي كزيت الكبير، فأنا زيته أي أنا ألحقه بالكبير، ثم رأيت الشيخ عبد الوهاب رضي الله تعالى عنه قال: بلغنا أن الأستاذ سيدي أحمد البدوي رضي الله تعالى عنه يربي مريده وهو في البرزخ، وهو يؤيد ما فهمته فلله الحمد، ويالها من نعمة لا يحاط بقدرها، ومنة جسيمة لايقام بشكرها. واللائق بالمقام أن المراد بمريده ما هو أعم مما قيد به، قال الشيخ عبد الوهاب في بعض كتبه: إن المراد بمريده الذي يربيه وهو بالبرزخ من يخاطبه من قبره كالشيخ محمد الشناوي، وفي الحقيقة أن الذي هم فيه إنما هو ببركة هذا الأستاذ الذي إليه ينتسبون ومن فيض بحر مدده يغترفون ، كيف لا و هو أستاذ الأستاذين وقطب دائرة العارفين، وإنسان عين أعيان الأولياء المتمكنين ذو السر النبوي واللحظ المصطفوي السيد الشريف العلوي أبو العباس أحمد البدوي أعاد الله علينا وعلى أحبابنا ومحبينا من بركاته ولا أخلانا من نوافح هباته.
المصدر: نور الدين الحلبي (صاحب السيرة الحلبية المشهورة)، سيرة السيد أحمد البدوي المسمى «النصيحة العلوية في بيان حسن طريقة السادة الأحمدية»، تحقيق وتقديم وتعليق: أحمد عز الدين خلف الله، القاهرة: محمد عاطف وسيد طه وشركاهما، ط1،1964م، ص 30-31.