هو محمد أبو السعود بن محمد جلال الدين بن محمد أبو المكارم ابن عبد المنعم بن محمد أبي السرور بن أبي المواهب بن محمد أبو المواهب زين العابدين بن محمد بن أبي السرور بن محمد أبي السرور زين العابدين بن أبي المكارم محمد شمس الدين أبيض الوجه بن أبي الحسن البكري بن محمد أبي البقاء جلال الدين بن عبد الرحمن جلال الدين بن أحمد زين الدين بن محمد ناصر الدين بن أحمد بن عوض بن عبد الخالق بن عبد المنعم بن يحيى بن الحسن بن موسى بن يحيى بن يعقوب بن نجم الدين بن عيسى بن شعبان بن عوض بن داعود بن محمد بن نوح بن طلحة بن عبد الله الصديقي بن عبد الرحمن الصحابي بن أبي بكر الصديق.
أما عن قصة توليه مشيخة السجادة البكرية فإنه بعد أن انسحب الفرنسيون من مصر، في عام 1801 -قام الوالي العثماني الجديد محمد باشا خسرو، بإقالة خليل البكري من نقابة الأشراف وسجادة البكرية ، وكان نقيب الأشراف السابق عمر مكرم قد عاد إلى مصر، فأعيد تعيينه في هذا المنصب.
وقام الوالي العثمانى الجديد بتعيين محمد أبو السعود البكري، في منصب شيخ السجادة البكرية؛ رغم أنه كان عضوًا مسكينًا فقيرًا، غير معروف في أحد فروع الأسرة البكرية التي كان أعضاؤها منافسين لخليل البكري.
ومن المحتمل أن يكون محمد خسرو، قد رحب بفكرة تعيين هذا العضو التابع للفرع المنافس في أسرة البكري؛ لأن هذا الإجراء قد سد الطريق أمام خليل أو ابنه الوحيد، في المطالبة بالحصول على هذا المنصب الكبير.
وعلاوة على ذلك، فطالما أن الشاغل الجديد لهذا المنصب تنقصه الموارد المالية؛ فإنه سيظل على ولاء للباشا، وواقعًا تحت سيطرته وإشرافه؛ حيث وفر له الباشا الإقامة في أحد المنازل، وأعطاه قدرًا وفيرًا من المال، كما منحه بعض الحقوق المالية.
ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا – على ما يشير إليه الجبرتى فى تاريخه - انتشر نفوذه وأصبح اسمه معروفًا تمامًا، وبدأ خلفاء الطرق ، مثل: الأحمدية، والرفاعية، والبرهامية، والقادرية، يلجأون إليه؛ لأخذ رأيه، وإصدار الأحكام، وكان يتخد القرارت وفقًا للقواعد العامة الخاصة بهم.
وهذه الإشارة الصريحة التي قالها الجبرتي، عن ظهور السلطان القضائي لمحمد أبو السعود على الطرق -تبدو سليمة وحقيقة؛ نظرًا لأنه لم يحدث من قبل أن حصل واحد من الشاغلين لمنصب «شيخ السجادة البكرية» على ممارسة السلطة، على الطرق والهيئات المرتبطة بالطرق.
ونظرًا لأن مشايخ الطرق الصغيرة أو الطرق التي ظهرت مؤخرًا، لم تكن تلجأ إلى البكري أو تبدي إعجابها به؛ فإن هذا يدل على أن الطرق الكبيرة -سالفة الذكر- قد فقدت شيئًا من قدرتها على حل المشكلات بينها، منذ أن تحولت إلى هيئات كبيرة ومعقدة، وكان ظهور محمد أبو السعود البكري -كوسيط أو حكم، وظهور سلطته على هذه الطرق- غير مدعم بطريقة رسمية من جانب الحكام، ولم يكن له جذور في التقاليد الصوفية؛ حيث لم يكن هناك شخص سابق على البكري له سلطة على كافة الطرق الصوفية؛ ولذلك فلا بد وأن تكون سلطته ناجمة عن صفات شخصية، وبالتالي فهي سلطة نابعة من المحبة والأخوة الصادقة.
ومن المؤكد أن حالة الفوضى السائدة في مصر في ذلك الوقت، وعدم سيطرة الحكومة على مجريات الأمور، بالإضافة إلى الانهيار في الكيان القضائي، علاوة على الرغبة في طرح المنازعات على شخص غير تركي ليقوم بالتحكيم -قد استدعى كل هذا إلى ظهور سلطة الشيخ أبى السعود البكرى وتدعيمها؛ إلا أن طبيعة ونطاق سلطانه القضائي لم تكن واضحة، كما أن الوسائل التي يستخدمها في فض المنازعات، وكيفية تنفيذ القرارات التي يصدرها لم تكن واضحة أيضًا؛ بل ولا يوجد ما يدل على أن شاغلي المناصب الرئاسية على الطرق، ملزمون بالحصول على موافقته قبل أن يقوموا بتسجيل وظائفهم هذه بأسمائهم في المحكمة.
ولكن يبدو أن مرونة محمد أبو السعود البكري، قد ساهمت في تعميق شرعية السلطة التي يطالب بها، ولم تتجاوز سلطته مجال الطرق الصوفية، وظلت سلطته ضئيلة من الناحية السياسية، والدليل على ذلك عدم ورود اسمه في كتابات الجبرتي، ووصفه للأحداث السابقة على استيلاء محمد علي نهائيًّا على السلطة بحلول عام 1812 م.
ومات محمد أبو السعود في نوفمبر 1812 م، وقبل وفاته بوقت قصير ذهب كل من: محمد الشنواني (وهو شيخ الأزهر في ذلك الوقت)، وعدد من «العلماء»، ورؤساء الطرق؛ بناء على طلب محمد أبو السعود مع ابنه محمد إلى الباشا؛ ليطلبوا منه تعيين ابنه في مكانه.
المرجع : فريد عبد الرحمن دي يونج، تاريخ الطرق الصوفية في مصر في القرن التاسع عشر، ترجمة: عبد الحميد فهمي الجمال، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995م، ص 9-10، 18-19، 227 بتصرف.