نسخة تجريبيـــــــة
جدد حياتك (26): ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً
بتاريخ: 15-04-2010
 
إذا أزحتَ عن نفسك الصخور.
ورفعْتَ عنها الأنقاض والركام.
وكسَّرْتَ تلك الحجب التي تراكمت عليها مع مرور الوقت، وطول الزمان.
من الغفلة، والهوى، والكبر، والأحقاد، والوهن، والتراخي، والفتور.
وإذا صبَرْت على تفلّتها ومراوغتها.
إلى أن تنقاد لك.
وإذا ابتعدت بها عن الأسباب التي تزيد من ظلمتها وضبابها وتشبثها بالمحسوسات.
وشدة استغراقها في تتبع أحوال الخلق.
مع تعلقها بالميل والظلم والتحامل.
وإذا أقبلتَ عليها بالتزكية والتنقية.
وأخذْتَها بشيء من الشدة والحزم والتربية.
وحملْتَها على الصعود في طريق الانضباط الباطني.
وإذا تشبثت بأهل الصلاح والنورانية والبصيرة.
والفهم عن الله.
فرَوَيْت نفسك الظامئة بشمائلهم وصبرهم.
وإيثارهم لمرضاة الله تعالى على كل شيء.
واجتهادهم في بناء النفوس وتزكيتها.
إذا فعلت ذلك كله.
وصبرت عليه.
فقد أحييت نفسك.
إذا خصصت جزءاً من أوقاتك لبناء نفسك.
وإعادة تأهيلها وصياغتها.
وإذا مَنَحْتَ نفسك شيئاً من اهتمامك.
وتعودت أن تخلو إليها.
فتراقبها.
وتحصي عيوبها.
وتتأمل ردود أفعالها في المواقف المختلفة.
وكيفية تفاعلها مع الناس في الرضا والغضب، والضيق والسعة.
وتعرض أحوالها على أحوال الأكابر من أهل المعرفة بالله تعالى.
فترى مقدار انحرافها عنهم.
ثم ذهبت بتلك العيوب والانحرافات إلى أطباء النفوس.
وأهل البصر بكيفية التعامل مع عيوبها وعللها.
والتزمت ببرنامج العلاج والتزكية الذي يصفونه لك.
إذا فعلت ذلك كله.
وصبرت عليه.
فقد أحييت نفسك.
إذا أشفقت على نفسك من الهلاك.
ولم تستسلم لتلك الحالة التي تعيش هي فيها.
من الرخاوة، والسكون، والكسل، والرضا عن النفس.
بحيث لا تتصور أن هناك أزمة أصلاً تحتاج إلى علاج.
وإذا وفقت في أن تراقب أداء نفسك من الخارج لا من الداخل.
وإذا تخلّيت عن تلك القناعة الغريبة التي تملأ باطنك من أنك على ما يرام.
وإذا رغبت في أن تسمو بنفسك إلى أحوال الأكابر.
الذين هم في ارتقاء دائم.
وإقبال مستمر على الله.
وتزكية دائمة لنفوسهم.
بحيث إن بواطنهم في سير دائم إلى الله.
وفي صعود دائم في مدارج معرفته وتوقيره.
إذا فعلتَ ذلك كله.
وصبرت عليه.
فقد أحييت نفسك.
إذا تذكرتَ، واستحضرتَ، وتيقنتَ، وفهمتَ، ووعيتَ تماماً أن الأمر جد.
لا هزل فيه.
وأنه أكبر من دائرة تصوّراتك الضيقة المحدودة.
وأنه أكبر من هذه الحياة بكل دوائرها ومستوياتها.
وأنه يتجاوز الدنيا بأسرها حتى يمتد إلى الآخرة.
وأن هناك بعثاً ونشراً وحشراً.
ووقوفا بين يدي الله.
وأن هناك حساباً.
وجنة وناراً.
إذا تذكرت ذلك كله.
فأشفقت على نفسك من الهلاك.
ورغبت في تخليصها من أثقالها، وظلماتها، ومظالمها، وتحاملها، وتعدّيها على الناس.
وإذا فهمت أن الفرصة ما زالت متاحة وقائمة لإجراء التغيير المطلوب.
والآن فوراً.
من أجل أن تتقي شر ذلك اليوم.
وأن يُلَقّيكَ الله فيه نضرة وسروراً.
فإذا وعيت ذلك كله.
وأردت أن تغيّر ما بنفسك.
وصبرت على ذلك كله.
فقد أحييت نفسك.
إذا ما صَفَتْ منك البصيرة.
واستنارت منك السريرة.
ورأيت كيف أن الأخلاق الباطنية الرديئة.
من الكبر والحقد والمكر وغيرها.
تشبه القاذورات والنجاسات التي تلطّخ وجدانك.
وتشوّه باطنك.
وتجعله مغلقاً، خانقاً، مظلماً، رطباً، كئيباً.
وتمنع أنوار القرآن الطاهرة الزاكية من أن تسكن باطنك وهو على هذا الحال.
وتصد الواردات الإلهية، والنفحات الرحمانية، من الأنس بالله، والإنابة إليه.
عن أن تنزل في جوفك، وتنير صدرك.
فإذا فهمت ذلك وأردت أن تنظّف الفؤاد.
وتطهره تطهيراً.
وتجلو جدرانه من كل ذلك.
وتزينه بالسمو والرقي والصدق.
حتى يجتذب تلك المعاني الشريفة.
إذا فعلت ذلك كله.
وصبرت عليه.
فقد أحييت نفسك.
إذا اتسعت دائرة رؤيتك.
ولم تعد تنظر فقط إلى ما تحت قدميك.
وخرجت من ضيق نفسك.
التي حصرَتْ اهتمامك في ملاحقة الخلق.
وتدبير المكايد والانتقامات.
والتدسس في شئون الأصحاب والجيران والمعارف.
والولع بتتبع أخبار فلان وفلانة.
والانهماك في حسدهم، أو الحقد عليهم، أو كراهيتهم.
حتى بدأت تغوص بالتدريج في هذا المستنقع.
فأظلَمَ أُفُقك.
وانحصرت اهتماماتك في هذا الهَرَج.
فإذا كسرت هذه الدائرة الجهنمية.
واتسعت دائرة رؤيتك.
وعلمت أنك مطالب بصناعة حضارة.
وبناء جيل.
ووراثة النبوة.
ومخاطبة الحضارات والثقافات والأمم كلها.
بما بين أيدينا من أنوار الوحي.
إذا فهمت ذلك
فبدأت نفسك بالتدريج تصل إلى الرشد.
وتكفّ عن التوافه.
وتنضبط على المراد الإلهي.
فإذا وُفّقت لذلك كله.
وصبرتَ عليه.
فقد أحييتَ نفسك.
إذا أحببتَ نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فزكّيتَ نفسك قياماً بواجب محبته واتباعه.
فقد أحييتَ نفسك.
إذا كنتَ صاحب غيرة على نفسك من أن يسبقك غيرك إلى الله.
وأن تأتي أنتَ يوم القيامة في ذيل القائمة.
وقد كنت تملك أن تكون من السابقين.
فإذا ما أخَذَتك الغيرة.
فاقْتَحَمَتْ بك تلك الحواجز كلها.
حتى أوقَفَتْك بين يدي مولاك بين السابقين والصادقين.
فقد أحييتَ نفسك.
إذا صدقتَ في محبة مولاك جل جلاله.
وكنت حراً نبيلاً ربانياً.
تأنف من أن تساق إلى ربك بالسلاسل.
وتأبى إلا أن تأتي إليه طوعاً ومحبة.
فتزكت بذلك نفسك.
وتَرَفَّعَتْ عن أحوال أهل الظلمة والمعصية والوهن.
فكان صدقك في محبتك، قائداً لك إلى ربانيتك.
فقد أحييتَ نفسك.
صديقي!!!
هل عرفت الطريق؟؟!!
فلماذا تقف؟؟؟!!
تحرّك هداك الله فقد عرفْتَ طريقك.
وأتركك في أمان الله.
والله حفيظ عليك.

التقييم الحالي
بناء على 23 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث