نسخة تجريبيـــــــة
جدد حياتك (2): لمحة من الجلال

بتاريخ: 08-10-2009

أصدقائي.
مرحبا بكم.
لقد اخترتم أن نبدأ، وأن نسير سويا على الدرب.
وأن تجمعنا الصداقة، حتى ننطلق لنجدد حياتنا.
ونتعرف سويا على منهج النبوة في بناء الإنسان.
وفي فهم مراد الله، وفي القيام بحق العبودية.
وفي السعي في الأرض بالعمران.
وفي استيعاب الأحداث من حولنا مع حضور الربانية والبصيرة.
إذن فلنبدأ.
ولننطلق.
حتى نمضي في رحلتنا.
وقد اخترت أن أصحبكم في هذه الرحلة إلى مقصودٍ عجيب.
فالزموا مقاعدكم.
واربطوا أحزمتكم.
واحبسوا أنفاسكم، فإننا سوف نقلع الآن.
وسوف ننطلق.
لقد تركنا وراءنا الهواتف، والمواعيد.
وتركنا الأعمال والارتباطات.
وتركنا الأشغال، والأشخاص، والأشياء، والذكريات.
وتحررنا من وساوس النفوس.
 ومن أمراض القلوب.
ومن الأهواء والأغراض والأطماع.
وما زلنا نسمو، حتى تركنا وراءنا السيارات، والناس، والضجيج.
وما زلنا نرقى حتى تركنا الأحداث، والشوارع، والعواصم، والدول، والقارات.
بل تركنا الكرة الأرضية بكل ما فيها وما عليها.
وصرنا الآن في صَمْتٍ مَهِيب.
وسكونٍ جليل.
ثم ارتقينا حتى تجاوزنا الشموس، والنجوم.
والأقمار، والأفلاك.
والمدارات، والمجرات.
ثم ارتقينا حتى تجاوزنا عالم الملائكة، وعوالم الملكوت، والملأ الأعلى.
وتجاوزنا الزمان كله.
فالزموا الأدب كل الأدب.
والزموا الخضوع والهيبة.
فلقد صرنا في حضرة الربوبية.
هل سمعتم عن العظمة والكبرياء والجلال.
عن سمعتم عن الرحمة واللطف، والفضل والجود والجمال.
عن سمعتم عن الهيبة والتقديس والكمال.
هل سمعتم عن البقاء الأبدي السرمدي.
هل سمعتم عن الجلال المطلق.
والكمال المحقق.
هل سمعتم عن الواحد الفرد الصمد، الموصوف بكل ذلك.
عن سمعتم عن الجبار الذي خضعت لعظمته الرقاب.
وكادت السموات تنشق من هيبته.
وكادت الجبال تنهدّ من عظمته.
وقد سبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته.
مقادير العباد بيده، يقلب الأمور كيف يشاء.
لا رادّ لحكمه، ولا مبدل لقضائه ومشيئته.
هل سمعتم عن مقامٍ لا ينبغي التسبيح إلا له؛ لأنه هو المعروف بالتنزيه والتقديس، لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء، وقد وسع سمعه الأصوات، ووسع علمه الكائنات، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
هل سمعتم عن الجود الذي لا ساحل له.
هل سمعتم عن العطاء الإلهي الذي لا ينقطع.
وعن الرحمة التي وسعت كل شيء.
وعن الخلق، والإيجاد، والإمداد، والإسعاد، والحكمة، والتقدير.
هل سمعتم عن اللطف والعطاء والعناية والرعاية.
 هل سمعتم عن العلم الإلهي الشامل الواسع المحيط.
الذي لا تخفى عليه خافية.
ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
فهو سبحانه يعلم ما نخفي وما نعلن.
ويدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار.
هل علمتم أنه سبحانه عنده مقاليد الخلق، وأن نواصيهم بيده.
وأنه عنده أم الكتاب.
وعنده علم الساعة.
(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو).
(ويعلم ما في البر والبحر).
(وما تسقط من ورقة إلا يعلمها).
(ولا حبة في ظلمات الأرض).
(ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)
هل علمتم حقا أنه أوجدكم لحكمة، وخلقكم لغاية، ونصب لكم الموازين، وجعل لكم جنة ونارا.
هل علمتم أنه أوحى إليكم بمنهج وشرع، وعلّمكم مراده منكم.
هل علمتم حقا أنه عليم بكم، مطلع عليكم، يسمعكم ويراكم، ويحصي عليكم أعمالكم.
هل خضعتم بين يديه، وقمتم بواجب الأدب معه، وعرفتم مقدار عظمته، واستحييتم منه، وتعلقتم به، ورجعتم إليه بالدعاء والضراعة، والاعتصام والاستكانة، وأقبلتم عليه بالخشية، وقمتم بين يديه بالانكسار لعزته، والافتقار لعظمته، والاستمداد منه، والرجوع إليه، والاحتماء به.
أصدقائي.
لقد حاولتُ أن أكشف لكم لمحة خاطفة من جلال مقام الربوبية، وعظمة معنى الألوهية.
وأريد الآن أن أسألكم سؤالا.
وأرجوكم
تذكروا سؤالي هذا
تذكروه في مواقفكم، وفي قراراتكم، وتصرفاتكم، وتعاملاتكم، وكافة شئونكم.
وسؤالي هو:
(ما لكم لا ترجون لله وقارا، وقد خلقكم أطوارا).
فلماذا لا تعرفونه سبحانه؟ لماذا لا تحبونه؟ لماذا لا تناجونه؟ لماذا تغفلون عنه؟ لماذا تشغلكم عنه الحياة بأحداثها وضجيجها؟ لماذا تتحول معرفتكم به إلى كلام نظري؟ لا عمق له، لا يبني شخصية، ولا يمنع من معصية، ولا يزيد في بصيرة.
 (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد).
وهو والله أرحم بكم، يدعوكم إلى مغفرته، ويفتح لكم أبواب قربه، وخزائنُ السموات والأرض بيده، وقلوب العباد طوع أمره، يقلبها كيف يشاء.
وقد قال الشاعر قديما:
اجعـل بربـكَ كــلَّ عزك يســتقرُّ ويَثْبُـتُ      فإذا اعتـززت بمن يموتُ فإنَّ عزك ميِّتُ
 وبهذا يا أصدقائي نكون قد شرحنا الخطوة الأولى من المنهج النبوي الشريف في بناء الإنسان.
وهي معرفة الله جل شأنه.
ومحبته، وتوقيره، وتعظيمه.
بل هي أول خطوة في مناهج أنبياء الله أجمعين، وهم يصنعون الإنسان، ويخاطبون أممهم وأقوامهم.
وهي أول كلمة ينطق بها النبيون وهم يقفون في موقف البلاغ عن الله.
وهي أول مبدأ صنعوا به أممهم، وعلموه للناس.
فأول خطوة هي أن يعرف الإنسان ربه، معرفة حقيقية، تملأ قلبه هيبة ومحبة وتعلقا ورجاء، فتنشأ علاقة وقرب ومعرفة، وتزدهر في القلوب أنوار معرفة الحق، فتستنير العقول، وتتفتح البصائر، ويهتدي العقل، وتتزكى النفس، ويستقيم السلوك، ويتضح الهدف.
وبهذا نكون قد وضعنا الأساس الأول في بناء الإنسان، بحيث يعرف الإنسان ما يريد، ويعرف لماذا خُلق، ويعرف ما هو المقصود في الحقيقة من كل شئون المعيشة، من دراسة، وصداقة، وعمل، وارتباطات، وشركات، وأموال، وأحداث، ومواقف، وغير ذلك.
وعندما يعرف الإنسان ربه بهذه الصورة الحية الحاضرة الفعالة، فإنه يترقى في معارج الهداية، ويخرج من ضيق الخلق إلى سعة الحق، فتسكن نفسه، ويهدأ خاطره، وتزول عن العقول وعن النفوس كل مظاهر الضجيج النفسي، والصخب الوجداني، والازدحام العقلي، والتشويش الداخلي المتعمق الآن في النفوس والعقول، ويجد الإنسان في باطنه وضوحا، وأُنْسا بالله تعالى، وركونا إليه، فيزول القلق والاضطراب، وتنزل الطمأنينة والسكينة، ويقرأ القرآن فيجد له أثرا، فيتخذ قراره في كل شيء على بصيرة، فيبني أمة، ويصنع حضارة.
أصدقائي.
لقد انطلقتُ بكم إلى أعظم المطالب.
وأشرف المقاصد.
ووقفتُ معكم لحظةً في مقام التقديس والعبودية.
ووقفنا معا لحظة في مقام الهيبة والجلال.
والآن، أعيدكم سالمين.
ولكن الفارق كبير بين حالنا قبل الذهاب، وبين حالنا بعد الرجوع.
لقد سرى إلى القلب شعاع من الهيبة من الحق سبحانه، ومن محبته، ومن التعلق به، ومن تعظيم شعائره، ومن رجاء رحمته وتوفيقه.
وقد أنار القبس، وأشرقت القلوب.
فأترككم على هذا الحال الشريف المنير.
إلى أن تلتقي لنكمل.
فما رأيكم؟؟؟؟؟؟
هل نكمل؟؟؟؟؟؟

بتاريخ: 08-10-2009

أصدقائي.
مرحبا بكم.
لقد اخترتم أن نبدأ، وأن نسير سويا على الدرب.
وأن تجمعنا الصداقة، حتى ننطلق لنجدد حياتنا.
ونتعرف سويا على منهج النبوة في بناء الإنسان.
وفي فهم مراد الله، وفي القيام بحق العبودية.
وفي السعي في الأرض بالعمران.
وفي استيعاب الأحداث من حولنا مع حضور الربانية والبصيرة.
إذن فلنبدأ.
ولننطلق.
حتى نمضي في رحلتنا.
وقد اخترت أن أصحبكم في هذه الرحلة إلى مقصودٍ عجيب.
فالزموا مقاعدكم.
واربطوا أحزمتكم.
واحبسوا أنفاسكم، فإننا سوف نقلع الآن.
وسوف ننطلق.
لقد تركنا وراءنا الهواتف، والمواعيد.
وتركنا الأعمال والارتباطات.
وتركنا الأشغال، والأشخاص، والأشياء، والذكريات.
وتحررنا من وساوس النفوس.
 ومن أمراض القلوب.
ومن الأهواء والأغراض والأطماع.
وما زلنا نسمو، حتى تركنا وراءنا السيارات، والناس، والضجيج.
وما زلنا نرقى حتى تركنا الأحداث، والشوارع، والعواصم، والدول، والقارات.
بل تركنا الكرة الأرضية بكل ما فيها وما عليها.
وصرنا الآن في صَمْتٍ مَهِيب.
وسكونٍ جليل.
ثم ارتقينا حتى تجاوزنا الشموس، والنجوم.
والأقمار، والأفلاك.
والمدارات، والمجرات.
ثم ارتقينا حتى تجاوزنا عالم الملائكة، وعوالم الملكوت، والملأ الأعلى.
وتجاوزنا الزمان كله.
فالزموا الأدب كل الأدب.
والزموا الخضوع والهيبة.
فلقد صرنا في حضرة الربوبية.
هل سمعتم عن العظمة والكبرياء والجلال.
عن سمعتم عن الرحمة واللطف، والفضل والجود والجمال.
عن سمعتم عن الهيبة والتقديس والكمال.
هل سمعتم عن البقاء الأبدي السرمدي.
هل سمعتم عن الجلال المطلق.
والكمال المحقق.
هل سمعتم عن الواحد الفرد الصمد، الموصوف بكل ذلك.
عن سمعتم عن الجبار الذي خضعت لعظمته الرقاب.
وكادت السموات تنشق من هيبته.
وكادت الجبال تنهدّ من عظمته.
وقد سبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته.
مقادير العباد بيده، يقلب الأمور كيف يشاء.
لا رادّ لحكمه، ولا مبدل لقضائه ومشيئته.
هل سمعتم عن مقامٍ لا ينبغي التسبيح إلا له؛ لأنه هو المعروف بالتنزيه والتقديس، لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء، وقد وسع سمعه الأصوات، ووسع علمه الكائنات، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
هل سمعتم عن الجود الذي لا ساحل له.
هل سمعتم عن العطاء الإلهي الذي لا ينقطع.
وعن الرحمة التي وسعت كل شيء.
وعن الخلق، والإيجاد، والإمداد، والإسعاد، والحكمة، والتقدير.
هل سمعتم عن اللطف والعطاء والعناية والرعاية.
 هل سمعتم عن العلم الإلهي الشامل الواسع المحيط.
الذي لا تخفى عليه خافية.
ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
فهو سبحانه يعلم ما نخفي وما نعلن.
ويدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار.
هل علمتم أنه سبحانه عنده مقاليد الخلق، وأن نواصيهم بيده.
وأنه عنده أم الكتاب.
وعنده علم الساعة.
(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو).
(ويعلم ما في البر والبحر).
(وما تسقط من ورقة إلا يعلمها).
(ولا حبة في ظلمات الأرض).
(ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)
هل علمتم حقا أنه أوجدكم لحكمة، وخلقكم لغاية، ونصب لكم الموازين، وجعل لكم جنة ونارا.
هل علمتم أنه أوحى إليكم بمنهج وشرع، وعلّمكم مراده منكم.
هل علمتم حقا أنه عليم بكم، مطلع عليكم، يسمعكم ويراكم، ويحصي عليكم أعمالكم.
هل خضعتم بين يديه، وقمتم بواجب الأدب معه، وعرفتم مقدار عظمته، واستحييتم منه، وتعلقتم به، ورجعتم إليه بالدعاء والضراعة، والاعتصام والاستكانة، وأقبلتم عليه بالخشية، وقمتم بين يديه بالانكسار لعزته، والافتقار لعظمته، والاستمداد منه، والرجوع إليه، والاحتماء به.
أصدقائي.
لقد حاولتُ أن أكشف لكم لمحة خاطفة من جلال مقام الربوبية، وعظمة معنى الألوهية.
وأريد الآن أن أسألكم سؤالا.
وأرجوكم
تذكروا سؤالي هذا
تذكروه في مواقفكم، وفي قراراتكم، وتصرفاتكم، وتعاملاتكم، وكافة شئونكم.
وسؤالي هو:
(ما لكم لا ترجون لله وقارا، وقد خلقكم أطوارا).
فلماذا لا تعرفونه سبحانه؟ لماذا لا تحبونه؟ لماذا لا تناجونه؟ لماذا تغفلون عنه؟ لماذا تشغلكم عنه الحياة بأحداثها وضجيجها؟ لماذا تتحول معرفتكم به إلى كلام نظري؟ لا عمق له، لا يبني شخصية، ولا يمنع من معصية، ولا يزيد في بصيرة.
 (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد).
وهو والله أرحم بكم، يدعوكم إلى مغفرته، ويفتح لكم أبواب قربه، وخزائنُ السموات والأرض بيده، وقلوب العباد طوع أمره، يقلبها كيف يشاء.
وقد قال الشاعر قديما:
اجعـل بربـكَ كــلَّ عزك يســتقرُّ ويَثْبُـتُ      فإذا اعتـززت بمن يموتُ فإنَّ عزك ميِّتُ
 وبهذا يا أصدقائي نكون قد شرحنا الخطوة الأولى من المنهج النبوي الشريف في بناء الإنسان.
وهي معرفة الله جل شأنه.
ومحبته، وتوقيره، وتعظيمه.
بل هي أول خطوة في مناهج أنبياء الله أجمعين، وهم يصنعون الإنسان، ويخاطبون أممهم وأقوامهم.
وهي أول كلمة ينطق بها النبيون وهم يقفون في موقف البلاغ عن الله.
وهي أول مبدأ صنعوا به أممهم، وعلموه للناس.
فأول خطوة هي أن يعرف الإنسان ربه، معرفة حقيقية، تملأ قلبه هيبة ومحبة وتعلقا ورجاء، فتنشأ علاقة وقرب ومعرفة، وتزدهر في القلوب أنوار معرفة الحق، فتستنير العقول، وتتفتح البصائر، ويهتدي العقل، وتتزكى النفس، ويستقيم السلوك، ويتضح الهدف.
وبهذا نكون قد وضعنا الأساس الأول في بناء الإنسان، بحيث يعرف الإنسان ما يريد، ويعرف لماذا خُلق، ويعرف ما هو المقصود في الحقيقة من كل شئون المعيشة، من دراسة، وصداقة، وعمل، وارتباطات، وشركات، وأموال، وأحداث، ومواقف، وغير ذلك.
وعندما يعرف الإنسان ربه بهذه الصورة الحية الحاضرة الفعالة، فإنه يترقى في معارج الهداية، ويخرج من ضيق الخلق إلى سعة الحق، فتسكن نفسه، ويهدأ خاطره، وتزول عن العقول وعن النفوس كل مظاهر الضجيج النفسي، والصخب الوجداني، والازدحام العقلي، والتشويش الداخلي المتعمق الآن في النفوس والعقول، ويجد الإنسان في باطنه وضوحا، وأُنْسا بالله تعالى، وركونا إليه، فيزول القلق والاضطراب، وتنزل الطمأنينة والسكينة، ويقرأ القرآن فيجد له أثرا، فيتخذ قراره في كل شيء على بصيرة، فيبني أمة، ويصنع حضارة.
أصدقائي.
لقد انطلقتُ بكم إلى أعظم المطالب.
وأشرف المقاصد.
ووقفتُ معكم لحظةً في مقام التقديس والعبودية.
ووقفنا معا لحظة في مقام الهيبة والجلال.
والآن، أعيدكم سالمين.
ولكن الفارق كبير بين حالنا قبل الذهاب، وبين حالنا بعد الرجوع.
لقد سرى إلى القلب شعاع من الهيبة من الحق سبحانه، ومن محبته، ومن التعلق به، ومن تعظيم شعائره، ومن رجاء رحمته وتوفيقه.
وقد أنار القبس، وأشرقت القلوب.
فأترككم على هذا الحال الشريف المنير.
إلى أن تلتقي لنكمل.
فما رأيكم؟؟؟؟؟؟
هل نكمل؟؟؟؟؟؟
بتاريخ: 15-10-2009
 
يبدو أننا لن نهدأ ولن نستقر.
ولن نضع رحالنا، ولن نستريح.
فقد نويت أن أصحبكم فورا إلى رحلة أخرى.
لكنها هذه المرة: رحلة إلى الأعماق
فسوف ننزل سريعا من آفاق شهود حضرة الربوبية.
حتى نغوص معا في أعماق غامضة.
فمن الآفاق إلى الأعماق.
وهيا بنا نمضي.
من أنت؟؟!!
وماذا تريد؟؟
ولماذا أنت هنا؟؟
ومن أين أتيت وإلى أين تمضي؟؟
وما قيمتك في هذا الوجود؟؟
أعماقٌ من وراء أعماق.
وأمواجٌ متلاطمة من الأسئلة.
ومحاولاتٌ عبر التاريخ لتقديم أجوبة.
حتى توصل الإنسان في فترةٍ من تاريخه إلى تصور عجيب.
أتدري ما هو؟؟
تعال معي لنغوص إلى أعماق أبعد.
ولنرى.
لقد تصور الإنسان أنه السيد المطلق.
وأنه مركز الكون.
وأن الشمس والقمر والنجوم تدور حوله.
وأنه فوق المساءلة.
وغرق في تصورات غريبة بعيدة عن العلم، وعن العبودية والربانية والهداية.
وغاب عن فهم نفسه، ومعرفة حقيقته.
وامتلأ بالغرور والغطرسة.
وتاه في أعماق نفسه وهو يظن أنه يدري.
حتى تعرض لثلاثةٍ من الزلازل العنيفة.
هدمت معرفته بنفسه.
وتركته في حيرة شديدة.
جاء كوبر نيكوس بنظرية علمية صحيحة ناصعة.
وأثبت أن الأرض تدور حول الشمس.
وأن الأرض واحدة من توابعها.
 وثارت العواصف، واحتدم الجدل، وحوكم كوبر نيكس.
ولكن العلم جرى في مجراه.
وبعد عقود وسنوات خضع الإنسان لسلطان العلم.
وعرف أن النظرية صحيحة.
ولكن انهدم في المقابل جزءٌ من الغرور الإنساني.
وتصاغر الإنسان أمام نفسه.
ورجع الإنسان بالتدريج إلى اقتناعه بحجمه الجديد الصغير.
فرضي بأن يكون سيدا للأرض فقط.
واقتنع بأنه أرقى كائناتها.
وبدأ يستعيد ثقته بنفسه.
فجاء تشارلز دارون بنظريته ليخبره بأنه ليس سيدا لكوكب الأرض.
بل إن بحثه الطويل في التاريخ الطبيعي أوصله إلى أن أصله قرد.
فهو ليس سيدا للكون، وليس سيدا لكوكب الأرض أيضا.
فثارت العواصف من جديد.
وعاش الإنسان عقودا أخرى وسنوات أخرى من الجدل.
وبدأ العقل الإنساني هناك يقتنع بحجمه الجديد الأصغر.
ويكتفي بأن يكون واحدا من السلالات المعتادة المألوفة.
ولكن يكفيه أن يطمئن في المقابل إلى أنه أرقى أجناس الأرض في شعوره، وإحساسه، وعواطفه.
وبدأ الإنسان يقتنع بهذا الحجم، ويستعيد ثقته بنفسه بالتدريج.
فجاء الزلزال الثالث.
لقد ذهب فرويد إلى أن هذا الإنسان ليس أرقى الأجناس شعورا ولا إحساسا.
وأن مشاعره وأحاسيسه هي خيال مريض، ممتلئ بالعقد النفسية الكامنة في اللاوعي، وهي بقايا خيال جنسي مكبوت.
فتصاغر الإنسان أمام نفسه درجة أخرى.
وبعد أن كان يرى نفسه السيد المطلق لهذا الكون، صار يتصاغر أمام نفسه، وكل هذا في سياق تاريخي متشابك، بدأت تتعالى فيه فلسفات الموت: (موت الإله، موت المؤلف، ....الخ) حتى برزت فلسفة موت الإنسان، وتكلم فيها فلاسفة كبار مثل هيدجر، وميشيل فوكو وغيرهما.
وتحول الإنسان من إنسان إلى شيء.
وتحول إلى كائن استهلاكي.
فاندفع من طرف إلى طرف.
ومن سيد مطلق إلى شيء.
ومن حياة إلى موت.
والآن تعالوا يا أصدقائي لنرجع إلى العلو والسمو مرة أخرى.
وتعالوا لنرجع من الأعماق إلى الآفاق.
وتعالوا لنرتفع إلى آفاق الربانية مرة أخرى.
وتعال معي أيها الإنسان لتعرف من أنت على الحقيقة؟
أنت الذي خلقك الله في أحسن تقويم.
وأسجد لك الملائكة.
وشرفك بالعلم (وعلم آدم الأسماء كلها).
وجعلك خليفة في الأرض.
وجعلك سبحانه موضع خطابه، والمقصود بوحيه.
وأرسل لأجلك الأنبياء والرسل.
وأنزل لأجلك الكتب.
ونصب لك الموازين.
وجعل لأجلك جنة ونارا.
وصراطا وبعثا وحشرا وميزانا.
وزكى نفسك بمعرفته.
وأنار عقلك بهدايته.
وأحاطك بعنايته.
وأقامك في مقام العبودية له.
وأخذ عليك المواثيق بطاعته.
وكرَّمك وشرفك.
وحملك في البر والبحر.
وفضلك على كثيرٍ من خلقه.
وحفظك ورعاك وأحاطك بملائكته.
وأعلمك بأنك عبده.
خلقك بجوده وكرمه، وأسبغ عليك من رزقه وعطائه.
وأعلمك بأنه رقيب عليك.
مطلع على خفايا نفسك.
يحصي عليك أعمالك.
وبأنه أوجدك لحكمة.
وخلقك لغاية.
وكلفك بعبادته وذكره وشكره.
وأمرك بالسعي إليه، والتقرب لحضرته، والاهتداء بمعرفته.
وأخرجك من الظلمات إلى النور.
وسخر لك الأسباب والثروات والكنوز، وفتح لك آفاق العلم والمعرفة، وعلمك مناهج الفكر والتدبر والتأمل، حتى تعمر الأرض، وتصنع الحضارة، وتبني النهضة.
وأعلمك بأنك راجع إليه، وواقف بين يديه.
وأنك ستبعث بعد الموت للجزاء والحساب.
وأنه سيحاسبك على عملك كله.
وأنه رحيم بك، مقبل عليك، يلحظك بعين عنايته، وأنك غال عنده، محبوب لديه.
وإليك هذا الموقف النبوي الكريم، وهذه الكلمة المحمدية العجيبة، التي تساعدك على معرفة نفسك وحجمك وقيمتك ودورك:
جاء رجل من أهل البادية اسمه زاهر بن حِرام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، فداعبه النبي صلى الله عليه وسلم مرة بأن أمسكه وقال للناس: (من يشتري مني هذا العبد؟؟)، فقال الرجل: يا رسول الله!! إذن والله تجدني كاسدا، فانظروا كيف كان الجواب النبوي الذي يشرح للإنسان حقيقته، ويبين له دوره في الحياة، قال صلى الله عليه وسلم: (أنت عند الله غال)!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.
نعم، ما أعجبها من كلمة محمدية هادية، تصنع الإنسان على بصيرة، وتعرفه بقدره، وتغرس في نفسه الثقة واليقين، وتنزع من نفسه الكبر والجبروت، وتدفعه إلى الله.
(أنت عند الله غالٍ)، فانطلق يا صديقي في الحياة، وأنت موصول بربك، وقد عرفت قدرك عنده، وعرفت مقدار نعمته عليك.
(أنت عند الله غالٍ)، فتحرك وأنت تَسْبَحُ في آفاق شكره وذكره، وتعتز به، وتسعى إليه، حتى تمشي على الأرض وقد تزكت نفسك، وانفتحت آفاق عقلك، وتحررت من الضيق والقهر، ومن ظلمات الطبع والأكوان، فاستنارت روحك، واستوعَبْتَ الدنيا كلها فهما وبصيرة، ورحمة وهداية.
(أنت عند الله غالٍ)، فانطلق، وقد عرفت من أنت، ولماذا أنت هنا، وما الذي تصنعه في هذه الحياة، وقد سرت إلى نفسك الطمأنينة، وامتلأ جنانك بالثقة، وعرفت أنك عبدٌ لرب حكيم، يرعاك، ويتولاك، ويتولى هداك.
(أنت عند الله غالٍ)، فاخرج من ضيق نفسك إلى سعة ربك، حتى يزدهر بك العمران، وتتحقق بك قضية العبودية، وتتزكى نفسك، وقد أفلح من تزكى.
(أنت عند الله غالٍ)، وَحْي شريف، ونور منزل من الله، وبلاغ نبوي معصوم، يحقق إحياء الإنسان، ويصنعه من جديد، ويبصره بمراده، ويلخص له قضية الخلق والوجود.
(أنت عند الله غالٍ) فلا تتوقف عند لحظات ضيق أو قبض تعتريك، ولا تتوقف عند أحداث مؤسفة تمر عليك، واعلم أن من ورائك ربا قديرا، فثق به، واعتمد عليه، واستعن به، وافهم مراده، واقرأ كتابه، وعظم شعائره، واعتصم به، وأقبل عليه، وكن معه، واصدق في محبته فإنه يحبك.
(أنت عند الله غالٍ) شعار جليل، نجدد به حياتنا، ونملأ به فراغ نفوسنا، ونعرف به دورنا ومقصودنا، وتنطلق به ألسنتنا بين أصدقائنا، وننشره في الدنيا كلها، ونشرح به للإنسانية كلها قيمة الإنسان عندنا.
(أنت عند الله غالٍ) بيان محمدي شريف، يضع بين يديك مفاتيح الفهم والبصيرة.
وأترككم مع جلال الكلمة وآفاقها الرحبة الواسعة.
وألقاكم في رحلة أخرى قريبة.

التقييم الحالي
بناء على 43 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث