نسخة تجريبيـــــــة
جدد حياتك (18): الأعجوبة
بتاريخ: 04-02-2010
المملكة الإنسانية
أعجب الممالك على الإطلاق..
حيث يتربع على قمتها ملك متوج وهو القلب.
ولهذا الملك جنود وأعوان.
ووزراء ومستشارون.
وحوله جيوش وأسلحة وعتاد.
وله خطط وطموحات وآمال ومقاصد.
ويحيط به أعداء ومهاجمون.
وتدور في تلك المملكة حروب وصراعات عنيفة.
وتأتي إليها الوفود.
وينزل بساحتها السفراء.
مملكة يرعاها الله تعالى.
ولأجلها أرسل الرسل.
وبعث الأنبياء.
وأنزل الكتب.
ونصب الموازين.
وجعل جنة ونارا.
وبعثا وحشرا ونشرا وحسابا.
وتجري في هذه المملكة خطط طموحة للبناء.
والتبصير بالمقاصد.
وربطها بالمولى جل شأنه.
والتفريق بين أنواع وفئات، من قادتها وجنودها وجيوشها.
فمنها مملكة يقودها قلب سليم.
متضلع من المعارف الإلهية.
ممتلئ باليقين.
ويعينه وزير أمين.
هو العقل المستنير.
ويسعى بين يديه الجندي المخلص.
والذي هو النفس المطمئنة.
وعنده السفير الرباني.
والذي هو الروح الشريفة المنزلة من حضرة الحق سبحانه.
المتشوقة إلى لقاء الله.
مع سعي في الهداية، وربط الخلق بربهم سبحانه.
فهذه المملكة هي الأنبياء والمرسلون.
ومنها مملكة يقودها القلب المريض.
الممتلئ بالعلل والأهواء والأطماع.
والانصراف عن الله تعالى.
وبجواره وزير لا يسعفه ولا ينهض به.
وهو العقل العميق.
الذي لم يرتبط بالله تعالى.
ويسعى بين يديه جندي متخبط.
وهو النفس اللوامة.
ويظل الوافد الرباني –والذي هو الروح- مقيدا.
عاجزا.
فهذه المملكة هي عامة الناس.
ممن لهم رجاء في الله تعالى.
ولكن ربما غلبتهم نفوسهم.
وضعفت هممهم.
وتقاصروا عن النهوض على نهج الأكابر.
ومنها مملكة على رأسها قلب ميت.
ومعه وزير ليس بأمين.
وهو العقل السطحي.
وجندي غير مؤتمن.
وهو النفس الأمارة بالسوء.
وهذه المملكة هي قوم عاد وثمود.
وقارون وفرعون.
وهامان.
وسائر من يلتحق بهم من عوام البشر.
من أهل البعد عن الله تعالى.
وهناك مملكة يقودها قلب سليم.
ولكن النفوس فيها مريضة، أمارة بالسوء.
وهناك مملكة فيها وزير أمين وهو العقل المستنير.
لكنه يجهد بالقلب المريض أن يهتدي ويخشع.
وهناك مملكة فيها جنود أمناء.
من النفوس الشريفة المتعففة.
لكن الوزير -الذي هو العقل- سطحي ساذج.
وهناك مملكة فيها قلب خاشع.
وعقل مستنير.
لكن النفس ممتلئة بالشهوات والأهواء والضعف.
وهناك، وهناك، وهناك، وهناك.
فتنشأ من ذلك أنواع البشر.
وأصنافهم.
وفئاتهم.
من قوم عاد وثمود، إلى المهاجرين والأنصار.
ومن الجبابرة إلى العباقرة.
ومن المهتدين إلى المعتدين.
ومن المفكرين إلى الغافلين.
إلى آخر أحوال البشر.
من سائر الحضارات والأمم والثقافات.
من الهنود، إلى الفرس.
إلى قدماء المصريين.
إلى الصينيين، والفينيقيين، والآشوريين، والمايا.
وغيرهم كثير، مما لا يعلمه إلا الله.
عبر تاريخ البشر الطويل.
والله تعالى عليم بكل هذه الأمم.
يحصي سبحانه أعمارهم وآمالهم وآلامهم.
ويعلم سرائر نفوسهم.
ويسع علمه خطرات قلوبهم.
ويتغمدهم بالأنبياء والمرسلين.
وينزل إليهم الكتب المقدسة الهادية.
ويجمعهم ليوم لا ريب فيه.
فما أعجب هذه المملكة الإنسانية الحافلة.
وجلّ جلال الله.
الذي دبر هذا المخلوق العجيب.
وقد سبق منا كلام عن بناء هذا الإنسان.
وكيف رفع الأنبياء قواعده.
وشيدوا بنيانه.
وكيف ساروا به إلى الله تعالى.
وكيف قاموا منه مقام الأبوة.
من حيث النصح والتبصير.
وتكلمنا عن كيفية تركيب هذا الإنسان من العقل والقلب والنفس والروح.
وتكلمنا عن العقل، وأنه ثلاثة أنواع:
سطحي، وعميق، ومستنير.
يوصل إلى الله.
وتكلمنا عن القلب، وأنه ثلاثة أنواع:
ميت، ومريض، وسليم.
يوصل إلى الله.
وبقي الكلام عن النفس، وأنها ثلاثة أنواع:
أمارة بالسوء، ولوّامة، ومطمئنة.
توصل إلى الله.
وإذا اجتمع العقل المستنير، مع القلب السليم، مع النفس المطمئنة فقد عَمُرَ الكون.
وتحقق مراد الله تعالى.
وقرَّت أعين رسل الله تعالى وأنبيائه.
فتعالوا بنا لنكمل المسيرة مع النفس وأنواعها.
أما النفس.
فما أدراك فما النفس.
وهي الجانب القلق من الإنسان.
الذي يهوي من السماء إلى الأرض.
بخلاف الروح.
التي تنزع من الأرض إلى السماء.
وكم تعرض القرآن الكريم لتهذيب النفس.
والتبصير بعللها.
وأمراضها.
وعيوبها.
وأسرارها.
وأسباب ضعفها وقوتها.
وكيفية تصحيح مسارها.
والخطورة الشديدة في انحرافها.
وكم جاء القرآن بأنواع المخاطبات الإلهية اللطيفة في إنهاضها.
والترفق بها.
والسير بها إلى باب الله تعالى.
وكم امتلأ القرآن بالبصائر والمعاني.
التي تنتشلها من أوحالها.
وتنقذها من الأهواء.
فتعالوا لنكمل مسيرة بناء الإنسان.
وتجديد الحياة.
فتابعوا معنا المسيرة.
التقييم الحالي
بناء على
42
آراء
أضف تعليق