نسخة تجريبيـــــــة
مواقف جهادية مشرقة لأعلام الصوفية - سلطان العلماء: العز ابن عبد السلام

مواقف جهادية مشرقة لأعلام الصوفية

فى

صفحات مضيئة من تاريخ الجهاد الصوفى

الصفحة الثانية

 (2) سلطان العلماء:العز ابن عبد السلام"رضى الله تعالى عنه"

       صفحة مشرقة من الجهاد الصوفى ضد الغزو المغولى

        الشيخ عزالدين ابن عبد السلام: سلطان العلماء

اسمه ومولده:

    هوالشيخ أبو محمد عز الدين، عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم بن الحسن بن محمد بن مهذّب السُلمى، الدمشقى، مغربى الأصل. شيخ الإسلام الملقَّب بسلطان العلماء، وُلد العزّ بن عبد السلام فى دمشق[1]عامسبع وسبعين وخمسمائة (577 هـ ) ونشأ وتربى فيها، وزار بغداد فى عام(599 هـ) ولم يقم فيها إلاَّ أشهرًا قليلة، ثم عاد إلى دمشق، وهاجر بعدها إلى مصر، فأقام بهاأكثر من عشرين عاماحتى وفاته عام (66. هـ )[2].

صفته وعلمه:

    العز بن عبد السلام، فقيه مجتهد وداعية إسلامى،أشعرى العقيدة، شافعى المذهب، شاذلى الطريقة، كان عالما، زاهدا، ورعًا، متصوِّفًا، أمَّارًا بالمعروف، نَهَّاءً عن المنكر ناشرا للعلم،اشتهر باسم العزّ (أى عزّ الدّين) بن عبد السلام. كانت آراءه ومواقفه، تمثل صوت الإسلام النقى الصافى، الذى خرج من باطن طاهر، كبواطن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.  اشتهر العزّ بالورع والصرامة فى دينه، وبقوة شكيمته، وتحمله الشدائد فى سبيل الله عزوجل، لا يخاف فى الحق لومة لائم، تشهد على ذلك، مواقفه العظيمة فى إحقاق الحق وإنكار المنكر، لا سيما مع حكام عصره من الملوك والأمراء [3]

      واشتُهر أيضا بزهده وجرأته فى الله عز وجل، حتى لقد عُرف ببائع السلاطين، وذلك عندما أفتى ببيع أمراء المماليك ورَدِّ ثمنهم إلى بيت مال المسلمين. و لاتزال صورته باقية مشرقة مضيئة، فى الذاكرة الجماعية للمسلمين إلى يومنا هذا، سلطانا للعلماء،  مجاهدا الصليبيين، موقفا الزحف المغولى، منقذا الإنسانية والحضارة من خرابه و تدميره [4].

     قرأ الأصول، والحديث، والعربية على أشهر علماء عصره، تفقه على الإمام فخر الدين ابن عساكر[5]،وأخذ الأصول عن سيف الدين الآمدى[6]،وسمع الحديث من عمر بن طبرزد[7] وغيره.برع فى الفقه والأصول العربية، فانتهت إليه رياسة المذهبالشافعى،مع الزهد والورع، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقُصِدَ بالفتاوى من كل الأقطار،ثم كان في آخر عمرهلا يتقيَّد فى فتاويه بما يقتضيه مذهب الإمام الشافعى رضى الله تعالى عنه، بل اتسع نطاقه، وأفتى بما أدى إليه اجتهاده، وترجَّح عنده بالدليل [8].

مكانته وثناء العلماء عليه:

      أجمع أكابرعلماء الأمة، قديماً وحديثاً، بفضل العز رضى الله تعالى عنه، وبغزارة علمه، وبسمو مواقفه ؛ فقد شهد بكمال فقهه، وتمام علمه، شيخه أبو الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه، فقالفى شأنه:  قيل لى: " ما على وجه الأرض مجلسٌ في الفقه أبهى من مجلس عز الدين بن عبد السلام[9]" وكفى بها شهادة من قطب أقطاب التصوف.

وقال عنه الحافظ المنذرى رضى الله تعالى عنه: " كنا نفتى قبل حضور الشيخ عز الدين، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه" [10]

      وسمع أيضاً التاج السبكى أبيه رضى الله تعالى عنه ، يحكى أن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام كان يُسمِع الحديث قليلاً بدمشق، فلما دخل القاهرة توقف عن ذلك، وصار يحضر مجلس الشيخ زكى الدين المنذرى، ويسمع عليه في جملة مَن يَسمع ولا يُسمِع، وأن الشيخ زكي الدين أيضاً ترك الفتيا، وقال: حيث دخل الشيخ عزُّ الدين لا حاجة بالناس إليّ [11].

     وأثنى عليه التاج السبكى فى طبقاته فقال: "شيخ الإسلام والمسلمين، وأحدُ الأئمة الأعلام، سلطان العلماء، إمامُ عصره بلا مدافعة، القائم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكرفى زمانه، المطَّلِع على حقائق الشريعة وغوامضها، العارف بمقاصدها، لم يرَ مثل نفسه، ولا رأى من رآه مثله علما وورعا وقياما فى الحق وشجاعة" [12].

     وقال عنه شيخ الإسلام ومجدّد القرن الثامن[13] ابن دقيق العيد[14] رضى الله تعالى عنه:كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء.[15]

    وشهد له بتمام التمكين فى المذهب الشافعى، وبلوغ مرتبة الاجتهاد المطلق، الإمام السيوطى رضى الله تعالى عنه فقال: « كان في آخر عمره لا يتعبّد بالمذهب، بل اتّسَع نطاقه، وأفتى بما أدّى إليه اجتهاده»[16]

      وتتجلى للأذهان المكانة الرفيعة للشيخ عز الدين بن عبد السلام، من كثرة الألقاب الّتي أسبغها عليه معاصروه  من العلماء، حيث لُقِّب بالألقاب الآتية: سلطان العلماء، وشيخ الإسلام والمسلمين، وبائع الملوك، وعالم العصر، و بقيَّة الأعلام، وبحر العلوم والمعارف، والمطَّلع على حقائق الشريعة، وحيد عصره،، وناصر السنَّة، وقامع البدع... إلى غير ذلك من الألقاب، التى لم تجتمع لغيره، ممن بلغ رتبة الاجتهاد[17].

      ولمكانته العالية فى نفوس المصريين ؛ كانوا يضربون به المثل ؛ فيقولون: "ما أنت إلاَّ من العوام ولو كنت ابن عبد السلام" [18].

 وفاته:

     توفى العزّ بن عبد السلام في القاهرة ، فى العاشر من جمادى الأولىسنة ستين وستمائةللهجرة،عن عمر يقارب الثلاثة والثمانين عاماً، ودُفِنَ فى آخر القرافة، مما يلى جبل المقطم من ناحية البِرْكة، فى طرف مقابر الصوفية الشرقى، مقابل قبر ابن الصلاح.

     وقد حضر ملك مصر والشام الظاهر بيبرس جنازته، وحمل نعشه، وحضر دفنه، وصلى عليه بنفسه، وكان يقول: " لا إله إلا الله، ما اتفقت وفاة الشيخ إلا فى دويلتى!! "  وقد صلى عليه المسلمون صلاة الغائب فى كل الديار المصرية، وفى الديار الشامية والمدينة المنورة ومكة المكرمة وبلاد اليمن[19].

تصوفه:

         لا مجال لأدنى شك، أن العز بن عبد السلام كان فقيهًا صوفيًّا، تشهد على ذلك جملة من تصانيفه، التى تناولت علوم التصوف على وجه الخصوص، مثل: شجرة المعارفوالأحوال، ومختصر رعاية المحاسبى، ومسائل الطريقة في علم الحقيقة.

     بل نجده يتطرق إلى أحوال العارفين بالله تعالى وعلمهم ومراتبهم، فى غير ما موضع، من مصنفاته فى الفقه وأصوله ؛  فيقرر فى" الفتاوى الموصلية "  أن العارفين بالله أفضل الخلق، وأتقاهم لله تعالى؛ لأن العلم يشرف بشرف المعلوم وبثمراته، والعلم بالله وصفاته أشرف من العلم بكل معلوم، ولا شك أن معرفة الأحكام لا تورِّث شيئًا من هذه الأحوال، وأكثر علماء الأحكام مجانبون للطاعة، ويغلب عليهم عدم الخشية. ومما يدل على تفضيل العارفين بالله على الفقهاء، ما يجريه الله على أيديهم من كرامات، ولا يُجرى شيئًا منها على أيدى الفقهاء، إلا أن يسلكوا طريق العارفين، ويتَّصفوا بأوصافهم[20].

    ولما سُئل عن مراتب معرفة الله تعالى، جعل رتبة الأولياء فوق العلماء  ، فقال: " والرتبة العليا في ذلك للأنبياء، ومن ثَمَّ للأولياء العارفين، ثُمَّ العلماء الراسخين، ثُمَّ الصالحين "[21].

    ونجده رضى الله تعالى عنه  فى"قواعد الأحكام فى مصالح الأنام"يتحدث فى دقائق علم التصوف: كالزهد، والمحبَّة، والجمال، والجلال، والفناء، كما يذكر بإسهاب المعارف والأحوال والكرامات التى يختص بها الأولياء، ولا يعلو مقامهم فى هذه الأمور سوى الأنبياء[22].

     ونراه يشير أيضا فى "قواعد الأحكام"  إلى أن علم الحقيقة عند الصوفية متأصل فى علم الشريعة، فيقول: «وليست الحقيقة خارجة عن الشريعة، بل الشريعة طافحة بإصلاح القلوب بالمعارف والأحوال والعزوم وَالنِّيَّاتِ، وغيرذلك مما ذكرناه من أعمال القلوب، فمعرفة أحكام الظواهر معرفة لِجُلِّ الشرع، ومعرفة أحكام البواطن معرفة لِدَقِّ الشريعة، ولا ينكر شيئا منهما إلا كافر أو فاجر»([23]).

     بل نجده يدافع عن التصوف، وينأى به عن كل دخيل ودعى، ففى " قواعد الاحكام " يقول: " قد يتشبه بالقوم - الصوفية - من ليس منهم، ولا يقاربهم في شيء من الصفات، وهم شر من قطاع الطريق؛ لأنهم يقطعون طرق الذاهبين إلى الله تعالى"[24].

    وعلى هذا الأساس، وصفه السبكى رضى الله تعالى عنه، قائلا: " وقد كانت للشيخ عز الدين اليد الطُّولى فى التصوف، وتصانيفه قاضية بذلك "[25].  

    وتجدر الإشارة،إلىأن سلوك طريق التصوف كان بمثابة  الحدث الأهم في حياة العز بن عبد السلامرضى الله تعالى عنه،حيث ارتقى من رتبة الفقيه قاضى القضاة، إلى رتبة الفقيه قاضى القضاة الصوفى العارف المحقق. ولقد كان تصوف العز نابعا عن إيمان عميق وصدق راسخ، ولقد شهد التاريخ وأيده الواقع أن كل صادق من علماء الدين، طال به الزمان أم قصُر، لابد وأن يسلك طريق التصوف، مثلما حدث مع الإمام المحاسبى، والإمام الغزالى، والإمام النووى، وغيرهم من أئمة الأمة الصادقين رضى الله تعالى عنهم.

     والجدير بالملاحظة، أن اجتماع أكابر علماء الأمة على أقطاب الصوفية، وتلقى العلم منهم، وسلوك طريق التصوف عليهم، أمر قديم، تكرر كثيرا عبر القرون، شهد به الواقع، ووعته ذاكرة التاريخ.

     لقد سلك العز بن عبدالسلام التصوف على طريقة السلف ؛ فكان تصوفه امتدادا للتصوف السنى ؛ الذى يستقى معانيه و جذوره الأصيلة من القرآن الكريم  والسنة المطهرة، كالتقوى و طهارة القلب، والرضا وصفاء النفس، والمراقبة وإخلاص النية لله تعالى، ودوام ذكرالله تعالى. ذلك التصوف الذى مارسه من قبل أئمة السلف: كالحسن البصرى، ومالك بن دينار،  وسفيان الثورى، والجنيد،  و كثير غيرهم رضى الله تعالى عنهم [26].

     وهذه المعانى الإسلامية الراسخة والجليلة، التى تجلت وظهرت بوضوح وجلاء فى التصوف، نلمسها ونشهدها  بكثرة فى سائر كتب سلطان العلماء، فى التفسير والعقيدة والفقه وأصول الفقه، والتربية، وفضائل الأعمال، وفى الأخلاق والآداب.

     وعلى أساس هذه المعانى السامية، يصيغ العز بن عبدالسلام توصيفا دقيقا لما يجب أن يكون عليه الصوفى الصادق، فيقول: " الصوفى من صفت سريرته، ونارت بصيرته، وعلت همته، ونطقت حكمته، وارتفعت رتبته، وتعلم العلم وعلمه، وطلبه من الله لا من غيره، وأن يكون متصفاً بالرضا، والسير فى الطريق ومراعاة الرفيق  والهدى والتحقيق، وفعل الخيرات وترك المنكرات، وإقالة العثرات، وأن يكون مجتهداً في العمل الصالح المرفوع، وأن يكون متأدباً مع شيخه وإخوانه، حافظا غالبا على شيطانه[27] .

      ولقد ضرب العز بن عبدالسلام فى عصره أروع الأمثلة للتحلى بهذه المعانى الإسلامية الثابتة فى القرآن الكريم، والتى طبقها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى حياته وعبادته وتربيته، وسار عليها معظم السلف الصالح وأولياء الله تعالى، وعبَّاده الأتقياء.

      بل وجدنا العز بن عبدالسلام، يثنى على من تحقق بهذه المعانى الإسلامية السامية، ويحترم أشخاصهم ويتقرب منهم، ومن هذا المنطلق كان يوقر ويعظممعاصريه من علماء التصوف كالشيخ السُّهروردى، و الشيخ أبى الحسن الشاذلى، و الشيخ أبى العباس المرسى، رضى الله تعالى عنهم، وينشد صداقتهم، ويحرص على الالتقاء بهم، والحضور فى مجالسهم، وقراءة كتبهم، ومشاركتهم فى رياضاتهم التربوية والسلوكية [28]

    و يذكر لنا التاريخ، أن العز ابن عبد السلام تتلمذ فى بدء أمره على يد الصوفى المشهور، الشيخ أبى حفص شهاب الدين عمربنمحمد التيمى البكرى السُّهْرَوَردى[29] رضى الله تعالى عنه، وهو شيخ من مشايخ الطريقة النقشبندية، و لبس منه خرقة التصوُّف، وأخذ عنه.

     وإذا علمنا أن الطريقة الشاذلية قد ازدهرت ازدهارًا علميا وسلوكيا لم يحدث له مثيل،الأمر الذى جعل كبار العلماء والفقهاء والمحدثين يدخلون  تحت لوائها، حيث نجدهم يحرصون كل الحرص، على حضور مجلس الشيخ أبى الحسن الشاذلى، والتلقى عليه، والارتواء من منهله الروحى، وإذا استعرضنا طائفة من هؤلاءالأئمة العلماء، الذين عاصروا الشيخ أبا الحسن الشاذلى، و كانوا يترقون فى معارج علمه، نجدهم قممًا شامخة في عصرهم، يتبوأون مناصب رفيعة فى الفكر الإسلامى، ويأتى على رأس  هؤلاء العلماء الأعلام سلطان العلماء: عز الدين بن عبد السلام [30].

     ولقد تضافرت المصادر والأدلة التاريخية وأجمعت، على أنسلطان العلماءالعز ابنعبد السلام، سلك طريق التصوف على يد الشيخ أبى الحسن الشاذلى، الذى أصبح شيخا له، نسوق من هذه المصادر، على سبيل المثال لا الحصر، ما ذكره الإمام السيوطى فى " تأييد الحقيقة العلية " أن الشيخ أبا الحسن الشاذلى، كان يحضر عنده الأئمة، مثل: سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام, والشيخ تقى الدين بن دقيق العيد[31].ونسوق أيضا ما أورده ابن عياد الشافعى فى "المفاخر العلية " أن الحافظ ابن كثير رحمه اللَّه تعالى فى رواية ساقها، قال: " وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يحضر مجلس الأستاذ أبى الحسن؛ فيسمع تقريره فى  الحقائق،

     ويشاهد حسن إفصاحه عن العلم اللدنى؛ فعند ذلك يحصل له وارد من جانب الحق، فينهض قائمًا، ويركض على قدميه طربًا مع المريدين، ويقول: تأملوا هذا التقرير؛ فإنه قريب من ربه "[32]. كما نشير إلى ماأورده العلامة ابن مغيزيل فى " الكواكب الزاهرة " لما جاء قطب الزمان أبو الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه من الغرب الاقصى إلى ديار مصر يدعو الخلق إلى الله تعالى، فتصاغر وخضع لدعوته أهل المشرق والمغرب قاطبة، فكان يحضر مجلسه أكابر العلماء من أهل عصره، مثل سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام، والشيخ تقى الدين ابن دقيق العيد، والشيخ الزكىّ ابن عبد العظيم المنذرى وابن الصلاح وابن الحاجب، وغيرهم من الأئمة "[33].وأيضا إلى ما أورده الشيخ الإمام العارف شهاب الدين بن الميلق،حامل لواء الشاذلية فى زمانه،  فى ديوان المراسلات، ومن خط سبطه قاضى القضاة ما نصه: " ولقد كان الشيخ تقى الدين ابن الصلاح، والشيخ أبو عمرو ابن الحاجب، والشيخ جمال الدين بن عصفور، والشيخ تقى الدين بن دقيق العيد، والفقيه نبيه الدين بن عوف، هؤلاء أساطين علماء الدين شرقا وغربا فى عصرهم، والشيخ عز الدين بن عبد السلام، والشيخ زكى الدين عبد العظيم المنذرى، والشيخ محى الدين ابن سراقة، والعلم ياسين، هؤلاء كانوا يحضرون ميعاد الأستاذ أبى الحسن الشاذلى بالكاملية بالقاهرة لازمى الأدب مصاحبين له، متتلمذين بين يديه " [34].وتأكيدا لهذه الرواية، يذكرالعلامة ابن الكوهن فى "طبقات الشاذلية الكبرى"أن الشيخ أبا الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه، كان يحضر مجلسَه أكابرُ العلماء؛ كابن الحاجب[35]، وابن عبد السلام عز الدين، وابن دقيق العيد، وعبد العظيم المُنذرى،  فكانوا يحضرون ميعاده بالمدرسة الكاملية بالقاهرة، ويقرأ " ابن عطية "[36]و" الشفا "[37]ويمشون بين يديه إذا خرج [38].

     وفى موطن آخر، يشير ابن الكوهن إلى تلقى سلطان العلماء التصوف عن الشيخ أبى الحسن الشاذلى، فيقول: " وقدم -الشيخ أبو الحسن الشاذلى - الإسكندرية من المغرب،وصار يُلازم ثغرها من الفجر إلى الغروب، وينفعُ الناس بحديثه الحسن وكلامه المعرب، وأظهر فيها طريقته المرضية، وسيرته النبوية...وأخذ عنه العزُّ بن عبد السلام[39]".

ويسوق لنا ابن الصباغ صاحب " درة الأسرار " بالدليل القاطع والبرهان الساطعالواقعة التى تؤكد لنا أن سلطان العلماء اتخذ بسببها، الشيخ أبا الحسن الشاذلى شيخا له، فبعد أن يقرر أن الشيخ أبا الحسن الشاذلى لما قدم إلى مصر،  كانيحج عاماً ويقيم عاماً آخر، يقول: " حدثنى من أثق به قال: كان فى العام الذى يحج فيه حركة التتر على أهل الديار المصرية، فاشتغل السلطان بالحركة عليهم، فلم يجهز الجيش للركب. فأخرج الشيخ خباءة إلى البرْكة[40]، واتبعه ناس. قال: فاجتمع الناس بالفقيه القاضى المفتى عز الدين بن عبد السلام، وسألوه عن السفر فقال: لا يجوز السفر على الغرور وعدم الجيش.

     فأخبر الناس بذلك الشيخ فقال: اجمعونى به، قال: فاجتمع به فى الجامع يوم الجمعة، واجتمع عليهما خلق كثير فقال له: يا فقيه أرأيت لو أن رجلا جعلت له الدنيا كلها خطوة واحدة، هل يباح له السفر فى المخاوف أم لا ؟ فقال القاضى: من كان بهذه الحال فهو خارج عن الفتوى وغيرها.

     فقال له الشيخ: أنا بالذى لا إله إلا هو، ممن جعلت له الدنيا كلها خطوة واحدة، إذا رأيت ما يخيف الناس أتخطى بهم حيث آمن، ولابد لى ولك من المقام بين يدى الله عز وجل، حتى يسألنى عن حقيقة ما قلت لك.

وسافر رضى الله عنه فظهرت له فى الطريق كرامات كثيرة منها:

     أن اللصوص كانوا يأتون الركب بالليل، فيجدون عليه سوراً منيعاً كأنه مدينة فإذا أصبحوا يأتون إليه ويخبرونه، ويتوبون إلى الله تعالى، ويسافرون فى صحبة الشيخ إلى الحج.

     فلما قضى الشيخ الحج رجع، ودخل أول الناس إلى القاهرة فأخبروا بما رأوا من مواهب الله تعالى له، قال: فخرج الفقيه عز الدين بن عبد السلام رحمه الله ليلقاه بالبرْكة، وهو موضع خارج القاهرة على ستة أميال.

     فلما دخل عليه قال له: يا فقيه، والله، لولا تأدبى مع جدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأخذت الركب يوم عرفة، وتخطيت به إلى عرفات. فقال له المفتى: آمنت بالله، وحط رأسه بين يديه، وقال له: أنت شيخى من هذه الساعة. فقال الشيخ: بل أنت أخى إن شاء الله تعالى.[41]

    ومنذ ذلك الحين، سلك سلطان العلماء طريق التصوف، على يد الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه، وحضر مجالسه العلمية، سواء فى المساجد الكبرى[42]، وفى المدرسة الكاملية[43]، أو فى خيمة الحرب[44]، التى عقدت إبان الغزو الصليبى فى واقعة المنصورة،حتى فتح الله تعالى عليه. وأصبح إماماً بارزا فى طريق التصوف، فحاز بذلك رتبة الصدارة فى علمى الشريعة والحقيقة.

    وهكذا تربى العز ابن عبد السلام فى كنف المدرسة الشاذلية، فأصبح أحد دعاتها، ولسان حالها، فكراً، ومقالاً، وكتابةً.
وإذا تأملنا قضية تصوف سلطان العلماء، لاحظنا فيها انتقالاً مفاجئاً من موقف المستنكر على الصوفية إلى موقف المدافع عنهم، ومن منكر لعلومهم إلى محقق لها. وفى حقيقة الأمر، إن هذا  الانتقال المثير للانبهار،  فى موقف سلطان العلماء من التصوف،  ما كان ليتحق لولا وجود سببين:
الأول: شيخ كامل صاحب طريق قويم، وتوصيل عظيم إلى الله تعالى ؛ يجول بقلبه فى الملكوت، ويلتقط أفانين الحكمة، ويكشف عن أسرار كونية، لا تتراءى إلا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ؛ ولذلك لم يجد سلطان العلماء حرجًا فى أن يتتلمذ على الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه، وأن يأخذ عنه الحكمة، وأن تتفتح عين بصيرته على نور الحقيقة التى يشعها فى كلماته المضيئة الملهمة.[45]  
الثانى: صدق حقيقى يفيض من قلب عالم ربانى: كقلب العز بن عبد السلام، وقد تجلى صدقه، فى سعيه و طلبه لعلم تصفية وتهذيب النفس، بعد تحققه التام بعلم الشريعة، الذى صار فيه مجتهداً اجتهاداً مطلقاً ؛ لذلك قرر سلوك طريق التصوف ليتم تحققه بعلم الحقيقة.

     والمفارقة التى تسترعى الانتباه، هى إنكار سلطان العلماء لطريق التصوف بادئ أمره، شأنه شأن غيره من المنكرين، قائلا: هل لنا طريق غير الكتاب والسنة ؟! فلما حصل اجتماعه على الشيخ أبى الحسن الشاذلى قدس الله سره، وتيقن أن  التصوف هو روح الكتاب والسنة.صرح قائلا:" ما عرفت الإسلام الكامل، إلا بعد اجتماعى على الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه "[46] ؛ وقائلا  ايضا: " ولما اجتمعت بأهل الطريق قالوا لى: اجعل أعمالك كلها مقاصد؛ لتحضر فيها مع الله تعالى، ولا تتخذها وسائل، فتموت ولا تصل إلى مقصودك. فقربوا عَلَيَّ الطريق "[47].

ويذكرنا هذا الموقف  بموقف الإمام الغزالى  من قبل  أن يسلك طريق التصوف  حينما قرر أن: " من قال: إن ثَمَّ طريقًا للعلم غير مابأيدينا - الفقه والأصول -  فقد افترى على الله كذبًا  "  فلما دخل طريق التصوف، قال:" قد ضيعنا عمرنا بالبطالة والحجاب " [48].

     ولقد رأينا آنفا، كيف كان شيخ الإسلام العز ابن عبد السلام، إذا سمع حديث  الشيخ أبى الحسن الشاذلى،وتقريره فى الحقائق، و حسن إفصاحه عن العلم اللّدُنى، يحصل له وارد من جانب الحق، فينهض قائمًا، ويصيح قائلا:هلموا إلى هذا الكلام القريب العهد من الله.[49] ولقد صدق سلطان العلماء  فيما قاله، فإن على الكلام الصوفى لطلاوة، هى طلاوة المعانى القريبة العهد من الله تعالى ؛ لأنها من إلهامه، ومن ينابيع رضاه [50].    

     ولقد أكسب التصوف، العز ابن عبد السلام رضى الله تعالى عنه، قوة روحية جعلته، يقف مواقف جهادية جريئة إزاء جور السلاطين، والغزوين الصليبى والمغولى، مواقف توصف " بالرجولة الإيمانية " سجلتها المصادرالتاريخية أكثر من مرة ، وفى غير ما موضع ؛ سوف نلقى الضوء عليها فى مظانّها.

مواقف جهادية مشرقة لسلطان العلماء

    سجل التاريخ للشيخ عز الدين بن عبد السلاممواقف جهادية مشرقة، منها ما يتصل بقول كلمة الحق عند السلطان الجائر، وهو أفضل الجهاد، كما أخبر الهادى البشير صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها مايتعلق بالجهاد الحربى، ضد العدوانين: الصليبى والمغولى على الأمة الإسلامية .

أولا: مواقف جهادية مشرقة ضد السلطان الجائر:  

الموقف الجهادى الأول " صوت الحق يعلو على صوت القوة ":

(1)مقدمات الخزى:

     عاصر العزّ ابن عبد السلام أهم فترة فى تاريخ دولة بنى أيوب، تلك الدولة التى أنشأها صلاح الدين الأيوبى فى الشام ومصر، وكانت دولة قوية فتية فى أول أمرها، ولكن فى آخر عصرها، تنافس أمراؤها وتقاتلوا على المُلك؛ فبعد وفاة صلاح الدين (589هـ) اختلف خلفاؤه من بعده، حتى لجأ بعضهم إلى التحالف مع الصليبيين ؛ من أجل أن يتفرغ لقتال إخوانه وبنى عمومته.

     وبلغ الصراع مداه أيام العز بن عبد السلام، وذلك بين " الصالح إسماعيل "[51] حاكم دمشق (648هـ)  وبين ابن أخيه " الصالح نجم الدين أيوب "[52] سلطان مصر (647هـ) ونتج عن ذلك الصراع، أن قويت الإمارات الباقية من فلول الصليبيين،واشتد خطرها على العروبة والإسلام.

     وكان الملك الصالح إسماعيل من بنى أيوب، قد حكم دمشق فى أيام العزّ بن عبد السلام، فقدّر للعزّ تفوقه فى العلم، وولاه خطابة الجامع الأموى الكبير بدمشق، وبعد فترة قام الملك الصالح إسماعيل بقتال ابن أخيه  الملك الصالح نجم الين أيوب، حاكم مصر آنذاك، لانتزاع السلطة منه ؛ لخوفه من محبة المصريين له، والتفافهم من حوله،خوفا منعه المنام والطعام والشراب ؛ حيث إن المصريين حلَفوا للملك الصالح نجم الدين أيوب، وكاتبوه بذلك، فوصل إليهم وملك الديار المصرية، وسار فى أهلها السيرة المرضية [53]، ومن ثّمَ خشى الصالح إسماعيل أنْ يضيع عليه ملكه.

    فقام العزّ ابن عبد السلام بدور يحمد عليه، فى بذل الجهد من أجل رأب الصدع، والذود عن الأمة الإسلامية، مستمدا قوته من مكانته المعنوية ومركزه الدينى، بيد أن جهوده ذهبت وأدراج الرياح ؛ بسببخيانة الصالح إسماعيل لعروبتة وإسلامه.

 (2 ) جور السلطان:

     لَما تولى الملك الصالح عماد الدين إسماعيل حكم دمشق، استعان بالصليبيين لقتال ابن أخيه حاكم مصر الصالح نجم الدين أيوب، مما أدّى به إلى الصلح والتحالف مع الصليبيين وموالاتهم ؛ وكاتب الفرنج، واتفق معهم على معاضدته ومساعدته، ومحاربة حاكم مصرالصالح نجم الدين أيوب، وفى سبيل ذلك، سلَّم لهم أرض الإسلام ليقوى بهم، ويعتضد بجيوشهم على أهله وإخوته،فبعث يطلب نجدات الفرنج، على أنه يعطيهم جميع ما فتحه السلطان صلاح الدين[54]؛فأعطاهم قلعتى صفد[55]وبلادهاوالشقيف[56]وبلادها، ومناصفة صيدا وأعمالها، وجبل عاملة وسائر بلاد الساحل، اختياراً فى سنة 539 هـ [57]، وهم من فتوحات صلاح الدين الأيوبى، وسمح للفرنجبدخول دمشق لشراء السلاح والتزوّد بالطعام،فأكثروا من ابتياع الأسلحة وآلات الحرب من أهل دمشق،،  وبالفعل دخل الصليبيون دمشق لشراء السلاح؛ فأكثروا من ابتياع الأسلحة وآلات الحرب من أهل دمشق، التى يقتلون بها المسلمين،فأنكر المسلمون ذلك أشد الإنكار [58].

 كما أعطاهمسنة 641هـ بيت المقدسبما فيه من المزارات.وطبرية وعسقلان،فعمر الفرنج قلعتيهما، ووعدهم بجزء من مصر، إذا هم أعانوه على ابن أخيه الصالح نجم الدين أيوب[59] !

     ويصف لنا فداحة هذا الحدث وما أدت إليه، أحمد بنإبراهيم الحنبلى (876 هـ) فيقول: " سلَّم إليهم طبرية وعسقلان والقدس بما فيها من المزارات، قال القاضى جمال الدينبن واصل: مررت إذ ذاك بالقدس متوجهًا إلى مصر، ورأيت القسوس وقد جعلوا على الصخرة قنانى الخمر للقربان " [60] ويصف السبكى تلك الخيانة وهذه المهانة، فيقول: " واصطلح – الصالح إسماعيل - مع الفِرنج على أن ينجدوه على الملك الصالح نجم الدين أيوب، ويسلِّم إليهم مدينة صيدا والشَّقيف، وغير ذلك من حصون المسلمين، ودخل الفِرنج دمشق لشراء السلاح ليقاتلوا به عباد الله المؤمنين "[61].

    وقد أشار القوصى فى " معجمه "إلى جملة مما اقترفه الصالح إسماعيل من جور فى حق الإسلام والمسلمين فقال: " نصر الكافرين وسلم إليهم القلاع، واستولى على دمشق سرقة، وحنث فى يمينه، وقتل من الملوك والأمراء من كان ينفع فى الجهاد، وصادر على يد قضاته العباد، وخرب الاملاك، وطول ذيل الظلم، وقصر ذيل العدل "[62].

(3 )  إنكار المنكر:

    لماتحالفالصالح إسماعيل،مع الصليبيين، وتنازل لهم عن بعض المواقع والحصون، وسمح للناس ببيع السلاح لهم، أثار هذا الحدث المخزى، حفيظة سلطان العلماء، الذىاشتهر بأنه كان ورعاً، أماراً بالمعروف نهاء عن المنكر، لا يخاف فى الله لومة لائم ؛ ومن ثمَّ أنكر الشيخ عز الدين ابن عبد السلام هذا الفعل الشنيعمن جانب الصالح إسماعيلإنكارًا شديدًا، ولم يرض هذه الخيانة منه، ولم يقبل منه تحالفه مع الصليبيين. واعتبره عملاً مخالفاً للشرع الإسلامى ؛ لأن الله تعالى نهى عن موالاة الكافرين.    

    وكان المسلمون قد أنكروا مبايعة السلاح للفِرنج،ومشى المتدينين المتعيشين من السلاحمنهم، إلى سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام واستفتوه فى ذلك [63]، فأفتىالشيخبتحريم بيع السلاح للفرنج،وشقَّ ذلك على الشيخ مشقَّة عظيمة، وقال:يحرُم عليكم مبايعتهم ؛ لأنكم تتحققون أنهم يشترونه ؛ ليقاتلوا به إخوانكم المسلمين [64].وأعلن موقفه هذا علانية وصراحة على المنبر.وكان العز آنذاك إمام المسجد الأموى ومفتى دمشق، فهاجم السلطان فى خطبة عصماء من منبر الجمعة، وأفتى بحُرمة بيع السلاح للفرنجة، وبحُرمة الصلح معهم، ونال منه على المنبر، وبسط لسانه بالقول فيه، وترك الدعاء له عامدًا[65]، وكان دعاؤه على المنبر: " اللهم أبْرِم لهذه الأمَّة إبرامرشد، تُعِزُّ فيه وليَّك، وتُذِلُّ فيه عدوَّك، ويعمل فيه بطاعتك، وينهى فيه عن معصيتك "[66]والناس يبتهلون بالتأمين، ويضجون بالدعاء للمسلمين، والنصر على أعداءالله [67]،ثم نزل من المنبر دون الدّعاء للحاكم الصالح إسماعيل - كعادة خطباء الجمعة -وساعده فى ذلك الشيخ جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب المالكى.[68]

    والجدير بالملاحظة فى هذا المقام، أن الشيخ عز الدين ابن عبدالسلام، الذى اشتهر بغزارة علمه، وبأنه سلطان للعلماء، ومجتهد مطلق فى الدين، عند أكابر علماء الإسلام، ممن عاصره، أو جاء بعده، وبرغم بشاعة ما اقترفه حاكم دمشق، فى حق أمة الإسلام مما تبين آنفا، وما آل إليه ذلك من شق وحدة الصف الإسلامى، ومن تهديد كاد يعصف ويطيح بدولة الإسلام، برغم ذلك كله، لم تصدر عن هذا العالم الفذ الجرىء فى الحق، الذىلا يخاف فى الله لومة لائم، فتوى بتكفير حاكم دمشق الخائن لدينه وأمته، ولا أمر المسلمين بالخروج عليه وإهدار دمه، ولو فعل، لامتثلوا لأمره وأطاعوه، وخرجوا جميعا عن بكرة أبيهم، يشهد لذلك ماذكره الملك الظاهر بيبرس، وتواترت الأخبار عنه أنه: لما مرت جنازة الشيخ عز الدين رضى الله تعالى عنه تحت القلعة، وشاهد كثرة الخلق الذين معها ؛ قال لبعض خواصِّه: اليوم استقر أمرى فى المُلك ؛ لأن هذا الشيخ لو قال للناس: اخرجوا عليه لامتثلوا أمره، ولانتزع المُلكَ منى[69] !!! فهذا المسلك الرشيد لسلطان العلماء إن دل على شىء، فإنما يدل على اليقين الراسخ  الذى تحقق لدى أئمة علماء الإسلام، مما تقرر فى الشريعة الغراء، من خطورة مطلقة، فيما يتعلق بتكفير المسلم وحرمة دمه، وما يترتب من مفسدة،على الخروج على الحاكم !!!

(4 )  فما وهنوا وماضعفوا:

     وكان الصالح غائباً عن دمشق، فكاتب أعوان الشيطان السلطان، بموقف الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، وحرَّفوا القول وزخرفوه ؛ فغضب الصالحإسماعيلعلىالشيخالعزّ غضبا عنيفا، واعتبِر الملك ذلك الموقف من العز عصيانا وشقّا لعصا طاعته، و جاء كتابه بعزلالشيخبن عبد السلامعن الخطابة،  واعتقاله هو والشيخ ابن الحاجب، فى سنة ثمان وثلاثين وستمائة؛ لأنهماقدأنكرا عليه فعلته، فاعتقلا، وبقيا مدة فى الأعتقال.ثم لما قدم الصالحإسماعيلدمشق، و رأى تأثّر الناس، واضطراب أمرهم ؛ بسبب ما جرى للعز وابن الحاجب  أفرج عنهما. وأمر بإبعاد الشيخ عز الدين ابن عبد السلام وعزله عن الخطابة فى الجوامع، وألزمه بملازمة داره، وألا يفتى، ولا يجتمع بأحد البتة، فاستأذنهالشيخالعز فى صلاة الجمعة، وأن يعبر إليه طبيب أو مزين إذا احتاج إليهما، وأن يعبر الحمام، فأذن له فى ذلك.فأقامالعزّمدة بدمشق ثم فارقهاإلى بيت المقدس،ثم رحل من الشام إلى الديار المصرية[70].

      وهكذا لم يبال العز ابن عبدالسلام بما جره إليه إنكار المنكر، ولا بما أصابه فى سبيل الله عز وجل، فما وهن وما ضعف، فصدق عليه وعلى ابن الحاجب، قول الله تعالى: << وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين >> [71].

(5 ) العالم الصوفى ونفسه الأبية:

     بعد أن ترك العز دمشق ورحل إلى بيت المقدس، وجاء الصالح إسماعيل حاكم دمشق، والملك المنصور حاكم حمص، وملوك الفرنج بعساكرهم وجيوشهم إلى بيت المقدس، يقصدون الديار المصرية،رأى الصالح إسماعيل أن يستميل الشيخ العز ابن عبدالسلام بالترغيب والترهيب ؛ فأرسل إليهبعض خواصهبمنديله، وكلَّفه بملاطفته، وإغرائه بالمناصب والمال،وقال له: " تدفع منديلى إلى الشيخ، وتتلطف به غاية التلطف، وتستنزله وتَعدُه بالعود إلى مناصبه على أحسن حال، فإن وافقك فتدخل به عَلىَّ، وإن خالفك فاعتقله فى خيمة إلى جانب خيمتى"فاجتمع رسولُ الصالح إسماعيل بالشيخ، شرع فى مسايسته وملاينته، ثم قال له بينك وبين أن تعود إلى مناصبك وما كنت عليه وزيادة، أن تنكسر للسلطان وتقبِّل يده لا غير، فقال له بإباء العالم ويقين الصوفى المحقق: " والله يا مسكينُ، ما أرضاه أن يُقبِّل يدى، فضلا أن أقبِّل يده، يا قوم، أنتم فى وادٍ، وأنا فى وادٍ، والحمد لله الذى عافانى مما ابتلاكم به "

فقال له: قد رسم لى إن لم توافق على ما يُطلب منك وإلا اعتقلتك

فقال له بثقة العارف بالله المتوكل عليه: " افعلوا ما بدالكم ".

فأخذه واعتقله فى خيمة إلى جانب خيمة السلطان.وكان الشيخ يقرأ القرآن وهو فى معتقله، والملك الصالح يسمعه، فقال يومًا لملوك الفرنج: " تسمعون هذا الشيخ الذى يقرأ القرآن ؟ "
قالوا: نعم.
قال:" هذا أكبر قسوس المسلمين، وقد حبسته لإنكاره علىَّ تسليمى حصون المسلمين، وعزلته عن الخطابة بدمشق، وعن مناصبه، ثم أخرجته، فجاء إلى القدس، وقد جدَّدت حبسه واعتقاله لأجلكم ".
فقالت له ملوك الفرنج: " لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه، وشربنا مرقته !!! "[72]

     ثم جاءت العساكر المصرية، وعندما تقابل العسكر انساقت عساكر الشام إلى عساكر مصر طائعة، ومالوا جميعاً على الفرنج، ونصر الله تعالى الأمة المحمدية، وقتلوا عساكر الفِرنج، وأسروا منهم خلقاً لا يحصون، وبهؤلاء الأسرى عمر الملك الصالح نجم الدين قلعة الروضة، والمدارس الصالحية بالقاهرة.ونجى الله سبحانه وتعالى الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، فجاء إلى الديار المصرية، فأقبل عليه الملك الصالح نجم الدين أيوب رحمه الله، وأكرمهوولاه خطابة جامع عمرو بن العاص بمصر، وقلده قضاء مصر والوجه القبلى [73].

 الموقف الجهادى الثانى "بائع الملوك و الأمراء     : "

     لما تولى الملك الصالح نجم الدين أيوب حكم مصر، كان مهيباً، دبر المملكة على أحسن وجه، وعمر قلعة بالروضة، واشترى ألف مملوك وأسكنهم بها، وسماهم  بالمماليك البحرية، وهو الذى أكثر من شراءالمماليكالترك، وجعل كثيرا منهم أمراء ؛ استعملهم فى خدمته وجيشه، وتصريف أمور الدولة،ولم يسلك أحد قبله ذلك المسلك[74].

     وكان أول ما لاحظه العزابن عبد السلام رضى الله تعالى عنه وأقلقه، بعد توليه القضاء فى مصر، ما وجده من زيادة نفوذ هؤلاء الأمراء المماليك فى البلاد وتعاليهم على الشعب، وقيامهم وهم مملوكون لغيرهم، بالبيع والشراء وقبض الأثمان والتزوّج من الحرائر، وهو ما يتعارض مع الشرع الإسلامى [75].   

الرجولة الإيمانية لسلطان العلماء:

     فكر العز ابن عبد السلام فى أمرهؤلاء المماليك وفى حالهم، فلم يثبُت عنده أنهم أحرار، وأيقن أن حكمهم حكم الرقيق، وأن حكمَ الرِّق مستصحَبٌ عليهم لبيت مال المسلمين ؛ إذ هم فى الأصل عبيد، ومن ثمَّ لا يحق لهم ما يحق للأحرار[76]. ويجب شرعاً بيعهم كما يباع الرقيق، ووضع أموال بيوعهم فى بيت مال المسلمين.وعلى هذا الأساس، أفتى الشيخ أنه لا يصح لهم بيع ولا شراء ولا زواج ولا طلاق ولا معاملة، حتى يباعوا ويحصل عتقهم بطريق شرعى ؛ وأصر على ألا يمضى لهم بيعاً أو شراء، أو يَصَحِّحَ لهم نِكاحا، وأبطل تصرفاتهم ؛ لأن المملوك لا ينفُذُ تصرُّفُه شرعاً؛ فتعطّلت مصالحهم بذلك، واحتدم الأمر[77]

غضب أمراء المماليك: 

    لما بلغ المماليك فتوى الشيخ فيما يتعلق بأمرهم ، ضايقهم ذلك، و تعطّلت مصالحهم، وعظُم الخطبُ عندهم، وكان من جملتهم نائب السلطنة، فانزعج النائب واستشاط غضبا ؛ فاجتمعواوأرسلوا إلى الشيخ ابن عبد السلام، فقال لهم: نعقد لكم مجلساً، وننادى عليكمفى السوقلبيت مال المسلمين،ومن يشتريكم يعتقكم، ويحصل عِتقُكم بطريق شرعى،فراجعوه فقال: لابد من إصلاح أمركم بأن يعقد لكم مجلس فتُباعوا فيه، ويردَّ ثمنكم إلى بيت مال المسلمين، فلما سمعوا هذا الحكم ازدادوا غيظاً وقالوا: كيف يبيعنا هذا الشيخ ونحن ملوك الأرض؟!. ومن ثمَّ  تألّبوا عليه وشكوه إلى الملك الصالح نجم الدين [78].

تحيز السلطان لأمراء المماليك:

   رفع أمراء المماليك الأمر إلى الملك نجم الدين أيوب. الذى لم تعجبه بدوره فتوى العزّ، وغضب من هذه الفتوى ؛ نظرا لاعتماده الكامل على المماليك فى توطيد أركان مملكته وجيوشه، وقال: ليس هذا من اختصاص الشيخ، وليس له به شأن! وجرت من السلطان كلمة فيها غِلظة حاصلها الإنكار على الشيخ فى دخوله فى هذا الأمر، وأنه لا يتعلق به. ومن ثمَّ بعث السلطان إلى الشيخ عز الدين ابن عبد السلام ؛ وأمره أن يعْدِل عن فتواه، فلم يأتمر بأمره، ولم يرجع عن فتواه، بل طلب من الملك ألا يتدخل فى القضاء ؛ إذ هو ليس من شأن السلطان،وفى محاولة أخرى من جانب السلطان، أرسل إلى الشيخ عز الدين، نائب السلطنة بالملاطفة فلم يفد ذلك فيه، ولم يرجعه عن فتواه [79].

شجاعة و ثبات سلطان العلماء:

    كرد فعل لثبات الشيخ ابن عبد السلام على فتواه، ثار نائب السلطان، الذى كان مملوكا، وذهب في جماعة من الأمراء المماليك إلى بيت الشيخ يريدون قتله، ولما جاء إلى بيت الشيخ والسيف مسلول فى يده، قال: والله لأضربنَّه بسيفى هذا، وطرق الباب، فخرج ولد الشيخ " عبد اللطيف" فرأى من نائب السلطنة ما رأى، ففزع وخاف، وعاد إلى أبيه، وشرح له الحال، ونصحه بأن لا يتعرض للأمراء خشية بطشهم، فما اكترث أبيه لذلك، ولا تغير،وقال: يا ولدى أبوك أقل من أنيُقتل في سبيل الله، ثم خرج فى شجاعة منقطعة النظير، كأنه قضاء الله قد نزل على نائب السلطنة، فحين وقع بصره على النائب، يَبِست يدُ النائب وسقط السيف منها وأُرعِدَت مفاصِلُه، فبكى وسأل الشيخ أن يدعو له [80].

كرامة سلطان العلماء:

     لما علم الشيخ عزالدين ابن عبد السلام رضى الله تعالى عنه بتحيز الملك نجم الين أيوب لأمراء المماليك، وامتناعه عن تنفيذ حكم الله عز وجل فيهم، غضب الشيخ وعزل نفسه عن القضاء، وقرر العودة إلى الشام،و قال: « ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها » إشارة منه إلى الآية القرآنية. وما لبث أن قام فجمع أمتعته، وحمل حوائجه على حمار وأركب عائلته على حمار آخر، ومشى خلفهم خارجا من القاهرة قاصدا نحو الشام ، فلم يصل إلى نحو نصف بريد (  ستة أميال) إلا وقد تجمّع أهل مصر حوله، واستعدوا للرحيل معه، ولحقه غالب المسلمين، ولم تكد امرأة ولا صبى ولا رجل يتخلَّف، لا سيما العلماء والصُّلحاء والتجار، فبلغ السلطان الخبر، وجاء من همس فى أذنه: متى ذهب الشيخ ذهب مُلكُك. فخرج الملكبنفسه مسرعاً، ولحق بالشيخ وأدركه فى الطريق واسترضاه وطيَّب قلبه،ووعده أن ينفّذ حكم الله فى المماليك كما أفتى، فوافق الشيخ ورجع، واتقفوا معه أن ينادى على الأمراء بالبيع، فنادى على الأمراء واحداً واحداً وغالى فى ثمنهم،ولم يبعهم إلا بالثمن الوافى،وقبض ما بيعوا به بيده، وردَّت أثمانهم إلى بيت مال المسلمين،و أمر بصرفه فى وجوه الخير،و في مصالح المسلمين ، فتمّ له ما أرادونفّذ الحكم [81]. وعن القومة الكبرى التى قام بها الشيخ عز الدين بن عبد السلام فى بيع أمراء المماليك، وصرف ثمنهم فى مصالح المسلمين، يقول الإمام السبكى رضى الله تعالى عنه: " وهذا ما لم يُسمَع بمثله عن أحدٍ رحمه الله تعالى ورضى عنه "[82] وعن العجائب والغرائب التى اتفقت لسلطان العلماء، فى ولايته للقضاء، يقول الأديب أبو الحسين يحيى بن عبد العزيز الجزار:

سار عبد العزيز فى الحكم سيراً        لم يسره سوى ابن عبد العزيز

عمنــا  حكمــه  بعــدل  وسيــط         شـامل  الورى  ولفـظ  وجيـز[83]

     وقف الشيخ فى هيبة وجلال، ينادى على أمراء الدولة واحدًا بعد واحد، ويغالى فى ثمنهم، حتى إذا ارتفع السعر إلى أقصى غايته وعجز المشترون،  قام السلطان الصالح أيوب بدفع الثمن من ماله الخاص، إلى الشيخ الشجاع الذى أودع ثمنهم بيت مال المسلمين.

     وقد حكم مجموعة من العلماء والمؤرخين بأن هذه الواقعة لميحدث مثيل لها في تاريخ البشرية كلها. ولعل تاريخالإسـلام كله لا يعرف فيه مثل هذا الموقف الجهادى المشرق الذى حصل للعز بن عبد السلام - رحمه الله- رحمة واسعة.

ثانيا: مواقف جهادية مشرقة لسلطان العلماء ضد الغزو المغولى:

سلطان العلماء وأحداث جسام:

  عاصر العز بن عبد السلام أحداثا جساما، توالت على العالم الإسلامى، وعاش مواقف مؤلمة ومريرة ؛ شاهد من خلالها تفكك الدولة الأيوبية الفتية، عندما جزأها أبناء صلاح الدين  بعد وفاته إلى دويلات صغيرة: دويلة فى مصر، ودويلة فى دمشق، ودويلة فى حلب، ودويلة فى حماة، ودويلة أخرى فى حمص. وأثر فى نفسه ما نشأ بين حكام هذه الدويلات، من نزاع وحروب واستعانة بأعداء الأمة، وأزعجه توالى وتدافع الحملات الصليبية على فلسطين ومصر، كما راعَه هجوم الجحفال المغولية الهمجية على الخلافة العباسية في بغداد، وتدميرها للمدن الإسلامية، وتحفزهم  للانقضاض على بلاد الشام ومصر. 

       ففى سنة 656هـ، اندفعت جيوش هولاكو كالجراد، فدمروا بغداد، التى كانت آنذاك عاصمة الدولة الإسلامية وحاضرة الدنيا،  وألقيت المخطوطات والكتب فى نهر دجلة، حتى أسودّ ماؤه، وداهموا البلاد الشامية، ولم يبق من ديار الإسلام إلا مصر.وعظم خطرهم على العالم الإسلامى، وجَبَُن الناس عن ملاقاتهم وحربهم.

     لم يكن سلطان العلماء رضى الله تعالى عنهمعزولا عن واقع أمته وهمومها، والتحديات التى تتهددها، خاصة إذا كان هذا التحدى يتعلق بأمر الجهاد فى سبيل الله تعالى.ففيما يتصل بجهاد الحجة والبيان، صنف كتابا سماه  " أحكام الجهاد " تكلم فيه عن الجهاد وأحكامه وما يتعلق بهوفضله، وفيما يتصل بجهاد السيف والسنان،لم يتردد سلطان العلماء رضى الله تعالى عنه، فى الدعوة إلى الجهاد بالسيف، والمشاركة فى الإعداد له، عندما  يستفحل الخطر، ويهدد أعداء الدين بلاد المسلمين وأرضهم وأنفسهم وأموالهم، فاههو ذا نجده يلبى دعوة السلطان المظفر سيف الدين قطز،الذى تولى حكم مصر، وهو آنذاك فى الثمانين من عمره ؛ لإبداء المشورة فى قتال المغول، ودعوة المسلمين للجهاد،وبيان الحكم الشرعى فى ذلك، بعدما استفحل خطرهم ، وجاءت رسلهم بالتهديد والوعيد.

    لقد نال الجهاد أهمية بالغة فى وعى ووجدان الشيخ عز الدين بن عبدالسلام ؛ فكان يدعو إليه، ويكتب عنه فى كتبه ورسائله، وجاءت مصنفاته زاخرة بالحديث عنه؛ فهو القائل فى رسالة الاعتقاد: " الجهاد ضربان: ضرب بالجدل والبيان، وضرب بالسيف والسنان"[84] وهو القائل: " فإنا نزعم أنّا من جملة حزب الله وأنصار دينه وجنده، وكل جندى لا يخاطر بنفسه فليس بجندى "[85] والقائل أيضا: "والمخاطرة بالنفوس مشروعة في إعزاز الدين ؛ ولذلك يجوز للبطل من المسلمين أن ينغمِر فى صفوف المشركين... ومن قال بأن التَّغرير بالنفوس لا يجوز، فقد بعُد عن الحق ونأى عن الصواب"[86].

المغول: فظائع ودمار:

 لن يتسنى لنا إدراك الدور البارز والأثر البالغ لسلطان العلماء فى جهاد وصد الغزو المغولى، حتى نقف على حقيقة المغول، ومدى ما ألحقوه بالبشرية  وديار الإسلام من أهوال ودمار.

      لا نعدم الدليل، على أنالمغولاتصفوا بالقسوة والهمجية والتخلف، والتعطش لسفك دماء الأبرياء، وكانوا متعالين على غيرهم ، فيهم كبر، وفيهم غطرسة، ينظرون إلى من سواهم نظرة ملؤها الاحتقار والازدراء ، لهذا عدوا اعتداءهم وبغيهم على غيرهم من البشر  شيئا غير منكر، بل غالوا فعدوه جزاء عادلا، ولقد بلغواالغاية فى الوحشية، حين أشاعوا الخراب والدمار والقتل فى أراضى المسلمين [87]. حتى أنالجوينى المؤرخ الفارسى، ذكر أن البلادالإسلامية التى اكتسحها المغول، لم يبق بها واحد من ألف من سكانها الأصليين [88].

     من هنا أجمع المؤرخون على أن المغول كانوا قساة القلوب وحشيى الطباع، وأنهم كانوا كالإعصار المدمر، لم يسلم إنسان ولا حيوان ولا زرع من ضرهم وأذاهم، لا يختلف فى ذلك مؤرخو الشرق عن مؤرخى الغرب، ولا مؤرخو العصور الوسطى عن مؤرخى العصور الحديثة [89].       

      فبخصوص ما ذكره مؤرخو الشرق فى العصور الوسطى عن فظائع المغول، يمكن أن نتخذ له مثلا، ما ذكره الحافظ عز الدين أبو الحسن على بن محمد بن الأثير، حين وصف مجىء المغول إلى بلاد الشام، فقال: " الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى، التى عقمت الأيام والليالى عن مثلها، عمت الخلائق وخصت المسلمين ؛ فلو قال قائل أن العالم منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن، لم يبتل بمثلها، لكان صادقا ؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها وما يدانيها، ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث، ما فعله بختنصر ببنى إسرائيل من القتل وتخريب البيتالمقدس، وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعين من البلاد، التى كل مدينة منها أضعاف البيت المقدس، وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى من قتلوا، فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من بنى إسرائيل. ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة، إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا إلا يأجوج ومأجوج، وأما الدجال فإنه يبقى على من اتبعه، ويهلك من خالفه، وهؤلاء لم يبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، لهذه الحادثة التى استطار شررها وعم ضررها فى البلاد، كالسحاب استدبرته الريح [90].

     و نجد السبكى صاحب طبقات الشافعية الكبرى، بعد أن يصف الاجتياح المغولى لديار الإسلام، بأنه كان بمثابة الواقعة التى ما سطر مثلها المؤرخون، والمصيبة التى ما عاينها الأولون، والداهية التى ما خطرت ببال، والكائنة التى تكاد ترجف عندها الجبال، يقرر أنه ليس هناك أعجب وأبلغ من قول ابن الأثير فى الكامل، حين ذكر حادثة الزحف المغولى على ديار الإسلام، فقال: " والله لا أشك أن من يجىء بعدنا، إذا بَعُدَ العهد، ورأى هذه الحادثة مسطورة، ينكرها ويستبعدها، والحق فى يده، قال: فمن استبعدها، فلينظر أننا سطرناها فى وقت، يعلم كل من فيه هذه الحادثة،  قد استوى فى معرفتها العالم والجاهل لشهرتها،يسر الله للمسلمين من يحوطهم بمنه وكرمه " [91].

     ونجد أيضا، ياقوت وهو يصف الأقاليم التى اكتسحتها جيوش المغول فى إحدى رسائله، فيقول: " وأمست تلك الأوطان مأوى للأصداء والغربان، يتجاوب فى نواحيها البوم ، ويتناوح فى أراجيها الريح السموم، يستوحش فيها الأنيس، ويرثى لمصابها إبليس" [92]

     ولم تختلف نظرة مؤرخى أوروبا فى العصور الوسطى، عن نظرة مؤرخى الشرق السابقين حيث نظروا إليهم كعوامل فساد فى الأرض، فهذا "روجر بيكون" Roger Baconاعتبرهم جنود المسيح الدجال  Antichrist، وذلك القس "جون الكربينى" JOHN OF CARPIN  يعتبرهم بقايا القبائل العشر، التى حاول الإسكندر الأكبر عزلها فى الجبال، التى بقرب بحر قزوين [93].

     أما المؤرخون المحدثون، فلا يختلفون عن السابقين فى هذه الناحية، فقد جاء فى مجموعة كمبردج التاريخية ، أن المغول لم يكونوا ممن يهمهم إنماء بذور الحضارة بالتعاون مع الآخرين، وأن جل همهم كان التوسع والغزو، كما أن العالم عرفهم محاربين خربوا البلاد وقتلوا العباد.

     وهم وإن فتحوا الطرق ما بين غربى أسيا وشرقيها، لم يفيدوا التجارة بشىء ؛ لأن البلاد التى اكتسحوها وخربوها لم يبق بها شىء يتبادله الناس  [94] !!!

حتى أن " دوسون " المعجب بهم، لم يجد بدا من الإقرار بالحقيقة، فذكر أن المغول: " فاقوا فى قسوتهم أشد الناس، فكانوا يقتلون فى الأقاليم التى يفتحونها الرجال والنساء والأطفال، ويحرقون المدن والقرى، ويحولون الأرض العامرة إلى صحار [95].

      وقد كان ممكنا، أن نفرض أن التاريخ جَسَّمَ مظالمهم، لو لم يكن المؤرخون فى جميع الأقطار، قد اتفقوا على هذه المسألة [96].

     وتظهر قسوة المغول بوضوح، فيما كانوا يعاملون به أعدائهم، فقد كانوا حين ينتصرون، لا يتركون على قيد الحياة عظيما ولا حقيرا، ولا كبيرا ولا صغيرا، ولا امرأة ولا طفلا رضيعا، كما أنهم إذا أرادوا أن يحتفظوا بالأسرى، ربطوهم من أرجلهم تحت بطون الخيل. ولم تكن تلك القسوة عرضية فيهم، بل كانت متأصلة فى نفوسهم ، تظهر جلية فى طريقتهم فى ذبح الحيوانات ؛ إذ كانوا يفتحون بطنها، ويقبضون على قلبها، ويجرونه ليقتلوها، وقد ذكر ذلك القلقشندى، فقال: " ومن معتقدهم فى ذبح الحيوان، أن تلف قوائمه، ويشق جوفه، ويدخل أحدهم يده إلى قلبه، فيمرسه بيده، حتى يموت، أو يخرج قلبه!!!  " [97].

    وليت الأمر وقف عند هذا الحد من القسوة، بل إن" فنسنت أف بوفيه " حين يقرر أن: بين التتار من إذا هرم أبوه، أعطاه مادة دهنية – مثل ذيل شاة – ليأكلها فتضغط عليه وتخنقه، وأنهم كانوا عندما يموتون، يحرقون أجسادهم، ويجمعون بقاياها ؛ ليرشوا من مسحوقها على طعامهم، عندما يتناولون الطعام كل يوم. وبذلك يقدم لنا أكبر دليل على قسوتهم وتحجر قلوبهم [98].  

المغول: رعب شائع وهلع خالع:

    دخلت سنة سبع وخمسين وستمائة وعظمت الأنباءعن فظائع جيوش المغول، التى انهزمت أمامها، الجيوش الخوارزمية والأرمينية والكرجية والعباسية، وذُبِحت على أيديهم الملايين المسلمة.و جاءت الأنباء بتحرك قواتهم نحو البلاد الشامية، وعبورهم نهر الفرات لغزو بلاد الشام ؛ فاضطربت البلاد الشامية، وخاف الناس بدمشق خوفا كثيرا[99].

        ولما دهمت القوات المغولية البلاد الشامية،  وسيطروا على ممالك الأمراء الأيوبيين فىدمشق وحلبوأكثربلاد الشام، ووصلوا إلى غزة جنوب فلسطين، عم الرعب والخوف سائر أرجاء البلاد، فهرب الناس باتجاه الاراضى المصرية،وسيطر على وعيهم حالة من الذعر والهلع، نتيجة ما شاهدوه من الأهوال، وبسبب ما حل بهم وببلادهم من الدمار والخراب والهلاك. وقد ملأ الرعب قلوب المصريين، بعد أنْ أصبح المغول على أبواب بلادهم، وجَبُن الناس عنهم.. حتى شاعت آنذاك كلمات تتداولت بين العامة والخاصة مؤداها: " إذا أخبرك أحد أن التتار يُهزمون فلا تصدقه "  ولعل هذه المقولة تعكس إلى حد كبير، الأحوال النفسية التى عاشها المسلمون إبان الغزوالمغولى[100].

     وعندما جاءت رسل المغول حاملين إنذارا من زعيمهم هولاكو يفيض بالتهديد والوعيد، عقد السلطانسيف الدين قطز على الفور، مجلسا للحرب والمشورةفى دار السلطنة بقلعة الجبل،فى  سنة سبع و خمسين وستمائة  من الهجرة المشرفة، ودعا إليه الأمراء والقادة، وجمعفيهكبار العلماء والفقهاء والقضاةوالأعيان[101]؛ وحضر القاضى بدر الدين السنجارى قاضى القضاة بالديار المصرية، و سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام ؛ وذلك  لمشاورتهم فيما يُعتمد عليه فى أمر قتال التتار،من النظر فى مشروعية الحرب، وتعبئة الجنود، وإعلان النفير العام و وتحضير الأموال اللازمة ؛ لتأمين الأسلحة والذخائر[102]،وتجهيز الجيش، ودفع رواتب الجند،وتفاوضوا الكلام فيما يتعلق بأخذ شىء من أموال العامة لمساعدة الجند، ونفقتها فى العساكر،  وأن يؤخذ من الناس ما يستعان به على جهادهم، وتجهيز كتائب المسلمين[103]. و كان سلطان العلماء هو المشار إليه فى الكلام، وكان الاعتماد على فتواه وماذهب إليه من رأى[104].

    وكان حاصل فتواه، وخلاصة ما قاله: إنهإذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب على الإمام والمسلمين قتالهم، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به علىجهادكم لدفع الأعداء ؛ بشرط ألا يبقى فى بيت المال شىء، وتبيعوا مالكم من الحوائص[105] المذهبة، والآلات النفيسة،ونحوها من الزينة، ويقتصر كل الجند على مركوبه وسلاحه، ويتساووا هم والعامة، وأما أخذ الأموال من العامة، معبقاء ما فى أيدى الجند من الأموال والآلآت الفاخرة فلا،إلا أنه إذا دهم العدو البلاد، وجب على الناس كافة دفعه بأموالهم وأنفسهم [106].

     انصاع سيف الدين قطز لفتوى العز بن عبد السلام على الفور، وبدأ بنفسه وباع كل ما يملك، وأمر الوزراء والأمراء والجند أن يفعلوا ذلك ؛ فانصاع الجميع وامتثلوا أمره، وأحضروا كافة ما يملكون من حُلِى نسائهم وأموالهم،بين يدى الشيخ، وكان الشيخ له عظمة عندهم وهيبة، بحيث لايستطيعون مخالفته، وأقسم كل واحد منهم أنه لا يملك شيئا فى الباطن، وذلك طواعية دون إرغام أو تهديد، وإنما إستجابة لرأى الشريعة. وجُمِعَت هذه الأموال وضُربَت سكاً ونقداً وأُنفقت فى تجهيز الجيش [107].

    بيد أن هذه الأموال لم تكف نفقة الجيش، فاستعان السلطان سيف الدين قطز بالرعية بعد أن تساووا جميعا، وفرض جملة إجراءات من أجل توفير المال اللازم للحرب،  فقرر على كل رأس من أهل مصر من كبير وصغير دينارا واحدا، وأخذ من أجرة الأملاك شهرا واحدا، وأخذ من أغنياء الناس والتجار زكاة أموالهم معجلا، وأخذ من التِرك الأهلية ثلث المال، وأخذ من الغيطان والسواقى أجرة شهر واحد، وبلغ جملة ما جمعه من الأموال أكثر من ستمائة ألف دينار[108]. فجمع بذلك الأسلوب الفريد المال الحلال الذى لا ظلم ولا عدوان فيه. ومن ثمَّ كانت الأموال التى أنفقها المسلمون فى حرب التتار فى موقعة عين جالوت، أموالاً طيبة أسهمت فى تحقيق النصر المبين[109].

      إن ما قام به سيف الدين قطز من الاستماع لرأى الشيخ العز بن عبد السلام ثم تنفيذه، ترتب عليه شحنة معنوية قوية، شحذت همم الناس للجهاد، وبذل الغالى والنفيس فى سبيل الله عز وجل، ويمكن القول أن تلك الفتوى التى أصدرها العز بن عبد السلام، فى ذلك الوقت الذى كان الشرق الإسلامى بلا خلافة شرعية، أدت الدور نفسه الذى كانت الخلافة ستؤديه فيما لو كانت قائمة ؛ حيث كانت فتواه تلك بمثابة سلطة روحية، ساعدت السلطان المظفر فى الحصول على استجابة عامةالمسلمين بدفع ما قرره عليهم من أموال، مستشعرين بأن ذلك واجب يفرضه عليهم دينهم الحنيف،ومن ثمَّتنزَّل نصر الله تعالى على عباده المؤمنينفى عين جالوت[110].

     يتبين مما تقدم، أن المسلمين ما كانوا يوافقون على فعل شىء أو دفع ضريبة، إلا إذا أقرها علماء الإسلام، وأصدروا الفتاوى الشرعية بجوازها، من جهة أخرى، كان ولاة الأمور بدورهم  ملتزمين بتنفيذ ما يصدر عن العلماء من فتاوى، وكان السلطان سيف الدين قطز، على وجه الخصوص، يحترم ويقدر وينفذ فتاوىالعلماء، وكان يستعين بهم ويطلب مشورتهم فى النوازل.ويأتى على رأس هؤلاء العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام، الذى كانت له عظمة عندالسلاطين وهيبة، بحيث لا يستطيعون مخالفة أمره وفتواه[111]. وهذا يدلنا على مدى تعظيم كافة المسلمين آنذاك لأمر الشريعة، وخضوعهم  لسلطانها [112].

    وهكذا نجد أن سلطان العلماء قام بدوركبير فى توعية المسلمين بالأخطار المحيطة بهم، وحث الناس على إجابة نداء الجهاد، وبيَّن لهم أحكام الله تعالى فى الجهاد، و مدى مشروعية الاستعانة بأموال العامة فى نفقة الجيش ؛ حتى تصبح حلالا طيبا، لا ظلم ولا عدوان فيها، مما جعل  الناس يشعرون بقيمة العدل، التى أسهمت بدورها فى جعل روح جديدة من الأمل تسرى فى كيان الشعب، وذلك بفضلالفتوى الفذة التى أفتى بها الشيخ العز بن عبد السلام. ومن ثمَّ كانت من أهم أسباب انتصار المسلمين على المغول فى عين جالوت[113].

 


[1]ولد العز ابن عبد السلام تحديدا، فى بلدة  كفرالماءفى محافظة أربد شمال الأردن، وكانت فى ما سبق من أعمال دمشق، وهذا يفسر لنا ما تذكره بعض الكتب من أنه ولد فى دمشق، والأقرب إلى الصواب أنه ولد فى بلدة كفرالماء، وقد ذكر ذلك مجبر الدين الحنبلى فى كتابة ( الأنس الجليل فى تاريخ القدس والخليل.

  [2]السبكى (عبد الوهاب بن على بن عبد الكافى):طبقات الشافعية الكبرى،ج8، ص1.4؛ وأيضا:ابن قاضى شهبة: طبقات الشافعية،  ج1، ص1.6.

[3]انظر:السيوطى: حسن المحاضرة فى أخبار مصر و القاهرة، ج1، ص1.1،.1.2

[4]انظر: المصدر نفسه،ج2،ص269.

[5]هو أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقى، الملقب فخر الدين، المعروف بابن عساكر، شيخ الشافعية بالشام، وفقيه زمانه، وهو ابن أخى الحافظ أبى القاسم على بن عساكر، صاحب (تاريخ دمشق) كان محدثًا صالحًا، زاهدًا كثير التهجد، حسن الخَلق والخُلقُ، كثير الأدب والذكر، منقطعًا للعلم والعبادة، وجمع بين العلم والعملسلك طريق أهل اليقين،وهو من أسرة اشتهرت بالعلم والفضل والحفظ، عرضت عليه مناصب وولايات دينية فأباها، وطلب للقضاء فامتنع، كان قويًّا في الحق لا يهاب سطوة ظالم، ولا يسكت على منكر أو مخالفة للشرع، أنكر على الملك المعظم بيع الخمور بــ (دمشق)؛ فمنعه من التدريس في أهم المدارس،توفى فى رجب سنة عشرين وستمائة، ودفن فى طرف مقابر الصوفية.

لازمه العز كثيرًا، وأخذ منه الفقه والحديث، وتأثر به فى علمه وأخلاقه وسلوكه.انظر:ابن خلكان(أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر): وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان،تحقيق إحسان عباس، دار صادر – بيروت، طبعة1971م، ج3ص135 ؛ وأيضا: ابن قاضى شهبة: طبقات الشافعية، ج1ض7..

[6]هو على بن أبى على بن محمد بن سالم الثعلبى، أبو الحسن المعروف بسيف الدين الآمدى، أحد أذكياء العالم،ولد بمدينة (آمد)  بعد الخمسين وخمسمائة بيسير، قرأ بها القرآن، ثم قَدِم (بغداد) فقرأ فيها القراءات، وقرأالهداية على مذهب الإمام أحمد. ثم تحول شافعياً وصحب أبا القاسم بن فضلان، وبرع عليه فى الخلاف، وتفنَّن فى علم النظر، وأحكم الأصلين والفلسفة وسائر العقليات، ثم دخل مصر وتصدَّر للإقراء وتخرَّج به جماعة، ثم وقع التعصَّب عليه؛ فخرج من (القاهرة) متخفيًا ثم قدم (دمشق) ودرس بالمدرسة العزيزية، له تصانيف تربو على العشرين، كلها منقَّحة حسنة،ومن تصانيفه المشهورة: (أبكار الأفكار) فى أصول الدين، و(الإحكام فيأصول الأحكام) فى أصول الفقه. وقد درس عليه العزُّ ابن عبد السلام الأصول، واستفاد منه كثيرًا وتأثر به، ويبدو ذلك فى كتاب العزّ (قواعد الأحكام فى مصالح الأنام) وكان من المعجبين به، وبطريقة تدريسه ومناظرته، وقد نقلت عن العزّ عبارات تشيد بذلك، منها قوله: «ما علمنا قواعد البحث إلا من سيف الدين الآمدى» وقوله أيضا: «لو ورد على الإسلام متزندق يشكِّك، ما تعيَّن لمناظرته غير الآمدى؛ لاجتماع أهليَّة ذلك فيه» ولما توفى سيف الدين الآمدى بدمشق سنة (631هــ) خرج الإمام العزابن عبد السلام فى جنازته، وحضر دفنه فى سفح جبل قاسيون.انظر: ابن قاضى شهبة: طبقات الشافعية، ج1، ص77.وأيضا: السبكى: طبقات الشافعية الكبرى،ج8،ص177

[7]ابن طبرزد (516 - 6.7 هـ) عمر بن محمد بن معمر بن يحيى ابن أحمد بن حسان، أبو حفص، ابن طبرزد، الدارقزي، البغدادي: كان شيخ الحديث في عصره. حدث ببغداد وباربل والموصل وحران وحلب ودمشق وغيرها. صنف " مسند الإمام عمر بن عبد العزيز " من روايته. لقيه الحافظ المنذرى بدمشق، وسمع منه كثيرا من الكتب الكبار والأجزاء والفوائد، وقرأ عليه (سنة 6.3 هـ) الغيلانيات وهى 11 جزء، وجمع له الحافظ أبو عبد الله محمد بن سعيد " مشيخة " فى جزأين. نعته ابن قاضى شهبة بالمستند الكبير، وقال: الطبرزد، هو السكر. وقال العسقلانى: مسند الشاميين.وقال ابن العماد: مسند العصر. توفى ببغداد فى سنة ( 6.7 هـ). انظر:الأعلام للزركلى،ج5،ص61.              

[8]السيوطى:حسن المحاضرةفى أخبار مصر و القاهرة، ج1ص1.1،.1.2

[9]السيوطى:حسن المحاضرةفى أخبار مصر و القاهرة،ج1 ص1.1.

[10]السبكى:طبقات الشافعية الكبرى،ج8 ص149.

[11]المصدر نفسه، ج8، ص1.3.

[12]المصدر نفسه، ج8،  ص1.3.

[13]قال الشيخ تاج الدين السبكى: ولم أر أحدا من أشياخنا يختلف فى أن ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس المائة السابعة، المشار إليه فى الحديث؛ فإنه أستاذ زمانه علما ودينا.السيوطى: حسن المحاضرة فى أخبار مصر و القاهرة،ج1 ص1.3.

[14]ابن دقيق العيد(أبو الفتح، تقى الدين محمد بن على بن وهببنمطيع القشيرى المنفلوطى:  625هـ - 7.2هـ) مفسر، محدث، شاعر، أديب، له مؤلفات كثيرة منها الإلمام بأحاديث الأحكام، وهو الذى لقَّب الشيخ عز الدين "سلطان العلماء"انظر: السيوطى:حسن المحاضرة في أخبار مصر و القاهرة،ج1 ص1.2 ؛ وأيضا: السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج 8، ص1.4

[15]السيوطى:حسن المحاضرة فى أخبار مصر و القاهرة،ج1 ص1.2 ؛ وأيضا: السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج 8، ص1.4.

[16]السيوطى:حسن المحاضرة فى أخبار مصر و القاهرة،ج1 ص1.2.

[17]انظر فى ذلك: السبكى: طبقات الشافعية الكبرى،ج8، ص1.3 ؛ وأيضا: السيوطى:حسن المحاضرة فى أخبار مصر و القاهرة،ج1 ص1.8.

[18]انظر:ابن حجر العسقلانى: رفع الإصر عن قضاة مصر، ج1، ص1.3 ؛ وأيضا:

 الصفدى: الوافى بالوفيات، ج6، ص186.

[19]انظر فى ذلك: السيوطى: حسن المحاضرة، ج1، ص1.1،1.2  ؛ وأيضا: ابن قاضى  شهبة:    طبقات الشافعية، ج 1، ص7..   

[20]العز بن عبد السلام: الفتا وى،  ص139 وما بعدها.

[21]المصدر نفسه، ص138 وما بعدها.

[22]العز بن عبد السلام:  قواعد الأحكامفى مصالح الأنام،ج 2،  ص212. 

[23]المصدر نفسه،ج 2،  ص394.

[24]العز بن عبدالسلام:قواعد الأحكام، ج2، ص393.

[25]السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج8، ص1.8.

[26]انظر: على محمد الصلابى: الأيوبيون بعد صلاح الدين، ص466.

[27]العز بن عبدالسلام:مسائل الطريقة في علم الحقيقة ص 37.

[28]انظر: على محمد الصلابى: الأيوبيون بعد صلاح الدين، ص464.

[29]هو الإمام العارف أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الله بن عمويه بن سعيد بن الحسن السهروردى، ينتهى نسبه إلى أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه، ولد سنة (539هــ) بــ (سهرورد) وقدم (بغداد) فصحب عمهالشيخ أبا النجيب رضى الله تعالى عنه، وأخذ عنه التصوف والوعظ، وسمع الحديث على شيوخ عصره، وتفقه على علماء (بغداد) كما صحب الشيخ عبد القادر الجيلانى (561هــ) رضى الله تعالى عنه ؛ فكانفقيهاً عالمًاشافعى المذهب،وصوفياً فاضلًا، ومحدثًا حافظًا، وعابدًا زاهدًا. أقبل على الله، وسلوك طريق الآخرة، واستغرق أوقاته بالعبادات والأوراد والأذكار، ولزم باب الله تعالى؛ ففتح الله عز وجل عليه حتى صار أوحد زمانه، وفريد عصره،وشيخ وقته فى علم الحقيقة وإليه المنتهى فى تربية المريدين ودعاء الخلق إلى الخالق،تخرج عليه خلق كثير من الصوفية في المجاهدة، كان كلامه آخذًا بمجامع القلوب، فيحرك مكامنها، من أهم كتبه (عوارف المعارف) الذي انتفع به خلق كثير. من شيوخ العز بن عبد السلام، الذين أثروا به وتأثر بهم ؛ حيث لازمه وأخذ عنه العفة والورع والزهد والتصوف، توفى ببغداد سنة (632هــ). انظر: السبكى: طبقات الشافعية الكبرى،ج8، ص197 ؛ وأيضا:ابن خلكان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ج3، ص 446.

[30]انظر: عبد المنعم قنديل:أبو الحسن الشاذلى زعيم الحياة الروحية فى القرن السادس عشر، نهضة مصر، القاهرة، ص 8.،81.

[31]السيوطى: تأييد الحقيقة العلية، ص59. 

[32]ابن عياد الشافعى: المفاخر العلية، ص44،45 ؛ وأيضا: الشيخ محمد بن السيد حمزة ظافر المدني: (الأستاذ العارف باللَّه الشيخ محمد بن السيد محمد حسن بن السيد حمزة ):الأنوار القدسية في تنزيه طرق القوم العلية، ص28.

[33]ابن مغيزيل الشاذلى (أبو الفضل عبد القادر بن الحسين): الكواكب الزاهرة فى اجتماع الأولياء يقظة بسيد الدنيا والآخرة صلى الله عليه وآله وسلم، دار جوامع الكلم،القاهرة، ص2.8  ؛ وأيضا: الشيخ محمد بن السيد حمزة ظافر المدني: الأنوار القدسية، في تنزيه طرق القوم العلية، ص19.

[34]ابن مغيزيل الشاذلى: الكواكب الزاهرة فى اجتماع الأولياء يقظة بسيد الدنيا والآخرة صلى الله عليه وآله وسلم، ص2.9. 

[35]عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، أبو عمرو جمال الدين ابن الحاجب. فقيه مالكي من كبار العلماء بالعربية. كردى الأصل، ولد في صعيد مصر سنة 57.هـ ، ونشأ في القاهرة، ومات بالإسكندرية سنة 646هـ. انظر:ابن خلكان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ج3، ص248.

[36]المراد به كتاب: «المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز» لابن عطية.

[37]المراد به كتاب:«الشفا فى تعريف حقوق المصطفى» للقاضى عياض.

  [38]ابن الكوهن(أبو على الحسن بن محمد بن قاسم الفاسى المغربى): طبقات الشاذلية الكبرى المسمى جامع الكرامات العلية فى طبقات السادة الشاذلية، تحقيق محمود الجمال، المكتبة التوفيقية، ص44.

[39]ابن الكوهن: طبقات الشاذلية الكبرى، ص 44.

[40]البركة:هى بركة الحجاج: وتقع هذه البركة فى الجهة البحرية من القاهرة، فى موضع خارج القاهرة على ستة أميال، وقيل: على نحو بريد منها، عُرفت أوّلاً بجب عميرة، ثم قيل لها أرض الجب، وعرفت إلى اليوم ببركة الحجاج من أجل نزول حجاج البرّ بها عند مسيرهم من القاهرة، وعند عودهم. قال ابن سيده: البركة مستنقع الماء، أو شبه حوض يُحفر فى الأرض. انظر فى ذلك: المقريزى: المواعظ والاعتبار، ج2، ص325،339،34..

[41]ابن الصباغ: درة الأسرار،ص 34،35.

[42]انظر: ابن عياد الشافعى: المفاخر العلية، ص44 ؛ وأيضا: ابن عطاء الله السكندرى: لطائف المنن، ص48.

[43]هذه المدرسة كانت بخط بين القصرين،أنشأها الملك الكامل الأيوبى، وهى دار الحديث وليس بمصر دار حديث غيرها، وهى ثانى دار عملت للحديث، فإن أول من بنى دار حديث على وجه الأرض، الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى بدمشق، ثم بنى الكامل هذه الدار، وكملت عمارتها فى سنة أحدى وعشرين وستمائة. انظر: السيوطى: حسن المحاضرة، ج2، ص188.

[44]من المساجد التى كان يلقى فيها الشيخ أبو الحسن الشاذلى دروسه، مسجد العطارين بالإسكندرية، ومسجد المقياس بقلعة الروضة باالقاهرة . انظر فى ذلك: حسن السندوبى: أبو العباس المرسى ومسجده الجامع بالإسكندرية، ص 45،47.

[45]  انظر فى ذلك:عبد المنعم قنديل:أبو الحسن الشاذلي زعيم الحياة الروحية في القرن السادس عشر، ص8..

[46]انظر: الشعرانى: لطائف المنن والأخلاق، ج1، ص5. ؛ وأيضا:طه عبد الباقى سرور: الشعرانى والتصوف الإسلامى، مكتبة العلوم مصر، ص25، 28.

[47]طه عبد الباقي سرور:الشعراني والتصوف الإسلامي، ص 28.    

[48]انظر: الشعرانى: لطائف المنن والأخلاق، ج1، ص5. ؛ وأيضا:طه عبد الباقى سرور: الشعرانى والتصوف الإسلامى، ص25، 28.

[49]ابن عياد الشافعى: المفاخر العلية، ص44،45 ؛اليافعي: مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان،ج2، ص193 ؛وأيضا: الشيخ محمد بن السيد حمزة ظافر المدني: الأنوار القدسية في تنزيه طرق القوم العلية، ص28.

[50]طه عبد الباقى سرور:الشعرانى والتصوف الإسلامى، ص7..

[51]الصالح إسماعيل(عماد الدين، أبو الخيش) بن محمد أبى بكر العادل ابن أيوب. من ملوك الدولة الأيوبية.

هو صاحب بعلبك وبصرى، ملك دمشق بعد موت أخيه الأشرف، فلم يلبث أن نازل الكامل أخوه دمشق فأخذها منه، فعاد هو إلى بعلبك، ثم هجم هو والمجاهد صاحب حمص على دمشق وملكها سنة سبع وثلاثين وستمائة، وبدت منه هنات، واستعان بالفرنج على حرب ابن أخيه الصالح أيوب سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وأجرم بتسليمه قلعة الشقيف للفرنج ؛ فمقته المسلمون ثم أخذت منه دمشق سنة ثلاث وأربعين وستمائة وعاد إلى بعلبك، فلم يقر له قرار، والتفت عليه الخوارزمية وتمت له خطوب، فالتجأ إلى حلب وراحت منه بصرى وبعلبك وبقى فى خدمة ابن أخيه الناصر، فلما سار الناصر لأخذ مصر مع الصالح إسماعيل، أُسِرَ الصالح فى من أُسِرَ، وحبس بالقاهرة، وكانت قتلته بالقاهرة سنة ثمان وأربعين وستمائة. قال الخضر بن حمويه: وفى سلخ ذى القعدة من سنة ثمان وأربعين وستمائة. أخرجوا الصالح من القلعة ليلا، ومضوا به إلى الجبل فقتلوه هناك وعفى أثره. وفيه يقول أحمد بن المعلم من السريع:

ضيَّع إسماعيل أموالنا... وخرّب المَعْنى بلا مَعْنى

وراح من جِلِّق، هذا جزا... منَ أفقر الناس وما استغنى.انظر فى ذلك: الصفدى: الوافى بالوفيات، ج3، ص244.

[52]انظر: هامش، ص   من هذا البحث.

[53]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج8، ص137.

[54]المقريزى: السلوك لمعرفةدول الملوك، ص1...

[55]صَفَدُ: بالتحريك، والصفد العطا وكذلك الوثاق، وصفد مدينة فى جبال عاملة المطلة على حمص بالشام، وهى من جبال لبنان.انظر: ياقوت الحموى: معجم البلدان، ج3، ص97.

[56]الشقيف: الشقيف كالكهف، وهناك أكثر من حصن باسم "الشقيف" والمقصود هنا شقيف أرْنُون : وهو اسم رجل، إما رومى وإما إفرنجى؛ وهى قلعة حصينة جدًّا فى كهف من الجبل قرب بانياس من أرض دمشق بينها وبين الساحل. انظر: ياقوت الحموى:معجم البلدان، ج3، ص55.

[57]المقريزى: السلوك لمعرفةدول الملوك، ص1...

[58]انظر: ابن تغرى بردى: النجومالزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، ص73.؛ وأيضا:المقريزى: السلوك لمعرفةدول الملوك، ص1..  

[59]أبو الفداء: تاريخ أبى الفداء، ج2 ص479،48..

[60]أبو الفداء: المختصر في أخبار البشر،ج1، ص428.

[61]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج8، ص 1.5، 137.

[62]الذهبى: سير أعلام النبلاء،ج22، ص136.

[63]المقريزى: السلوك لمعرفةدول الملوك، ص1...

[64]السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج8، ص137؛ وأيضا:المقريزى: السلوك لمعرفةدول الملوك، ص1...

[65]الصفدى: الوافى بالوفيات، ج6، ص186.

[66]السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج8، ص137.

[67]المقريزى: السلوك لمعرفةدول الملوك، ص1...

[68]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج8، ص1.5 ؛ وأيضا: ابن تغرى بردى: النجومالزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، ص73..

[69]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج8، ص1.9.

[70]انظر فى ذلك: السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج 8، ص137 وأيضا:المقريزى: السلوك لمعرفةدول الملوك، ص1...

[71]سورة آل عمران: الآية 146.

[72]انظر فى ذلك: السبكى: طبقات الشافعية الكبرى،  ج8، ص137،138؛ وأيضا: ابن كثير: البداية والنهاية،ج12، ص34.

[73]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج8، ص138، وأيضا:  المقريزى: السلوك لمعرفةدول الملوك، ص1..،1.1.

[74]السيوطى:  حسن المحاضرة فى أخبار مصر و القاهرة،ج1ص219.

[75]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى،ج8، ص1.3.

[76]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى،ج8، ص1.3.

[77]السيوطى: حسن المحاضرةفى أخبار مصر و القاهرة،ج1ص269.

[78] السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج8ص1.3.

[79]السيوطى: حسن المحاضرةفى أخبار مصر و القاهرة،ج1ص269.

[80]السيوطى: المصدر نفسه، ج1، ص269.

[81]السيوطى: حسن المحاضرةفى أخبار مصر و القاهرة،ج1ص269 ؛ وأيضا:السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج8ص1.3.

[82]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج8ص1.3 ؛ وأيضا:السيوطى: حسن المحاضرةفى أخبار مصر و القاهرة،ج1ص219.

[83]السيوطى: حسن المحاضرةفى أخبار مصر و القاهرة،ج1ص269.

[84]السبكى:  طبقات الشافعية الكبرى، ج 8، ص117.

[85]المصدر نفسه، ج 8، ص127.

[86]المصدر نفسه،  ج 8، ص122.

[87]د/ محمد فتحى الشاعر: مصر قاهرة المغول، القاهرة، دار المعارف ، ص3.،.31

[88]انظر: د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى، القاهرة  ن الهيئة العامة للكتاب، الطبعة الثانية 1999، ص.93

[89]انظر: د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ، ص.92

[90]السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج 1 ص236 وأيضا:  د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ، ص92، 93.

[91]السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج 1 ص237.

[92]د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ، ص93.  

[93]د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ، ص 94

[94]انظر: د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ، ص94

[95]د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ،: ص95.

[96]د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ، ص95

[97]د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ، ص96

[98]د/ مصطفى طه بدر: محنة الإسلام الكبرى ، ص98.

[99]ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، ج2، ص269 ؛وأيضا: د/ فايد حماد محمد عاشور: الجهاد الإسلامى ضد الصليبيين والمغول فى العصر المملوكى، ص99،1...

[100]السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج 8 ص1.9 ؛ وأيضا: د/ فايد حماد محمد عاشور: الجهاد الإسلامى ضد الصليبيين والمغول فى العصر المملوكى، ص1.3 .

[101]ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، ج2ص269 ؛ السيوطى: تاريخ الخلفاء، تحقيق محمد محى الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة – مصر، الطبعة الأولى، 1371هـ - 1952م، ج1 ص4.3 ؛ المقريزى: السلوك لمعرفة دول الملوك، ج1، ص138، 428  ؛ وأيضا:علي محمد محمد الصَّلاَّبِّي :  المغول ( التتار ) بين الانتشار والإنكسار،  ص3.9، 341.  

[102]علي محمد محمد الصَّلاَّبِّي :  المغول ( التتار ) بين الانتشار والإنكسار،ص341.

[103]ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، ج2ص269 ؛ بدر الدين العينى:عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان، ج ، ص  ؛ المقريزى: السلوك لمعرفة دول الملوك، ج1 ص138 ؛ ابن كثير: البداية والنهاية، ج13ص215،216 ؛وأيضا:على محمد محمد الصَّلاَّبِّى  المغول ( التتار ) بين الانتشار والإنكسار،  ص35.،351.

  [104] انظر فى ذلك:ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، ج2ص269 ؛ بدر الدين العينى:عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان، السيوطى: تاريخ الخلفاء، ج1 ص4.3 ؛ المقريزى: السلوك لمعرفة دول الملوك، ج1 ص138  ؛ وأيضا: ابن كثير: البداية والنهاية، ج13ص215،216.

[105]كان من عادة السلطان أنه إذا ركب للعب الكرة بالميدان، فرق حوائص من ذهب على بعض الأمراء المقدمين، يفرق فى كل موكب ميدان على أميرين بالنوبة، حتى يأتى على آخرهم فى ثلاث سنين أو أربع بحسب ما تقع نوبته. القلقشندى (أحمد بن على ): صبح الأعشى فى صناعة الإنشا، تحقيق: د.يوسف على طويل، دار الفكر – دمشق، الطبعة الأولى، 1987، ج4 ص57.

[106]انظر فى ذلك: ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة فى ملوك مصر  والقاهرة، ج2 ص269 ؛ السيوطى: تاريخ الخلفاء، ج1 ص4.3 ؛    بدر الدين العينى: عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان ؛ المقريزى: السلوك لمعرفة دول الملوك، ج1 ص138 ؛ وأيضا ابن كثر: البداية والنهاية، ج13ص215، 216.

[107]علي محمد محمد الصَّلاَّبِّي :  المغول ( التتار ) بين الانتشار والإنكسار،  ص35.،351.

[108](ابن إياس الحنفى المصرى ) محمد بن أحمد: بدائع الزهور فى وقائع الدهور، مطبعة الشعب 196. ج 1، ص3.5.

[109]انظر فى ذلك: المصدر نفسه،  ص35.،351. 

[110]انظر: على محمد محمد الصَّلاَّبِّى: المغول ( التتار ) بين الانتشار والإنكسار، ص3.9.

[111]السبكى: طبقات الشافعية الكبرى، ج 8، ص1.9.

[112] انظر: على محمد محمد الصَّلاَّبِّى :  المغول ( التتار ) بين الانتشار والإنكسار،  ص35.،351. 

[113]انظر فى ذلك: المصدر نفسه،  ص35.،.351


التقييم الحالي
بناء على 74 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث