تعديل النظام المتعلق بتشكيل المجلس والوارد في التنظيمات لعام 1903 ربما قد أعطى الفرصة للبكري للتلاعب بأعضاء المجلس أكثر مما كان متاحًا له في ظل الاتفاق السابق الذي أبرم في عام 1895 . (راجع: @مشيخة الطرق الصوفية - لائحة الطرق الصوفية المعدلة لعام 1903 م @).
إلا أن نتيجة قضية بيت العزازية أحد بيوت الطريقة الرفاعية (راجع: @ الرفاعية - مدخل عام - الوضع العام فى مصر فى القرن 13 هـ@) تبين لنا أن هذه التعديلات لم تسمح للبكري بأن يمنع المجلس الصوفي من تنفيذ الحق الذي منح لهذا المجلس على حساب البكري وفقًا للتنظيمات لعام 1895 ، وهو أن يمنح الشرعية لرئيس طريقة ، هذا بالإضافة إلى أن هاتين المجموعتين من التنظيمات لم تتضمنا أية مواد محددة تهدف إلى تحقيق الإدارة الفعالة للجهاز المنظم للرسامة العليا والفرعية التي شكلتها ، فالحقوق والواجبات الخاصة بمشايخ الطرق لم تكن محددة بوضوح تام ، كما أن المعايير الخاصة بشغل المناصب المختلفة التي خلت بسبب موت شاغليها أو تنحيهم كانت غير واضحة أيضًا وكذلك نجد أن الإجراءات التي تتبع في تسوية الخلافات بين المجموعات والأفراد لم تأخذ شكلًا محددًا بل إن الاحتياجات الأساسية التي تضمن كفاءة الشئون الإدارية والبيروقراطية- مثل حفظ السجلات والمستندات المكتوبة لم تكن من الأمور الإجبارية التي ينبغي الالتزام بها.
ولكي يصلح محمد توفيق البكري من نواحي النقص هذه فإنه صاغ مجموعة من القوانين التكميلية تحت اسم «اللائحة الداخلية للطرق الصوفية» وكان القسم الأول من هذه اللائحة يتضمن فقرات عن عقد المزيد من الاجتماعات المنتظمة للمجلس الصوفي (المادة رقم 1) ، مع التنظيم المتقن للروتين الإداري المصاحب لها والإجراءات القانونية وكانت هذه الفقرات تتعلق بصفة خاصة بالإجراءات التي ينبغي أن يتخذها المجلس عندما يتناول المنازعات التي تعرض عليه (المواد من 2 إلى 8)، وألغى إمكانية الاستئناف (المادة 9).
والجدير بالذكر أن اللائحة الداخلية قد نصت في الفقرة الأولى من المادة2 وفي المادة 5 على أنه في حالة حدوث نزاع فإنه ينبغي على الأطراف المتنازعة أن تتقدم بكافة الوثائق المتعلقة بالموضوع إلى المشيخة أي إلى البكري بينما ينبغي أن تظل محاضر الجلسات الخاصة بالمجلس الصوفي والمتعلقة بأي حالة من حالات النزاع محفوظة تحت يدي البكري المادة 3 .
وهذه الفقرات تعني أن دور محمد توفيق البكري في المجلس السابقة ونظرًا لأن هذه الترتيبات الجديدة كان من شأنها أن تضعه في مركز هام للغاية في المجلس الصوفي من حيث هو هيئة قضائية ، فإنه أصبح بإمكانه ممارسة الإشراف على النواحي القضائية فيه وعلاوة ذلك نجد أنه قد أعطى نفسه – وفقًا لما ورد في فقرة بالقسم الثاني (الفقرة الأخيرة من المادة7)- من حيث هو شاغل لمنصب شيخ مشايخ الطرق الصوفية دورًا كبيرًا هامًا في تعيين الخلفاء على رئاسة الطرق المعترف بها رسميًا ، والتي مات رؤساؤها إذ نصت هذه الفقرة على أنه في حالة انتقال شيخ طريقة إلى رحمة الله فإنه ينبغي أن يتم تسليم كافة السجلات المتعلقة بالشئون الإدارية لهذه الطريقة إلى باب المشيخة، وعقب تعيين شيخ جديد تسلم إليه تلك السجلات.
والتعيين لمنصب شيخ الطريقة قد تم تنظيمه أيضًا وفقًا لما جاء في مواد القسم الثاني (المواد: 1، 2، 3، 4، 6) التي فرضت عددًا من الالتزامات على مشايخ الطرق وحرمت عليهم أمورًا معينة المواد (8، 9، 10، 12، 13).
ومن بين هذه المواد نجد أن مبدأ شغل منصب شيخ الطريقة بالوراثة وهو المبدأ الذي أقرته التقاليد والعرف السائد في معظم الطرق قد صيغ في وضوح شديد في المادة رقم 6 ، ولكن المادة 6 ورد بها ضمان ضد شغل الوظيفة بوريث غير جدير بالمنصب في فقرة لها نفس المعنى الوارد في المادة رقم 1 ، حيث نصت هذه الفقرة على أنه لا ينبغي أن يتم تعيين أي شخص في منصب شيخ طريقة إلا إذا كان على مستوى معين من المعرفة (العرفان) ، والكمال الأخلاقي ، وفوضت هذه الفقرة المجلس في تعيين أي شخص يراه ملائمًا لتولي رئاسة الطريقة إذا كان الورثة على قدر غير كافي من التعليم ، أو كانوا غير ملائمين لشغل هذا المنصب.
والمادة رقم 1 في تنظيمات عام 1903 قد ضمنت في شيء من التعديل في المادة الرابعة التي نصت مرة أخرى على أنه ليس من حق أي رئيس طريقة أن يدعى أنه تم تعيينه كشيخ على طريقة مستقلة متميزة وبالتالي اعترف به كشيخ على الطريقة ، إلا إذا كان التعيين صادرًا عن المجلس الصوفي ، وكان المجلس الصوفي يهدف من وراء هذا الشرط إلى الحصول على الحد الأقصى من الإشراف على كافة جماعات المتصوفين المنظمة في مصر. وكان يهدف بصفة خاصة إلى جعل شرعية رؤساء على طرق مستقلة متوقفة على التعيين عن طريق المجلس ومن خلال المادة الثالثة أصبح من المستحيل أن يصدر اعتراف رسمي بتعيين اثنين من المشايخ على طريقة صوفية واحدة ، وكان مثل هذا النوع من القيادة المشتركة متواجدًا فيما مضى بالنسبة للقادرية والصاوية والشناوية. وكان هذا الوضع يؤدي دائمًا إلى المنافسة والصراع والنزاع والانفصال ، ومن الواضح أن هذه المادة كان يقصد بها منع حدوث ذلك.
أما النزاعات الكامنة والرغبات الكامنة في الإنفصال فقد أخضعت للمادة رقم 11. فقد نصت هذه المادة على منع استخدام كلمة شيخ الطريقة كلقب تشريفي لدى مخاطبة نواب الطريقة نظرًا لأن إستخدام هذا التعبير لم يكن يعكس خضوع النقيب لرئيس الطريقة وبذلك فقد تم القضاء على أحد العوامل التي تسهم في ظهور مراكز محلية للسلطة تعمل على عدم الخضوع لسلطان شيخ الطريقة مع احتمال تطورها إلى طرق انفصالية.
ومن بين الطرق المعترف بها رسميًا نجد عددًا كبيرًا منها لم ينشأ في داخل مصر وإنما أدخل إلى مصر من أجزاء أخرى من العالم الإسلامي.
وكان لهذه الطرق خلفاء نشطاء في مصر وكان هؤلاء الخلفاء أما من المواطنين المصريين أو من المغتربين المنفيين الذين لم يعتبروا أنفسهم خاضعين لسلطة أي رئيس من رؤساء الطرق المعترف بها رسميًا في مصر ، وكانوا يقومون من وقت لآخر بجمع الأنصار والأعضاء لمصلحتهم الخاصة ، ولذلك نجد أن المادة (5) قد جعلت من المستحيل عليهم أن يحصلوا على اعتراف رسمى مهما حققوا من نجاح كرؤساء أو قادة، إذ نصت هذه المادة على عدم الاعتراف بأي طريقة جديدة إذا كانت تشبه أي طريقة من الطرق التي تم الاعتراف بها بالفعل ، سواء في الاسم أو في المنهج ، وبالتالي فإن المادة (5) قضت تمامًا على احتمالات ظهور أي طريقة جديدة متماثلة تمامًا مع طريقة أخرى حيث كان هذا الوضع يؤدي دائمًا إلى ظهور الصراع على السلطة العليا ، مثل ذلك الصراع الذي حدث بالنسبة للرئاسة على العروسية في أوائل التسعينات. كما أن هذه المادة قد قضت تمامًا على ظهور الخلافات والمنازعات بين الطرق المعترف بها رسميًا والناجمة عن مطالبة أحد المشايخ بالسيادة على شيخ آخر على أساس التماثل في أسماء الطرق أو مناهجها ، طالما أنها قضت منذ البداية على احتمال وجود أي تماثل في هذا الشأن.
ولقد نصت المادة 2 على عدم تعيين شيخ واحد رئيسًا على طريقيتين ، وكان هذا الوضع منطبقًا على فرعي القادرية اللذين كانا تحت رئاسة شيخ واحد ، واعتبارًا من عام 1870 حتى عام 1892 ، كما كان هذا الوضع منطبقًا على فرعين للأحمدية: وهما الإمبابية والكناسية ، حيث كانا تحت رئاسة علي نوايتو مدى حوالي عشر سنوات وحتى عام 1904 ، وكان علي نوايتو شقيقًا لمحمد نوايتو ، الذي كان شيخًا لضريح إسماعيل الإمبابي ، وكان قد عين شيخًا للإمبابية عن طريق عبد الباقي البكري في عام 1308 (1890) عندما مات إبراهيم علي سلمان شيخ الطريقة مخلفًا وراءه ابنا صغيرًا وحيدًا ، ومن المؤكد أن على نوايتو كان مدينًا بتعيينه هذا إلى الحقيقة التي مفادها أنه كان ينتمي للأسرة التي كانت تشرف على ضريح مؤسس الإمبابية ابتداء من نهاية القرن الثامن عشر فصاعدا نظرًا لأن هذا قد جعل منه مرشحًا واثقًا من الحصول على الحد الأدنى من الشرعية المطلوبة. إلا أن العوامل التي أدت إلى تعيينه أيضًا كشيخ للكناسية عقب وفاة شيخ هذه الطريقة والذي يسمى مصطفى حمودة وهو عم حمودة محمد رئيس السعدية كانت عوامل غامضة.
وظل منصب شيخ الكناسية في حوزة أسرة نوايتو منذ ذلك الوقت فصاعدا وعندما مات علي نوايتو في عام 1904 جاء بعده شقيقه محمد محمود خلفًا له كشيخ على هذه الطريقة ، وتولى محمد أيضًا منصب شيخ الإمبابية ولكن لفترة قصيرة، إذ اعترض على شرعية خلافته ابن إبراهيم علي سلمان والذي يسمى محمد ، والذي كان قد وصل في ذلك الوقت إلى سن الرشد ، وتم الاعتراف بمطالب محمد في عام 1905 عقب قبول المجلس الصوفي للتنظيمات الداخلية ، حيث أرغم محمد محمود على الاستقالة من منصبه كشيخ للإمبابية وتم تعيين محمد إبراهيم في مكانه.
والمواد المتبقية من القسم الثاني كانت تتضمن عددًا من الأوامر والتعليمات التي ينبغي أن ينفذها رؤساء الطرق. إذ أرغموا على فتح سجلات للإدارة الخاصة بهم وفقًا لنموذج معين (المادة رقم7) ، وتعيين الخلفاء في المناطق المختلفة وتعيين النواب في كل مركز يكون فيه عدد كبير من الأعضاء التابعين للطريقة (المادة رقم9).
ونصت المادة رقم 10 على أن يقوم شيخ الطريقة بالتفتيش على الخلفاء مرة واحدة على الأقل سنويًا ، وذلك بهدف منع الطريقة من التدهور نتيجة لتكاسل وعدم فاعلية شاغلي المناصب القيادية بها.
ولتحقيق المزيد من الفاعلية للقيادة على المستوى المحلي نصت المادة الثامنة على منع تعيين خلفاء ممن ليسوا على مستوى معين التعليم ، كما نصت المادة 12 من القسم الأول على عدم تعيين خلفاء غير جديرين بصفة عامة على تولى منصب خليفة.
وفيما يتعلق بمضمون (الإجازات) الصادرة بمعرفة رؤساء الطرق للتلاميذ والتي يصبح التلاميذ بمقتضاها خلفاء فقد وضعت الاشتراطات لذلك في المادة رقم 12. إذ نصت على أن الإجازات ينبغي أن تتضمن عبارات صريحة واضحة عن طبيعة التصريح وطبيعة القواعد التي ينبغي أن يسير عليها متسلم الإجازة لدى قيامه بالتوجيه والإرشاد. كما نصت المادة على ضرورة طبع الإجازات بدلًا من كتابتها بخط اليد وهو الأمر الذي كان شائعًا حتى ذلك الوقت.
ومن المؤكد أن هذا النص كان يقصد به عرقلة التلاعب بالسلسلة والأسماء والتواريخ المذكورة بالإجازة حيث كان ذلك التلاعب يتم أحيانًا عندما كانت مثل هذه التغييرات تدعم ادعاءات شخص ما في الحصول على الاستقلالية والسلطة.
وكانت هناك مادة أخيرة تهدف إلى القضاء على الاتجار في الإجازات الخالية من الكتابة. ففي فترات سابقة كان الاتجار في الإجازات متفشيًا إلى حد كبير ولكن الإجازات الخالية من الكتابة قد انتشرت أساسًا بعد عام 1881 عندما منع عبد الباقي البكري في المنشور الدوري الذي أعده (المادة رقم 18) أى شخص لا يشغل منصب خليفة من إقامة الحضرات.
ومن المؤكد أن هذا المنع كان يقصد به ضمان حضور موظفين مسئولين عن تطبيق كل ما ورد بالمنشور الدوري. إلا أنه في نفس الوقت لم يجعل حضور الخليفة أمرًا إجباريًا في الحضرات الاعتيادية التي يقيمها أعضاء محليون تابعون لطريقة معينة أو في الحضرات التي يشارك فيها أفراد غير منتمين لطريقة معينة أثناء الموالد وغيرها من الاحتفالات التي تتم على فترات منتظمة وكذلك أثناء ما يسمى «بالليالي».
وكانت هذه بمثابة ليال مهرجانية تضم فقرات أهمها الحضرة التي يقيمها عدد من أعضاء الطريقة ربما تحت إشراف خليفة مع المنشدين والعازفين والموسقين والتي يمكن أن يشارك فيها كافة الحاضرين في الليلة ، ولذلك فإن الشخص الذي يرغب في إقامة ليلة يقوم بتوجيه الدعوة لمجموعة كهذه لإحياء الليلة ويدفع لهم أجورهم على شكل نقود أو هبات عينية ولكن عندما أصبح بعد عام 1881 حضور الخليفة في مثل هذه المناسبات أمرًا إجباريًا شعر أولئك الذين يقومون بإحياء الليلة بأنهم بحاجة إلى إجازة بطريقة أو بأخرى تسمح لهم بالمشاركة في احتفالات الليالي، طالما أن الحصلو على الإجازة صار أمرا ضروريا إذا ما أرادوا الاستمرار في الحصول على إيراد من هذا المصدر، ولكن الشخص الذي يرغب في الحصول على هذه الوثيقة أو الإجازة كان عليه أن يدفع ثمنًا على شكل نقود أو هبات عينية للخليفة الذي يمنحه الإجازة ويقوم الخليفة بدوره بدفع أموال لرئيس الطريقة الذى قدم الإجازات الخالية من الكتابة. ولذلك فإن منع هذا الإجراء أدى إلى عرقلة المصالح المالية لرؤساء الطرق وخلفاءهم، وعلاوة على ذلك فإنه نظرًا لأن إقامة الليالي قد ظل مستمرًا، ونظرًا لأن التنظيمات الحالية أيضًا قد نصت على تواجد الخليفة الذي حصل على الإجازة من شيخه أثناء الحضرة (القسم الخامس مادة 3) فقد استمرت الحاجة إلى الحصول على الإجازات قائمة من جانب أولئك الذين كانوا يستفيدون اقتصاديا ومهنيا من امتلاك مثل هذه الوثيقة.
وهذه العوامل مجتمعة هي السبب على ما يبدو في بقاء هذه المادة من القانون غير سارية المفعول، مما أدى إلى بقاء هذه الممارسات إلى ما بعد عهد الثورة.
والمادة رقم 13 قد عادت بآثار ضارة على الإيرادات المالية لرؤساء الطرق وخلفائهم إذ تضمنت فقرة تتمشى مع المادة12من تنظيمات عام 1903 وتنص على منعهم من قبول الهبات والمنح المتعلقة بنزاع أو قضية تحت الفحص والدراسة أو المتعلقة بتعيين خليفة بل ونصت هذه الفقرة على أن المدفوعات الاعتيادية على شكل أموال أو أشياء عينية والتي اعتاد أن يقدمها المريدون والخلفاء لرئيس طريقتهم ينبغي ألا تكون إجبارية.
وكانت مثل هذه الهبات تقدم عادة في المولد النبوي ومولد مؤسسي الطريقة ، وفي مناسبة عيد الفطر في نهاية شهر رمضان ، وكانت بمثابة جزء رئيسى من إيراد رؤساء الطرق، ولذلك فإن هذه المادة كانت تشكل خطرًا على إيراداتهم إلى حد ما ، حيث إنه لم يرد بها استخدام أي نوع من العقاب الرسمي ضد أعضاء الطريقة الذين لا يرغبون- لسبب أو لآخر- في تقديم هذه الهبات الاعتيادية.
ونص القسم الثالث على إعادة التنظيم والتوسع في شبكة وكلاء المشيخة الذين أوكلت لهم- شأنهم في ذلك شأن رؤساء الطرق وخلفائهم- مهمة حفظ السجلات الخاصة بإدارتهم في نموذج معين (المادة رقم 5) وأصبح من المقرر أن يتم تعيين مثل هؤلاء الموظفين في كل مركز بدلًا من ذلك العدد القليل من المراكز الحضرية في المديريات وهو الأمر الذي كان سائدًا من قبل. وتقرر أن يكون هؤلاء الموظفون من بين الناس الأفاضل والمحترمين الأعضاء في طريقة ما .
ونصت المادة رقم 2 على عدم تعيين نواب الطرق المختلفة في منصب «الوكيل» ومن المؤكد أن الهدف من وراء ذلك هو عدم إتاحة الفرصة أمام شخص واحدًا للحصول على قدر كبير من السلطة مما قد يخلق لنفسه مركزًا استقلاليًا قويًا قد يجعل من المتعذر على البكري والمجلس الصوفي ممارسة السلطة عليه فيسمح له هذا الوضع بتحدي توجيهاتهم وتعليماتهم. مما قد يؤدي إلى ظهور طريقة إنفصالية جديدة.
ومن العوامل الأخرى التي أسهمت في ظهور المراكز المحلية للسلطة هو استخدام اصطلاح أو تعبير شيخ مشايخ الطرق كلقب شرف يطلق على وكيل المشيخة ، وقد تم القضاء على ذلك الوضع بعد أن ورد نص يقضى بمنع ذلك بالمادة رقم 1 .
إلا أن الأهم من ذلك هو أن حق تعيين وطرد هؤلاء الوكلاء والذي كان بمثابة عقوبة رادعة ضد سوء استخدام المنصب كان مقصورًا فقط على شيخ مشايخ الطرق الصوفية ، أي مقصورًا على البكري بدون أن يشترك معه في ذلك أعضاء المجلس الصوفي (المادة رقم 1) .
وعلاوة على ذلك كان الوكلاء ملزمين بإبلاغ البكري شخصيًا بكافة الأحداث التي تتعلق بالصوفية والتي تحدث في المديريات (المادة 3 والمادة 6) وكان عليهم أن يتصلوا به مباشرة (المادة1) وبعبارة أخرى نصت المادة على منع اللجوء للوسطاء لكي لا يؤدي هذا إلى تزايد سلطة الوكلاء نظرًا لأن الاتصال غير المباشر من شأنه أن يؤدي إلى الإشراف غير المباشر من جانب البكري.
وفي الماضي كان الوكلاء يقومون أولًا وقبل كل شيء بدور ضباط الاتصال للبكري في المديريات وكان حق الفصل في القضايا المتعلقة بالصوفية من اختصاص البكري وحده.
ولكن الفصل في القضايا المتعلقة بانتهاك حقوق القدم كان يمارسه أيضًا القاضي المحلي. وفي اللائحة الداخلية نجد أن المادة 4 من القسم الذي يتناول الوكلاء تتضمن عبارة تتعلق بأحكام القاضي المحلي. وكانت هذه العبارة بمثابة إشارة صريحة ووضع صيغة رسمية للحقيقة التي مفادها أن أحكام القضاة المحليين لم تكن تشتمل فقط على حق الإيقاف المؤقت للأطراف المتورطة في النزاع ، وهو ما نصت عليه صراحة الفقرة الأخيرة من المادة رقم 3 ، وإنما كانت تشتمل أيضًا على حق النظر في الدعاوي والفصل فيها. وليس من المعروف على وجه الدقة الوقت الذي أصبح فيه هذا الحق من اختصاص الوكيل.
فالمنشور الدوري لعام 1881 لم يتضمن أية إشارة إلى حق النظر في الدعاوي والفصل فيها بمعرفة الوكلاء كما لم ترد أية إشارة بذلك في تنظيمات عام 1895 إلا أن التنظيمات المعدلة لعام 1903 قد تضمنت مثل هذه الإشارة في فقرة بالمادة رقم 13 حيث فوضت الوكلاء في حسم حالات الصراع والنزاع التي تحدث في المديريات ومنحتهم صراحة حق فحص هذه الحالات والتوسط لإيجاد حل لها.
إلا أن حق النظر الدعاوي والفصل فيها كان بالتأكيد جزءًا من اختصاصهم إذ يتضح ذلك من فقرة لاحقة تنص على أنه من حق الأطراف المتنازعة في الصراع الذي بحثه وكلاء المشيخة أن تستأنف أمام المجلس الصوفي، ولذلك فإنه من المؤكد أن محمد توفيق البكري قد أعطى قدرًا محدودًا على الأقل من حق النظر فى الدعاوى والفصل فيها للوكلاء فى فترة ما تنحصر ما بين عام 1895 وعام 1903 ، ربما كجزء من إعادة التعديل العام بين صفوفهم عقب تنازل محمد توفيق البكري عن منصب نقيب الإشراف في يناير 1895 ، ونتج عن هذا التنازل أنه لم يعد له إشراف على النقباء الإقليميين الذين فقدوا أهميتهم بالنسبة لإدارة الطرق، عندما لم يعد بالإمكان استخدامهم في ممارسة السلطة على الطرق. ولكي يعوض محمد توفيق البكري عن هذه النكسة فإنه لجأ بالتأكيد إلى تعيين وكلاء في المناطق التي اعتاد أن يعمل فيها النقباء الإقليميون بهذه الصفة. وعلاوة على ذلك فإن الكفاءة الإدارية العالية التي كان يهدف إلى تحقيقها منذ اللحظات الأولى لتوليه المنصب هي التي حفزته بالتأكيد إلى أن يزيد عددهم في نفس الوقت.
والمادة 4 من اللائحة الداخلية وضعت حدودًا زمنية بشأن حق الاستئناف أمام المجلس الصوفي من جانب الأطراف الذين أصدر الوكيل حكمًا بشأنهم وفقًا لما ورد في تنظيمات عام 1903 م ، بل ونصت الفقرة الأولى من هذه المادة صراحة على أن الاتصال ما بين الوكلاء والمجلس الصوفي بصفتهم مسئولين أمام المجلس عن الأحكام التي أصدروها ينبغي أن يتم عن طريق البكري وحده.
وهذا الترتيب بالإضافة إلى الفقرات الأخرى التي تناولناها من قبل قد وضعت البكري في مركز يسمح له بالاحتفاظ بالإشراف الدقيق على شبكة الوكلاء الممتدة في جميع أرجاء مصر كلها وكان هذا الوضع له أهمية عظمى في مجال السيطرة على إدارة الطرق.
إذ أدى هذا إلى تقليص الدور المحجوز للمجلس الصوفي في هذا الشأن.
والحكم في القضايا المتعلقة بالأضرحة (المادة رقم8) والذي أشارت إليه اللائحة الداخلية في القسم الرابع كان خارج نطاق الاختصاص القضائي مكملًا إلى حد كبير للمادة الثانية من التنظيمات المعدلة لعمام 1903 التي حددت فئة الأضرحة التي ينبغي أن تكون تحت سلطة المجلس الصوفي. فتعيين وطرد المشرفين على هذه الأضرحة كان من اختصاص المجلس وكان من اختصاص المجلس الصوفي أيضًا تعيين موظفين إضافيين وفقًا لما ورد بالمادة رقم 1 من هذا القسم. أما العرف السائد الذي يقضي بمنح الإشراف على الضريح في أي وقت لأي شخص يتمكن من البرهنة على أنه أكبر الأشخاص المنحدرين من سلالة الشيخ المدفون بالضريح سنًا وأوثقهم صلة من حيث القربى فقد تعدل بمقتضى المادة الثانية التي نصت على منح الأولوية لهذا المنصب لشخص الذي ظل قائمًا على خدمة الضريح لمدة خمس سنوات أو أكثر حتى ولو لم يكن سلالة الشيخ المدفون في الضريح.
ونصت المادة الثالثة على ضرورة أن يقوم المشرف على أي ضريح بإبلاغ كافة الموظفين الآخرين الملحقين بالضريح (الخدمة) بجميع الهبات والمنح التي قام بجمعها. ومن المؤكد أن هذه الفقرة كانت تهدف إلى تزويد هؤلاء الموظفين ببعض الضمانات التي تؤكد لهم أنهم في نهاية كل شهر سيحصلون على نصيب من النذورات وكان العادة قد جرت على تقسيم النذورات إلى ثلاثة أقسام متساوية: يخصص قسم منها على صيانة الضريح أو مسجد الضريح بالإضافة إلى الإنفاق على الاحتفالات بالأعياد المتعلقة بالضريح، والقسم الثاني كان من نصيب المشرف على الضريح ، أما الجزء الثالث فكان يوزع بالتساوي بين الموظفين الملحقين بالضريح .
وليس من المعروف إلى أي حد كان تقسيم النذورات إلى نذورات يقصد بها أن تستخدم في أو من أجل الضريح ونذورات تخصص للمواطنين الملحقين بالضريح (الخدمة) ، وهو الأمر الذي ورد ذكره بشكل محدد في التنظيمات الصادرة عن ديوان الأوقاف في نوفمبر 1898 مقبولًا أيضًا من جانب المشرفين الواقعين تحت السلطان القضائي للمشيخة ، ولكن يبدو أن أي اختلال خطير في التوازن بين الفئتين يعود بالفائدة على المشرف كان سيلقي الاعتراض من جانب المجتمع العريض إذ عرض الأمر عليه ، ولذلك فإن تضمين فقرات تهدف إلى منع حدوث مثل هذه الفوضى ربما كان يعتبر أمرًا غير ضروري والاشتراطات المبهمة الغامضة المتعلقة بتقسيم النذورات كانت تعتبر أساسًا رسميًا كافيًا للتعامل مع كافة التعقيدات الإدارية التي يمكن أن تظهر في هذا المجال.
وفي القسم الأخير وتحت عنوان «شئون عامة» تناولت المادة رقم 5 الإلغاء الرسمي لحقوق القدم فهذه الحقوق كانت تصان بطريقة كافية من خلال المساعدة التي تقدمها الوكالات الحكومية، واستمرت تلك الصيانة طالما أن ذلك كان في صالح الفاعلية الإدارية للدولة. ولكن عندما أعيد تنظيم الإدارة الحكومية المصرية في نهاية القرن التاسع عشر ووصلت إلى درجة عالية من الكفاءة فقدت إدارة الطرق أهميتها بالنسبة للدولة ، وبالتالي توقفت الوكالات الحكومية عن مساندة مبدأ حق القدم ، وهو المبدأ الذي كانت تقوم عليه إدارة الطرق في نطاق المجتمع المصري في معظم فترات القرن التاسع عشر.
وبذلك أصبحت المطالبة بحقوق القدم لا معنى لها وأصبحت لاغية في نهاية القرن التاسع عشر عندما لم تعد المحافظة على حقوق القدم من اختصاص البكري والمجلس الصوفي على النحو الوارد في المادة التي تناولت الإلغاء الرسمي لحقوق القدم ، ويبدو أن محمد توفيق البكري لم يبذل أية جهود لإحياء إدارة ترتكز على هذه الحقوق وهذا أمر لا يدعو للدهشة لأنه حتى لو كان بالإمكان العودة لمثل هذا النوع من الإدارة فإن كان يعني إشراك عدد كبير من الوكالات الحكومية مما يصبح من المتعذر عليه إنشاء الهيئة التنظيمية المستقلة التي يتطلع إلى إنشائها.
والغالبية العظمى من المواد الواردة بالقسم الأخير تناولت الممارسات الطقوسية والعقائد فنصت المادة رقم 3 على ضرورة حضور خليفة أثناء إقامة الحضرة كما نصت على ضرورة أن يجتمع الخلفاء ورؤساء الطرق مع تلاميذهم من أجل الحضرات ومن أجل التثقيف والإرشاد الديني مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا .
كما نصت المادة رقم 2 على استبعاد أي شخص عن الطرق الصوفية إذا اتضح أنه متمسك بنظرية الحلول والاتحاد وغيرها من المعتقدات المشابهة ، فمنذ المراحل الأولى للتصوف الإسلامي كانت هذه النظريات مادة للجدل والنزاع والمناقشة التي تورط فيها الكثيرون ومن بينهم على أبو النور الجربي رئيس الطريقة الإدريسية الشاذلية في أوائل التسعينات.
إلا أن غالبية المواد كانت موجهة ضد الممارسات الطقوسية التي تعتبر بدعة والتي سبق أن سعي عبد الباقي البكري إلى التخلص منها قبل ذلك الوقت بعشرين عامًا ، ولذلك كانت هذه المواد تتضمن عددًا من التوجيهات المتعلقة بالذكر ، فالمواد (2، 3) والتي تنص على أن الذكر ينبغي أن يقتصر على مدح الله وأن كافة حروف أسماء الله المستخدمة في الذكر ينبغي أن تنطق.
كما نصت على منع جميع أنواع تشويه الذات وأكل الثعابين والحيات والحشرات ...إلخ أثناء إقامة الحضرة ، كما وردت مادة تحدد ترتيب الطرق في المواكب ، وتمنع إقامة المواكب بالنهار اللهم إلا إذا صدر أمر بذلك من شيخ مشايخ الطرق الصوفية (باب المشيخة) ، وعلاوة على ذلك منعت ما كان يعرف بالدوسة بأن يمتطى رؤساء الطرق أو نوابهم الخيول ويمرون على ظهور أتباعهم الذين ينامون على الطريق أمامه، كما نصت على أنه لا ينبغى أن يحدث فى هذه المواكب أي شيء يحيد عن السلوك الشرعي (المادة 7).
بل وحرمت على أعضاء الطريقة السير بالأعلام أمام مواكب الجنازات وكان هذا الأمر شائعًا تمامًا في المواكب الجنائزية الخاصة بأولئك الذين لم يكونوا أعضاء في الطريقة إذ جرت العادة على أن يحصل الخليفة ورجاله على أجور للمشاركة بأعلامهم في هذه المناسبات ، أو أحيانًا من أجل إقامة حلقة ذكر أثناء المواكب الجنائزية وكجزء منها ، وأيضًا حول جثمان الفقيد وضع الجثمان في القبر ، ونظرًا لأن العادة قد جرت سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بأن يقوم الخليفة بتأجير أعلامه وأدواته الأخرى ، فإن هذا المنع قد أحدث تأثيرًا على الدخل المالي للخلفاء إلا أن هذا المنع لم يكن بشكل مطلق إذ نصت المادة على أنه يمكن الحصول على تصريح خاص من «باب المشيخة» من أجل المشاركة بالأعلام في المواكب الجنائزية ، وهذه الحقيقة وكذلك عدم تحديد الممارسات الممنوعة الواردة في هذا الجزء بالمقارنة بالوضوح الشديد الذي نجده بالمنشور الدوري الذي أعده عبد الباقي البكري يوحي لنا أن محمد توفيق البكري قد حاول أن يصوغ مجموعة من القوانين وثيقة الصلة بالقضاء على البدعة ، ولكنها في نفس الوقت مقبولة من رؤساء الطرق ومتمشية مع الرغبة المتزايدة من جانب المصلحين في ضرورة تطبيق إجراءات تؤدي إلى «الإصلاح».
وكان محمد توفيق البكري نفسه منذ وقت مبكر يرجع إلى عام 1893 يعترف بأن الأمر يستلزم ضرورة إصلاح الطرق حيث كتب بحثًا في هذا الشأن تحت عنوان «المستقبل للإسلام» ، والجدير بالذكر أن الأفكار المتعلقة بهذا الموضوع وكذلك الموضوعات العامة الواردة في هذا الكتيب كانت متمشية تمامًا مع التأثيرات التي أحدثها في ذلك الوقت جمال الدين الأفغاني الذي تقابل مع محمد توفيق البكري في استنابول في عام 1892 م، ولعل هذا هو السبب في أنه عندما تقلد محمد توفيق البكري منصب شيخ مشايخ الطرق الصوفية قام رجل مثل عبد الله النديم وعبر عن اعتقاده بأنه سيتمكن من القضاء على «البدعة» المتفشية بين أعضاء الطرق وسيعمل على عودة هؤلاء الأعضاء إلى «السنة».
ولكن نظرًا لأن محمد توفيق البكري كان قد عين حديثًا كرئيس على الطرق فإنه لم يكن في وضع يمكنه من اتخاذ إجراء قد يعود بالضرر على جهوده الرامية إلى إعادة تدعيم سلطته ، ولذلك نجد أنه أحجم عن اتخاذ أية اجراءات تهدف إلى القضاء على «البدعة» ، وقاوم الضغوط التي تدفعه لاتخاذ تلك الإجراءات ، مثال ذلك الضغوط التي شنها عليه محمد رشيد رضا أثناء عدد من الاتصالات الشخصية خلال عام 1897 م، ثم بعد ذلك ابتداء من عام 1898 م فصاعدا في مجلته المنار الدورية حيث نشر مقالات ينتقد فيها التصوف في مصر بصفة خاصة.
وأصحبت الانتقادات الإصلاحية للتصوف أكثر حدة وتلاحقًا مع مطلع القرن العشرين ومن أشهر الكتاب في هذا الشأن: عبد الحميد الزهراوي - محمد عمر - عبد الرحمن الكواكبي حيث وصلت حدة هجومهم إلى التعرض للبكرى نفسه، لأن محمد توفيق البكرى من وجهة نظرهم كان رمزًا وممثلًا لهذا التقليد الديني في مصر على الأقل.
وربما كرد فعل على هذا النقد الذي أبداه هؤلاء الكتاب وتمشيًا على الأقل مع الرغبة المتزايدة في إصلاح الطرق قام محمد توفيق البكري- كما يقول بنفسه في كتابه «بيت الصديق» الذى ألفه بنفسه - بصياغة معظم مواد اللائحة الداخلية المتعلقة بالقضاء على البدعة بما في ذلك المادة رقم 6 التي تتضمن فقرة تحدد الحق في الاحتفال بمولد ، وتنص على القضاء على البدع أثناء هذه الأحداث ، وكذلك المادة 2 التي تتضمن فقرة تنص على منع إقامة «الزار» في الأضرحة.
ولكن يبدو أن تضمين المادة رقم 9 و التي تجعل من المتعذر على أي شخص ينتمي لطريقة أن ينظم حضرة لأغراض تجارية بهدف المحاكاة الساخرة ، أو مجرد تسلية الجماهير كان أمرًا زائدا عن الحاجة ولا لزوم له ، طالما أن مادة مماثلة تنص على اعتبار هذه الأعمال وغيرها من الأشكال الأخرى المتعلقة بالاستغلال التجاري للدين جريمة بشعة كانت على وشك أن تضمن فى ما يسمى بقانون العقوبات المصرى الجديد والذي كان من المقرر أن يبدأ تنفيذه في عام 1904.
إن محمد توفيق البكري كان قد أوضى بتضمين هذه المادة فى قانون العقوبات ، ورغم ذلك كان يرى أن الأمر يستلزم صياغتها في مادة مماثلة في اللائحة الداخلية للطرق ، وربما هذا التصرف من جانبه كان نتيجة مباشرة لنشر المقالات بالجرائد المصرية في مطلع القرن العشرين والتي تنتقد الاتجار بالدين في مثل هذه العروض التي يحضرها مشاهدون معظمهم من الأوربيين.
ومن بين المادتين الأخيرتين في اللائحة الداخلية نجد أن المادة رقم 10 قد غطت جميع الاحتمالات المستقبلية حيث نصت على أن العقائد الرئيسية للشريعة سوف تنطبق على كل حدث لم يرد بشأنه نص خاص، ونصت المادة الأخيرة على تنفيذ عقوبات التأنيب والإيقاف والطرد من جميع أنواع الطرق، وهو الأمر الذي كان شائعًا على الأقل منذ أيام علي البكري - في حالة انتهاك أي نص من النصوص الواردة باللائحة الداخلية.
ولكن عندما عرض محمد توفيق البكري اللائحة الداخلية على المجلس الصوفي في خريف عام 1903 م ، نجد أن أعضاء المجلس قد رفضوا إعطاء موافقتهم على اللائحة ، وكان ذلك نابعًا من تأييدهم لرؤساء الطرق ، وربما كان هؤلاء الأعضاء يعملون تحت ضغوط لصالح رؤساء الطرق ومن بين اعتراضاتهم التي أرسلت في خطاب مرسل منهم إلى البكري هو أن كل مادة واردة باللائحة تتضمن الإشارة إلى ضرورة الحصول على إذن من البكري أو موافقة منه ، وقالوا أيضًا أن التنظيمات عام 1903 م كانت تكفي تمامًا لتسيير الأمور الخاصة بإدارة الطرق وبالتالي فلا توجد هناك حاجة للإضافات ، وقالوا إنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بالمطالبة بإضافة أية نقاط جديدة للتنظيمات التي سبق أن صدرت بقرار من الخديوي.
إلا أن اعتراضاتهم الرئيسية كانت تنصب بالتأكيد على شيء جوهري: وهو أن اللائحة الداخلية تجعل المجلس الصوفي من حيث هو هيئة قضائية وتشريعية للطرق الصوفية معتمدًا تمامًا على البكري طالما أن معظم المعلومات والقرارات ينبغي أن تصدر عنه.
فهذا الاعتماد- بالإضافة إلى الحقيقة التي مفادها أن المجلس كانت له درجة محدودة للغاية من الإشراف على شبكة الوكلاء – قد نظر إليه بالتأكيد على أنه بمثابة قيود مفروضة على الدور الفعال الذي خصص للمجلس وفقً لتنظيمات عام 1903.
وعلاوة على ذلك فإنه من المحتمل أن يكونوا قد عارضوا تضمين الفقرات المتعلقة بالبدعة لأسباب تتشابه مع تلك الأسباب التي جعلت مضامين المنشور الدوري الذي أعده عبد الباقي البكري غير مقبولة منذ ربع قرن تقريبًا ، ولكن بعد أقل من عامين وفي أبريل 1905 نجد أن المجلس الصوفي قد وافق على التنظيمات الداخلية (اللائحة الداخلية) التى اكتسبت وفقا لتنظيمات عام عام 1903 (المادة5)- صفة القرار المنطبق على كل شخص يطلق على نفسه اسم: صوفي.
وهاتان المجموعتان من التنظيمات المتحدتان مع بعضهما البعض قد أعطت لإدارة الطرق كفاءة ذاتية وتميزًا لا نظير له في أية مرحلة سابقة ولذلك أصبحت محصنة ضد الوقوع تحت إشراف هيئات أخرى أو إدماجها مع هيئات أخرى. ولقد زودت التنظيمات منصب شيخ مشايخ الطرق الصوفية وهو أعلى منصب في إدارة الطرق بالصفات المتميزة والاستقلالية والسلطة على نحو أعظم بكثير من ذي قبل ، واعترفت الغالبية العظمى من رؤساء الطرق وأعضائها الذين بلغ عددهم في ذلك الوقت ما يزيد على مليون عضو بمدى أهمية ذلك المنصب في إدارة شئون عالم التصوف. ولذلك فإنه يمكن لنا أنا نقول إن أحدًا ممن شغل منصب شيخ السجادة البكرية قبل محمد توفيق البكري لم يحصل على مثل هذه السلطات الهائلة فيما يتعلق بشئون الطرق على الأقل.
ولكن كيف تمكن محمد توفيق البكري من إقناع شيوخ الطرق الممثلين في المجلس الصوفي بقبول اللائحة الداخلية؟
إن هذا الأمر غير معروف لنا حيث يكتنفه غموض شديد ، ولكن طالما أنه لم يبذل أية جهود لفرض المواد التي تهدف إلى إصلاح الممارسات الطقوسية بالقوة فإنه يبدو أن اللائحة قد تمت الموافقة عليها على أساس أنه كانت هناك ضمانات سرية بأن هذه المواد لن تطبق وستظل حبرًا على ورق ، كمجرد رد فعل لمطالب رجال الإصلاح بهدف إيقاف انتقاداتهم المتزايدة.
ويبدو أن هذا الهدف قد تم إنجازه في بادئ الأمر ولكن مع نهاية عام 1908 وبعد أن اتضح عدم بذل أية جهود لتنفيذ هذه المواد الواردة باللائحة بدأت تظهر الشكوك حول مدى جدية البكري ونواياه في هذا الصدد في دوائر الداعين للإصلاح ، فقام واحد من أشهر المهتمين بالإصلاح وهو عبد العزيز الجاويش بنشر خطاب مفتوح ينتقد فيه محمد توفيق البكري في جريدة «اللواء» اليومية التي يصدرها مصطفى كامل لعدم قيامه باتخاذ إجراءات ضد الأنشطة غير الشرعية التي يقوم بها أعضاء الطرق أثناء احتفالات المولد النبوي التي شاهدها في تلك السنة ، ولم يقم البكري أو أي رئيس من رؤساء الطرق المعترف بها بالرد على الهجوم الوارد بذلك الخطاب المفتوح ، والتزموا بالصمت الذي كان بمثابة السمات المميزة التي ظلت سائدة على مدى العشر سنوات التالية في كل مرة يحدث فيها هجوم من جانب أولئك الذين ليست لديهم مفاهيم صوفية للإسلام أو الذين لديهم مفاهيم مناهضة للتصوف الإسلامي.
وبحلول سنة 1905 / 1906 م ، كان هناك تغير واضح فى الطرق الصوفية المعترف بها رسميا من قبل الشيخ البكرى، حيث أصاب التدهور العديد من الطرق ، كما ظهرت طرق أخرى جديدة، وهو ما يمكن الاطلاع عليها فى موضوع (@مشيخة الطرق الصوفية - الطرق الصوفية فى مصر فى الفترة 1905 - 1906م@).
والآن بعد هذا التحليل الضافى لللائحة الداخلية للطرق الصوفية لعام 1905 م ، والتى أصدرها الشيخ محمد توفيق البكرى شيخ السجادة البكرية، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، فلنعرض فى الأسطر التالية النص الكامل لهذه اللائحة:
اللائحة الداخلية للطرق الصوفية لعام 1905
القسم الأول
مادة رقم 1:
يجتمع المجلس في المركز الرئيسي لمشيخة المشايخ الصوفية في أول يوم من أيام السبت من كل شهر عربي فيما عدا أيام الأجازات والأعياد. ويمكن عقد جلسات إضافية أخرى إذا اقتضت الضرورة لذلك.
المادة رقم 2:
ينبغي على المشيخة العامة أن تحتفظ لديها بالسجلات (الدفاتر) الآتية: دفتر واحد يتم فيه تسجيل القضايا التي ترفع في خلال سنة بالتسلسل قضية وراء أخرى مع إعطاء رقم لكل قضية مع ذكر تاريخ تسجيلها في وضوح وذكر اسم ولقب المدعي والمدعى عليه وموضوع القضية وتاريخ الجلسة التي تحددت للنظر في القضية وملخص للحكم الصادر بشأنها أو القرارات الصادرة دفتر واحد يضم نسخ من المراسلات الصادرة المتعلقة بها.
دفتر واحد للمراسلات الواردة.
دفتر واحد يسجل به كافة مشايخ الطرق والأضرحة والتكايا والزوايا وما شابه ذلك.
المادة رقم 3:
يتم فتح محضر رسمي لكل قضية في ملف خاص يتم فيه تسجيل كل الأمور التي تحدث أثناء الإجراءات القانونية مع ذكر واضح لتاريخ انعقاد كل جلسة، واسم رئيس الجلسة وأسماء الأعضاء الذين حضروا الجلسىة ، والذين هم أعضاء الجلسة ، ورقم القضية وأسماء الأطراف المعنية ، مع التأكيد على ذكر أسماء الذين حضروا الجلسة ، وأسماء أعضاء الجلسة الذين تغيبوا عن الحضور والبيانات والمطالب الخاصة بالأطراف المعنية ، وعدد الوثائق التي يقدمونها ، وشهادة الشهود والقرارات التي يصدرها أعضاء الجلسة ، سواء أكانت قرارات تتعلق بتأجيل الإجراءات القانونية لجلسة أخرى أو قرارات تتعلق بإصدار الحكم في القضية المطروحة للبحث. ومع قرار التأجيل ينبغي أن يذكر توضيح للأسباب التي أدت إلى التأجيل سواء أكان سبب التأجيل هو الحاجة إلى الاستكمال (أي استكمال الفحص والاستقصاء وجمع المزيد من المعلومات المتعلقة بالقضية) أو سببه هو أن أحد أطراف النزاع طلب التأجيل لأسباب معقولة. مع ذكر تاريخ انعقاد الجلسة التالية.
المادة رقم 4:
السكرتير هو المسئول عن إعطاء رقم القضية للمدعي إذا كانت القضية قد رفعت بمعرفته بالفعل (أي إذا لم تكن القضية قد رفعت عن طريق أي عضو من أعضاء المجلس الصوفي أو عن طريق رئيس المجلس) في قسيمة (كوبون) موضح بها تاريخ الجلسة واسم الجانب المعارض.
المادة رقم 5:
الأوراق والمستندات التي تقدمها الأطراف المتنازعة إلى باب المشيخة الصوفية على أساس أنها مستندات قانونية سوف تقدم من أصل وصورة في داخل عدد 2 ملف. وعلى كل ملف من هذين الملفين يقوم الشخص الذي يقدمها بالتوقيع على كل ملف ويكتب على كل ملف بوضوح عدد الوثائق والمستندات التي يحتويها الملف وتواريخ هذه المستندات وتسجيل مستقل لكل وثيقة. وبعد أن يقبل السكرتير الوثائق المقدمة له يقوم بالتوقيع على أحد الملفين بما يفيد حصوله على المستندات ويعطيه للشخص الذي قدم الأوراق. أما الملف الآخر فسوف يحفظ مع الأوراق المتعلقة بالقضية في إضبارة مستقلة خاصة بالقضية.
المادة رقم 6:
يجري التشاور بين أعضاء المجلس بعد أن يتم استكمال الدفاع وبدون حضور أي طرف من الأطراف المتنازعة.
المادة رقم 7:
وتترك القضية في حالة حضور المدعي للجلسة متأخرًا عن الوقت الذي تعقد فيه الجلسة. ويمكن للمدعي أن يثير القضية مرة أخرى فيما بعد. وإذا حضر المدعى عليه متأخرًا عن موعد الجلسة تؤجل القضية. وإذا حضر متأخرًا للمرة الثانية يتم تعيين مندوب نيابة عنه ويصدر الحكم في القضية في حضور المندوب. ويقوم سكرتير الجلسة بإبلاغ المدعى عليه بالقرار الصادر بشأن القضية. وللمدعى عليه الحق في الاحتجاج على القرار الصادر في خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إبلاغه.
المادة رقم 8:
تقوم المشيخة العامة بمهمة إبلاغ أعضاء المجلس بخطاب مكتوب عن موعد انعقاد الجلسة قبل انعقاد الجلسة بثلاثة أيام. فإذا كان هناك عذر يمنع أحد الأعضاء من الحضور بالفعل فإنه ينبغي عليه المبادرة إلى إبلاغ المشيخة بذلك قبل انعقاد الجلسة بـ 24 ساعة.
المادة رقم 9:
إذا أصدر المجلس الصوفي قرارًا بشأن قضية ما فإنه لن يعيد النظر في هذه القضية.
القسم الثاني
المادة رقم 1:
لن يسمح بتعيين أي شخص في منصب «شيخ طريقة» إلا إذا كان أحد الأشخاص المشهود لهم بالعلم والمعرفة والتقوى والأخلاق الحميدة.
المادة رقم 2:
لن يشغل شيخ واحد منصب الرئيس على طريقتين في آن واحد.
المادة رقم 3:
كل شيخ من مشايخ الطرق مستقل تمامًا عن الشيخ الآخر. فكل شيخ منهم يكون مع طريقته مستقلًا عن الطرق الأخرى. ولن يكون أحد منهم تابعًا لشيخ آخر ولن يكون لطريقة واحدة شيخان.
المادة رقم 4:
إن التنظيمات الرسمية والقرارات الخديوية الصادرة في 3 يوليو 1903 قد قصرت تعيين كافة مشايخ الطرق على المجلس الصوفي وحده مهما كانت طبيعة هؤلاء المشايخ. وبذلك فقد تم إلغاء حق أي جهة أخرى في تعيين أي شيخ من هؤلاء المشايخ. ومن الآن فصاعدًا لن يتم تعيين أي شيخ أي الاعتراف به كشيخ إلا من خلال المجلس الصوفي، بغض النظر عما إذا كان الشيخ هو أحد مشايخ السجاجيد أو أحد مشايخ الطرق الخلواتية أو ما شابه ذلك.
المادة رقم 5:
يمكن إضافة طرق صوفية جديدة (بمعنى أنه يمكن الاعتراف الرسمي بطرق صوفية جديدة) إذا كانت الطريقة الجديدة لا تتشابه في اسمها ومصطلحاتها الفنية مع إحدى الطرق الموجودة بالفعل والمعترف بها رسميًا.
المادة رقم 7:
ينبغي على كل شيخ طريقة أن يكون لديه أربعة دفاتر معتمدة من المشيخة العامة على النحو الآتي:
دفتر واحد من أجل نسخ المراسلات الصادرة.
دفتر واحد من أجل المراسلات الواردة.
دفتر واحد يضم قائمة بأسماء كافة نواب وخلفاء الطريقة مع ذكر تواريخ تقلدهم لهذه المناصب.
دفتر واحد يتم فيه تسجيل الأحكام التي أصدرها شيخ الطريقة والتي تتعلق بالنزاع بين أعضاء طريقته.
وعندما تصبح الطريقة بدون شيخ (أي عندما يموت شيخ الطريقة) تسلم هذه الدفاتر إلى باب المشيخة. وبعد أن يتم تعيين شيخ جديد للطريقة تعاد هذه الدفاتر للشيخ الجديد.
المادة رقم 6:
إذا أصبحت طريقة بدون شيخ أي إذا توفي شيخها يتولى ابنه الأكبر رئاسة الطريقة. وبعده يتولى أكبر أبنائه رئاسة الطريقة وهكذا بشرط أن يكون شاغل هذا المنصب من بين المشهود لهم بالعلم الكافي ، ولا يتصف بصفات معينة تحول دون تعيينه. وإذا لم يكن الأمر كذلك يتم تعيين أحد إخوته أو أحد أقاربه ممن ينطبق عليه الشروط. وإذا لم يكن بين الإخوة أو الأقارب من ينطبق عليه الشروط يقوم المجلس الصوفي بتعيين الشخص الملائم لهذا المنصب. وإذا كان الشيخ المتوفى قد ترك ابنًا لم يصل بعد إلى سن الرشد يعين هذا الابن شيخًا على الطريقة مع قيام مندوب مسئول بتسيير دفة الأمور بدلًا منه إلى أن يبلغ سن الرشد.
المادة رقم 8:
يمنع منعًا باتًا قيام شيخ طريقة بتعيين خليفة له لا يتصف بالعلم والمعرفة والأخلاق الفاضلة.
المادة رقم 9:
يقوم كل شيخ طريقة بتعيين الخلفاء في المدن والقرى المختلفة من بين أولئك المشهود لهم بالعلم والمعرفة من أجل هداية الناس إلى الطريق القويم كما يقوم بتعيين نائب في كل «مركز» من المراكز التي تضم عددًا كبيرًا من «المريدين».
المادة رقم 10:
ينبغي على كل شيخ طريقة أن يقوم بجولة تفقدية بين خلفائه خلال السنة ويفحص أعمالهم ومدى الإرشاد الذي يقومون به.
المادة رقم 11:
لا ينبغي مخاطبة نواب الطرق في المناطق الريفية باسم مشايخ الطرق بالإقليم وإنما يكتفي بمخاطبتهم بكلمة «نائب» فقط.
المادة رقم 12:
لا ينبغي على الشيخ إصدار «إجازة» إلا إذا وجد شخصًا ما جديرًا بها. ويجب أن تكون الإجازة مطبوعة ومتضمنة للمغزى الدقيق للتصريح وللقواعد التي ينبغي أن يسير عليها الخلفاء في مجال الإرشاد والدعوة بدون أي إقحامات غير ملائمة. ولا يسمح للشيخ بإعطاء خلفائه «إجازات» بدون ذكر أية أسماء محددة عليها ولا توزع الإجازات على أي شخص يرغب في أن يكون خليفة.
المادة رقم 13:
لا يسمح لشيخ الطريقة بفرض رسوم أو أموال اعتيادية سنوية على «المريدين» التابعين له وعلى خلفائه. ولكن يسمح له ولخلفائه بقبول الهدايا والهبات والمنح التي يقدمها لهم الواهب بإرادته الحرة. بشرط ألا يكون هذا متعلقًا بقضية يفحصونها أو متعلقًا بتعيين خليفة طالما أنه لا توجد رسوم ينبغي أن تدفع من أجل هذه الحالات.
القسم الثالث: ويتعلق بوكلاء المشيخة
المادة رقم 1:
في كل مركز إداري بالمديريات يتم تعيين وكيل للمشيخة من بين الناس المحترمين الجديرين في المركز. ولا يخاطب باسم «شيخ مشايخ الطرق» بالمنطقة التي يقيم بها وإنما يكتفي بأن يخاطب باسم «وكيل المشيخة» فقط وسوف يكون على اتصال مباشر بباب المشيخة. ولدى تعيينه يتم إخطار المديرية بذلك (إخطار المديرية التي يتبعها المركز) ويتم نشر ذلك أيضًا في عدد من الصحف اليومية.
المادة رقم 2:
من يشغل منصب «نقيب» طريقة لا يصح تعيينه في نفس الوقت وكيلًا للمشيخة طالما أنه مازال محتفظًا بمنصب «نقيب» ويمكن السماح له بتولي منصب «نقيب المشيخة» إذا تخلى عن منصبه كنقيب.
المادة رقم 3:
ينبغي على وكلاء المشيخة أن يفتحوا سجلات لكافة الأحداث المتعلقة بالصوفية ويعرضوا ملاحظاتهم على الوكالات المختصة حيث تنص اللوائح على ذلك. والوكلاء لهم الحق في المطالبة بالإيقاف المؤقت إلى أن يصدر الحكم عن طريق الوكالة المختصة في الأمر (الوكالات المختصة) وردت بشأنها المادة 13 من القرار الخديوي (أي اللائحة) الصادر في 2 يونيو 1903.
المادة رقم 4:
يجب على وكلاء المشيخة أن يرسلوا الأحكام التي يصدرونها على الفور واحدة تلو الأخرى لكي ينظر فيها المجلس الصوفي. وبالنسبة للأحكام التي يعمل لها استئناف فإن المجلس سيصدر حكمه وفقًا لما يراه ملائمًا. وإذا انقضت الفترة التي ينبغي إجراء الاستئناف أثناءها (ضد الحكم الصادر) وأصبح الحكم قابلًا للتطبيق يبادر المجلس بالكتابة إلى الإدارة للتنفيذ إذا كانت القضية تستلزم ذلك. وفترة الاستنئاف هي ثلاثون يومًا من تاريخ الإعلان بالحكم إذا كان الجانب المختص حاضرًا ، وثلاثون يومًا من تاريخ انتهاء الفترة التي يمكن الاعتراض أثناءها في حالة صدور الحكم في غياب الجانب المختص.
المادة رقم 5:
يجب على كل وكيل مشيخة أن يحتفظ لديه بكافة الدفاتر والسجلات المنصوص عليها بالمادة الثانية من القسم الأول وتنفيذ ما يخصهم في «المركز» الخاص بهم.
المادة رقم 6:
يجب على كل وكلاء المشيخة أن يبلغوا المشيخة العامة عن كل ضريح أو زاوية تقع في منطقتهم ويكون منصب المشرف عليها خاليًا وذلك حتى يمكن تعيين شخص آخر في المنصب الخالي.
المادة رقم 7:
إذا اتضح أن أحد وكلاء المشيخة يحيد عن الطريق القويم ولا يلتزم بالعدالة في أحكامه فإنه سيقال من منصبه.
المادة رقم 8:
ليس من اختصاص وكلاء المشيخة إصدار أحكام في المسائل المتعلقة بالأضرحة، فهذا يدخل في دائرة اختصاص المجلس الصوفي.
القسم الرابع: ويختص بالأضرحة
المادة رقم 1:
تتولى المشيخة الصوفية (مشيخة المشايخ الصوفية) -بالنسبة لكل ضريح خاضع لسلطتها- تعيين خادم أو شيخ خدمة وكذلك خدمة تتلاءم مع الوضع الذي يستلزمه الضريح. ولن تقوم بتعيين أعداد تزيد على ما يحتاجه الضريح من أفراد.
المادة رقم 2:
ذلك الذي أمضى في خدمة الضريح فترة تصل إلى خمس سنوات تكون له أولوية في التعيين مشرفًا على الضريح حتى لو لم يكن من سلالة الشيخ المدفون في الضريح. وإذا لم يكن قد أمضى خمس سنوات في خدمة الضريح يكون للأشخاص المنحدرين من سلالة الشيخ المدفون الأولوية على الآخرين. ولن يتم التعيين في هذا المنصب إلا بعد إجراء التقصي والبحث اللازمين الكافيين.
المادة رقم 3:
يقوم شيخ الخدمة بجمع «النذور» مع إبلاغ الخدمة (جميع الموظفين الذين لهم الحق في الحصول على نصيب من النذور) بذلك مع منح كل ذي حق حقه تدريجيًا (أي على فترات محددة) أو في نهاية كل شهر بنسب متساوية. ومن هذه النسب يخصص جزء من أجل الاحتفال بالأعياد الدينية الخاصة بالضريح والجزء الباقي يوزع على شيخ الخدمة وعلى العاملين بالخدمة وفقًا لما هو مبين في قرار التعيين.
القسم الخامس: ويتعلق بالشئون العامة
المادة رقم 1:
لن يكون هناك هدف من وراء التصوف سوى معرفة القوانين الإلهية وتنفيذها.
المادة رقم 2:
سوف يستبعد من الطرق الصوفية ما يلي:
أولًا: كل المعتقدات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية مثل نظرية الحلول ونظرية الاتحاد واستثناء بعض الناس من تأدية الالتزامات الدينية وغير ذلك من المعتقدات المشابهة.
ثانيًا: أي تصرفات تتنافى مع مباديء الشريعة الإسلامية مثل ضرب الجسد بالأسلحة وأكل الحشرات وما شابه ذلك، والذكر مع الرقص وإلقاء الإنسان لنفسه على الأرض وعدم استكمال جميع الحروف في الذكر والإنشاد بأغاني غير أخلاقية وإقامة حلقات الذكر في الأضرحة وغير ذلك من الأعمال المشابهة.
المادة رقم 3:
ينبغي أن يكون الذكر الصوفي متمثلًا في تذكر الله سبحانه وتعالى والنطق بأسماء الله في وضوح مع الوقوف أو الجلوس في وقار في حضور أحد الخلفاء الحاصلين على «إجازة» من مشايخهم.
المادة رقم 4:
يجب على كل شيخ طريقة وعلى كل خليفة أن يتقابل مع مريديه مرة واحدة أو أكثر ليلًا في زاوية أو في مكان خاص من أجل تذكر الله سبحانه وتعالى وتذكر عظمته المتجلية في كل شيء، ومن أجل التثقيف والإرشاد ويسمح للشيخ أو للخليفة بتعيين مقريء لحلقة الذكر لكي يتلو عليهم آيات من القرآن الكريم ويتحدث مع الحاضرين عن العقائد السليمة والسلوك القويم لكي يثقفهم في هذا المجال.
المادة رقم 5:
يلغى مبدأ القدم الشائع بين الطرق بالمناطق الريفية.
المادة رقم 6:
سوف ينظم المولد ذلك الذي فعل ذلك لفترة لا تقل عن خمس سنوات. ويلزم أن يكون الموقع المجاور لمكان المولد خاليًا من كل شيء يتنافى مع السلوك القويم مثل الألعاب والكباريهات وغير ذلك من الأمور المشابهة.
المادة رقم 7:
تلغى جميع المواكب التي تتم أثناء فترة النهار اللهم إلا إذا وافق باب المشيخة على ذلك. وفي المواكب لا يمتطي ظهور الخيول سوى مشايخ الطرق أو مندوبيهم. ويشترط ألا يكون الموكب مصحوبًا بأي شيء يحيد عن السلوك القويم. وإذا اشتركت الطرق مع بعضها البعض في موكب واحد يكون ترتيبها على النحو الآتي:
1- المرازيقة الأحمدية.
2- الكناسية الأحمدية.
3- المنايفة الأحمدية.
4- السلامية الأحمدية.
5- الإمبابية الأحمدية.
6- الحلبية الأحمدية.
7- التسقيانية الأحمدية.
8- الشعيبية الأحمدية.
9- الشناوية الأحمدية.
10- السطوحية الأحمدية.
11- البيومية الأحمدية.
12- الرفاعية.
13- البرهامية.
14- القادرية القاسمية.
15- القادرية الفارضيىة.
16- الميرغنية.
17- العيسوية الشاذلية.
18- القاسمية الشاذلية.
19- التهامية الشاذلية.
20- الحندوشية الشاذلية.
21- العروسية الشاذلية.
22- السلامية الشاذلية.
23- القوقاجية الشاذلية.
24- الإدريسية الشاذلية.
25- السمانية الشاذلية.
26- الضيفية.
27- العفيفية الشاذلية.
28- الشرنوبية البرهامية.
29- السعدية.
المادة رقم 8:
ليس من المسموح به السير بالأعلام والرايات أمام المواكب الجنائزية اللهم إلا إذا كان هناك تصريح بذلك من باب المشيخة.
المادة رقم 9:
سيتم طرد أي شخص من الطرق الصوفية إذا حاول استغلال احتفال ديني يتم في مكان عام بغرض السخرية أو إدخال التسلية والبهجة على الجماهير.
المادة رقم 10:
سوف تطبق مباديء الشريعة الإسلامية على أي شيء قد يحدث ولم يرد نص بشأنه في هذه اللائحة.
المادة رقم 11:
أي شخص يقوم بانتهاك أي شيء ورد بشأنه نص في هذه اللائحة سيخضع للعقوبات المعروفة للصوفية مثل الإيقاف عن العمل أو الطرد وإلحاق الخزي والعار به أمام جماهير الناس.
المرجع : فريد عبد الرحمن دي يونج، تاريخ الطرق الصوفية في مصر في القرن التاسع عشر، ترجمة: عبد الحميد فهمي الجمال، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995م، ص 153 – 172 ، 213- 226.