مشيخة الطرق الصوفية مشيخة الطرق الصوفية - الطرق الصوفية فى مصر فى الفترة 1905 - 1906م بحلول عام 1905 وكما يتضح لنا من المادة التي تضع نظام الأسبقية للطرق في المواكب القسم رقم 5 المادة 7) نجد أن طرقًا عديدة كانت معترفا بها رسميًا حتى ذلك الحين ومنذ فترات سابقة قد اختفت مثل الجوهرية والسباعية والبندرية والحنفية والزاهدية والحمودية والعربية. وبالنسبة لثلاث طرق الأولى فإن تغير أحوال قد نتج على ما يبدو عن حدوث تدهور تدريجي في أعضائها النشيطين عندما تم تعيين أشخاص تنقصهم الكفاءة والأقتدار كرؤساء على تلك الطرق. إذ حدث تدهور في الجوهرية عقب وفاة حسن الجوهري وتعيين نجله عبد اللطيف (1949) شيخا على هذه الطريقة ، بينما تعرضت السباعية للتدهور والاضمحلال في مطلع القرن العشرين، عقب تولي محمد السباعي وهو نجل رجب السباعي منصب الرئيس الأعلى لهذه الطريقة. أما التدهور الذي أصاب البندرية فمن المؤكد أنه بدأ في عام 1900 تقريبًا عقب موت عطية الصغير الذي كان قد أنشأ هذه الطريقة في عام 1899 ، ومجيء ابنه حسن خلفًا له كرئيس على الطريقة حيث كان يتصف بعدم النشاط واللامبالاة حتى أنه أثناء توليه هذا المنصب توقف الاحتفال بمولد المؤسس لهذه الطريقة وهو عطية الكبير والذي كان يقام في مدينة الزقازيق. وليس هناك معلومات متوفرة عن الأسباب التي أدت إلى اختفاء طرق العربية والحنفية والزاهدية والحمودية المعترف بها رسميًا كطرق أو عن التواريخ التي اختفت فيها، وعندما كانت العربية قد فقدت بالفعل وضعها السابق بحلول مطلع القرن العشرين نجد أن عبد الرحمن عليش وهو ونجل عليش الذي كان شيخ السادة المالكية بالأزهر والذي كان الشيخ المبرز للطريقة العربية قبل عام 1882. قد طالب بمركز القيادة لنفسه ويبدو أنه لم يأخذ متطلبات هذا المنصب مأخذ الجد حيث راح يصدر الإجازات من أي طريقة كان قد دخل فيها بمعرفة والده لصالح أي شخص يتقدم بطلب للحصول على تلك الإجازات ، وعلاوة على ذلك فإنه لم يكن يهتم على الإطلاق بتدعيم مركز الطريقة التابعة له مما أدى بالتالي إلى تدهور هذه الطريقة واختفائها من الوجود تمامًا. أما بالنسبة للطريقة الحنفية والتي كانت تضم أعضاءًا من منطقة دمياط فقط فإنه فقدانها للاعتراف الرسمي بها كان نتيجة للتدهور الشديد في عدد أعضائها الناجم عن الدعاية الفعالة التي قامت بها الطرق الأخرى في تلك المنطقة وخاصة الدعاية التي قامت بها الطريقة القاوقجية. أما فقدان الطريقة الزاهدية للاعتراف الرسمي بها عقب موت محمد سليمان الدريني فإنه يوحى لنا أن وجود تلك الطريقة كان معتمدًا تمامًا على شخصية هذا الشيخ، ومما يؤكد ذلك أن هذه الطريقة لم تكن نشيطة عقب منتصف القرن التاسع عشر وأنها لم تبذل أي نشاط إلا في عهد محمد سليمان الدريني، ولكن يبدو أن بعض الأعضاء المنتمين لهذه الطريقة وكذلك بعض الأعضاء المنتمين للحمودية التي كانت قد توقفت هي الأخرى كطريقة معترف بها رسميًا في نهاية القرن التاسع عشر عقب موت شيخها مصطفى إبراهيم قد ظلوا نشطاء فدبت الحياة في كلتي الطريقتين حوالي عام 1930 حيث تم تعيين شيخين جليلين على هاتين الطريقتين مما أعادها إلى وضعهما السابق. وفي مطلع القرن العشرين عندما كانت معظم الطرق التي تناولناها بالجزء السابق في حالة التدهور والاضمحلال كانت هناك طريقتان جديدتان للشاذلية. وكانت الطريقة الأولى قد أسسها محمد عامر المغازي المقيم في الكوم الطويل بشمال الدلتا وكان قد دخل في فرعين مختلفين للخلواتية عن طريق محمد صالح السباعي وعن طريق شخص يسمى علي المعدواي بينما كان والده عامر قد أدخله إلى العفيفية الشاذلية وفي نهاية السبعينات شغل منصب المشرف على المسجد المشيد حديثًا والذي يضم ضريح سلفه محمد المغازي في الكفر الغربي بالقرب من الكوم الطويل وذلك خلفًا لابن عمه سعيد أبو زيد الذي تناول عن المنصب لصالحه. ومنذ ذلك الوقت بدأ ينشر الدعاية لطريقة متميزة خاصة به ليس فقط في شمال الدلتا وإنما في أماكن أخرى في الشمال الشرقي حول كفر الدوار حيث كان يعيش في أواخر أيامه. وصادفه النجاح في جميع أرجاء تلك المناطق وخاصة في خلال الثمانينات حيث أدى عدم الالتزام بحقوق القدم إلى تسهيل النشاط الدعائي لضم الأعضاء الجدد ، والذي يقوم به أولئك المنتمون لطرق ولا يستطيعون المطالبة بمثل هذه الحقوق. وأثناء تولي ابنه وخليفته «علي» منصب المشرف علي الضريح في الكوم الطويل نجد أن سلسلة الطريقة التي ترجع إلى السباعية قد قطعت ، وبدأ التركيز على سلسلة ثانية تربط الطريقة بمصطفى كمال الدين البكري وبالخلواتيين من خلال على المعداوي ، وكان الهدف من وراء ذلك هو إعطاء الطريقة طابعًا أكثر تميزًا لظهور الطابع المميز لهذه الطريقة ونظرًا لأنها تمكنت من ضم أعضاء كثيرين في المناطق المختلفة فإن المجلس الصوفي اعترف بها رسميًا في عام 1905 عقب قبولها اللائحة الداخلية. وبعد مرور عام أي في عام 1906 حصلت الحميدية الشاذلية على الاعتراف الرسمي بها. ولقد كان مؤسس هذه الطريقة ويسمى سلامة حسن الراضي (1866-1939) عضوًا فى المكية الفاسية في أيام حياته الأولى ثم انضم بعد ذلك للقوقاجية ، وأصبح خليفة لهذه الطريقة في منطقة بولاق حيث كان يعيش ويقيم في بولاق. ولكن في أواخر القرن التاسع عشر وقع الخلاف بينه وبين محمد أبو الفتح شيخ الطريقة القاوقجية ، فقرر الشيخ سلامة الراضى قطع جميع علاقاته مع شيخه السابق ، ومن المؤكد أن هذا الحادث مع شيخه السابق هو الذي دفعه إلى إنشاء طريقة خاصة به مستقلة عن القاوقجية. ولكي يؤكد هذه الحقيقة اتخذ سلسلة الفاسية وهي الطريقة التي كان قد انضم إليها قبل أن يصبح عضوًا في القاوقجية. وكان اتخاذه لهذه السلسلة مفيدًا بالنسبة له لأنها ربطته بطريقة معروفة ومحترمة ، وبدون أن تكون هناك مخاوف من أن يقوم رئيس هذه الطريقة بالمطالبة بالسلطة عليه ؛ نظرًا لأن الفاسية لم تعد طريقة معترف بها رسميًا في نهاية القرن التاسع عشر. ونجح في ضم عدد كبير من الأتباع فصدر اعتراف رسمي بطريقته من المجلس الصوفي ، ولكن محمد أبو الفتح شيخ الطريقة القاوقجية عارض في قرار المجلس الصوفي حيث كان لا يزال يعتبر سلامة الراضى من خلفائه وخاضعا لسلطاته، إلا أن مطلبه لم يلق تأييدا من محمد توفيق البكري أو من أعضاء المجلس الصوفي ، وأصدر المجلس الصوفي قرارًا ينص على الاعتراف الرسمي بسلامة كشيخ على طريقة مستقلة قبل نهاية عام 1906 بغض النظر عن اعتراضات محمد أبو الفتح وبغض النظر عن الحقيقة الواضحة بأن سلامة كان أحد خلفائه. وفي نفس العام حصل فرع للطريقة السمانية على الاعتراف الرسمي ، وكانت هذه الطريقة قد انتشرت في خلال القرن التاسع عشر ليس في مصر فقط ولكن في السودان أيضًا حيث دخلت هذه الطريقة السودان حوالي عام 1800 بمعرفة أحمد الطيب ابن البشير (1239: 1823) وهو خليفة لمحمد بن عبد الكريم السمان مؤسس الطريقة ، وتحت قيادة ابن أحمد وخليفته والذي يسمى نور الدايم (1286: 1869) أصبحت هذه الطريقة إحدى الطرق الواسعة الانتشار بالإقليم قبل المهدية. وحتى ذلك الحين كانت الطرق المصرية تتلقى عونًا وتدعيمًا وتشجيعًا حكوميًا في جهودها الرامية إلى ضم أعضاء جدد حيث كانت تنقل الدعاة للطرق الصوفية إلى أفريقيا الاستوائية وإلى الحدود القصوى للفتوحات المصرية ، وأحرز وكلاء السعدية والقادرية المصرية وبعض وكلاء الأحمدية نجاحًا مرموقًا ، ومن الناحية النظرية ظل خلفاء الطرق المصرية في السودان وأتباعهم خاضعين لسلطة رئيس الطريقة بالقاهرة وخاضعين في النهاية لسلطة البكري التي امتدت وشملت السودان أيضًا ، ولكن يبدو أن البكري ورؤساء الطرق المصرية كانوا غير قادرين على ممارسة السيطرة الفعالة على هذه المنطقة إذ لم هناك نصوص تشريعية مثل تلك النصوص المتعلقة بمبدأ حق القدم متاحة في تلك المنطقة ، ولذلك نجد أن كافة الطرق بالسوادن باستثناء الطريقة الميرغينيةـ كانت لها كيان مستقل مقصور على السودان أساسًا، وبدون أية روابط رسمية مع عالم الطرق الصوفية المصرية. ومع ذلك ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر نجد أن فرعًا معدلًا من السمانية تحت قيادة حفيد أحمد الطيب والذي يسمى محمد الشريف (1327-1909) والذي أطلق عليه الأخير اسم الطيبية السمانية البكرية قد اكتسب أعضاء كثيرين في مصر. وفي بادئ الأمر كان الأعضاء من مريدين من القاهرة. وهنا أصبح للطريقة نقيب على مصر كلها وهو رجل يسمى عثمان باشا عبد الحميد العبادي، والذي سعى للحصول على اعتراف رسمي به كرئيس على الطيبية السمانية البكرية في مصر في عام 1906 ، ولكنه لم يتمكن من الحصول على ذلك الاعتراف ، وليس من المعروف لنا الأسباب التي أدت إلى عدم منحه الاعتراف الرسمى، ومن المؤكد أن من بين الأسباب التى أدت إلى عدم اعتراف المجلس الصوفي به هو الحملة التي شنها عليه إبراهيم الجمل (1912) شيخ السمانية في مصر والذي ربما كان ينظر إلى الإعتراف الرسمي بالعبادي على أنه تهديد لمركزه وإضعاف لسلطاته. وعلاوة على ذلك فإن المجلس الصوفي ربما كان واقعًا تحت ضغوط غير رسمية على مستوى عال من جانب محمد الشريف رئيس الطريقة في السوادن والذي كان متواجدًا بالقاهرة في ذلك الوقت. إذ كانت لديه المقدرة على التأثير على قرار المجلس الصوفي نظرًا لأنه على علاقة وثيقة بالأزهر والوكالات الحكومية ومن المحتمل أن يكون قد أجرى اتصالات للحيلولة دون صدور اعتراف رسمي بنقيبه في مصر كشيخ للطيبية في مصر ؛ لأن هذا كان سيعطي للمثل الأعلى لهذه الطريقة في مصر حق التصرف بحرية بدون الرجوع لرئيس الطريقة في السودان وكان سيؤدي إلى جعل العبادي مستقلًا تمامًا عن محمد الشريف ، بل والأكثر من ذلك فإن هذا كان سيؤدي إلى خلق طريقة طيبية مستقلة تمامًا في مصر طالما أن الاعتراف الرسمي بالعبادى كشيخ على طريقة كان سيعطيه السلطة على أعضاء الطريقة الطيبية في مصر مع سحب السلطة من محمد الشريف في نفس الوقت ، وكان هذا سيعود بالضرر على الشريف الذي لم يكن بمقدوره العمل بكفاءة إلا من خلال اتصالاته مع كبار الموظفين المصريين نظرًا لأنه لم يكن له وضع رسمي في مصر. وبحلول عام 1906 كان المجلس الصوفي قد اعترف من جديد رسميًا بمشايخ الطرق الشهاوية البرهامية، ومنهم محمد أبو العلاء الحسيني وكان محمد أبو العلاء الحسيني قد أصبح غير معترف به كواحد منهم عندما اتخذ موقف عدم الانطواء تحت لواء إدارة البكري في عام 1895 م،. وفى عام 1906 م بعد أن أصبحت الحميدية الشاذلية طريقة معترفا بها رسميا ، نجد أن الثلاثة والثلاثين شيخًا الآتية أسماؤهم قد تولوا سلطة قانونية على الطرق التي كانت لها هذا الوضع: 1- سلامة حسن الراضي الحميدية الشاذلية 2- علي المغازي المغازية الخلواتية 3- محمد محمد ياسين الرفاعية 4- محمد إبراهيم علي الإمبابية الأحمدية 5- محمد محمود نوايتو الكناسية الأحمدية 6- حسن محمد شمس الدين المرازقية الأحمدية 7- محمد يوسف الشناوى الشناوية الأحمدية 8- منصور كريم العروسية الشاذلية 9- علي أبو النور الجربي الإدريسية الشاذلية 10- عبد المجيد محمد البرموني القاسمية الشاذلية 11- محمد أبو الفتح القاوقجي القاوقجية الشاذلية 12- محمد محمد مشينة السلامية الشاذلية 13- محمد محمد مسعود الفريدية القادرية 14- علي محمد القادري القاسمية القادرية 15- محمد أبو العلاء الحسيني الشهاوية البرهامية 16- يوسف البسيوني الشرنوبي الشرنوبية البرهامية 17- محمد إسماعيل ضيف الضيفية الخلواتية 18- إبراهيم الجمل السمانية الخلواتية 19- محمد عبد الغني الملواني البيومية الأحمدية 20- علي أحمد المنوفي المنايفة الأحمدية 21- حسن محمد الشعيبي الشعيبيبة الأحمدية 22- محمود عطاء التسقيانية الأحمدية 23- محمد أحمد العفيفي العفيفية الشاذلية 24- حسن محمد يوسف المرزوقي المدنية الشاذلية 25- حمودة محمد الخضري السعدية 26- الشيخ درويش الحندوشية الشاذلية 27- محمد خليل التهامي التهامية الشاذلية 28- عبده محمد الخياطي العيسوية الشاذلية 29- حسن حسن جاد السلامية الأحمدية 30- محمود حسن الجندى الحلابية الأحمدية 31- عبد السميع السطوحي السطوحية الشاذلية 32- محمد علي عاشور البرهامية 33- محمد عثمان سر الختم الميرغانية المرجع : فريد عبد الرحمن دي يونج، تاريخ الطرق الصوفية في مصر في القرن التاسع عشر، ترجمة: عبد الحميد فهمي الجمال، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995م، ص 172-179.