كان هناك طائفة من رؤساء الطرق التي لها طابع الجمعيات، والتي لم يكن لهم أية حقوق في الحصول على الرواتب والمعاشات والمكافآت، ولم يكن لهم الحق في الإشراف على المخصصات بصفتهم رؤساء للطرق؛ فكان من الواضح أنهم ليسوا بحاجة لوساطة البكري؛ ولذلك لم يكن هناك سبب يدعوهم للاعتراف بسلطته عليهم، وامتنعوا عن الارتباط مع الإدارة التنفيذية للطرق، وظهر من بينهم ممثلون عن جماعات الميرغنية والصاوية، وبعض جماعات الشاذلية والخلواتية.
والغالبية العظمى من هذه الطرق، قد أصبحت نشيطة وفعالة في مصر مؤخرًا، وكانت متمركزة في القاهرة والإسكندرية، ونتيجة لذلك كان رؤساء هذه الجماعات في وضع أفضل؛ من حيث تمكنهم من السيطرة على الصراعات التي تؤثر على الطرق الخاصة بهم، مما كان يحول دون تدخل البكري في شئونهم.
لذلك نجد أن تواجد هذه المجموعة، وتواجد نظائرهم كأرباب السجاجيد ممن لهم هذه الروابط الرسمية، قد أدى إلى ظهور انقسام في عالم الطرق في مصر؛ فظل هذا الانقسام هو الطابع الرئيسي المميز للبناء الأساسي للطرق في مصر.
إلا أن محمد توفيق البكرى تمكن فى تعديلات 1903 م (راجع: @ مشيخة الطرق الصوفية - لائحة الطرق الصوفية المعدلة لعام 1903 م @) من إدخال إضافتين كبيرتين على هذه التنظيمات الجديدة. الإضافة الأولى (المادة رقم13) تنص على أن أي عضو في طريقة سواء أكان مريدًا أو خليفة أو موظفًا كبيرًا له الحق في اللجوء إلى المجلس الصوفي في حالة اعتراضه على القرارات التي أصدرها شيخ طريقته. فتخفيض السلطة الداخلية لمشايخ الطرق كان يؤدي حتما إلى تزايد سلطة البكرى حيث كان هذا يفتح الطريق أمام تدخله المباشر في الشئون الداخلية للطرق المختلفة.
أما الإضافة الثانية (المادة رقم5) فقد نصت على أن جميع القرارات الصادرة عن المجلس الصوفي تنطبق على أي شخص أو أي جماعة تعمل بأية وسيلة تحت اسم التصوف. إذ أعطى هذا النص أساسًا قانونيًا لممارسة السلطة على أولئك الذين ينتمون لطرق غير معترف بها رسميًا بدون تغيير وضع هذه الطرق.
والطرق الواقعة في نطاق هذه النوعية كانت تشمل العديد من فروع النقشبندية والشاذلية والخلواتية بالإضافة إلى التيجانية والسنوسية.
ولهذا فقد كان هناك العديد من الطرق التى ظلت متواجدة ولها أتباعها ومريدوها ، دون أن تنضم إلى مشيخة الطرق الصوفية، وظلت تعمل بعيدا عن سلطة البكرية، راجع :
- الطريقة النقشبندية ، (@النقشبندية - مدخل عام - الوضع العام لها فى مصر فى القرن 13 هـ@)
- (@الشاذلية - فروعها - القادرية المدنية الشاذلية@)
- (@الشاذلية - فروعها - الوفائية الفاسية الشاذلية@)
- (@الخلوتية - فروعها - الصاوية الخلوتية@)
- (@الخلوتية - فروعها - العمرانية الخلوتية@)
- (@الخلوتية - فروعها - القاياتية الخلوتية@)
- (@الخلوتية - فروعها - الشرقاوية الخلوتية@)
- (@الخلوتية - فروعها - الجودية الخلوتية@)
- (@الخلوتية - فروعها - السباعية الخلوتية@)
- (@التيجانية - مدخل عام@)
- (@السنوسية - مدخل عام@)
وكان أحد أهم أسباب تواجد هذه الطرق خارج نطاق مشيخة الطرق الصوفية هو خروجها عن حق القدم، راجع الموضوعات التالية :
(@مشيخة الطرق الصوفية - حق القدم@)
(@مشيخة الطرق الصوفية - الطرق الصوفية الجديدة خارج حق القدم@)
المرجع : فريد عبد الرحمن دي يونج، تاريخ الطرق الصوفية في مصر في القرن التاسع عشر، ترجمة: عبد الحميد فهمي الجمال، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995م، ص 34-35، 141.