إن عامة مشايخ الطرق يرفعون سلسلة خرقتهم للإمام علي تحتى إن العلامة ابن خلدون يقول في مقدمته: إن الصوفية نقلوا نظامهم عن التشيع، حتى إن الصوفية لما أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه أصلا لطريقتهم رفعوه إلى علي ت([1]).
وبالطبع فإن كلام العلامة ابن خلدون به مبالغة شديدة فإنها تأثيرات ضعيفة لا ترقى إلى درجة أن يقول الأستاذ العلامة أنهم نقلوا نظامهم الصوفي عن التشيع.
وحديث ابن خلدون سيجرنا بالطبع إلى الحديث عن صلة التصوف بالتشيع.
يلاحظ بعض الباحثين أن هناك التقاء في كثير من الأقطار بين مظاهر التشيع والتصوف، إذ الدين لدى الفريقين طاعة رجل، فالمرجع في أحكام الدين لدى الشيعة هو الإمام ، كما أن من لم يكن له شيخ على حد تعبير البسطامي فشيخه الشيطان، ومصدر العلم لدني أو إلهي لدى الفريقين، وقد أثبت الشيعة المعصمة لأئمتهم ، كما أثبت الصوفية الحفظ لشيوخهم([2]).
ثم استقى الصوفية عن الشيعة فكرة الباطنية وأركانها من الغوث والقطب والأوتاد والأبدال والنجباء. وفي ذلك يشير ابن خلدون إلى أن الصوفية المتأخرين قد خالطوا الإسماعيلية وأشرب كل واحد منهم مذهب الآخر واختلط كلامهم وتشابهت عقائدهم([3]).
ويحدثنا بعضهم عن الصلة بين التصوف والتشيع([4])فيقول والواقع إن الصلة وثيقة بين التشيع والتصوف، فعلى هو معبود الشيعة وهو إمام الصوفية، أليس هو الذي أشار إلى العارفين حين قال لكميل بن زياد أولئك الأقلون عددًا الأعظمون عند الله قدرًا، هجم بهم العلى على حقيقة الأمر فباشروا حقيقة اليقين([5])وقد حدثوا أن الجنيد أخذ الطريقة عن خاله سري السقطي، وكان أخذها عن معروف الكرخي، ومعروف الكرخي أخذها عن علي ابن موسى الرضا»([6]).
ويذكر أن «طبيعة الأشياء توجب أن يقترب التشيع والتصوف، فالشيعة انهزموا في ميدان السياسة، والصوفية انهزموا في ميدان الحياة([7])والاشتراك في الهزيمة يقرب بين النفوس ... ومما يقارب بين المذهبين أن الشيعة والصوفية يؤمنون بالأسرار، ويبحثون عن النجاة في العوالم الغيبية، ولذلك تشابهت أوهامهم وظنونهم وأمانيهم، وتقاربهم في مذاهبهم المعاشية والاجتماعية وصرت ترى لديهم شمائل مشتركة في تناول الأشياء وفهم الحياة والناس»([8]).
والحقيقة التى لا شك فيها أن التأثيرات الشيعية ضعيفة للغاية في التصوف السنى خصوصًا في تصوف أصحاب الطرق الصوفية. وهذه التأثيرات الشيعية الضعيفة للغاية في التصوف وفي تصوف الطرق الصوفية على الأخص مبعثها إلى أن كل مشايخ الطرق الصوفية في مصر ينتهي نسبهم إلى الإمام علي المثل الأعلى للشيعة والصوفية، وإذا كان حب الإمام علي تيسهل عند البعض إبراز آثار شيعية في الفكر الصوفي فإن المسلمين جميعًا يشاركون الشيعة في حبهم الإمام علي وآل البيت جميعا. فقد آخى النبي ×بينه وبين الإمام علي تثم أن عليًا تزوج بنته البتول السيدة فاطمة الزهراء ووالد ريحانتى رسول الله ×الحسن والحسين.
ألم يقل رسول الله ×فيما ذكره - البخاري ومسلم- في حديث الغدير «من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه» وقول علي نفسه «فو الذي برأ النسمة أنه لعهد النبي إلىَّ لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق»([9]).
إن المسلمين سنة وشيعة يتشاركون في حبهم العظيم للإمام علي كرم الله وجهه وكون الصوفية يجعلون على رأس سندهم وقمة سلسلتهم الإمام علي كما يفعل الشيعة لا يجعلنا نغالي في الأمر فنتهم الصوفية بأنهم أخذوا نظامهم في التصوف عن التشيع.
الحق أن رأي الأستاذ العلامة ابن خلدون ومن نحا نحوه في هذا فيه كثير من المغالاة الزائدة.
ومهما اتُّهِمَ التصوف بعامة بأن جذوره تتَّصل بالتَّشيع فهذا غير صحيح على إطلاقه، فالتصوف الإسلامي السني ليس له علاقة بالتشيع من حيث النشأة أو الفكر أو طريقة التَّعلم أو الأصول والغايات أو غير ذلك ، والتصوف الإسلامي السني المنتشر في طول البلاد الإسلامية السنية وعَرْضِها ليس له علاقة بالتشيع لا على مستوى الأصول ولا على مستوى النظريات، ولا على مستوى الرجال وأعلام التصوف، ولا حتى على مستوى الممارسات اليومية.
فعلى مستوى الرجال وأعلام التصوف، سنجد أن كثيرا من كتب طبقات الأولياء كالحلية وطبقات الشعراني تبدأ بترجمة الخلفاء الراشدين الأربعة على ترتيبهم عند أهل السنة فتبدأ بذكر أبى بكر الصديق فعمر بن الخطاب فعثمان بن عفان فعلى بن أبى طالب رضي الله عنهم أجمعين، ومن جهة أخرى فإن أعلام التصوف السنيين - وكثير منهم من الأشراف المنتسبين لآل البيت – مذكورون في كتب طبقات التصوف وكتب التاريخ المختصة بأعلام أهل السنة، ولا ذكر لهم في كتب أعلام الشيعة.
كما سنجد في أعلام التصوف كثيرين من أشراف آل البيت، سنجد أيضا فيهم كثيرين ممن ينتسبون – من حيث النسب – إلى سيدنا أبى بكر الصديق كالسادة البكرية بمصر، ومنهم من ينتهي نسبه إلى سيدنا عمر بن الخطاب كالشيخ محمد بن عنان وهو من كبار أولياء مصر وإليه ينتهي نسب السادة العنانية بمصر، وله ترجمة في طبقات الشعراني، وكذلك الشيخ العارف الكبير الإمام الرباني أحمد السرهندي الفاروقي مجدد الألف الثانية، وكذلك الشيخ خالد ضياء الدين وينتهي نسبه إلى سيدنا عثمان بن عفان، وكلاهما من كبار رجال النقشبندية وعليهما تدور سلاسل هذه الطريقة.
ومن جهة أخرى فليس في طبقات الصوفية التي بين أيدينا ترجمة لأحد من أعلام الشيعة، إلا من كان من الشخصيات الإسلامية العامة كسيدنا على بن أبى طالب أو ابنيه السيدين الحسن والحسين، وغيرهما من أعلام آل البيت الذين لا تختص بهم فرقة دون أخرى، ولا يعنى ترجمة أحد منهم في رجال التصوف أن التصوف صار شيعيا([10]).
ومن جهة الممارسات اليومية فسنجد مثلا رايات الطرق الصوفية مثلا تكتب في أركانها أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة (أبو بكر – عمر – عثمان – على)، وهو ما يؤكد سنية هذه الطرق.
كل ما تقدم يؤكد على سريان أصول أهل السنة والجماعة في التصوف السني بداية من الأصول النظرية والفكرية ومرورا بالأعلام والرجال وانتهاء بالممارسات اليومية.
على أن البحث في الصلة بين التصوف والتشيع هو بحث قديم أدلى فيه العديد من العلماء والدارسين بآرائهم، فمن هؤلاء الإمام ابن خلدون الذي - مع تصوفه الأصيل([11])- رأى أن هناك بعض التيارات الصوفية المتفلسفة تأثرت بالتشيع، كما أن هذا الموضوع تناوله بالبحث بعض الدارسين المعاصرين، وإن انتهوا إلى نتائج متفاوتة، والذي نراه هو ما قدمناه أن التصوف السني الأصيل لا علاقة له بالتشيع([12]).
والشيعة هم الذين انتحلوا التشيع لعلي كرم الله وجهه، وقالوا إنه الإمام بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالنص الجلي أو الخفي وأنه الوصي بعده بالاسم أو الوصف دون الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، وأن الإمامة لا تخرج عنه ولا عن أولاده وإن خرجت فبظلم من غيرهم أو بتقية منه أو من أولاده.
والشيعة فرق متعددة منها ما تطرف في التشيع حتى خرج عن ربقة الإسلام بمزاعم مُكَفِّرة ومعتقدات باطلة، فمنها فرقة تزعم أن الإله قد حلَّ في علي وأولاده وأنه قد ظهر بصورتهم ونطق بألسنتهم وعمل بأيديهم.
ومن عقائد بعض فرق الشيعة الغلاة القول بتحريف القرآن، وتكفير الصحابة، وعدم أحقيَّة خلافة الخلفاء الراشدين الثلاث الأوائل: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان. ويرى متبعي الشيعة أن الإمامة منصوص عليها ومحددة من قبل الله، بينما يرى أهل السنة أن الإمامة لم يتم تحديدها من قبل الله، والإمامة فضل من الله يتفضل به على من يشاء من عباده وليست خاصة لأحد.
ومن أصولهم أيضا تكفير بعض الصحابة وخاصة عند الغلاة منهم، ومنها العصمة لأئمتهم، فالأئمة عندهم معصومون كالأنبياء، واستخدامهم التقية.
بهذا تبين لنا أن أصول الشيعة وعقائدهم تخالف أصول الصوفية السنيين جملة وتفصيلا، أما ما قاله البعض من أن الصوفية شاركت الشِّيعَة في الْمُغَالاة في حُبِّ آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وذريَّته، فأمر مردود؛ لأن الصوفية لم يغالوا في حُبٍّ آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل أحبُّوهم وأحبوا جميع الصحابة رضوان الله عليهم، وكيف لا! وقد أُمِرْنَا بِحُبِّ آل بيت النُّبوة، قال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] فالآية تُوصِي بحبِّ قرابته صلى الله عليه وآله وسلم ومودتهم، وجعل محبتهم في أعماق قلب كل مسلم.
والمغالاة لا تكون في المحبة، إنما تكون في الاعتقاد، فطالما كان المسلم سليم الاعتقاد فلا حرج عليه في محبة أهل البيت رضوان الله عليهم جميعا، ومحبة أهل البيت درجات يرزقها الله لمن أحبه، فكلما زاد حب المسلم لآل البيت ارتقى بهذا الحب في درجات الصالحين؛ لأن حب أهل البيت الكرام علامة على حب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وحب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم علامة على حب الله عزَّ وجل، وفي هذا المعنى قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:
إن كان رفضًا حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي
أما القول بأن الصوفية أثبتت العصمة لشيوخهم كما أثبتت الشيعة العصمة لأئمتهم، فهو مردود أيضا؛ لأنه لا عصمة لكائن من كان إلا من عصمه الله وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، واعتقاد الصُّوفِيَّة فيمشايخهم لا يخرج عن كونهم مُرْشِدين ناصحين لا معصومين، وإن كان الله يحفظ بتوفيقه وعنايته وإرشاده من شاء من عباده من الوقوع في المعاصي، والحفظ غير العصمة، فهذا الإمام الجنيد يُسَأل: هل يزني الولي؟ فقال: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38].وهذا الجواب لا يخرج إلا من عالم قد مُكِّن من الحجة، فلو قال: نعم! لعارض قول الحق {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]، ولو قال: لا! لاتَّهم الناسُ الصوفيةَ بالقول في عصمة المشايخ.
وأما ما قيل بأن الصوفية والشيعة عملا على هدم الدولة الإسلامية السنيَّة، وتعاونا مع أعدائها، فقد ساعد الشيعةُ التتارَ – على ما يذكره المؤرخون – على الدخول إلى بغداد عاصمة الخلافة فخرب بلاد الإسلام وقتل من المسلمين ما لا يحصيه إلا رب الأنام. وكذلك ما قيل من أن المتصوفة يسير أكثرهم في ركاب الظَّلَمة والمستعمرين، لأنهم تربوا على ذلك.
وهذا كلام مردود أيضا وكله مغالطات، لأن الصوفية لهم دور ملحوظ في الجهاد في سبيل الله، وقد ظهر دورهم هذا في المعارك الكبرى فهذا القائد نور الدين زنكي الذي حارب الصليبية المشهورالورع التقي الصوفي، كان جليس رجال التصوف وهو الذي قرر كتاب إحياء علوم الدينللجيش كله وهو من أشهر كتب التصوف.([13]) والقائد البطل صلاح الدين الأيوبي الذي حرَّر بيت المقدس، كان يوصف بالصُّوفي الزاهد الورع النقي التقي([14])، وللشيخ أبي الحسن الشاذلي جهاده المعروف ودوره في معركة المنصورة([15]).
كما كان المرابطون في الثغور والأربطة – على طول البلاد الإسلامية وعرضها شرقا وغربا - جميعهم من الزهاد والعباد والصوفية، فكانوا يتخذون من الأربطة والثغور هدفا لإحياء سنة الجهاد والرباط في سبيل الله، بالإضافة إلى التخلي لعبادة الله تعالى وتهذيب النفس. وفي ذلك يقول الدكتور حسين مؤنس: "وهذه الصوفية المجاهدة استمرت بعد ذلك في عالم الإسلام، وإليها يرجع الفضل في إنقاذه من أزمات الصليبيات والمغول، فقد كان رجال هذه الطرق هم القوة الضاربة المقاتلة في كل معارك الإسلام الكبرى مثل حطين وعين جالوت بحمص، وكان أولئك الصوفيون المجاهدون يسمون في المراجع بالمطوعة وهم زهاد ومتصوفة ومريدون يخرجون للقتال حسبة لله تعالى ويبلون أعظم ما يبلي الجنود المحترفون، وأخبارهم كثيرة فيما بين أيدينا من المراجع.([16])
وقد امتد هذا الدور في العصر الحديث، فلكثير من الطرق الصوفية دور لا ينكر في مقاومة الاستعمار الغربي، كما حدث في الجزائر والمغرب، وكثير من بلاد إفريقية، وكذلك في آسيا حيث ساهمت الطرق في محاربة الشيوعية، ويأتي على رأس هؤلاء في العصر الحديث الأمير عبد القادر الجزائري، وأحمد بن الصديق الغماري المغربي، والحركة السنوسية في ليبيا ومنها المجاهد الكبير عمر المختار، والأربطة والزوايا الصوفية نشأت أساسا في تفاعل الرباط في سبيل الله والتصوف أو الجمع بين الجهادين الكبير والأكبر، كما ذكر الشيخ زاهد الكوثري في بعض مقالاته نماذج عدة لدور الصوفية في الجهاد ومقاومة الاستعمار. ([17])
كما كان لكثير من الطرق الصوفية أثرها في نشر الإسلام في البلاد التي وجدت فيها هذه الطرق ؛ "لأن هذه الطرق تنظيمات تقوم على الدين والإيمان وتعمل لخير الدين والإيمان، عملا منظما مستمرا"([18]).
وأخيرا نقول:إن التصوف الإسلامي السُّنِّي يضرب في الواقع بجذوره في مصادر الإسلام الأصيلة، ولم يرجع في نشأته إلى مصادر غير إسلامية، ولا تمتد جذوره إلى التشيع؛ لأنه لا علاقة للتصوف الإسلامي السُّنِّي بالتشيع لا من حيث النشأة أو الفكر أو طريقة التَّعلم أو الأصول أو الغايات أو حتى الممارسات الشعبية وغير ذلك.
المرجع :
- الطرق الصوفية في مصر ، نشأتها ونظمها ، أ/د عامر النجار ، القاهرة:مكتبة الأنجلو المصرية ، د ت، (ص 42-44) .
- موقع دار الإفتاء المصرية ، باب قضايا إسلامية، موضوع (التصوف الإسلامى – مصادره وعلاقته بالتشيع).
([10]) انظر بخصوص ترجمتي الإمام الرباني والشيخ خالد انظر مثلا: البهجة السنية في آداب الطريقة العلية الخالدية النقشبندية، للخاني، (ص 129 – 158).
([11]) بخصوص تصوف ابن خلدون الأصيل انظر: شفاء السائل، والذي خصه للكلام على بعض مسائل التصوف كحقيقته وأصله وعمل الصحابة بأعمال الباطن، ويظهر فيه اتجاهه الصوفي الواضح، كما تكلم في المقدمة (3/1097 – 1114) بالتفصيل عن التصوف ونشأته وأطواره وتأثر بعض اتجاهاته بالتشيع، ومما قاله بخصوص حقيقة التصوف السني ونشأته: ((وأصله (يعنى التصوف) أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقةَ الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة، وكان ذلك عاما في الصحابة والسلف، فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة)) إلى آخر كلامه، وقد ذكرنا طرفا منه تحت موضوع (التصوف حقيقته ونشأته).
([12]) ممن اعتنى بهذه القضية من المعاصرين: الدكتور كامل مصطفى الشيبي، في دراسته (الصلة بين التصوف والتشيع) والتي كانت في الأصل أطروحته للماجستير، والذي أكد على أنه ليس من السهل تبين هذه الصلة، وأقر بأن هناك تصوفا سنيا، وآخر شيعيا، وطرقا سنية، وأخرى شيعية، ولكنه تبنى وجهة النظر القائلة بوجود تأثير للتشيع على التصوف وذهب يتلمس قرائن ذلك.
وفى المقابل نجد الأستاذ هاشم معروف الحسيني – وهو من الشيعة – في دراسته (بين التصوف والتشيع) يعارض دراسة د الشيبي السابقة، بل يرى أنه قد شوه صورة التشيع التي قدمها في دراسته محاولا – على حد تعبيره (ص 9) - (تحويل التشيع عن محتواه ليصبح من أوسع الروافد التي انطلق منها التصوف)، ويصرح الأستاذ هاشم الحسيني في صدارة دراسته (ص 5) إلى أن المقارنة بين التشيع وتاريخه وأصوله، والتصوف ومصادره ومعتقداته تثبت (أن الفجوة بين التصوف والتشيع بالغة أقصى حدودها فى جميع هذه الموضوعات)، ثم يعود فيؤكد (ص 12) على بعد المسافة بين التصوف من جهة والتشيع من جهة أخرى.
([13]) وقد وصفه الحافظ الذهبي: بأنه كان ذا تعبُّد وخوف وورع، وكان يُصَلِّي في جماعة، ويصوم، ويتلو ويسبح، ويتجنب الكبر ويتشبه بالعلماء والأخيار، وله أوراد في الليل والنهار، وذكر أنه أهديت إليه عمامة من مصر مُذَهَّبة، فأعطاها لابن حمويه شيخ الصوفية، فبيعت بألف دينار. سير أعلام النبلاء: 15/252- 254
([15]) راجع بخصوصها: مقالة بعنوان (أبو الحسن الشاذلي ومعركة المنصورة)، الإمام عبد الحليم محمود، مجلة الأزهر.
([17]) انظر: مقالات الكوثري، القاهرة: دار السلام. وراجع أيضا بخصوص موضوع الطرق ومقاومة الاستعمار راجع على موقع روض الرياحين مقال بعنوان: ((دور الطرق الصوفية في مقاومة الاحتلال الفرنسي بالجزائر)). الطرق الصوفية وأثرها في نشر الإسلام د. حسين مؤنس،، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، ط 1، 1420 هـ / 2000 م.