مراسيم الطريق الصوفي ونظمه:
لا بد أن نقدم صورة لمراسيم الطريق الصوفي حتى تتضح الملامح النظامية والشكلية للطرق الصوفية.
والمراسيم التي سنتحدث عنها الآن مع كونها خاصة بإحدى الطرق الصوفية تكاد تكوننفس مراسيم الطرق الصوفية الأخرى الموجودة في مصر. وهذه المراسيم معظمها إن لم يكن كلها عرفت بعد القرن السابع الهجري حينما حاول خلفاء الطريق وضع مراسيم ونظم لأتباعهم في الطريق.
ويصور لنا مراسيم الطريق الصوفي المرحوم السيد الغنيمي التفتازاني والد الدكتور أبو الوفا التفتازاني شيخ الطريقة الغنيمية بمصر من خلال حديث له مع أحد محرري مجلة «الدنيا»([1]).
يقول السيد الغنيمي التفتازاني «أول ما بدأت به حياتي الصوفية أني كنت نقيبًا للخدم –الأحذية- أتولى حراستها للذاكرين، ثم نقيبا للقهوة وأزاول عملها وسقياها، ثم نقيبا للطعام أعمل بيدي في طهيه وأحمله إلى الآكلين وأصب على أيديهم الماء بعد أن يفرغوا منه، ثم نقيبا لمجلس الذكر أفتتحه وفق أصوله قعودا وقياما وأختتمه في النهاية على حسب ما تقتضيه روح الطريقة من نظم، ثم نقيبا للسجادة أحملها في المراكب وأقف خلفها بعصاى عندقيام الحضرات، ثم نقيبا للشيخ أتولى بنفسي خدمته في طعامه وشرابه وفي نضو الأضوار عن ملابسه. ثم أذنت منه بعدئذ بالتسليك وتلك هي مرتبة الخلافة عند الصوفية. ومن ثم دعيت إلى الخلوة حتى أستكمل النهوض بتعاليم الطريق جميعًا، فإن الخلوة واجب لا يعزب أحد الخلفاء عن أدائه، وأنه لا يدهشك أن تعلم بأن حلقاتها لا تتم إلا في سنوات ثلاث فيتخلى الإنسان في العام الأول أربعين يوما ويختلي في الثاني أحد عشر يوما، ويكتفي في العام الثالث بثلاثة أيام.
التنظيمات الإدارية للطرق الصوفية:
أسس صلاح الدين الأيوبي خانقاه([2]) سعيد السعداء التي تعد أول خانقاه أقيم للصوفية، وبعد ذلك نلاحظ أن أهم العصور التي اهتمت بالتنظيمات الإدارية للطرق الصوفية في مصر هو العصر المملوكي حيث انتظمت فيه الصوفية في جماعات مرتبة داخل الخانقاوات التي أنشئت بكثرة في هذا العهد. «ومن مظاهر تنظيم الصوفية في العصر المملوكي كيفية تقدم المريد للجماعة ثم وصوله إلى درجة النقابة فالخلافة، ثم تحدثه على أتباعه ومريديه واتصاله بهم، ثم اتصال الشيخ بالجميع حتى يسهل عليه بث ما يريده من تعاليم وتلقين ما يراه من أوامر وأحيط ذلك كله بسياج طاعة الشيخ»([3]).
وقد تطورت بعد ذلك التنظيمات الإدارية للطرق الصوفية في العصور التالية([4]) حتى أصبحنا نجد في العصر الحديث أن شيخ مشايخ الطرق الصوفية يعين بقرار من رئيس الدولة.
هذه التعقيدات والتنظيمات الشكلية والإدارية المختلفة لم يعرفها أصحاب الطريق في القرن السابع الهجري فكان الطريق على ما قلنا عهد بين شيخ ومريد يريد أن يصحبه في طريق الله فيعاهد المريد شيخه على التوبة والإنابة إلى الله وذكره.
ملامح الطرق الصوفية وسماته:
ملامح الطريق الصوفي على ما ذكرنا:
1- شيخ
2- ومريد
3- وعهد بينهما.
أما أهم سمات الطرق الصوفية فهي:
1- الذكر
2- السماع
3- الأحزاب والأوراد
4- الموالد.
وقد تكلمنا عن كل ملمح أو سمة منها فى موضوع مستقل، كما تكلمنا فى موضوع مستقل بصورة أوسع عن ملامح الطريق الصوفى (راجع: @الطريق الصوفى - ملامحه@).
المرجع : الطرق الصوفية في مصر ، نشأتها ونظمها ، أ/د عامر النجار ، القاهرة:مكتبة الأنجلو المصرية ، د ت، (ص 29- 31) .
([2]) أصل كلمة خانقاه فارسية تطلق على المباني التي تقام لإيواء الصوفية الذين يخلون فيها للعبادة وقد انتشرت هذه المباني منذ القرن السابع الهجرى، وفي العهد العثماني سميت هذه المباني (تكايا) وخصصت لإيواء الدراويش الذين ينقطعون للنسك والعبادة.
([4]) تطورت التنظيمات الإدارية للطرق الصوفية في مصر في القرون التالية من أهمها أنه «أصبح للطرق الصوفية منذ القرن 19 الميلادي أو ما قبله بقليل: مشيخة عامة لصاحبها التكلم على جميع الطرق، وأصبح لكل طريقة شيخ ولكل شيخ خلفاء في القرى، ونواب في المراكز والمديريات ولكل خليفة مريدون والشيخ يدبر أمر الخلفاء، والخليفة أمر المريدين من حيث إرشادهم ومراقبتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. وعرف رئيس الصوفية بشيخ مشايخ الطرق الصوفية.
المرجع السابق ص66. نقلا عن الخطط التوفيقية وتاريخ الجبرتي والنجوم الزاهرة.