هناك أمور أساسية لا بد من معرفتها لكل من أراد أن يسلك طريقا ما من طرق القوم أو أراد أن يدرسه، وفى ذلك يقول الشيخ ابن عياد الشافعى فى مقدمة كتابه العظيم الذى تناول فيه الطريقة الشاذلية (المفاخر العلية فى المآثر الشاذلية) :
"كل من انتسب إلى شيخ من مشايخ الطريقة، وأعلام الحقيقة؛ ينبغى له أن يعرف مبنى طريقة شيخه، ويعرف أذكار شيخه وأوراده وكراماته، ومناقبه ونسله وسلسلته ونسبته وصفته؛ لتزيد فيه رغبته، وتتأكد محبته، ولتتضح له طريقته؛ فيقتفي أثره فيها، ويستعمل ما وصل إليه من أذكاره وأوراده وأحزابه، أو ما تيسر له وقدر عليه؛ ليكون داخلًا معه، بقدر ما عرف منه وأخذ عنه، وإن من انتسب إلى أحد من أئمة الشريعة أو الطريقة، من غير معرفة كلامه فيها؛ فليس له من تلك النسبة إلا اسمها فقط".
فهناك إذن عدة أمور لا بد من معرفتها عن كل طريق لكل سالك أو دارس له :
1- مدخل عام : يُتناول فى هذا القسم باختصار نشأتها ، وأهم مبادئها ، ومنهجها الصوفى.
2- تصوفها : يُتناول فى هذا القسم مبنى الطريقة ، ومنهجها الصوفى ، وآدابها ، ومبادئها ، وسلوكها ، ومراتبه ، ومقامات الطريق ، والشيخ ، والمريد ، ونحو ذلك من موضوعات توضح تصوف الطريقة من بداية السلوك وحتى أعلى مراتبه.
3- أحزابها وأورادها: يُتناول فى هذا القسم أحزاب الطريقة ، وأورادها ، ووظائفها ، وأذكارها ، وما يلزم مريدها الاشتغال به.
4- سلاسلها : يُتناول فى هذا القسم شجرة السلسلة الأساسية للطريقة من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم متصلة إلى مؤسس الطريقة، كما يعرض هذا القسم مشجرات السلاسل التى تفرعت من مؤسس الطريقة وحتى عصرنا الحالى .
5- شيوخ السلاسل: يُتناول فى هذا القسم بالترجمة شيوخ الطريقة الذين ذكروا فى سلاسلها ، سواء السلسلة الأساسية حتى مؤسس الطريقة، أو السلاسل الفرعية التى تفرعت منها.
6- أعلامها: يُتناول فى هذا القسم بالترجمة أعلام الطريقة الذين انتسبوا إليها من غير شيوخ السلاسل، حيث شرف كبار العلماء والأعلام بالانتساب إلى العديد من الطرق الصوفية، وسلكوا على منهجها، وتهذبوا بآدابها، وإن لم يصيروا من شيوخ سلاسلها ، كالإمام شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام والحافظ المجتهد الإمام السيوطى وقد انتسبا إلى الطريقة العلية الشاذلية، ومن الممكن الجزم بأنه قد شاع الانتساب إلى إحدى الطرق بداية من القرن السابع الهجرى، ولا تمضى العقود والقرون إلا وتزداد هذه الظاهرة شيوعا.
7- فروعها: يُتناول فى هذا القسم بيان فروع الطريقة ، وهى ظاهرة منتشرة فى بعض الطرق الكبرى، والتى برز فيها وعبر العقود والقرون العديد من كبار شيوخها وعارفيها، والذين استطاعوا أن يحيوا معالمها فى بعض البلدان وأن يجددوا فيها ، ويقدموا جهودا مباركة للطريقة من حيث الإحياء والانتشار والفكر والمنهج ... إلخ، ومن ثم صار لهم من الشأن والأهمية فى تاريخ الطريقة وتطورها ما استحقوا به أن يكونوا طريقا فرعيا داخل الطريقة الأم ، وهو ما اصطلحنا على تسميته بالفروع. كالطريقة الشاذلية والخلوتية والقادرية مثلا، حيث يكثر فيها وجود مثل هذه الفروع . ومن هنا يعتنى هذا القسم بالحديث عن هذه الفروع ومؤسسيها وبيان ما امتاز به كل فرع.
المرجع : أحمد بن محمد بن عياد الشافعي، المفاخر العلية في المآثر الشاذلية، القاهرة، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، 1381هـ/1961م، (ص 3-4).