ينبنى على موقف المدرسة الشاذلية من اتباع الشرع الحنيف، والتزام الكتاب والسنة والعمل بهما ، ووجوب الاقتداء به صلى الله عليه وسلم أن قرروا أنه لا "علم إلا بتعليم من الشارع أو من ناب منابه إنابة؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: "إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم، ومن يطلب الخير يؤته ، ومن يتق الشر يوقه" ، وما تفيده العبادة والتقوى إنما هو فهم يوافق الأصول ويشرح الصدور ويوسع العقول، ثم هو منقسم لما يدخل تحت دائرة الأحكام، ومنه ما لا يدخل تحت دائرة العبارة ..."([1]).
إذن فالشاذلية لا يقبلون من الفهوم الوهبية إلا ما وافق الكتاب والسنة ، ولم يخرج عن دائرة الشرع، وهم يتفقون فى ذلك مع محققى الصوفية ، الذين صرحوا بأنه لا يقبل شىء فى الطريق إلا بشاهدى عدل : الكتاب ، والسنة.
ولهذا يؤكد الشاذلية على أن " حكم الفقه عامٌّ فى العموم لأن مقصده إقامة رَسْم الدين ورفع مناره وإظهار كلمته ، وحكم التصوف خاص فى الخصوص لأنه معاملة بين العبد وربه ، من غير زائد على ذلك ، فمن ثَمَّ صح إنكار الفقيه على الصوفى ولم يصح إنكار الصوفى على الفقيه ، ولزم الرجوع من التصوف للفقه فى الأحكام والحقائق، لا بالنبذ والترك وصح الاكتفاء به دونه . ولم يكف التصوف عن الفقه ، بل لا يصح دونه ولا يجوز الرجوع منه إليه إلا به ، وإن كان أعلى منه رتبة، فهو أسلم وأعم منه مصلحة..."([2]).