تؤكد المدرسة الشاذلية على أن الولاية إنما هى من مظاهر أنوار النبوة، يقول ابن عطاء الله : "إن مدد الأولياء من الحقيقة المحمدية، وإن الأولياء إنما هم مظاهر أنوار النبوة ومطالع شوارقها، وأنوار الولاية قائمة الثبوت للزوم دوام أنوار النبوة"([1]).
فالفرق الواضح والقاطع بين معرفة الأنبياء ومعرفة الأولياء وهو ما أكد عليه الشيخ أبو العباس المرسى رضى الله عنه ، فـ "الأنبياء يطالعون حقائق الأشياء ، والأولياء يطالعون مثلها"، ولهذا قال حارثة رضى الله عنه فى حديثه المعروف "وكأنى أنظر إلى أهل الجنة فى الجنة"، ففى هذا الحديث فائدة أن الصحابى رضى الله عنه وقف على مستحق رتبته فقال "كأنى"، ولم يقل "نظرت"، فأفاد ذلك أن "الأنبياء يطالعون حقائق الأشياء ، والأولياء يطالعون مثلها"([2]).
والولى هو من كان به سبحانه ، وعندها يكون فى محل القرب، يحكى الشيخ شهاب الدين الأبرقوهى أنه دخل على الشيخ أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه ، فسمعه يقول : "يقول الله عز وجل: عبدى أجعلنى مكان همك أكفيك همك، عبدى ما كنت بك فأنت فى محل البعد، وما كنت بى فأنت فى محل القرب، واختر لنفسك"([3]).
ويرى الشاذلية أن الولاية تنقسم إلى ولاية كبرى ، وولاية صغرى ، وفى ذلك يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه: " من أجل مواهب الله الرضى بمواقع القضاء والصبر عند نزول البلاء والتوكل على الله عند الشدائد والرجوع إليه عند النوائب، فمن خرجت له هذه الأربعة من خزائن الأعمال على بساط المجاهدة ومتابعة السنة والاقتداء بالأئمة، فقد صحت ولايته لله ولرسوله وللمؤمنين، ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ﴾ [المائدة: 56]. ومن خرجت له من خزائن المنن على بساط المحبة فقد تمت ولاية الله له بقوله: ﴿وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [الأعراف: 196]. ففرق بين الولايتين : فعبد يتولى الله وعبد يتولاه الله ، فهما ولايتان صغرى وكبرى. تفسيره: ولايتك الله خرجت من المجاهدة، وولايتك لرسوله خرجت من متابعة سنته، وولايتك للمؤمنين خرجت من الاقتداء بالأئمة، فافهم ذلك من قوله: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ﴾ [المائدة: 56]"([4]).
والولى فى المدرسة الشاذلية محفوظ بعناية الله ويدل على ذلك قول الشيخ أبى العباس المرسى: "ولى الله تعالى مع الله ، كولد اللبوة فى حجرها، أتراها تاركة ولدها لمن أراد اغتياله"([5]).