نسخة تجريبيـــــــة
الشيخ أبى الحسن وطرق معرفة منهجه الصوفى

كان الشيخ الإمام أبو الحسن الشاذلي رضى الله عنه مدرسة علمية، نهل منها كل من اتصل به على حسب استعداده، ولقد كان مدرسة علمية متكاملة، أي كان مدرسة للظاهر من العلوم وللباطن منها، فقد كان يدرس، ويفتي على الوضع الظاهر، وكان يدرس، ويفتي على الوضع الذوقي الصوفي، وما كان في ذلك متناقضًا، لأنه لا تعارض بين الشريعة، والحقيقة «وعلمنا هذا مشيد على الكتاب والسنة»، كما يقول الجنيد ت. وأخذ عنه أهل الظاهر، كل بحسب استعداده، وأخذ عنه الصوفية كل على حسب استعداده، وورثه في كلتا الناحيتين، أبو العباس المرسي، ورجال المدرسة الشاذلية يعرفون أنه هو الذي بث علوم الشيخ أبي الحسن ونشر أنوارها، وأبدى أسرارها([1])، وقد سرى هذا الأمر فى كبار رجال هذه المدرسة الذين جمعوا الناحيتين، واستمروا على هذا الأمر إلى يومنا هذا.

أولا : صعوبات معرفة منهج الصوفى للشيخ أبى الحسن الشاذلى:

إن من أيسر السبل للتعرف على مناهج ومذاهب العلماء مطالعة كتبهم التى خطوها بأيدهم أو أملوها، فيتسنى للباحث أن يتعرف على مذاهبهم من خلال ما قرروه فى كتبهم،  وفى حالة عدم العثور على مثل هذه الكتب والمؤلفات يبدو الأمر صعبا.

وقد أقر بهذه الصعوبة أحد الباحثين الكبار كالأستاذ على سالم عمار، وأظهر العجب لعدم قيام الإمام بتأليف الكتب فى هذا العلم، فقال : «وإنه لمن العسير على الباحث أن يستبين علوم الشاذلى دون أن يقرأ كتابا محررا، فإن مؤلفات كل عالم تدل على علمه وعرفانه بنوع من اليسر، وقد ثبت من أقوال ثقات المؤرخين أن الشاذلى لم يؤلف كتابا، إلا الصلاح الصفدى فقد زعم أنه قد كانت له مصنفات وليس من السهل أن نؤمن بهذا الزعم، إذ لو كانت له مؤلفات لتحدث عنها أقرب المقربين منه من أتباعه مثل ابن عطاء الله السكندري، ومثل ابن الصباغ وقد كانا فى مقدمة مؤرخية الناشرين لفضله والداعين لطريقته.

ولقد عجبت وعجب الناس للشيخ أبى الحسن الشاذلى الإمام العالم العلامة الذى كان يناظر أكبر علماء عصره بل كان يناظرهم ويفحمهم بالحجج والأدلة ولما يبلغ مبلغ الرجال، وهو المتبحر فى علم اللغة والأدب والبيان وعلوم الفقه والشريعة والحديث والتفسير وعلوم الحقيقة. عجبت وعجب الناس كيف أنه لم يؤلف كتابا اللهم إلا ما نقله أصحابه من الأحزاب والأوراد والأدعية والأذكار. ومن مأثور كلامه ووصاياه، وأما كل ما عدا ذلك فهو من عمل بعض شيوخ الشاذلية من بعده.

لقد كان الإمام أبو الحسن الشاذلى يرى أهمية علوم القوم، وضرورة التغلغل فيها، قال الشيخ أبو الحسن : «من لم يتغلغل فى هذه العلوم –يعنى علوم التصوف- مات مصرا على الكبائر وهو لا يعلم، وما سوى هذه العلوم قد لا يحتاج إليه، وربما أضر بصاحبها مداومته عليها وقد استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم -فى الخبر المشهور- من علم لا ينفع. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلى : الحقائق هى المعانى القائمة بالقلوب وما اتضح منها وانكشف لها من الغيوب، وهى منح من الله وكرامات بها وصلوا إلى البر والطاعات»([2]).

وقال الشيخ أبو الحسن : «العلم الحقيقى هو الذى لا تزاحمه الأضداد ولا الشواهد بنفى الأمثال والأنداد كعلم الرسول والصديق والولى فمن دخل هذا الميدان كان كمن غرق فى البحر فتلاطمت عليه أمواجه فأى ضد يزاحمه أو يلقاه أو يسمع به أو يراه ومن لم يدخل هذا الميدان احتاج إلى قوله تعالى ﴿ليس كمثله شيء﴾ ... »([3]).

وقال الشيخ أبو الحسن : «اعلم أن العلوم التى وقع الثناء على أربابها وإن جلت فهى ظلمة فى علوم ذوى التحقيق»([4]).

إن كان الأمر كذلك،فلماذا لم يؤلفالإمام أبو الحسن الشاذلى كتبا فى هذه العلوم التى يرى أهميتها؟ لعل الإجابة على ذلك ما ذكره ابن عطاء الله السكندرى : «قيل له –أى الشيخ أبى الحسن-: لم يا سيدى لا تضع الكتب فى الدلالة على علوم القوم ؟ فقال : «كتبى أصحابي»، ثم يعتذر ابن عطاء الله عن الشيخ أبى الحسن فيقول : وعلوم التحقيق لا تتحملها عقول الخلق ويزيد المسألة       إيضاحا الشيخ أبو العباس المرسي، فيقول : "جميع ما فى كتب القوم عبرات فى سواحل بحر التحقيق"([5]).

وروى عن الشيخ أبى الحسن الشاذلى قوله : العلوم على القلوب كالدنانير والدراهم فى الأيدى إن شاء الله تعالى نفعك بها، وإن شاء ضرك. وكان الإمام الشاذلى يقول صراحة : إن لله أسرارا لا يسع فيها الرسم ولا يليق بها الكتم، ولا ترسم فى الدواوين لعمى البصائر وضعفاء النجائر، ولا يليق بها الكتب لوضوحها وشدة ظهورها([6]).

ومعنى ذلك كله أن القلوب فقط هى أوعية هذه العلوم، ولا يجوز تدوينها على مذهب الشاذلى والمرسى حتى لا يؤولها لغير ما قصد بها أو يفتتن بها عمى البصائر وضعفاء النجائر، ولا يليق بها الكتم لوضوحها وشدة ظهورها»([7])

ثانيا : طرق معرفة منهج الإمام الشاذلي:

لما تأكد لنا أن الإمام أبا الحسن الشاذلى لم يؤلف كتابا فى علوم القوم يرشدنا به إلى منهجه تصريحا سلكنا فى استنباط منهج الإمام عدة طرق من أهمها:

1- التعرف على منهجه من خلال استقراء عناصر التصوف واكتمالها لديه.

2- التعرف على منهجه من خلال مدارس مصادره الصوفية التى تلقى عنها.

3- التعرف على منهجه من خلال الكتب التى كان يدرسها ويحث على قراءتها.

4- التعرف على منهجه من خلال ما قرره تلاميذه وأبناء طريقته ممن كتبوا الكتب فى التصوف والطريقة الشاذلية.

1- منهج الشاذلى من خلال ملاحظة اكتمال عناصر التصوف لديه :

نقل الأستاذ على سالم عمار العناصر الثلاثة الأساسية التى تكون ملامح التصوف الحق، فقال : «ولقد أجمل الدكتور محمد مصطفى حلمى فى كتابه [ابن الفارض والحب الإلهي] شتى هذه المعانى فى معنيين رئيسيين قال : أحدهما : معنى عملى يتمثل فيه ما يأخذ به السالك نفسه من ألوان الرياضات، وضروب المجاهدات والمرآة التى ينعكس على صفحتها هذا المعنى هو المقامات التى تترقى عليها النفس من مقام إلى مقام ترقيا يمكنها فى النهاية إلى درجة اليقين والعرفان.

وثانيهما : معنى ذوقى روحي، هو هذا الذى يحصل فى النفس ثمرة لمجاهدتها ورياضتها، فإذا هى تصفو شيئا فشيئا، وتخلص من شوائبها رويدا رويدا، وإذا هى تستحيل آخر الأمر إلى روح صافية نقية كما كانت قبل أن تهبط من عالم الأمر إلى هذا العالم السفلى بما فيه من أكدار المادة وعوامل الفساد.

والمرآة التى ينعكس على صفحتها هذا المعنى الذوقى الروحى هو ما يعرض للنفس من أحوال ترد عليها حينا وتتحول عنها حينا آخر، وما تزال هذه الأحوال بين إقبال على النفس وإدبار عنها حتى يستقر منها آخر الأمر حال يغلب عليها ويوجه حياتها الروحية فإذا هى تشرق بنور الحق، وتعمى عن رؤية الخلق.

هنالك تكون النفس قد وصلت إلى أسنى الأحوال، وتكون لقد شاهدت بعين البصيرة كل ما فى الوجود من آيات الحق والخير والجمال.

وأضاف الدكتور أبو العلا عفيفى بك على هذين المعنيين أو هذين الوصفيين صفة ثالثة، أو قل شرطا ثالثا متمما للتصوف فلا يكتمل التصوف الحق إلا باجتماع ثلاثتها فتصير :

(1) طريقة القوم ومسلكهم وهى الرياضة والمجاهدة.

(2) الحالة النفسية وهى الإشراق الذوقى الروحي.

(3) الغاية التى يسعى كل صوفى للوصل إليها وهى الاتصال بالله.

وقال : فإذا وقف شخص عند الطريقة ولم يصل إلى غايته لم يكن صوفيا كالزهاد الذين يعتبرون الزهد غاية فى ذاته ولا يطمعون فى الوصول إلى شيء آخر، وإذا حقق شخص فى نفسه تلك الحالة النفسية الخاصة بطريق غير التصوف المحدود بشروط وقواعد وأعمال لم يكن صوفيا. وذلك كالمحبين والوالهين وكعباد الطبيعة أو عشاق الموسيقى أو أى نوع من أنواع الجمال الفني، وكبعض المشعوذين فإن هؤلاء يكون لهم أحوال تشبه أحوال الصوفية، وليسوا منهم فى قليل أو كثير، فالصوفى الحق الذى يستحق أن نلق عليه كلمة صوفى بمعناها الدقيق هو الحائز لهذه الصفات أو العناصر الثلاثة مجتمعة»([8]).

ثم قال : «ولقد بلغ الشيخ أبو الحسن من التصوف الحق أعلى حالاته واجتمعت فيه عناصره الثلاثة وتحقق بمقاماته وأحواله كاملة، تدلنا على ذلك معارفه وعلومه التى لم يسطرها فى كتاب ولكنه بثها فى قلوب الأتباع والأصحاب. قال الشيخ أبو الحسن : «التصوف هو تدريب النفس على العبودية وردها لأحكام الربوبية»([9]). وقال : «الصوفى يرى وجوده كالهباء فى الهواء، غير موجود ولا معدوم حسبما هو عليه فى علم الله»([10]).

وبما ذكر نعلم أن منهج الإمام الشاذلى -رضى الله عنه- اعتمد الرياضة والمجاهدة لتنقية النفس من تفثها، كما رسخ الإشراق الروحي، وأكد على قصد الله وحده. وبهذا يكون منهجا متكاملا متوازنا.                       

2- التعرف على منهج الإمام أبى الحسن الشاذلى من خلال مصادر تلقيه :

من الطرق التى تعين الباحث على استنباط منهج الإمام الشاذلي، النظر فى طرائق مصادره التى تلقى منها التصوف، فلقد تأثرت مدرسة الإمام أبى الحسن الشاذلى بمن تلقى واستقى عنهم الطريق، سواء كان ذلك التلقى مباشرا كما هو الحال مع شيخه عبد السلام بن مشيش، أو تأثر به بشكل غير مباشر كما هو الحال مع مدرسة الشيخ أبى مدين الغوث حيث أخذ الشيخ أبى الحسن الشاذلى عن عدة من كبار تلاميذ سيدى أبى مدين ، وكالشيخ الرفاعى الذى التقى الشاذلى بتلميذه أبى الفتح الواسطي.

وإذا أردنا أن نتعرف العناصر التى التقى بها الشاذلى إبان صحبته لأشياخه - فيما يرى الأستاذ على سالم عمار - «تلك العناصر التى كونت تصوفه حتى خرج منها بعد أن استوعبها إلى طريقته المعلومة وجب علينا أن نتبع أصول طرائق أولئك الأشياخ ومذاهبهم ومشاربهم، فإنه مهما كان معنيا بتمثيل مذهب ابن مشيش ومشربه وطريقته فى بداية أمره، فلابد أن يكون قد انتفع بغيره منهم بقدر إلى حد ما، ولابد أن يكون ابن مشيش وغيره من الشيوخ قد أخذوا علومهم عن شيوخهم الذين انماز بعضهم عن بعض بمذاهب خاصة ومناهج خاصة وأذواق خاصة تزاوجت بعضها ببعض حتى وصلت إلى الشاذلى مضافة إلى مميزات شيوخ الشاذلى الشخصية، ثم هضمها هو جميعها وخرج منها بطريقته الخاصة وبذوق خاص ظهرت فيه شخصيته كل الظهور.

فإذا تفرسنا فى مشجر شيوخ الشاذلى وتتبعنا أسانيد شيوخه وجدنا أن لكل شعبة مميزاتها الخاصة التى هى التفرغ إلى نوع من الوسائل المؤدية إلى الغاية بشكل أعلى مما لدى الشعب الأخرى أو برأى فى العلم مميز لها عن غيرها ومن ذلك :

أ- تصوف حفاظ الحديث :

فالحفاظ لا يأتون فعلا من أفعال العبادات إلا ما كان مدعما بسند من الحديث، وهم لا يرجون جزاءا ولا ثوابا أكثر مما وردت به الأخبار النبوية، ويمتازون برأيهم الخاص فى الصفات فهى عين الذات من وجه وهى غير الذات من وجه آخر والتنزيه والتشبيه اعتباريان.

ب- تصوف الأشراف :

وأعنى بهم أولئك الذين سلكوا مذهب أهل السنة ويتمايز تصوفهم باعتقادهم أن لهم زيادة فى المواهب والعلوم الباطنية لاتصالهم بالنسب الجسمانى فوق ما لهم من الإرث الروحى كرامة من الله وتشريفا لجدهم الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم.

ج- تصوف الغزالى :

ويمتاز تصوف الغزالى بمناصرة السنة ومناهضة البدعة وعداوة الفلسفة وبنظريته فى المعرفة التى تقول : إن العقل وحده قاصر عن إدراك المعرفة الحقة والاتصال بالحقيقة العليا التى هى الله وأسماؤه وصفاته وأفعاله. وأن الذوق وحده هو الذى يستطيع الصوفى أن يدرك به المعرفة الحقة وأن يتصل بالحقيقة العليا.

د- تصوف الرفاعى :

والرفاعى بنى طريقته على الأدب والتمكين والسكينة والتواضع والذل والانكسار والرفق بالخلق والازدراء بالنفس وعدم الاعتراف لها بمقام والتجرد من الدنيا وهى مقبلة عليه.

وتمايز بفلسفة فى اللذة والألم، فاللذة عنده حال روحى معنوى يتسلط على أجزاء الجسد، فإذا قوى سلطانه أو تياره انتفى معه الشعور وإذا انتفى الشعور انتفى الألم، حتى لو وضع صاحب هذا الحال فى النيران أو لدغته الأفاعى وبثت فى جسده السموم، ما شعر بها وبقى مستلذا بحاله الروحي. ولعل هذه الحال أشبه بالتى حدثت لسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام حينما ألقى بنيران نمرود.

هـ- تصوف الجيلانى :

كان الجيلانى متسننا عابدا واعظا قامعا لنفسه ناصحا لغيره صادقا فى حاله مبغضا للبدعة وأصحابها تود دلال وغيبة. ويتمايز تصوفه بقوة الحال وعلو الهمة ونفاذ البصيرة، تتحد نفسه بالأكوان تارة وتجتلى خباياها وأسرارها لديه، وتغيب وتفنى فى الله تارة أخرى فتحصل لها العلوم اللدنية والمعرفة الحقة. نفس طاهرة زكية. ومرآة قلب مجلوة صقيلة نقية.

و- تصوف ابن عربى :

وابن عربى وإن كان فرعا من شجرة الجيلانى وأحد خريجى مدرسة أبى مدين الغوث الذى أخذ عن الجيلانى مباشرة إلا أن تصوفه يتمايز بمزاوجة بين العقل والذوق وبين الدين والفلسفة لا يكاد يظهر فى ناحية حتى يدلف إلى الغموض ويدور حول الناحية الأخرى يدخل فى كثير من الدروب والمسالك ويتركك حائرا تتخبط هنا وهناك فى روحية عالية وفلسفة عميقة، وهو الذى نظم مذهب وحدة الوجود الصوفية ووضع له القواعد والأصول وكون رأيا فى ختم الأولياء»([11]).

يتضح فيما مر أن تلك المدارس وإن لم تكن تعبيرا محضا عن منهج الشاذلى إلا أنه أثرت فيه وفى تكوينه، وقد تفيد الدارس لمناهج القوم والعلاقة التى بين بعضها بعضا.

3- التعرف على منهج الإمام من خلال الكتب التى كان يدرسها ويهتم بها :

قد نستدل على منهج العالم من خلال النظر فى الكتب التى كان يدرسها لتلامذته، فلولا وجود اتفاق بينه وبين هذه الكتب ما اختارها للتدريس، كما أن اختياره لها يشير إلى أنها تشتمل على المنهج والآداب التى يود تلقينها لتلامذته.

وقد أوضح الأستاذ على سالم عمار هذه النقطة حيث قال : «ومما يعين الباحث على معرفة تصوف الشاذلى عدا الشيوخ الذين تلقى عنهم، الكتب التى عُنِىَ بتدريسها فإن مادة هذه الكتب تدل على اتجاهاته، وعلى التيارات التى سار معها، فإذا قارنا آراء المؤلفين وما تكلموا فيه بما روى عن الشاذلى عرفنا حقيقته بالنسبة إلى حقائقهم، وعرفنا كذلك مقدار التجاوب بينه وبينهم، ومن التحريات التى أجريناها عرفنا أن الكتب المحببة إليه هى :

ختم الأولياء، لمحمد بن عبد الله الترمذى الحكيم           المتوفى سنة 296هـ.

المواقف والمخاطبات : لمحمد بن عبد الجبار النفري         المتوفى سنة 354هـ.

قوت القلوب : لأبى طالب المكي                         المتوفى سنة 387هـ.

الرسالة القشيرية: لأبى القاسم القشيري                            المتوفى سنة 465هـ.

إحياء علوم الدين : لأبى حامد الغزالي                             المتوفى سنة 505هـ.

الشفا فى التعريف بحقوق المصطفى : للقاضى عياض              المتوفى سنة 544هـ.

المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز : لابن عطية الأندلسي       المتوفى سنة 546هـ.

إذا نظرنا إلى هذه الكتب نجدها تدل على التصوف السنى الرائق الصافى الخالص من المضاعفات العنيفة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تدلنا مدارسة هذه الكتب وتدريسها على اتفاقه مع مؤلفيها فى أغلب أفكارهم وآرائهم ومشاربهم ودليلنا على ذلك ما حكاه ابن عطاء الله عن شيخه أبى العباس المرسى قال : «وقال رضى الله عنه، وقد قرأت عليه كتاب «الرعاية للمحاسبي» ما فى هذا الكتاب يغنى عنه كلمتان قالهما الشيخ أبو الحسن: «اعبد الله بشرط العلم، ولا ترض عن نفسك بحال» ثم لم يأذن لى فى قراءته بعد ذلك»([12]).

وقال ابن عطاء الله عن شيخه المرسى أيضا : لما قرأت عليه كتاب «الحقائق للسلمي» فقال : «انتهى عقل العقلاء إلى الحيرة» ثم قال : «وقال الشيخ أبو الحسن : «لا حيرة عند المحققين فما فيه الحيرة عند المؤمنين»([13]).

فمن مثل هاتين الواقعتين نعرف مقدار التجاوب والاتفاق فى الأذواق بين الشاذلى وبين مؤلفى تلك الكتب التى كان معنيا بدراستها، ولا يخفى ما كان عليه الشاذلى من الإفصاح ودقة البيان فى علوم الحقائق ومعرفة حركات القلوب وآفات النفس، وكيفية الدخول إليها وقيادتها وترويضها، كما لا يخفى ما كان عليه من الأخذ بقلوب مستمعيه وجذب نفوسهم إليه حتى إن دروسه كانت تحفز نفوس أهل الهيبة والوقار إلى الترنح والطرب»([14]).

هذه هي الكتب التي ورد ذكرها فيما كتب عن أبي الحسن في المصادر القديمة , وهي كتب مختارة في غاية النفاسة. تدل على مشرب علا في التفسير والسيرة النبوية والتصوف([15]).

وتأثر الشاذلي بالإمام غزالى تأثر واضح للعيان ، وكان الشاذلى يشهد للغزالى بالصديقية([16])، ومن ثَمَّ يلتقي الشاذلي بالغزالي في وجوه كثيرة منها كون الإمامين ينصرانه السنة ويكرهان البدعة ويمقتان التصوف الفلسفي ويسيران جنباً إلى جنب في طريق التصوف السني ويكادان يتفقان في نظرية المعرفة، كما يتفقان في معرفة علل النفس وآفاتها وطريق تصفيتها من جهة التحليل والتشريح العملي، كما يتفقان في رد الأخلاق إلى الأصول الدينية([17]).

خلاصة ما عليه الحكيم الترمذى فى كتابه «ختم الأولياء» :

يقول الأستاذ على سالم عمار بعد أن نقل شرح ابن عربي، والهجويرى لمذهب الحكيم الترمذى فى ختم الأولياء، فيقول ملخصا لهذه الآراء : «إن الولاية هى القربة من الله، وأن هناك ولاية خاصة، وأن الولاية درجات ومنازل، وأن من الولاية ولاية الأنبياء والمرسلين؛ وهؤلاء يحملون فى نفوسهم الولاية فى الباطن بكل خصائصها ومؤهلاتها إلا أن لهم خاصية امتازوا بها عند الله وهى الوحى والنبأ والرسالة وهذه ظاهرة النبوة.

فكل نبى ولي، وليس كل ولي نبيا، وقد يخص الله وليا من أوليائه بما لم يخص به نبيا والدليل على ذلك قصة سليمان عليه السلام والهدهد.

والولاية أفضل من النبوة، وليس ذلك على ظاهر اللفظ فحسب، بل  بمعنى أن ولاية النبى أفضل من نبوة التشريع لأن نبوة التشريع متعلقة بمصلحة الوقت، والولاية لا تتعلق بها، والنبوة صفة الخلق دون الحق، والولاية صفة الحق فإن الله سمى نفسه الولي، والنبى معصوم من المعاصي، والولى محفوظ من الإصرار على المعصية، والنبى ظاهر الحال، والولى مستتر الحال»([18]).

الإمام الشاذلى والحكيم الترمذى :

قال ابن عطاء الله حاكيا عن شيخه أبى العباس المرسى : «وكان هو والشيخ أبو الحسن كل منهما يعظم الإمام الربانى محمد بن على الترمذي، وكان لكلامه عندهما الحظوة التامة. وكانا يقولانا إنه أحد الأربعة الأوتاد»([19]).

قال ابن عطاء الله السكندرى حاكيا عن شيخه المرسى أبى العباس قوله : «كنت مع الشيخ فى بحر عيذاب، وكنا فى شدة من الريح الأزيب، وكان المركب قد انفتح فقال الشيخ -رضى الله عنه- : رأيت السماء قد انفتحت ونزل منها ملكان أحدهما يقول : «موسى أعلم من الخضر» والآخر يقول : «الخضر أعلم من موسى» وإذا بملك آخر (ثالث) ينزل وهو يقول : «والله ما علم الخضر من موسى إلا كعلم الهدهد من سليمان» حين قال (أى الهدهد لسليمان) ﴿أحطت بما لم تحط به﴾. قال الشيخ أبو العباس ففهمت أن الله سلمنا من سفرنا، فإن الله سخر لموسى البحر»([20]).

ويقول الشيخ أبو العباس فى ذلك قولا صريحا : «الأدنى يشرف على الأعلى ولا يحيط به، والأعلى يحيط بالأدنى، فالأولياء لهم إشراف على مقامات الأنبياء، وما لهم الإحاطة بمقامهم والأنبياء يحيطون بمقامات الأولياء»([21]).

ويقول ابن عطاء الله : «حاشا لله أن يشترك النبى والولى فى مقام، كيف ؟! وقد قال أبو يزيد البسطامى -رضى الله عنه- جميع ما أخذ الأولياء مما هو للأنبياء كزق ملئ عسلا؛ فرشحت منه رشاحة مما انطوى على الزق، فهى مثل علوم الأنبياء وتلك الرشاحة هى حظ الأولياء منهم (أى من الأنبياء). ثم قال ابن عطاء : إن الأنوار الظاهرة من أولياء الله إنما هى من إشراق أنوار النبوة عليهم»([22]).

الرسالة القشيرية والإمام الشاذلى :

كتب الإمام القشيرى رسالته ليبين من التصوف وجه الصواب، ويلقى عليه أشعة من النور والهدى وسيرة السلف الصالح، ولقد جاءت هذه الرسالة جامعة مفسرة لكل ما ظهر من التصوف حتى ذلك الحين، فاستكملت ما فات الكتب والرسائل التى سبقتها، وأصبحت حتى هذا العصر أهم مرجع فى هذا الباب حتى لكأنها القانون أو الدستور، ولقد اهتم بها جميع رجالات التصوف وعلمائه وأقطابه منذ تأليفها إلى اليوم.

وكان الإمام أبو الحسن الشاذلى من المعنيين بدراستها وتدريسها على طريقته ومشربه الخاص، وكان يستمع إليه كبار أهل العلم والتقوى، ولقد حوت الرسالة كثيرا من المعارف والفهوم فى مختلف الأبواب والمسائل والشئون المنقولة عن المتقدمين من الأكابر الذين يعتد برأيهم ويعتمد على عقليتهم وروحانيتهم([23]).

وسنجد تقارب بين معانى المقامات وحقيقتها عند الإمام أبى الحسن الشاذلى وعند الإمام القشيري، ومن هذه المعانى والمقامات ما يلي:

1- التوبة :

التوبة عند الإمام القشيرى : «التوبة الندامة، شرطها حتى تصح ثلاثة أشياء، الندم على عمل من مخالفات، وترك الزلة فى الحال، والعزم على عدم العودة. أحوالها : أولها التوبة، وأوسطها الإنابة، وآخرها الأوبة»([24]).

أما التوبة عند الإمام أبى الحسن الشاذلي؛ فيقول: «لتكن همتك فى ثلاث : التقوى والتوبة والحذر. وقوامها بثلاثة : الذكر والاستغفار والصمت عبودية لله تعالى. وحصن هذه الست بأربع: الحب، والرضا، والزهد، والتوكل»، ويقول أيضا : «إذا فاتتك التقوى فى الاستقامة فلا تفوتك فى التوبة والإنابة»، ويأمر مريديه بأن ينخلع عن كل عزم له، ويجعل طريقه الرجوع إلى الله ، فيقول : «ألق بنفسك على باب الرضا، وانخلع عن عزائمك وإرادتك حتى عن توبتك بتوبته عليك. قالاللَّه تعالى {ثم تاب علهم ليتوبوا}»([25]).

2- التوكل :

التوكل عند الإمام القشيرى : «قال حمدون : التوكل الاعتصام بالله. وقال أحمد بن خضرويه : التوكل محله القلب، والحركة بالظاهر لا تنافى التوكل بالقلب بعد ما تحقق العبد أن التقدير من قبل الله. فإن تعسر شيء فبتقديره، وإن اتفق شيء فتيسيره. وقال سهل بن عبد الله : التوكل ثلاث. لا يسأل، ولا يرد، ولا يحبس. وأول مقام التوكل أن يكون العبد بين يدى الله عز وجل كالميت بين يدى الغاسل يقلبه كيف شاء، ولا يكون له حركة ولا تدبير»([26]).

أما التوكل عند الإمام الشاذلي؛ فيقول: «حق التوكل صرف القلب عن كل شيء سوى الله، وحقيقته نسيان كل شيء سواه، وسره وجود الحق دون كل شيء تلقاه، وسر سره ملك وتمليك لما يحبه ويرضاه».

ويقول الإمام : «وبساط التوكل إذا ورد عليك خاطر من غيره -أعنى من عيوب أو مكروه- وكشف لك عن عيوبه جلست على بساط محبته متوكلا عليه، راضيا بما يبدو لك من آثار فعله فى أنوار محبته» ويقول رضى الله عنه : «لا يصح التوكل إلا لتقي، ولا تتم التقوى إلا لمتوكل»([27]).

3- الرضا :

الرضا عند صاحب الرسالة القشيرية : «قال النورى : الرضا سرور القلب بمر القضاء.

وقال الدقاق : ليس الرضا أن لا تحس بالبلاء، إنما الرضا ألا تعترض على الحكم والقضاء. وليس الرضا السكوت والرضا عن المعصية.

وقال عبد الواحد بن زيد : لا يكاد العبد يرضى عن الحق سبحانه إلا بعد أن يرضى الحق تعالى عنه. قال الله تعالى : ﴿رضى الله عنهم ورضوا عنه﴾. وعن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بينا أهل الجنة فى مجلس لهم إذ سطع على باب الجنة نور، فرفعوا رؤسهم فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم فقال : يا أهل الجنة سلونى ؟ فقالوا : نسألك الرضا عنا. قال تعالى : رضاى قد أحلكم دارى وأنالكم كرامتي. هذا آوانها.. (الحديث).

والرضا قسمان : رضا به، ورضا عنه. فالرضا به مدبرا، والرضا عنه فيما يقضي. والخراسانيون قالوا : الرضا من جملة المقامات وهو نهاية التوكل، ومعناه أن يؤل إلى أنه مما يتوصل إليه العبد باكتسابه. والعراقيون قالوا : الرضا من جملة الأحوال، وليس ذلك كسبا للعبد بل هو نازلة تحل بالقلب كسائر الأحوال»([28]).

أما الرضا عند الإمام الشاذلى فيقول : «حقيقة الرضا وجود الحق عرضا عن النفس والخلق. ثم قال الشيخ أبو الحسن : ولأضرب لذلك مثلا – لتقريب الفهم : رأيت جماعة من الناس جمعوا لى من ملوك وأمراء ومن دونهم من سائر الناس، وقد تعلق بكل واحد منهم ولده، فلا يرضى به بدلا، ولا يبغى عنه حولا، لأنه عرضه، لذلك قيل حقيقة الرضا وجود الحق عرضا لا عوضا عن النفس والخلق»([29]).

وقال الشيخ أبو الحسن : «الق بنفسك على باب الرضا، وانخلع عن عزائمك وإرادتك»([30]). وقال : «اعبد ربك بشرط العلم، ولا ترض عن نفسك بحال»([31]).

ولعل فيما ذكر يتضح إمكانية استنباط منهج الإمام أبى الحسن الشاذلى من خلال تحليل الكتب التى درسها واهتم بها؛ إذ لا يخلو سبب اختياره لها إلا أن تكون موافقة له فى المنهج، أو أن تكون متشابهة.

لا سيما أنه ثبت مدح الإمام أبى الحسن الشاذلى نفسه لهذه الكتاب فيما رواه عن تلميذه أبو العباس المرسي، حيث قال : «كتاب الإحياء يورثك العلم، وكتاب القوت يورثك النور» وعنه كذلك : «عليكم بالقوت فإنه قوت»([32]).

4- التعرف على منهج الإمام أبى الحسن الشاذلى من أصحابه :

لعل من أدق السبل وأوثقها للتعرف على منهج الإمام أبى الحسن الشاذلى ما سطره أصحابه فى كتبهم، ولقد أرشد الإمام الشاذلى بنفسه إلى هذا المسلك فى تلقى منهجه ومعرفة طريقته، يقول ابن عطاء الله السكندرى : «قيل له –أى الشيخ أبى الحسن- لم يا سيدى لا تضع الكتب فى الدلالة على علوم القوم ؟فقال : «كتبى أصحابي»([33]).

وحتى إن لم يرشدنا الإمام الشاذلى بنفسه إلى تتبع أصحابه للتعرف على منهجه لقصد الباحثون ذلك؛ وذلك لأن الشاذلى لم يكن عالم شريعة حتى يخالفه أصحابه فى أصل المنهج والمذهب، بل إن حتى علماء الشريعة الذين أسسوا المذاهب لم يخالفهم أصحابهم فى أصل المنهج والمذهب. والمتابعة فى مذاهب المتحققين أشد منها فى مذاهب المتشرعين، لذا كان تتبع ما ذكره أصحاب الإمام الشاذلى مسلكا صائبا فى استنباط منهجه، ونخص منهم خليفته سيدى المرسى أبى العباس، وتلميذه ابن عطاء الله السكندري، وابن الصباغ رضى الله عنهم جميعا.

فإذا ذكرنا أن منهج الإمام أبا الحسن الشاذلى يدعو إلى أمر ما، ثم استدللنا على ذلك الأمر بنقل عن أحد هؤلاء أو غيرهم من اشتهر بتتبع طريقته ومدرسته كنا كأننا نستشهد بأقوال الإمام أبى الحسن الشاذلى نفسه، وذلك لانعدام مؤلفاته المفردة فى هذا الفن، ولأنه نص على ذلك بنفسه فى قوله : «كتبى أصحابي»، وسوف نفرد الفصل الثانى من هذا الباب للكلام على منهج التصوف عند المدرسة الشاذلية من تلاميذ الشيخ أبى الحسن الشاذلى.
 


(1) د/ عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية، (ص 198) .

(2)ابن عياد ، المفاخر العلية ، ص 75.

(3)ابن الصباغ، درة الأسرار ، ص 71 .

(4)ابن عطاء الله السكندرى، لطائف المنن ، ص 5.

(5)ابن عطاء الله السكندرى ، لطائف المنن ، ص 5-6 .

(6)ابن عياد، المفاخر العلية ، ص 91.

(7)راجع فى كل ما ذكر : على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه،  1/119.

(8)على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه، 1/112، 113.

(9) ابن الصباغ ، درة الأسرار، ص 90. ابن عياد، المفاخر العلية ، ص 93 (ط الحلبى) . - والشعرانى ، الطبقات الكبرى ، 2/8 .

(10)ابن عياد، المفاخر العلية ، ص 75، 57.  وعلى سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه، 1/113.

(11)على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه، 1/126 - 131.

(12)ابن عطاء الله ، لطائف المنن ، ص 230.

(13)ابن عطاء الله ، لطائف المنن ، ص 210 ، 211.

(14)على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه،  1/136 ، 137.وانظر أيضا : د/ عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية، (ص 46 - ) .

(15) د/ عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية، (ص 49) .

(16) ابن عطاء الله السكندرى، لطائف المنن، ص 106.

(17)  على سالم عمار، "أبو الحسن الشاذلى ، عصره ..."، 1/168 .

(18)على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه،  1/139 ، 140.

(19)ابن عطاء الله ، لطائف المنن ص 106.

(20)ابن عطاء الله ، لطائف المنن ص 81.

(21)ابن عطاء الله ، لطائف المنن ص 116.

(22)ابن عطاء الله ، لطائف المنن (ص 6 ، 126) .

(23)راجع : على سالم عمار ، أبو الحسن الشاذلى عصره-تاريخه-علومه-تصوفه،  1/150 ، 151 بتصرف يسير.

(24)القشيرى ، الرسالة القشيرية، ص 53 طبعة المطبعة المصرية ببولاق سنة 1287هـ.

(25)ابن عياد ، المفاخر العلية ص 58 (الحلبى) .

(26)القشيرى، الرسالة القشيرية ص 88، 89.

(27)ابن الصباغ، درة الأسرار ص 27، 37 ، 78.

(28)القشيرى، الرسالة القشيرية ص 103 ، 104، 105

(29)ابن الصباغ، درة الأسرار ص  27-28.

(30)ابن عياد، المفاخر العلية ص 58 (ط الحلبى).

(31)ابن عطاء الله ، لطائف المنن ، ص 50.

(32)ابن عطاء الله ، لطائف المنن ص 106.وانظر بيان الشيخ زروق لوجه كلام الشيخ أبى الحسن فى : قواعد التصوف (ط خيالى) ، ص 59-60.

(33)ابن عطاء الله ، لطائف المنن ، ص 5.


التقييم الحالي
بناء على 49 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث