تعتمد طريقة السادة الشاذلية في أكثر الأحيان على مزج الذكر بالدعاء، وما روى عن الشيخ أبى الحسن الشاذلى ومن تبعه من أعلام المدرسة الشاذلية كأبى العباس المرسى وابن عطاء الله السكندرى والشيخ زروق وغيرهم في هذا الباب كثير مستفيض سواء منها ما يتعلق بالأحزاب أو بغيرها من أبواب الذكر والدعاء([1])، يقول ابن عياد: "وأحزاب أهل الكمال ممزوجة بأحوالهم، مؤيدة بعلومهم، مسددة بإلهامهم، مصحوبة بكراماتهم، حتى قال الشيخ أبو الحسن رضى الله عنه في شأن حزبه الكبير: «من قرأه كان له ما لنا وعليه ما علينا»..."([2]).
ويؤكد الشيخ زروق على الصبغة الشرعية والحديثية التى امتازت بها أحزاب وأوراد السادة الشاذلية ، فمع كون الخواص ثابتة فى الأقوال والأفعال والأعيان، وأعظمها خواص الأذكار، وقد ومع أن الله سبحانه هو الذى جعل هذه الخواص للأشياء، فإنه ينبغى اعتبار الجانب الشرعى فى القصد والعمل ، ولا ينبغى الذكر بالمجهولات والمبهمات والموهمات التى لا يفهم معناها، ولهذا فالوظائف الجموعة من الأحاديث الشريفة أكمل أمرا، إذ لا زيادة فيها سوى الجمع، وجل أحزاب الشاذلى عند التفصيل والنظر التام للعالم بالأحاديث من ذلك([3]).
والحقيقة أن أحزاب الشيخ أبى الحسن الشاذلى خاصة وأحزاب أعلام السادة الشاذلية عامة جامعة بين إفادة العلم وآداب التوحيد، وتعريف الطريقة، وتلويح الحقيقة، وذكر جلال الله تعالى وعظمته وكبريائه، وذكر حقارة النفس وخستها، والتنبيه على خدعها وغوايتها؛ والإشارة لوصف الدنيا والخلق وطريق الفرار من ذلك، ووجه حصوله، والتذكير بالذنوب والعيوب والتنصل منها، مع الدلالة على خصائص التوحيد وخالصه، واتباع الشرع ومطالبه، فهي تعليم في قالب التوجه، وتوجه في قالب التعليم، من نظرها من حيث العلم وجده كامنًا فيها، ومن نظرها من حيث العمل فهي عينه، ومن نظرها من حيث الحال وجده كامنًا فيها، وقد شهد شاهدها بذلك عند الخاص والعام، فلا يسمع أحد من كلامها شيئًا إلا وجد له أثرا في نفسه، ولا يقرؤها إلا كان مثل ذلك ما لم يكن مشغولًا ببلوي، أو مشغوفًا بدنيًا، أو مصروفًا بدعوى([4]).
ويؤكد الشيخ أبو الحسن الشاذلى على آداب استجابة الدعاء ، وتظهر هذه الآداب مدى التزام الشاذلية بالشريعة الإسلامية ، وأنهم يصدرون عن القرآن الكريم والسنة فى كل صغير وكبير من آداب الطريق، فآداب إجابة الدعاء على ما يذكر الشيخ أبو الحسن هى :
1- الامتثال للأمر. 2- والاجتناب للنهي.
3- وتطهير السر. 4- وجمع الهمة.
5- والاضطرار. ويؤكد الشيخ أبو الحسن الشاذلى أن مأخذ ذلك من قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ ءأله مَعَ اللهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل:62]، فالمحروم من يدعوه وقلبه مشغول بغيره، فاحذر هذا الباب جدًا، فإن لم تستطع أن تتصف بالخمسة أشياء، فعليك بالخلوة عن الناس، واذكر ما شاء من قبائحك وأفعالك، واحتقر جميع أعمالك، وقدم إليه ما علمته من جميل ستره عليه ([5]).
(1) د/ عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية، (ص 124) .
(2) ابن عياد ، المفاخر العلية ، ص 177 (ط الحلبى) . ولمزيد من التوسع بخصوص موقف المدرسة الشاذلية من الأحزاب والأوراد وأصولها عندهم، راجع: الشيخ زروق، قواعد التصوف (ط خيالى) ، ص 74- 87.
(3) الشيخ زروق، قواعد التصوف (ط خيالى) ، ص 75.
(4) د/ عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية، (ص 125) .
(5) ابن الصباغ ، درة الأسرار، ص 69. - ود/ عبد الحليم محمود ، قضية التصوف - المدرسة الشاذلية، (ص 125-126) .