جرى الأمر عند مشايخ الطريق الصوفى على أن المريد لا يذكر شيئا من الأذكار أو الأوراد أو الصلوات إلا بإذن من مشايخه، ولا يشتغل إلا بما أذن له شيخه فيه ، وذلك لأن لكل ورد أو ذكر منافع وآثار خاصة به تؤثر فى قابلية المريد الذى قد تناسبه بعض الأوراد دون بعض، كما أن بعض الأوراد أو الأذكار تكون علاجا من داء بعينه من أدواء النفوس والقلوب، فلا تصلح لمن خلا منها.
وقد أشار إلى ذلك سيدى ابن عطاء الله السكندرى حيث أخذ يعدد أسماء الله تعالى الحسنى وكيف تكون أدوية لأمراض القلوب وعلل السالكين، فمثلا "اسمه تعالى الصادق ذكره يعطى المحجوب صدق اللسان، والصفى صدق القلب، والعارف التحقيق، واسمه تعالى الهادى نافع فى الخلوة، ينفع من وجود التفرقة والسلوة ويرفعهما، ومن استغاث بالله ولم ير ظاهر صورة الغوث فليعلم أن استمراره فى الاستغاثة هو المطلوب منه، واسمه تعالى الباعث يذكره أهل الغفلة، ولا يذكره أهل طلب الفناء، واسمه تعالى العفو يليق بأذكار العوام، لأنه يصلحهم، وليس من شأن السالكين إلى الله ذكره؛ لأن فيه ذكر الذنب، وذكر القوم لا يكون فيه ذكر الذنب، بل ولا ذكر الحسنة، فإذا ذكرته العامة حسن حالهم... " وهكذا حيث العديد من أسماء الله الحسنى، وكيفية الاشتغال بها فى المداواة.
وكنموذج على أن العادة جرت عند أهل الطريق على لزوم الإذن والتلقى عن الشيخ بالأذكار والأوراد ، ما ذكره الشيخ عبده حسن المشهدى ، حيث يقول: "وقد أجازني شيخي في الطريقة الخلوتية العالم التقي، مفيد الطالبين، وموصِّل المنقطعين، وخادم سنة سيد المرسلين، المرحوم الشيخ محمد الحداد والد شيخنا بكر الحداد حفظه اللَّه تعالى - بأن ألازم بعد الصبح أن أتلو البسملة مائة مرة، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم مائة مرة أيضًا، ويا لطيف مائة وثلاثًا وثلاثين مرة، وذلك في سنة تسع وسبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية، وقد أجازنا بها كذلك سيدي وشيخي الشيخ محمد عليش عليه سحائب الغفران، وكذلك أجازني بها شيخي وأستاذي في الطريقة الأحمدية والشاذلية القطب الأوحد، سلالة السادة الأقطاب، المرحوم السيد سليم أبو عبد اللَّه المسلمي خليفة الطريقة المسلمية - في شهر صفر الخير سنة 1285 ألف ومائتين وخمس وثمانين من الهجرة النبوية".
المراجع:
- ابن عطاء الله السكندرى، مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح ، القاهرة: مصطفى الحلبى، ط1، 1381 هـ / 1961م ، (ص 35-40) حيث ذكر نحو (50) اسما.
- عبده حسن راشد المشهدي ، النفحات الأحمدية والجواهر الصمدانية في النسبة والكرامات الأحمدية ، القاهرة: مكتبة أم القرى، 2002 ، ص 171-172.