نسخة تجريبيـــــــة
القصة الكاملة لشهيد "لقمة العيش"
"بو عزيزي" رجل أحرق النظام بعدما أشعل النار في نفسه!
 

بتاريخ 15-01-2011

خرج من منزله في الصباح الباكر يحمل الأمل في رأسه، ويجر عربته الخشبية التي يحمل عليها الثمار، يدور في ذهنه العديد من الأماني والأمنيات التي يرجو تحقيقها، وعلى الرغم من أنه خريج جامعي، إلا أنه قرر عدم الاستسلام للبطالة، وراح يجول في أروقة الحقول يجمع ثمار الفاكهة، ويجادل مع أصحابها من التجار حتى يستطيع الحصول عليها بسعر مناسب يكفل له الربح من عرق جبينه.
شعر في بادئ الأمر بمرارة الأيام التي جعلته بائعاً للثمار، بعد ضياع حلمه في الالتحاق بوظيفة تتناسب وطبيعة دراسته الجامعية، ولكن الإصرار والعزيمة في قلبه، جعلته يدهس الأفكار الهدامة، ويستمر في النضال لأجل "لقمة عيش" كريمة، يستطيع من خلالها تكوين نفسه.
ومرت الأيام وبو عزيزي يتصارع مع الحياة، وتعانده الأيام حتى أصبح محترفاً في عمله البديل كبائع للخضروات، وبات يعتمد على نفسه في الحصول على مصدر رزق، شعر أن الأموال الزهيدة التي يجنيها هي التعويض المؤقت لما يعانيه من مرارة في حلقه كلما ينادي على الفاكهة والخضروات في الأسواق التي كان يطوف أروقتها شرقاً وغرباً.
لم يكتف النظام التونسي السابق بعدم توفير لقمة العيش الكريمة لأبو عزيزي وأقرانه من أبناء جيله الذين تجاوزوا الملايين، بعدما رفض الاستسلام لقيود البطالة، بل ظلت الشرطة التونسية تتطارده في كل مكان يذهب إليه نظراً لعدم حصوله على ترخيص لبيع الخضروات، فهاجمته وصادرت أمتعته، و وصل بهم الأمرإلى إهانته والتعدي عليه بالضرب المبرح، فما كان أمامه سوى إشعال النار في نفسه اعتراضا على جبروت السلطة الغاشمة التي غضت بصرها عن التحديات التي يواجهها أبناء الوطن المشتتة أشلاءه.
"مسافر يا أمي.. سامحني.. ما يفيد ملام.. ضايع في طريق ما هو بإيديا.. سامحيني إن كنت عصيت كلامك.. يا أمي لومي على الزمان ما تلومي عليا.. رايح من غير رجوع ..... ".. هذه بعض الكلمات المختلطة بالأوجاع والحزن على مصيره كتبها شهيد "لقمة العيش" صاحب الـ26 ربيعاً على "الفيس بوك" يودع بها أمه، قبل أيام قليلة من المضايقات التي تعرض لها من قبل الشرطة التونسية، والتي أجبرته على حرق نفسه، اعتراضا على سياسة القهر التونسية.
سخطه على الواقع جعله زعيماً بعد الاستشهاد، رفض الاستسلام فكان الشرارة التي أشعلت في القهر والاستبداد، اتجه إلى تغيير الواقع فأشعل في نفسه وأحرق الفساد، بعدما سطر التونسي محمد بو عزيزي نفسه في تاريخ الثورة العربية الأولى من نوعها إعتراضاً على العدوان الداخلي، الذي يعد أخطر بكثير من الغزو الخارجي لأي دولة في العالم.

التقييم الحالي
بناء على آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث