نسخة تجريبيـــــــة
(8) حاتم الأصم (تـ237هـ)

 

اسمه ونسبه:

أبو عبد الرحمن حاتم بن علوان ويقال: حاتم بن يوسف الأصم.

من أكابر مشايخ خراسان، وكان تلميذ شقيق البلخي، وأستاذ أحمد بن خِضْرَوَيْه.

سر تسميته بالأصم:

لم يكن أَصَمَّ، وإنما تَكَلَّفَ الصمم مرةً فسُمِّيَ به.

قال الأستاذ أبا علي الدَّقَّاق -رحمه الله-: جاءت امرأة فسألت حاتمًا عن مسألة، فاتفق أنه خرج منها في تلك الحالة صوت، فخَجِلَت، فقال حاتم: ارفعي صوتك. فأَرى -أي: فأظهر- من نفسه أنه أصمُّ، فَسُرَّت المرأة بذلك، وقالت: إنه لم يسمع الصوتَ، فغلب عليه اسم الصمم.

وهو مولى للمثنى بن يحيى المحاربي، صَحِب شقيقًا البلخي، ثم اعتزل الناسَ في قبةٍ نحو ثلاثين سنةً لا يُكَلِّمُهم إلا جوابًا لضرورةٍ، وهو من أجلِّ مشايخ خراسان.

قال في «روض الرياحين»: اجتمع به أحمد بن حنبل وسأله فأجابه فاستحسن جوابه.

من أقواله:

ما من صباحٍ إلا والشيطان يقول لي: ماذا تأكل؟ وماذا تَلْبَسُ؟ وأين تسكن؟ فأقول له: آكل الموت، وألبس الكفن، وأسكن القبر.

وقيل له: أَلا تشتهي؟ فقال: أشتهي عافية يوم إلى الليل. فقيل له: أليست الأيام كلها عافية؟ فقال: إن عافية يومي ألا أعصي الله فيه.فإنه العافيةُ الكبرى ؛ أي: التي لا مَرَضَ بعدها، وهي السلامة من العقاب وأسبابِه.

قال: كنت في بعض الغزوات، فأخذني شخص فأضجعني للذبح، فلم يشتغل به قلبي، بل كنت أنظر ماذا يحكم الله تعالى فِيَّ، فبينما هو يطلب السِّكِّينَ من حُقِّه أصابه سَهْمٌمن حيث لا يدري فقتله، وطرحه عني فقمتُإليه وأخذت السكين من يده فذبحتُه بها.  وفيه أن من كان قلبُه مع الله رأى منه ما لم يَرَهُ من الآباء والأمهات. وفي هذه الحكاية دلالةٌ على كمالِ التثبتِ وقوةِ اليقين بأنه لا يجري على العبدِ إلا ما سَبَقَتْ بِهِ المقاديرُ.

وقال: من دخل في مذهبنا هذا فليجعل في نفسه أربع خصال من الموت؛ موتًا أبيض: وهو الجوع . وموتًا أسود: وهو احتمال الأذى من الخلق . وموتًا أحمر: وهو العمل الخالص من الشَّوْبِ في مخالفة الهوى . وموتًا أخضر: وهو طَرْحُ الرِّقَاعِ بعضها على بعض.-أي: ترقيع الثياب-.

وقيل له مرة: من أين تأكل؟ فقال: ﴿وللهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لايَفْقَهُونَ﴾ [المنافقون: 7].

 وقال أيضاً: الزم خدمةَ مولاك تأتيك الدنيا راغمةً والآخرة راغبة.

ومن كلامه : من أصبح وهو مستقيمٌ في أربعة أشياء فهو يتقلَّب في رضا الله؛ أولُها: الثقة بالله، فالتوكُّل، فالإخلاص، فالمعرفة، والأشياء كلها تتمُّ بالمعرفة.

 وقال: تعهدْ نفسك في ثلاث:إذا عملت فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلَّمْتَ فاذكر سمعَ الله إليك، وإذا سكتَّ فاذكر علمَ الله فيك.

وقال: من مَرَّ بالمقابر فلم يتفكَّرْ لنفسه ولم يَدْعُلهم فقد خانَ نفسَه وخانهم.ودخل بعضُ الأمراء عليه ، فقال: ألك حاجة؟ قال: ألا تراني ولا أراك.

وقال: أصلُ الطاعة ثلاثة: الخوف، والرجاء، والحب.وأصل المعصية ثلاثةٌ: الحسد،والكبر،والحرص.

 وقال: لا تغترَّ بموضع صالح ففي الجنة لقي آدم ما لقي، ولا بكثرة علم فبالعلم كان يعرف الاسمَ الأعظم ولَقِي ما لقي، ولا بمعرفة الصلحاء فلا أعظم من خاتم الرسل ولم ينتفع بلقائه ناسٌ كثير حتى من أهلِ بيته.

 وقيل له: عظني.قال: إن كنت تريد عصيان مولاك فاعصه في موضع لا يراك.

وفاته:

مات سنة سبع وثلاثين ومائتين،فرضي الله عنه ونفعنا به ،آمين. 


التقييم الحالي
بناء على 79 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث