(1315– 1398هـ/ 1897- 1978م)
نسبه ومولده :
هو العارف بالله محمد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم التجاني المصري المالكي الحسيني.
ولد رضي الله عنه عام 1315هـ في ربيعٍ الثاني، في بلدة «كفر قورص» مركز «أشمون» بـ «المنوفية» في مصر، وهو شريف حسيني من جهة أبيه، ويتصل نسبه بسيدنا الحسن رضي الله عنه من جهة جدته لأبيه.
نشأته:
يقول الشيخ محمد عال بن فتى شيخ الإسلام بموريتانيا: لقد نشأ شيخنا الحافظ بين أبوين كريمين عفيفين حريصين على تربيته وتعليمه أحسن تربيه وتعليم، وقد ظهر عليه أثر ذلك ولله الحمد، {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه}.
وهل ينبت الخطي إلا وشيجة ** وتغرس إلا في منابتها النخل
مسيرته العلمية:
حُبِّبَ إليه الاشتغال بطلب العلم منذ نعومة أظفاره، فقرأ القرآن الكريم، واللغة، والتفسير، والفقه، والحديث، والأصول ... وغيرها، على كبار علماء عصره، وصحب الكثيرين من العلماء، وكان يلازم العالمَ حتى يحصل على كل ما معه من العلم، ويدخل مكتبته فلا يخرج منها إلا بعد أن يقرأ جميع ما فيها مما لم يَسبق له قراءته. وقد وهبه الله ذاكرة عجيبة وحافظة واعية على شدة ذكاء، فكان لا يسمع شيئًا ولا يقرأ شيئًا إلا حفظه ووعاه، كأنما أورثه الله حال سيدنا أبى هريرة رضي الله عنه.
وأفاض الله عليه من العلم اللدني ما أفاضه على أكابر أوليائه وهو في سنه المبكرة، وقال الشيخ إبراهيم المرسي -رحمه الله: إن أحد السادة العلماء من أساتذة الأزهر الشريف -وهو الشيخ محمد المصيلحي خليل- كان يُجلسه على حجرة في صحن الأزهر، ويقول: « من أراد أن يسأل عن شيء، فليسأل هذا الفتى الصغير»، فيفيض الله عليه من العلوم ما تقر به أعين السادة العلماء والطلاب، مع اندهاشهم من سعة علمه مع صغر سنه.
وكان من حرصه في البحث عن كتب السنة، أنه إذا رأى في أي مكتبة مخطوطًا من المخطوطات النادرة؛ فإنه يحرص على اقتنائها، إما بنقلها أو بتصويرها، مهما كلّفه ذلك من جهد ومال، ويحاول أن يطبع ما يستطيع طبعه منها.
وكان وهو يلقي خطبة الجمعة أو يلقي عظة أو درسًا، كأنما هو الغيث المنهمر من عالم الغيب من العلم المكنون، الذى يفيضه الله على قلوب أحبابه.
علم لم يسبق أن قرأه أحد في كتاب أو سمعه من عالم؛ فيأخذ بألباب مستمعيه وعقولهم وقلوبهم.
وقد شغف بالعلم، وحبب إليه الاشتغال بحديث رسول الله rوتدريسه، فكان يقول: «إن من منن الحق تبارك وتعالى عليَّ، أنْ علق قلبي بكتب السنة المطهرة، والبحث عنها والتفتيش عليها خلال سياحاتي».
شيوخه:
قرأ القرآن على الشيخ عبد الله حماده، والشيخ سليمان البنا برواية حفص، وقرأ بعضه على الشيخ خليل الجنايني، عن الشيخ متولي شيخ القراء بمصر.
وقرأ اللغة على الشيخ يوسف الكومي، والشيخ محمد المهدي، والشيخ إسماعيل الإسلامبولي.
وقرأ الفقه المالكي على الشيخ عبد المنعم القاسم الفقيه المالكي.
وأخذ التفسير عن الشيخ يوسف الدجوي.
وقرأ الأصول على الشيخ محمد ماضي البنهاوي -وكان علامة الأصول في الأزهر في وقته- والشيخ السكندري، ولازم العارف بالله تعالى سلامة العزامي القضاعي الشافعي -إمام عصره في سائر العلوم الدينية والفنون- وكفاه القراءة عن جميع تلاميذه مدة مصاحبته له.
- الشيخ محمد زاهد الكوثري.
- العلامة السيد أحمد بن محمد بن الصديق الغماري.
- الشيخ محمد بن إبراهيم السمالوطي.
- الشيخ علي بن سرور الزنكلوني.
- الشيخ عبد الستار الدهلوي.
- الشيخ السيد علوي بن عباس المالكي.
- الشيخ محمد عبد الحي الكتاني.
- شيخ المحدثين بالمشرق، الشيخ بدر الدين الحسيني.
وغيرهم كثير.
ومن تلاميذه:
- الشيخ محمد متولي الشعراوي.
- الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم.
- الدكتور علي جمعه مفتي الديار المصرية.
- الشيخ محمد عبد الباعث الكتاني.
- الدكتور سعد جاويش.
- الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب.
وغيرهم كثير.
تصوفه:
رياضته ومجاهدته رضي الله عنه:
كان في بدايته كثير التقشف والزهد والرياضة والمجاهدة، وكان يذكر الله ذكرًا كثيرًا، وعمَّر أوقاته بالعبادة والطاعة، وكثرة السهر في الذكر والأوراد، والبحث والتنقيب في دقائق العلوم والمعارف، وحُبِّبَ إليه العلم والعبادة، فيسر الله عليه بأنوار المعرفة وصفاء اليقين طريق الوصول؛ فنزحت عنه الأغيار، وحلَّت الأنوار والأسرار.
اشتغاله رضي الله عنه بالذكر:
كان من صغره كثير الذكر، يقوم الليل ويصوم النهار ولا يفطر إلا على لقمة صغيرة من الخبز الجاف، وسلك عدة طرق كالطريقة «الخلوتية» -وكانت طريقة أجداده- و«النقشبندية»، و«الشاذلية»، و«البيومية»، واشتغل بأذكار هذه الطرق حتى حصل على أعلى مقاماتها، وأُجيز من كبار مشايخها في إعطائها وتلقينها.
وقد لبس الخشن من الثياب، وتجرد من الدنيا، وانقطع في الخلوات والصحراء للذكر والعبادة، وظهرت عليه آثار الفتح في صغره.
جلسات الفكر والمراقبة:
تولى رضي الله عنه تربية الخلق في هذه الطريقة المحمديةالتجَّانية، وربَّى فيها بخلوة وبغير خلوة، وتتلمذ عليه كثير من السادة العلماء من المشرق والمغرب، وأَذِنَهُم وأجازهم.
وكان كثيرًا ما يجعل في دروسه في المساجد ليلًا جلسة مراقبة، فيأمر بأن تطفأ أنوار المسجد وتغلق أبوابه ونوافذه، ويأمر الناس أن يجلسوا كهيئة جلوس التشهد في الصلاة، ويغمضوا أعينهم، ولا يشتغلوا بذكر ولا بغيره، وإنما يراقبون الله عز وجل، وأنه سبحانه يسمعهم ويراهم -استحضر في قلبك أن الله يسمعك ويراك، وأنه سبحانه حاضر لديك ناظر إليك قادر عليك- وهكذا يستمر في هذه الجلسة ربع ساعة أو أكثر، ويقول لهم: إذا اشتعل الفكر بشيء آخر غير المراقبة فاطرد ذلك الخاطر وراقب الله؛ فيسمع البكاء والنشيج من الحاضرين، حتى إذا أتم الجلسة أمر بإضاءة الأنوار. وكان يأمر أحبابه وتلاميذه بهذه المراقبة دائمًا في بيوتهم ليلًا وعلى انفراد، ويقول: إن هذه الجلسات للمراقبة إذا استمر عليها الإنسان؛ فإنه يتعود أن تكون صلاته وأذكاره كلها بحضور قلب، وهذا بداية الفتح، لا حرمنا الله من هذا الفضل.
ومرجع الشيخ في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «فكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة».
وكان دائما ما يوصي فيقول: وصيتي لنفسي ولإخواني، ولمن أحب إخلاص العبودية للحق -تبارك وتعالى: أن يعلم أن تمحيص العبودية لله هو الولاية الحقة، وما دام بقلبك حب لظهور كرامتك فهو علة، وكل علة أقل ما فيها القطيعة عن جناب الله عز وجل، فاخرج من الأكوان إلى المكوِّن، وانتقل من الحادث إلى القديم، وأسلم نفسك لله يفعل بك ما يشاء، وميز الحق من الباطل، واعلم أن إسلامك نفسك، إما أن يكون لله، فتكون أسلمت نفسك لله حقًّا، وإلا فقد أسلمت نفسك لنفسك، واعلم أن الحق إذا خلق فيك الطاعة، فقد خلق فيك الاستسلام له، وإن خلق فيك المعصية، فقد خلق فيك الاستسلام لنفسك، ولله الحجة عليك، فما أجرى على يديك إلا ما تستحق أن يُخلق لك، ولله المنة في كل ذلك، فقد سترك في المعصية؛ لتشاهد بره في الستر، وأمهلك؛ لتشاهد حلمه في الإمهال، وأيقظ همتك للتوبة؛ لتشاهد كرمه الفياض في دلالتك عليه، ويقبلها منك، ثم يجازيك عليها حتى كأنها صدرت عنك، فإذا كانت هذه بعض النعم عليك في المعصية، وهى لا تُقَدَّرُ، فما بالُك بنعمه عليك سبحانه في الطاعة وغيرها، فضع النعم في مواضعها، فهي أمانة لله عندك، وكان الأحرى بك أن تلتمس أعضاءً غير التي خلقها لك الحق لتعصيه بها، فليس من المروءة أن تستعمل نعمته في ما لا يرضيه.
ولا تأمن مكر الله -عز وجل- ولو بُشِّرت بالجنة، واعلم أن اتكالك في المعصية على رحمة الحق، من مكر الله تبارك شأنه، وقد قال تعالى: )فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون(، ولا يدخل حضرة الأمن، فيكون ممن قال الحق عز وجل فيهم: )أولئك لهم الأمن وهم مهتدون(- إلا من استدام خوفُه، وتوالت رهبته من الله تعالى.
فاتهم نفسك حتى وهي في الطاعة، فلعل فيها للشياطين مدخل، وللأغيار مجال، وحسبك معصية أن تحتجب بطاعتك عمن خلقها لك، والرجاء طبع في النفوس، وسرُّ ذلك: تجلي الحق على العرش وما تحته بالمجلى الرحماني، وما كتب عز وجل على نفسه:)كتب ربكم على نفسه الرحمة(، فاجتهد في الخوف حتى يتساوى لديك هو والرجاء، واعمل لله شكرًا، بحيث لو تحققت أنك من أهل الجنة، أو أيقنت أنك من أهل النار، لم يكن ذلك مغيرًا لما أنت عليه من القيام بحقوق العبودية لسيدك، جل وجهه، وعز جاهه …
وأول الوصول خلع العادة، فإذا لم تتغير منك العادة، فلتعلم أنك محروم منه سبحانه؛ إذ لم تقم له مقام التوبة الصادقة، قال تعالى: )ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون(.
فإذا تفضل الله عليك، نشلك من غيره إليه، ودلَّك به عليه، وإن من الأسباب الداعية إلى التوبة، والوصول إلى التمكين الحق، أن تتوضأ قبل دخول الوقت، وتنتظره في بيت من بيوت الله عز وجل، للدخول إلى حضرته، والإفضاء بحاجات الروح لدى عزته؛ فإن ذلك من أنجع الأدوية، الصارفة للقلب إلى الله عز شأنه، القاهرة للروح على الإنابة والإخبات إليه تبارك وتعالى.
ولتكن راحتك في الله لا في سواه، بحيث تكتفي بإقامة الحق لك بين يديه لحظة عن النفس والنفيس، والأقارب والخلان، والأحباب والأخدان، والراحة والجاه، والعافية والحياة، لا لشيء مما يتبع لك من النعم، سوى أن ذلك حق وكمال، وحسبك هو جزاء عليه، فهو الفردوس الأعلى والنور الأجلى، وغيره مضيعة وقطيعة، كم يكون شكرك له عز وجل، إذا آنسك به هنيهة وقربك منه لمحة؟! فما بالك لو دامت لك الوصلة، وبانت عنك الغصة!
وإن عزَّ عليك انقيادُ نفسك إليك، فأكثر من تلاوة قوله تعالى: )حسبنا الله ونعم الوكيل(، وسورة النصر)إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا(.
وإن الصلاة والسلام على رسول الله r، كفيلة للعبد بسائر المقاصد، الدنيوية والأخروية، متى ذكرت مع الأدب الكامل، إجلالًا وتعظيمًا لله ولرسوله r؛ فإن الصلاة على رسول الله rلا تُرد على أية حال، من كل من قُضِيَ له بالإسلام، وصحَّ عنه عليه الصلاة والسلام: «من صلى علي صلاة واحدة، صلى الله عليه عشرًا»، وقد قال تعالى: )هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور(.
وإذا لم تستطع أن تحب في الله، فأحب أحباب الله؛ فحبيب الحبيب حبيب، وحبيب العدو عدو، وإذا فاتك جلوسك مع الحق، فاجلس مع من يجالس الحق؛ فالمرء على دين خليله، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام: «إنما الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير .. الحديث».
وليكن حبك لهم لله، فقد روى مالك بإسناد صحيح، وابن حبان في «صحيحه» عن أبى إدريس الخولاني قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا، وإذا الناس معه، فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه، فسألت عنه، فقيل هذا معاذ بن جبل، فلما كان من الغد هجرت ، فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي، فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه، ثم قلت له: والله أنى لأحبك لله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فقال: آلله، فأخذ بحبوة ردائي فجذبني إليه، فقال: أبشر فإني سمعت رسول الله r، يقول: «قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في وللمتباذلين في».
واعلم يا أخي .. أن كتاب الله عز وجل، جماع الحقائق، والشفاء النافع، والعصمة والنجاة، والنور والحياة، والحق والكمال، وثبت عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت، عن رسول الله r: «كان خلقه القرآن»، وقد قال تعالى: )قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله(، ويفهم في معنى «كان خلقه القرآن»: أنه rقد انطبق عليه كل ما أثني الله عليه في الكتاب، فهو القرآن السائر، ونور الألباب، وهدى البصائر، والاتباع الحق، والاقتداء الصدق.
وعليك يا أخي أن تكون كذلك في ظاهرك وباطنك، ولا تنظر حرامًا، ولا تسمع حرامًا، ولا تشم ولا تذوق ولا تبصر ولا تمس حرامًا، ولا تنطق بحرام، ولا تكشف عورتك على حرام، ولا تسعى إلى حرام، وعمّر ذلك كله بما يحبه الله منك ويرضى به عنك.
وأكثر من ذكر الله عز وجل، بجميع أنواعه، كقراءة القرآن، والصلاة على رسوله r، ولا يجولن في باطنك غير الحق عز جاهه، ولا يخطرن على قلبك سواه جل شأنه، وليكن مقصودك الحق، فما فات من وجد الله شيء.
لكل شيء إذا فارقته عوض .. وليس لله إن فارقت من عوض
واعلم أن من أحل الله به فضله، لن ينزعه عنه، والأمور بخواتيمها، واعلم أن كل لحظة تمر عليك غير ثابت الوصلة بالله، يصدق عليك بنوع ما، إطلاق قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا}.
فمن اهتدي بهدي الرسول rفقد اهتدى، ومن التمس الهدى في غيره فقد اعتدى، قال تعالى: )لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة(، وقد بين الرسولrأحسن البيان وأجلى التبيان، ولا يفهم أهل الحق من التأسي به r، إلا أن يكون كما كان عليه الصلاة والسلام، خلقه القرآن، في محبة الله عز وجل، ومحبته عليه الصلاة والسلام، ومؤثرًا لهما كما قال r: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار»، ومفهوم هذا: أن يحب الرسول rأكثر من نفسه ومن أهله، والجنة وما فيها.
فاسلك يا أخي -رعاك الله- نهج المصطفى وحسبك قعودًا، ولا تجعل سوى الحق لك مقصودًا، وعلى ذلك كان الرعيل الأول ما عدل فيهم أحد عن الأثر وما تحول، واعلم أن هذا هو المراد في أمره تعالى بالاعتصام بالكتاب، وقد بينه الرسول rبالحال والمقال، فمن نحا نحوه حسن منه الحال والمقال، قال تعالى: )قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم(، وقال أيضًا عز وجل: )وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين(. صدق الله العظيم.
أخلاقه:
كان رضي الله عنه يعيش متواضعًا زاهدًا، لا يمتاز عن جلسائه ومريديه، يجلس ولا مجلس، يدخل على الأمراء بلباسه الذي يلبسه مع الفقراء، لا يتصنع لأحد بالغًا ما بلغ، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يُقر على منكر، ولا يتواضع لغني لغناه، ولا يقبل الهدية إلا ممن علم صدقه، ويكافئه عليها؛ تأسيًا بجده r، وهو لا يُقابل أحدًا بما يسوءه، وهو من حسن الخلق والكرم بالمكانة التي لا تُدرك، لا تعلم شمالُه ما أنفقت يمينُه، متأدب بآداب السنة، مجانب كل بدعة وضلالة، ولا يظن أحد من أصحابه أنه أحب إليه من غيره؛ فهو يبش في وجوههم كلهم، يرحم صغيرهم ويوقر كبيرهم، ويعظهم بالمواعظ آلتي تنشق لها الحجارة؛ لأن كل قول يخرج عليه كسوة القلب الذي منه خرج، فما خرج من القلب بصدق نية دخل القلب، وما خرج من اللسان لا يجاوز الآذان ا.هـ.
دفاعه رضي الله عنه عن التصوف الحق:
كان رضي الله عنه المدافع عن الصوفية الحقَّة، وعن رجال التصوف الإسلامي أعلام الإسلام، وهم علماء التزكية وعلماء التربية، وأوضح أنهم حملوا إلينا علوم الشريعة: كتاب الله تعالى، وحديث رسول الله r، والفقه والتفسير واللغة والتوحيد وغير ذلك، فإنه ما من علم من هذه العلوم إلا وسنده فيه الكثير من رجال الصوفية، حتى إن الشيخ ابن تيميه نفسه سنده في العلوم الشرعية عن الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، وهم الذين شاركوا أهل العلوم الظاهرة في علومهم، فمنهم أهل اللغة وأهل الفقه والمحدثين والمتكلمين والقراء والمفسرين، وزادهم ربهم على الجميع «الشهود» الذي لم يدركه غيرهم، فهم أعلم الناس بدين الله، وهو صفوة الله من خلقه رضى الله عنهم.
وقد بين شيخنا الحافظ رضي الله عنه أن وحدة الوجود التي يقول بها هؤلاء القوم إنما يعنون بها أن الله وحده -سبحانه وتعالى- هو المنفرد بالوجود الحق، الوجود الذاتي، لم يكتسبه من غيره، الغني عما سواه، الذي يفتقر إليه كل ما عداه، وأن كل ما سواه وجوده تابع لوجود الحق، ليس له وجود من ذاته؛ حيث لم يُوجِد نفسَه إنما أوجدَهُ اللهُ، ولا وجود له بنفسه؛ فإنه لا يقوم بذاته وإنما هو قائم بالله، ولا وجود له بنفسه؛ فإنه لا يستطيع التصرف في ذاته وإنما هو لله يصرفه كيف يشاء، فليس من ذاته ولا بذاته ولا لذاته، فليس بالوجود الحقيقي. ولولا إيجاد الحق له لما كان له وجود، فهو من الله بالله لله.
كما أوضح أن وحدة الوجود الهندوسية لم يختلف المسلمون في بطلانها، سواء في ذلك السلف أو الخلف من الفقهاء والمحدثين والصوفية والمتكلِّمين والقراء والمفسرين، وأن من اعتقدها فهو كافر بالله خارج عن الإسلام.
وبيَّن أن الطرق الصوفية وإن تعددت، لا تعتبر فِرَقًا متعددة، وإنَّ الذين أرادوا تطبيق قوله تعالى: )إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء(عليهم، إنما أرادوا تطبيق ما نَزَل في الكافرين عليهم, وهذا من جهلهم وسوء فهمهم وافترائهم على الله، بتنزيل كلامه الشريف على غير موضعه؛ فإن الخلاف بين فقهاء المذاهب الإسلامية أوسع بكثير من الخلاف بين أهل الطرق؛ إذ خلاف الفقهاء في الحلال والحرام والصحة والبطلان في أركان الدين من صلاة وصيام وزكاة وحج، وفي المعاملات، وهذا الخلاف بين المذاهب لم يضرُّهم في دينهم؛ لأنهم ما قصدوا إلا متابعة الشارع r، وبذلوا جهدهم وحكموا بما أراهم الله وأداهم إليه اجتهادهم، فلم يهدموا أصلًا من أصول الدين، ولا خرجوا عن قواعده. والخلاف بين أهل الطرق هو كلام خلاف، فعقيدتهم واحدة، هي عين العقيدة التي عليها كافة المسلمين المتمسكين بالكتاب والسنة من أهل السنة والجماعة، وحلالهم واحد وحرامهم واحد، فهم في ذلك حُكْمُهم كحكم أهل المذاهب، وينحصر خلافُهم في الأولى وخلاف الأولى، أو الأقرب في السير.
وأن الطرق الحقة، هي: مدارس أخلاقية لتهذيب النفوس وترويضها عمليًّا على الطاعة، وأنه إذا انتسب إلى الصوفية من ليس بصوفي، ونشر الباطل بين الناس بهذه الدعوى، فإن ذلك لا يضر الصوفية الحقة ولا يضر إلا صاحبه، ولا بد أن ينكشف أمر هؤلاء الذين ينسبون أنفسهم للصوفية يومًا ما.
وكان كثيرًا ما يقول: «اللهم لا تجعلنا كالقبور المزوقة».
من كراماته رضي الله عنه:
لنذكر هنا واقعة حصلت ببلبيس عام 1921م فقد ألقى محاضرة أذهلت الناس، فتقدم بعدها إليه أحد الأشخاص، وقال له: إني أرى في وجهك آثار الخصوصية، وإن لدي ابنة أخت مريضة بمرض أعيى كبار الأطباء، وعجزوا عن معالجتها، ومن آثار هذا المرض أَنْ أَغْمَضَتْ عينيها فلا تستطيع فتحها، ولا أن يفتحها أحد، وتقلَّصت يدها وهي على صدرها، فلا تستطيع لها حراكًا، وشُلَّت حركتُها، وطال الأمد عليها.
فذهب الشيخ رضي الله عنه ومن معه إلى منزلها،وطلب رؤيتَها، ثم طلب سجادةً للصلاة، وُضِعت له في غرفة ليس فيها أحد، ووقف على السجادة والمرأة أمامه، والكل ينظر من أعلى النافذة، ثم رفع يديه ودعا بما شاء الله، ثم مد يديه فإذا بها تفتح عينها وتبسط يديها، وإذا بالمنزل يرتج بالتكبير والتهليل والزغاريد، ويخرج سيدنا بالفتاة يمسح بجُبَّتِه يدهَا من آثار اللحم المتآكل لطول المدة وعدم الحركة، والتزمه الناس بالتقبيل والدعاء والتبرك به، فكان يقول: «لا تقطعوني عن الله، فإن الله هو الفاعل المختار، وهو الشافي لا غيره، ولنتوجه جميعًا بشكره».
وحسبنا أن نذكر من كراماته المعنوية، أن كل من حضر مجلس وعظه وإرشاده، لا يفارق مكانه حتى يكون قد امتلأ قلبُه أمنًا وإيمانًا وتصديقًا وحبًّا وشغفًا لعمل الخير والرجوع إلى الله تعالى، عاملًا على مرضاته والتقرب إليه.
ويكفيه رضي الله عنه التفاف الخلق حوله من كل الأقطار، والمحبة الكامنة له في كل القلوب، وهداية الكثيرين من المعرضين على يديه الكريمتين الطاهرتين، فضلًا عن انتشار الطريقة التجانية في كل الجهات، ما قرُب منها وما بعد بنفحاته المسكية العطرة، فحسبه رضي الله عنه هذا.
من جهوده العلمية:
كان جل اهتمامه نشر العلم في سائر الزوايا التي أنشأها بين المريدين والأحباب وعامة المسلمين، مع الحرص على التمسك بالشرع؛ فأسس بذلك مدرسه عالمية، منهاجها: التمسك بما أمر الله به: من أداء الفرائض، والبعد عن المحرمات ظاهرًا وباطنًا، والتقرب إلى الله بالنوافل، مع البعد عن الدعوى ومظاهر الرياء، فأسس جيلًا كاملًا على أعلى درجة ممكنة من التمسك بالكتاب والسنة: علمًا وعملًا وحالًا وسلوكًا، لا دعاوي ولا شعارات ولا مفاخرة.
وحفظ على المسلمين عقيدتهم، بعد أن انتشر المبشرون والملحدون وأعداء الإسلام.
كما أنه أرسى قواعد التصوف الحق -علم تهذيب الأخلاق وتزكية النفس-على قواعده الشرعية الأصلية، التي هي ذروة التمسك بالكتاب والسنة، والتي كان عليها السلف الصالح رضوان الله عليهم جميعًا، ونفي كل ما خالف الشرع في ظاهره وباطنه.
وقد حث تلاميذه على طلب العلم، وما من زاوية أنشأها في بلاد القطر إلا أقام بها مكتبة.
أثره في المجتمع رضي الله عنه:
كان –رحمه الله- سببًا في عدم الموافقة على قانون الأحوال الشخصية في إحدى الوزارات، فقد شُكلت لجنة لفحص هذا القانون، وكان مما أقرته: الموافقة على عدم تعدد الزوجات، وكان من ضمن أعضاء هذه اللجنة الأستاذ المرحوم الشيخ حسن البنا، فقابل الشيخ رضي الله عنه وأخبره بذلك، فقال له رضي الله عنه: «يا أستاذ حسن: أتحلونه حرامًا وتحرمونه حلالًا!»، فاقتنع الأستاذ البنا وذهب وألغى موافقته على المشروع، فلم يصدر المشروع إذ ذاك.
ولقد كانت له -رحمه الله- يد في إنشاء جماعة الإخوان المسلمين في بادئ الأمر، فإنه كان يرى أن تكون هناك دعوة عامة للإسلام بصرف النظر عن الدعوات الخاصة، وكانت للأستاذ المرحوم الشيخ حسن البنا رحمه الله صلة قوية بالشيخ من قبل أن يبدأ نشاط الجماعة، ثم قامت الجماعة وأنشئت، وكان مولانا الشيخ بثاقب نظره وبصيرته النافذة يرى أن لا تشتغل الجماعة بالسياسة الحزبية، بل تدعو للعمل بالكتاب والسنة بين جماهير الأمة، وتترك كلًّا على مذهبه السياسي الذي يعتنقه.
فإذا اقتنعت جماهير الأمة برأي وانضمت إليه، فإنهم في الانتخابات سينتخبون الأقرب للعمل بمبادئهم من نفس حزبهم السياسي. وبالتدريج سيكون في المجلس النيابي أعضاء من جميع الأحزاب، إما من الجماعة، أو من المقتنعين برأيها، أو من مؤيديها.
وهكذا سيأتي اليوم الذي يصبح فيه أغلبية النواب من سائر الِأحزاب من أنصار الجماعة، وسيأتي اليوم الذي يطلب فيه البرلمان العمل بالكتاب والسنة، ويضع التشريعات اللازمة لذلك.
أما إذا اشتغلت الجماعة بالسياسة، ودخلت الانتخابات فإن الأحزاب وغيرها من الجماعات والهيئات التي تحارب الإسلام علنًا أو في الخفاء، أو التي تخشى على نفوذها منه، ستتعاون ضدها وتحاربها وتعمل على إسقاط مرشحيها بكل الوسائل.
جهاده رضي الله عنه ضد الاستعمال الإنجليزي:
رغم اشتغال الشيخ بالذكر والعبادة، إلا أن ذلك لم يُنسه الجهاد في سبيل الله بالسلاح عندما يدعو الأمر إلى ذلك، فقد كان رضي الله عنه أحد القادة في ثورة سنة 1919م في مصر ضد الإنجليز، وحاربهم بشدة، وكان من قواد إحدى المعارك في أسيوط ضدهم، وذكر لنا على الطبيعة في مكان المعركة، الخطأ الفني الذي وقعوا فيه، ولولا هذا الخطأ لما بقى الإنجليز في أسيوط، حيث فتح الإنجليز الكوبري؛ وبهذا انقسم الثوار على جانبي النيل.
وقد قبض عليه الإنجليز وأودعوه أحد السجون، قال: «أدخلوني غرفة السجن وما كنت أشعر إذ ذاك -وكان حاله حال من غلب عليه الوجد فلا يشعر بشيء، وكان المعروف عن هذا السجن أن الذي يدخله لا يخرج منه- فدخلت وأغلقوا باب الغرفة علي، وبقيت ماشيًا في الغرفة، إلى أن خرجت من الجانب الآخر.
قالوا عنه:
* شهادة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود:
كتب الشيخ محمد الحافظ التجاني مقدمة لكتاب «جمع الجوامع»، وقد أعجب الدكتور عبد الحليم محمود بهذه المقدمة، ورأى طبعها في كتاب خاص، وأسماه «سنة الرسول r»،وكتب له مقدمة يثني فيها على الشيخ فيما يلي:
«والشيخ محمد الحافظ حينما يكتب في الحديث، إنما يكتب بصفته عالمًا بالحديث رواية ودراية من الطراز الأول، وهو في هذا المجال من الرجال المعدودين في الشرق الإسلامي كله». ا.هـ.
وعندما انتقل الشيخ إلى الرفيق الأعلى، نعاه على صفحات الجرائد قائلًا: «أنعي إلى العالم الإسلامى، شيخ المحدثين في عصره، الشيخ محمد الحافظ التجاني، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته» ا.هـ.
* ويقول الدكتور شكري السيد الخلوي، الأستاذ بجامعة الجزائر:
«لقد عرفت كثيرًا من العلماء العاملين وسمعت بهم، ولكنه يفوقهم بهذا السر الأبهر الذي خوَّل له الجمع بين علمي الظاهر والباطن، والهداية والكرامة والأدب الرباني، والقرب والتسليم، ودوام الذكر والحضور، فكان بهذا الاستحضار، أسهل معاصريه طريقًا إلى الله، وأقربهم أشواطًا في مدارج السير إلى الله، ومع ذلك كان ممتنع النظير؛ إذ قلَّ من تجده قد مُنِح هذه المنح، ومَنَّ الله تعالى عليه بهذه المنن».
من مؤلفاته رضي الله عنه:
- ترتيب وتقريب «مسند الإمام أحمد».
- ترتيب «ذخائر المواريث» للنابلسي.
- ترتيب تخريج أحاديث «الإحياء» على حروف المعجم، وأمام كل حديث تعليق السيد مرتضى الزبيدي.
- تخريج أحاديث «جواهر المعاني».
- تخريج أحاديث كتاب «اللمع» لأبي نصر الطوسي.
- حقق الأحاديث الضعيفة في «سنن الترمذي».
- «أهل الحق العارفون بالله السادة الصوفية».
- «سلطان الدولة التجانية بغرب إفريقيا: الحاج عمر بن سعيد الفوتي، وجهاده مع الكفار».
- «علماء التزكية هم أعلم الناس بالكتاب والسنة والصحبة الروحية لرسول الله r»، وهو عبارة عن ثلاث رسائل في الرد على المنكرين على أهل الحق.
- «رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة».
- «الإنصاف في رد الإنكار على الطريق».
- «التعليق على الإفادة الأحمدية».
- «قصد السبيل في الطريقة التجانية».
- «أصفى مناهل الصفاء في مشرب خاتم الأولياء».
- «فصل المقال فيما يرفع الإذن في الحال».
- «شروط الطريقة التجانية».
- «مجموع الأوراد في الطريقة التجانية».
- «الإسراء يقظة بالروح والجسد».
- رسالة في فضل ليلة النصف من شعبان.
- «التوفيق بين الطوائف الإسلامية المعاصرة في الأصول».
- معنى قوله r: «تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة».
من أقواله:
- بداية الطرق ونهايتها العمل بالكتاب والسنة.
- مما يعين على التوبة: أكل الحلال، والصوم، وقيام الليل، وملازمة المساجد، والصحبة الصالحة، وأعظمها: تذكر عظمة الله سبحانه، وحمل النفس على الحياء منه عز شأنه.
- رأس البر الأدب مع الحق تبارك وتعالى، وأقله أن يقف من الشرور موقفًا سلبيًّا؛ فلا يعصي الله أصلًا.
- نِعَمُ الله على عباده لا تحصى، ونعمته تعالى على آبائهم نعمة عليهم، والمنة على الأصل منة على الفرع.
- لا يصح أن يكون حرص المؤمن على الشكر لمعروف الخلق، دون حرصه على الشكر للخالق تبارك وتعالى.
- التقوى وصف جامع لكل خلق حميد.
- يستجاب الدعاء في مكة المكرمة في مواضع عديدة: في الطواف- عند الملتزم- تحت الميزاب- في البيت- عند زمزم- على الصفا- عند المروة- في المسعى- خلف المقام- في عرفات- في مزدلفة- في منى - عند الجمرات.
- أوصيكم بالقرآن والعلم والعمل بقدر الطاقة.
- عليكم بمطالعة كتب الطريقة، ولا تنسوا أنفسكم في الشريعة، وكلما ختم أحدكم حزبه في القرآن، يقول: «اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، في قبضتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك ... الحديث».
- لو خاصمنا المنكرين وشاتمناهم لم نبلغ مقصودنا من إقامة الحجة عليهم، ومجاملة الخصم ولو كان مبطلًا أنجع من مدابرته؛ لقوله تعالى للكفار: )وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين(.
مقتطفات من أشعاره رضي الله عنه:
من قوله وهو في حال الفناء، وهو كحال السكران الذي غلبه الوجد والشوق والهيمان في حب مولاه وحب رسول الله r:
خذوا فؤادي وروحي والحشا وذروا |
وجدي بكم إنه روح به أبقى |
كي لا أكون سوى حب لكم بكم |
الله أكبر ما أصفى وما أنقى |
وقال أيضًا: |
|
وقد عجب الجميع لسطو حال |
وعند بدايتي خضت البحارا |
وقد وقف القساور دون سيري |
ولى خبب سريع ما يجارى |
ولو بُحنا بسر الذات جهرًا |
لخالونا مجوسًا أو نصارى |
ودون شهودنا ماتت فحول |
أُذيبوا عندما وصلوا الجوارا |
كما قال رضي الله عنه:
لو قطرة مما شربت وضعتها |
فوق القلوب لأسلم الكفار |
أو جذوة من نار وجد حشاشتي |
فوق الجبال لأحرقتها النار |
يا روح ذوبي في الحبيب صبابة |
بالموت تحيا السادة الأخيار |
يا روح غاب الكون في غيب الخفا |
وبدا الحبيب وزالت الأستار |
أخبر الحاج عبد الحليم إبراهيم: أن الشيخ في مرضه الأخير، طلب منه ورقة وقلمًا، وقال: «اكتب: أستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، لنا ولكم وللمسلمين» ثم وقع عليها رضي الله عنه.
توفي منتصف ليلة الاثنين 29 جمادى الآخر 1398هـ، الموافق 5 يونيه سنة 1978م.
رحمه الله رحمة واسعة، وجعل مقره في عليين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
مصادر الترجمة:
كتاب: «العارف بالله سيدي محمد الحافظ التِّجاني» لمؤلفه الشيخ: أحمد محمد الحافظ التِّجاني.
موسوعة أعلام الفكر الإسلامي ص(928 – 929).