نسخة تجريبيـــــــة
"التقشف " سياسية المصريين للخروج من نفق المخاطر الاقتصادية

"التقشف " سياسية المصريين للخروج من نفق المخاطر الاقتصادية

67% غيّروا سياساتهم الشرائية و40% قللوا من استخدام المحمول

أساتذة الاجتماع: التجاوزات فاقت كل الأعراف والتقاليد

عبد الجليل: الفقراء ثاروا ضد مبارك ولم يتوقعوا تلك المعاناة

الاقتصاديين : لم تؤثر الثورة على الوضع الاقتصادي لأن السياسات لم تتغير  

التوترات السياسية أثرت على سلوك المواطنين

كتب: أحمد جمال

بتاريخ: 09-01-2012

غيّرت الثورة نظام الحكم السياسى فى مصر وصاحب هذا التغيير بعض السلوكيات الاجتماعية للمصريين، والذين وجدوا أنفسهم أمام عدة أزمات سياسية واقتصادية لم تستقر حتى الآن، إضافة الى فراغ أمني لم يعرفه المواطن المصري من قبل وأمام تلك المشكلات تغيرت سلوكيات كثير من المصريين، سواء كانت من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية، وهو ما أنعكس على الحياة المعيشية للبعض.

وخير دليل على ذلك ماجاء فى تقرير أجرتة مؤسسة "نيلسن العالمية" مؤخرا، وجاء فية أن المصريين أكثر شعوب العالم قلقا على الاستقرار السياسي بنسبة بلغت 38 % ،وهى نسبة تضع مصر على قمة دول العالم فى هذا السياق.

وجاء الاقتصاد فى المركز الثاني لأسباب القلق الرئيسة بنسبة 31%، يلية الأمان الوظيفى بنسبة 28%، ثم ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 21%، وجاءت مصر ضمن قائمة الدول العشر الأول قلقا من الجرائم بنسبة 12% .

وأوضح التقرير أن 67% من المصريين غيّروا عاداتهم الشرائية، ونصفهم قللوا من الترفية خارج المنزل، و47% قللوا من شراء الملابس الجديدة و40% قللوا من استخدام المحمول، و21 % وفروا العطلات والأجازات، و17% قرروا شراء بقالة أرخص وقلل 13% من التدخين .

وأشار التقرير أن 38% يدخرون الفائض من المال، و31% يستغلونه فى شراء الملابس، وأوضح الاستطلاع أن هناك تحسنا فى مؤشرات العادات الأسرية لانخفاضة بنحو 5% فقط فى الربع الثالث من العام الماضى، ليصل الى 67% ،مقارنة بالربع الثانى بنسبة 72%.

الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان،  أكد أن إسقاط النظام لا يعني فقط إسقاط رموزه أو إلغاء مؤسساته السياسية مثل مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية، ولكن قد يكون أهم من ذلك إسقاط السياسات المنحرفة التي طبقها النظام والتي أدت في الواقع الي إفقار ملايين المصريين من أعضاء الطبقات الدنيا والمتوسطة, بالاضافة الي الفساد المعمم الذي أهدر الثروة القومية وأدى الي انقسام طبقي واسع المدى بين من يملكون ومن لا يملكون.

وأضاف ما يقلقني من ملامح قد تظل الي ما بعد الانتقال من الحالة الثورية الي الحالة المجتمعية الطبقية وهي الانفلات الخلقي وخشونة مفردات التعامل بين الناس وكسر قواعد التعامل بين الرئيس والمرءوس، والطالب والأستاذ والمعيد في الجامعة، وأساتذة ورئيس الجامعة والصغير والكبير، ومخالف المرور وضابط المرور، وطالب الحاجة والأمين عليها، والصوت المرتفع، واحتكار الحكمة والفهم, ويستطرد، ويقلقني أن مشكلات الانتاج يمكن معالجتها ولكن الانفلات القيمي ربما يحتاج منا عقودا طويلة لترجع الانساق الخلقية الي طبيعتها.

وأكد ان تلك التغيرات تجاوزت كل الأعراف والتقاليد في مجال التعامل السياسي والتعامل الاجتماعي علي السواء، بزعم أننا في ثورة ومن حقنا أن نتجاوز كما نشاء مع الرؤساء أو المديرين، وأن لا نتردد عن استخدام العنف الفعلي مع من نعتبرهم من رموز السلطة التي اسقطتها الثورة.

موضحا أن الأنفلات الأخلاقي مشكلة حقيقية لأنها تتعلق بالتربية الاجتماعية للمواطن قبل أي شيء، والتي تتضمن تعليم قواعد الحوار والمناقشة وأسلوب الخطاب، وكيف يمكن أن يكون نقديا في ممارساته بغير أن يعتدي علي حقوق الآخرين.

ويشير الدكتورعبد الجليل مصطفى، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، الى أن أهم المشكلات التي تقابل المصريين فى الوقت الحالي والتى أنعكست فى التقرير السابق هي المشاكل الاقتصادية والتضخم والبطالة وتوافر الغذاء بسعر معقول وهو مايتأثر به المواطنون العاديون على عكس الناشطين حيث تتمحور مطالبهم حول الإصلاح السياسي بالنسبة للكثيرين ويرى الكثير من المصريين أن الاحتجاجات المستمرة تؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية وزعزعة استقرار البلاد.

وأضاف فى الوقت الحالي تزايد عدد المشككين في الثورة ولكن لم يصلوا إلى عدد الأشخاص الذين توقعوا أن الحياة تتحسن بعد الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك حيث لديهم ثقة في المؤسسات السياسية مثل النظام القضائي، والحكومة الوطنية، أو في نزاهة الانتخابات.

وأوضح أنه بالرغم من أن الفقراء كانوا أكثر من الأغنياء الذين تظاهروا ضد مبارك في ثورة 25 يناير وكانوا يتوقعون أن حياتهم ستكون أحسن حالا بعد سقوط نظام مبارك الإ انهم لم يعتقدوا أن الوضع الاقتصادي القومي والوضع الاقتصادي الشخصي لهم يسوء كل فترة وأنهم لا يرون أن هناك تحسن في الوضع الاقتصادي أو الوضع السياسي بعد الإطاحة بمبارك وأنهم الأكثر تضررا من الركود الاقتصادي في ما بعد الثورة.

وأكد أن العديد من المصريين يرون أن مجلس الشعب القادم سيكون عبارة عن مجموعة أقوياء من النواب يملكون تأثير في مواقف البلاد، ولكن الغالبية لا تضع قلقها إزاء برلمان يهيمن عليه الإخوان المسلمون قبل رغبتهم في انتخابات شرعية لتمثل أولى خطوات الديمقراطية.

وأوضح أن الشعب المصري من أكثر الشعوب علي الأرجح التي ترفض الهجمات الفردية أو العسكرية على المدنيين، وهم من أكثر شعوب العالم رفضا لذلك فعند الهجوم على مجموعة صغيرة من المعتصمين في ميدان التحرير يزداد الأمر سؤءً وهو مايجعل المصريين أكثر خوفا من استخدام العنف ولكن من المتوقع أن يقل التوتر السياسى القائم حاليا بعد انعقاد مجلس الشعب، ولكن ذلك يتوقف أيضا على العلاقة بين المجلس الجديد والعسكري والذى يحكم البلاد ولكن هناك نوع من التوافق بين الإخوان والذين يسيطرون على أغلبية المجلس وقيادات المجلس العسكري وهو أمر فى صالح الأمه.

محمد كامل "45 عاما"، موظف حكومة، إن من أكثر الأشياء التى افتقدناها بعد الثورة الأمان والاستقرار النفسي، والتراجع الاقتصادي الذى تشهده البلاد حتى الآن، وبالرغم من إجراء الانتخابات لا نعلم إلى أين يصل بنا الحال بعد الأحداث الأخيرة، ونتمنى أن يأتى المستقبل  بأمان جديد واستقرار يجعلنا نخرج لشوارع القاهرة نتنفس الصعداء ونستمتع بهوائها الصافي تاركين الخوف والقلق فى المنازل ومرتدين عباءة التفاؤل والأمان.

ويقول أحمد خالد "27 عاما" تخرجت فى كلية الهندسة منذ ستة أعوام ومن وقتها وأنا أبحث عن وظيفة تناسبنى وتلائم مجال دراستي، ولكنى لم أفلح فقررت الذهاب للبحث عن عمل فى أي مجال آخر، ولكن لم يحالفني الحظ أيضا، ولم أجد أمامي سوى الذهاب للقهوة التى توجد بجوار الحي الذي أقطن به لأبحث بها عن مكان لي، وبالفعل هى المكان الوحيد الذى وجدت به وظيفتى فى الجلوس مع أصدقائى وزملاء كفاحي في البطالة، وكنت أعتقد بعد الثورة أن هناك تغيير قادم ولكن هذا لم يحدث حتى الآن ولكني لم أفقد الأمل فأنظر الى المستقبل  وكلى تفاؤل .

وأضاف محمود عبد السلام عامل محارة: أن الظروف الاجتماعية سيئة للغاية ولم نعد نعمل مثلما كنا نعمل ونعيش وسط ظروف اجتماعية واقتصادية وأمنية سيئة للغاية ونحن نريد الخير لنا ولهذا البلد ولا يهمنا من سيكون رئيس .

ويحلم محمود بفرصة العلاج على نفقة الدولة فهو يعمل بمهنة لها مخاطر كبيرة ويتعرض من خلالها لمجموعة من الحوادث لوقوفه طوال الوقت على "السقالات".

وتابع: كل يوم الواحد بيخرج ومش عارف إن كان هيرجع سليم ولا لأ، ونحتاج أنا وكل فئة المعمار لمكان للعلاج وتأمين صحي هذا كل ما أتمناه، ولو فى أمنية كمان تبقى وظيفة بدخل شهري ثابت.

طارق شاب عشرينى، شارك فى أحداث الثورة يقول أنه كان يحلم بتحقيق  العدل والمساواة والقضاء على الفساد والقصاص من قتلة الشهداء، ورعاية المصابين، وزي كل الناس ما بتقول الاستقرار، ولكني أتمنى الاستقرار الحقيقى لا المزيف.

"الاقتصاد تعبان و رجال الأعمال تعبانين " هذا ما أكده حازم خليل، رجل أعمال، نتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية وأكد أن هذا التدهور الاقتصادي لم يأت نتيجة الثورة لأن الأوضاع الاقتصادية في مصر سيئة للغاية قبل إندلاع الثورة بسنة كاملة ويرجع ذلك إلي إحتكار قلة من رجال الأعمال للأموال في مصر وتم كشف بعض الحقائق عن ثروات هؤلاء بعد الثورة ولا يوجد شك أن الوضع إزداد سوءً بعد الثورة.

 وأضاف أن الحالة الأمنية تلعب دورا أساسيا في عودة الانتعاش الاقتصادي مرة أخري و في ظل الغياب الأمني تدهورت السياحة وأثر هذا بالسلب علي الاقتصاد بشكل عام بالاضافة لقيام بعض أصحاب الشركات السياحية بإغلاقها نتيجة للركود السياحي مع العلم أن السياحة في مصر تشكل دعامة أساسية للاقتصاد المصري.

وأشار إلي أن الحكومة لها دور كبير في عودة الحياة الاقتصادية مرة أخرى و التقصير واضح من قبل الحكومة فمنذ عام كامل لم يطرأ تغيير في الحياة السياسية و الاقتصادية ، فيجب علي الحكومة التخطيط لبدء مشروع قومي يلتف حوله الشباب المصريين لمساعدتهم في النهوض بمستقبل مصر و لكن المبادرة تأتي من الحكومة و المستثمرين وما أكثرهم في مصر.

"المرحلة الانتقالية حاطها الإرتباك من جميع الجوانب" هذا ما قاله دكتور إيهاب الدسوقي أستاذ إقتصاد بأكاديمية السادات حيث أكد أنه من الطبيعي في أي مرحلة إنتقالية أن يكون هناك خلل في كل أنظمة الدولة و بالطبع سينتقل هذا الارتباك إلي المواطن و الشارع المصري.

وأشار إلي أن الثورة لم تؤثر إيجابيا أو سلبيا علي الاقتصاد المصري و ذلك لأن الأوضاع استمرت كما هي قبل الثورة و لكن بدء من حكومة الجنزوري ظهرت بعض التغييرات الاقتصادية الواضحة ووقف العديد من المصروفات البزخية ، و أكد أن ثوار التحرير لم يكن لهم تأثير علي الوضع الأقتصادي للمحال التجارية و علي العكس فأحداث التحرير عملت علي توفير العديد من فرص العمل ونفي الدسوقي غلق الشركات السياحية في تلك المنطقة فهي لم تتوقف سوى ال18 يوم قبل التنحي.

"أنا مش شايفة أي حاجة متغيرة " هذا ما أوضحته شيماء حسن معلمة بمدرسة إبتدائي حيث أكدت أن الأحوال الاقتصادية لم تتغير من قبل الثورة عن بعدها فعلي مدار العشر سنوات الماضية كانت الحالة الإقتصادية متدنية بشكل كبير و هذا لا يرجع إلي الثورة أو المتظاهرين، لأن من يحملهم مسئولية الإنهيار الإقتصادي فهو مخطئ و خطأه لا يغفر ، و ذلك لأن المتسبب في هذه الحالة معروف و لكن لا يزال البعض يخشى مهاجمة النظام السابق.

وأكدت أن النظام السابق قد نجح في تضليل عقول الناس بعد الثورة وعملوا علي ترسيخ الشعور بالذنب ليطفئوا فرحة الثورة، و أضافت أن هذه الأوضاع ما هي إلا مرحلة إنتقالية في تاريخ مصر و سيتم إجتيازها في أقرب وقت و سيتم تحقيق ذلك بالعمل المستمر و الإصرار علي إستكمال ما بدأه ثوار 25 يناير.

"بالرغم من فوائد الثورة إلا أنني لم أر ثمارها حتي الآن" هذا ما أكده فؤاد محمد "عامل" و جاءت تلك الكلمات منه بعد سؤاله عن أوضاعه المالية بعد الثورة فهو واحد من المتضررين حيث أكد أنه قرر الإقلاع عن التدخين و الإستغناء عن هاتفه المحمول و أشار أيضا إلي أن الثورة جاءت بالأخضر علي اليابس و جاء ذلك نتيجة  لقيام صاحب المصنع بإغلاق مصنعه لما يقرب من خمسة أشهرفما كان هناك حل سوى النزول للعمل كسائق لدى أسرة ثرية مضيفا أنه مؤمن بكل معاني الثورة ولكنه لا يجد منها أي نفع حتي الآن و لا توجد بوادر أمل لديه علي الإطلاق.


التقييم الحالي
بناء على 29 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث