نسخة تجريبيـــــــة
أحياء تحت الخطر

 ــــ أهالي "مؤسسة الزكاة" يزاحمون القمامة

ـــ تلال القمامة تطيح بعشش الفقراء وتسكن مكانهم .

ـــــ المنطقة أصبحت وكرا للسرقة وتجارة السلاح والمخدرات

ــــــ دم المسئولية تفرق بين الحي والمقاولون العرب

كتب:أحمد جمال

بتاريخ: 7-12-2011

أكوام القمامة كادت أن تغطى المنازل, ورائحة المخدرات تنعبث من كل مكان حولك, والصرف الصحي يغرق المنطقة، والحشرات والأفاعى والثعابين تنتشر كأنها وجدت لنفسها مكانًا آمنا تعيش فيه،  ووسط كل هذا نرى سكانا يعيشون حياة قاسية ولكن لا أحد ينظر اليهم أو يقوم بحل مشكلاتهم " اننا نتحدث عن شارع المهاجرين بمنطقة المرج"

"الصوفي" رصد معاناة أهالى المنطقة  بداية من إزالة العشش المبنية فى وسط الشارع لإقامة كوبرى يصل الدائري بمسطرد مرورا بالوضع السيئ الذى ترتب على ذلك من انتشار جبال القمامة فى منتصف الشارع.

الفقراء يعترضون على ازالة العشش لعدم ثقتهم في الحكومة.

العشش كانت تأوي المئات من الأسر البسيطة التى لم يكن لها مسكن ملائم، فقرروا بناء مساكن من الطوب والخوص على الترعة المردومة واستمر هذا الحال قرابة الخمسة عشرة عاما،  وكانت العشة الواحدة تكفى لعشر أفراد أو أكثر و كانت عبارة عن غرفة صغيرة ولايوجد بها حمام خاص بها وانما كان هناك حمام عمومي يستخدمة الجميع وهو ما كان يتسبب في مشاكل  عديدة بين ساكني تلك العشش وبعد سنوات من المعاناه قررت الحكومة هدم تلك العشش وكان ذلك فى شهر سبتمبر الماضي، وقدمت الحكومة لهم إخطارا بضرورة إخلاء هذه العشش لإقامة الكوبرى ووعدتهم محافظة القاهرة أن تقدم لهم شقق مناسبة فور إخلائهم لمساكنهم.

وكالعادة لم يستجب الأهالي بعد اخطارهم لانعدام الثقة بين الشعب والحكومة  وقامت شركة المقاولون العرب المسئولة عن الإزالة بالبدء فى عمليات الإزالة الفورية, وصدقت الحكومة تلك المرة عند تقديم الشقق للأهالي فور إزالة هذه المباني وقامت أيضا بتسليم محال بديلة لكل من كان يمتلك ورشة فى العشش.

إذن أين المشكلة؟ طالما حلم سكان أهالي الأندلس بهذا المشروع الذى سينقذهم من المنظر الذى تحمله هذه العشش عند الإطلال من شرفاتهم وقد تحقق الحلم وسعد الأهالي الذين يسكنون على جانبي الشارع بذلك القرار حيث أن العشش كانت تسبب لهم مشاكل كثيرة بسبب تواجدها فى منتصف الشارع.

مسكن للحشرات والثعابين.

 ولكن ولسوء الحظ، فالحكومة التى قامت بهدم تلك العشش وتعويض ساكينها بشقق أفضل بكثير منها لم تقم بإزالة الهدد وتركته فى منتصف الشارع  فبعد أن كانت هذه المنطقه محل سكني لأشخاص آدميين أصبحت مأوى للحشرات والأفاعي وكأنها موقد، وامتلأت المنطقة بالقمامة وحتى الآن لاتزال بقايا المنازل موجودة ولم يعد هنالك الا القمامة محيطة بك من كل مكان وعلوها كاد أن يقترب من علو البنايات.

وجود حى المرج فى هذا الشارع لم يساعد فى شيئ، فعندما تجولنا فى المنطقة لم نجد صندوق قمامة واحد وكان تبرير معظم الأشخاص أن جامع القمامة لايأتي إلى المنازل فيضطر جميع سكان المنطقة بالإلقاء بها فى الشارع وهذا ليس كل شيئ فالحي مسئول عن إزالة الهدم الموجودة فى منتصف الشارع، ولكنه لم يقم بذلك و لجأ الى أساليب ملتوية حيث تعاقد بشكل غير مباشر أو رسمي مع أحد أصحاب الكافتيريات لكي يقوم بإزالة الهدم فى منطقة صغيرة مقابل أن يدفع إيجارا لها وعلى الرغم من المخالفة الصريحة لذلك ولكنه يقوم بحمايته وهو ماحدث مع أحد أصحاب أكشاك بيع الملابس .

كما انتشر فى منتصف الطريق أكثر من جراش، قام الحي أيضا بتأجيره بطريقة غير شرعية وهو ماأكدته لنا أم على وهى عاملة بإحدى الجراشات حيث قالت أنها كانت تقيم فى تلك العشش قبل أن يتم نقلها واشتكت من الطريقة التى تم بها الاخلاء فبحسب كلامها فان الحى لم يعطي لهم الفرصة لكي يقوموا بنقل ممتلكاتهم وهى الآن لاتجد سريرا فى شقتها الجديدة.

وأضافت أن محافظة القاهرة تأخد إيجارا شهريا قدرة 70 جنيها  ولانسطيع دفع هذا المبلغ فزوجى يعمل حارس جراش ويأخد 200 جنيه فقط شهريا وهذا لايكفي ولايمكن أن نخرج منه 70 جنيها وحتى الآن ومنذ أربعة أشهر لم ندفع الإيجار ولا نعلم ما سيحدث اذا لم نسدد الايجار.

كما أن المنطقة تعاني العديد من المشكلات الخدمية والحي مسئول عن حلها ولكنه لايتدخل ويترك الأمر يزداد سوء ولايقوم بحل أي مشكلة الا عن طريق الرشاوي والتى لم تنته بعد سقوط النظام الفاسد والأهالي لايجدون حلا سوى الدفع ولكن حتى مع ذلك لايجدوا حلا لمشكلاتهم.

المنطقة غارقة في المجاري والصرف الصحي في طريق طويل .

 محمد أبو العلا صاحب ورشة شكمانات  أكد أنه حصل على محل بدلا من محله السابق  بعد عمليات الهدم ولكن هذه المحلات توجد بمنطقة "النهضة العبد 1300" وهى منطقة خالية من السكان لايوجد بها أي مجال للعمل بالإضافة الى أن هذة المحلات حصل عليها المتضررون مقابل عقد انتفاع ولايحق لهم توريثها أو تمليكها أو تأجيرها ويدفعوا 200 جنيها كإيجار شهرى.

وأضاف أن الحى قام بتعطيل هذا الشارع لمدة ستة أشهر لإصلاح الصرف ولم نجد أي تغيير فمنذ أيام تم تعطيل الصرف لمدة ستة أيام هذا فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي دوما وبالتالى انقطاع المياة، فهذة المنطقة لايوجد بها مولد مياة خاص بها.

ويرى أبو العلا أن  الوضع الأمنى إزداد سوء خاصة بعدما تم نقل قسم شرطة المرج الى هذا الشارع وكان من المفترض أن يكون رادعا للخارجين على القانون ولكن ماحدث العكس فدوما مانسمع طلقات نارية فالمشكلات بين العائلات قد تصل الى حد اطلاق النار، ولكن لا أحد يستطيع التدخل أو الإبلاغ عنهم ولكنهم معروفون للحكومة والأجهزة الأمنية.

وتعد المواصلات من الأزمات التى يواجهها سكان المنطقة فلايوجد خط حكومة واحد أو أتوبيس هيئة نقل عام لهذا الطريق ولا يوجد سوى الميكروباصات الصغيرة التى تتسبب فى حوادث بسبب سرعتها كما أن رداءة الشارع تسببت فى إهلاكها وأصبحت غير آدمية ولكنها الوسيلة الوحيدة التى يعتمد عليها سكان تلك المنطقة.

الأمن حاضر غائب، والسرقة وتجارة المخدرات والقتل أمر عادي !

ومن وجهة نظر أهالي المنطقة، ان المشكلات الخدمية يسهل السيطرة عليها من قبل جهاز الحي المسئول عن توفير تلك الخدمات، أما المشكلة الأكبر التى يصعب السيطرة عليها وتفاديها من الأهالي هي توفير الأمن ففى هذه المنطقة تنتشر أوكار تجارة المخدرات بكافة أنواعها فضلا عن سهولة ترويجها، بالإضافة الى تجارة السلاح التى توسعت بشكل كبير بعد الثورة فتم الإستيلاء على معظم الأسلحة التى كانت  بقسم شرطة المرج ولم يتم العثور على المفقود منها حتى الآن .

وأشار، رائد سيد، أحد تجار المنطقة الى أنه يوجد منطقة تسمى "جنينة أبو عودة" وهى عبارة عن أرض فضاء كان يمتلكها شخص عربي يدعى الحاج عواد ثم قام ببيعها وتقسيمها ولكنه لم يكن يعرف أنها ستصبح مقرا للتجارة وتداول السلاح والمخدرات فيوميا يتم سماع أصوات طلقات نارية فى تلك المنطقة وغالبا ماتكون عمليات تجريب للسلاح قبل شراءه.

وأضاف، " فى هذه المنطقة لو تقل قتيل فى عز النهار ماحدش يحس بيه" مشيرا الى أن الوضع كان أكثر سيطرة قبل الثورة، فكانت هناك العديد من الدوريات تمر بهذا المكان كل فترة، أما الآن فأصبح الحال لايحتمل، مبررا ذلك بتواجد تلك المنطقة  الى جوار عمارات سكنية وطالما اشتكى السكان وتقدموا ببلاغات ضد مالكي الأرض ولكن دون جدوى .

وأوضح أن تجارة المخدرات ليست مشكلة من يقوم بشراءها أو تعاطيها، فقد اعترف لنا أنه يتعاطى المخدرات ولكن بداخل المنزل، فالمشكلة عنده مكان تعاطي المخدرات ويرى أنه يجب أن يتم القبض على متعاطي المخدرات فى الشوارع العامة، وهذه وجهة نظر خاطئة فهي ممنوعة داخل وخارج المنازل.

ومن المشكلات التى تواجه مالكي السيارات فى تلك المنطقة قيام بعض اللصوص بشراء السيارات المحطمة بأسعار قليلة، كما يقومون بسرقة سيارات أخرى ويستبدلون رقم الشاسيه ورقم الموتور ثم بيعها بسعر مخفض .

المقاولون العرب تبدأ خطة الاصلاح.

ومن جانبه أكد، عمرو صلاح المهندس بشركة المقاولون العرب، والمسئولة عن تنفيذ الكوبرى الجديد أن الشركة قامت بالتخطيط لهذا الكوبرى منذ أربع سنوات وطالبنا الحي أن يقوم بإزالة تلك العشش لبدء التنفيذ وبالفعل قام الحي برصد عدد العشش والمتواجدين بها وتم نقلهم الى شقق جديدة.

مضيفا أن هذا المشروع بدأ العمل الفعلي فيه منذ خمسة أشهر وقامت الشركة بوضع سور حديدي على حدود المنطقة التي يتم فيها المشروع، موضحا أن الشركة ليس لها أي علاقة بأي قمامة موجودة خارج هذا السور فالقمامة التى كانت فى المكان المخصص للمشروع تم نقلها بواسطة الشركة الى المقالب العامة بعيدا عن المنطقة.

وأشار الى أن الصعوبات التى واجهت الشركة كانت من جانب ساكني تلك العشش والذين رفضوا تركها خشية عدم توفير مساكن ملائمة، كما أن الحي تأخر فى تسليمهم العقود الخاصة بتلك الشقق وهو ماكان يمثل صعوبة أخرى عند إزالة تلك العشش.

الحي غير مسئول عن القمامة واللجان الشعبية الحل الأمثل لمشكلة الأنابيب.

وأكد الدكتورعواد أحمد على، رئيس حى المرج، أنه كان يتم التخطيط لمشروع الكوبري منذ حوالى خمس سنوات وقامت المحافظة بعمل إحصائية لسكان هذه العشش وقد واجه الحي عدة عقبات مثل إعتصام السيدات داخل العشش ورفضها الخروج منها، وقامت المحافظة بشراء 10 أفندة مخصصة لإسكان هؤلاء الأشخاص وأقامت مجمع سكني متكامل بمنطقة مؤسسة الزكاة به كافة المرافق وقامت بإنشاء مدرستين بالإضافة الى عدد من المحال التجارية و39 عمارة بمحتوى 736 وحدة سكنية وتم التعاقد ب 5 مليون جنية لمشروع صرف مؤقت يخدم هذه المنطقة .

وأضاف أنه تم إنهاء عملية الإزالة فى شهر أغسطس الماضي ومن بعدها تم تسليم الوحدات السكنية للمتضررين، ولكن بعض الأشخاص قام ببناء 24 عشة جديدة لكي تكون زريعة للحصول على  شقق، بينما قامت المحافظة بتسجيل أسماءهم للإستعلام عن ماإذا كانوا يستحقوا تلك الشقق أم لا وألقى اللوم على شركة المقاولون العرب موكدا أنها من قامت بإلقاء مخلفات المشروع خارج المكان المخصص للكوبري.

وأوضح أن مشكلة بقايا الهدد ليست مسئولية الحي، فنحن أنهينا مسؤليتنا عند الإزالة، أما عن إزالة أكوام الهدد مسئولية هيئة الطرق والكباري والتى من المفترض أن تقوم بإنهاء عمليات إزالة القمامة لتيسير عملية رصف وتمهيد الطريق، والسبب الرئيس وراء التأخير عدم وجود سيولة مادية فى الوقت الحالي.

مشيرا أن أزمة الأنابيب ليست مشكلة الحي بمفرده، إنما مشكلة تهدد مصر بأكملها ويحب العمل على إدخال آليات جديدة للحد من هذه الأزمة مقترحا بعض الحلول أولها إضافة إسطوانات الغاز الي البطاقات التموينية بحيث تحصل كل أسرة تحمل بطاقة تموينية على اسطوانة بسعرخمسة جنيهات .

واقترح حلاً آخر وهو الاستعانة باللجان الشعبية لحماية الاسطوانات فور وصولها ومنع التجار من الحصول عليها للحد من بيعها فى السوق السوداء وبالفعل تم تفعيل ذلك بخروج مدير تموين مع كل عربة تحمل الأنابيب لتأمين بيعها للمواطنين.


التقييم الحالي
بناء على 31 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث