نسخة تجريبيـــــــة
سيرة آخر أولياء الحجاز "سيدي كامل " يرويها ممثل أشراف الحجاز الأحمديين: الشريف أنس الكتبي لـ "الصوفي "

سمعها :محمد علي  

بتاريخ: 11-09-2011

ــ سريع الكلام لا يفتر لسانه عن قراءة القرآن ..وكراماته مرهونة بباطنه!

ــ اللغز ..صاحب المقولة الشهيرة "اذا التصق سور الحرم بالبقيع فانتظروا الساعة "!

كشف الشريف أنس يعقوب الكتبي – نسابة المدينة المنورة وممثل أشراف الحجاز الأحمديين ، عن آخر أولياء الله الصالحين ببلاد الحجاز الولى الصالح كامل بن محمد المهدي المغربي  الشهير بسيدى كامل.

وأضاف فى تصريحات لـ " الصوفي " أن بلاد الحجاز كانت بيتاً كبيراً قديماً للتصوف خاصة المدينة المنورة ، حيث ارتبط التصوف بأهل الصفة في المسجد النبوي الشريف . مشيراً إلى انه من أهم  الزوايا التي كانت بالمدينة زاوية ابن علوان وكانت في حارة ذروان , زاوية الدسوقي وكانت في زقاق الطيار , زاوية الرفاعي  وكانت في زقاق البدور , زاوية السنوسي وكانت في العنبرية بالمناخة مؤكداً أن هذه الزوايا قد أُزيلت وهُدِمت فلم يبق منها سوى ذكراها.

وأوضح أن سيدى كامل ولد بالمدينة المنورة سنة1303هـ بعدما هاجر والده من الجزائرالى المدينة, وأنه  شريف حسني من ولد الحسن المثنى بن الحسن بن علي عليهما السلام , هاجر أجداده إلى بلاد المغرب, ثم عاد والده إلى الحجاز مجاوراً وكان من أهل الأدب وله مع أهل المدينة مساجلات وجلسات أدبيه.

وعن وصفه، قال الشريف أنس أنه كان طويل القامة, نحيف الجسم , قمحي اللون أطلق لحيته وشاربه ,  لا يلبس على رأسه عمامه يغطي رأسه بالطاقية  , وعرف بسرعة خطواته على غير انتظام فلا يمشي مستقيماً إنما يمشي تارة إلى اليمين وتارة إلى الشمال , كان صوته جهورياً , سريع الكلام لاتفهم منه إلا ما أراد أن يفهمك هو, لسانه لايفتر عن قراءة القران وترديد الأوراد.

أمام بخصوص دراسته ، فقد حفظ سيدي كامل القران الكريم , ودرس العلم على مشايخ ذلك العصر بالمسجد النبوي الشريف والتحق بحلقة القطب الصوفي الشهير الشيخ أحمد الشمس الشنقيطي ودرس عليه تفسير الجلالين , وكان في بداية أمره يُعلم الصبيان القرآن الكريم , ثم درس علوم التصوف في زاوية الدسوقي بزقاق الطيار , فواظب على القصد في حضور الخلوات واشتد زهده في طلب العلم ودخل في أطوار التصوف, مالكي المذهب , شاذلي الطريقة , فانقطع للعبادة حتى انجذب. 

موضحاً أن الجذب عند أهل التصوف أناس مستورون الحال مجهولون الحقيقه لهم سمتهم الخاص وسلوكهم المعروف وهم المشهورون باسم المجاذيب او الدراويش والناس يختلفون فى أمرهم بين مصدق لهم وراضٍ عنهم ومنكر لشأنهم ساخط عليهم , وهؤلاء المجاذيب مقسمون على أحوال وأمرهم ليس  واحد , لهم أطوار منهم من له حالات دائمه كسيدي كامل , ومنهم من حاله متغير وله أوقات مختلفه كالمواسم  ومنهم من حاله محدود.

وقال ان هناك حلقة كبيرة جداً مفقودة من حياة سيدي كامل لا يعلمها أحد فالرجل قد أنجذب , ولم يكن سيدي كامل حالة نادرة بالمدينة أو العالم بل إن الصالحين والدراويش كانوا موجودين في المدينة المنورة, وهم الى يومنا هذا في كثير من انحاء العالم الا ما خلا من المحتالين الذين التصقوا بهم وشوهوا حقيقة أمرهم .

وأكد أنه من الأصلح أن ندع الأولياء  وشأنهم وألا نعترض طريقهم أو نعاديهم فهم لا يقترفون اثما ولا يأتون منكرا ولنترك أمرهم لله وحده فهو العليم بالظواهر والبواطن  قال الإمام محمد الباقر عليه السلام : الله خبأ ثلاثه فى ثلاثه : رضاه فى طاعته وسخطه فى معصيته وخبأ أولياءه فى خلقه  .

وأوضح أن  لله في خلقه شئون  فأرض الله لا تخلو من عباده الصالحين فى كل زمان والواجب على كل مسلم أن يحسن الظن بأخيه المسلم فان سوء الظن بالناس مما يوجب سوء الخاتمه والعياذ بالله, لقد اصبح الناس يحتقرون وينبذون أمثال هؤلاء الرجال ,  فتواروا عن  مجتمعنا وانقطعوا على أنفسهم .

مشيراً أن المدينة المنورة كانت لا تخلو ممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فهذا سيدي عاكف بباب المجيدي ومواقفه الشهيرة بالمدينة مع أهلها , وهذا السيد حامد بافقيه وكراماته مع أهل المدينة بالساحة والتي يرويها معاصريه , وهذا السيد حامد كاتب وقصصه بحوش الجمال وبباب السلام والمجيدي شهيره , والذي أوقف العقرب بكلمة تمره فقتلها وعرف بالسيد تمره , وسيدي الرشيدي إلى عهد قريب ليس ببعيد , وغيرهم ممن كشفت لهم الحجب إلا ان الحظوة والشهرة عند أهل الخطوة كانت لسيدي كامل والذي كان أشهرهم في مواقفه .

وأشار إلى أن حياته وزهد سيدى كامل أنه كان يسكن في بداية أمره في زقاق الطيار ثم انتقل بعد ذلك الى حوش التاجوري ويصف معاصروه ,  أن بيته كان خلف مسجد سيدنا عثمان المقام اليوم , فلا تراه الا بالنهار سواحٍ يجول المدينة بين حاراتها وأسواقها وأزقتها , لا تراه الا في الأماكن الا اكتظ بها الناس يترقب ويتحسس, وكأنهم جاءوا متيقنين لحدوث أمر , عرف عنه جلوسه على سور البقيع وسؤال المارة بجادة الطريق فيجيب بجوابهم إلى من في البقيع ملتفتاً إلى القبور, لقد عرف سيدي كامل بزهده وكراماته, فلم يعرف عن هذا الرجل الا الصدق والأمانة ولم يجمع المال يوماً قط فلا يقبل الصدقة ولا الزكاة , ولم يكن موظفاً ولا يُعرف مصدر رزقه والمال الذي في جعبته ليس له فلا تجد مالاً إلا وزعه على المحتاجين والمساكين ولا يبيت هذا الرجل وفي بيته شي من المال أو الطعام , وقد عرف حبه لكسرات الخبز فكان اذا أكل جزءاً من الخبز أعطى الجزء الآخر لأحد الرجال أو الأطفال وقال له كل بالبركة , ولا يأخذ المال من أي شخص إنما يأخذه من أشخاص دون أشخاص ولا يعطي الخبز لاي شخص كذلك .

 كما يؤكد أنس أنه لم يختلف أهل المدينة آنذاك على  ولايته وبركته , فلم يزل سيدي كامل لغز لبعض من عاصره , أو من سمع عنه , ومن أشهر أقوال سيدي كامل :  ( اذا التصق سور الحرم بالبقيع فانتظروا الساعة  ) .

وذكر أن سيدى كامل غاب عن إحياء المدينة وشوارعها وحاراتها وأزقتها لم يُغًيبه المرض ولا السفر بل غيبه الموت , وبموته فقدت المدينة أحد آخر أولياءها الصالحين الظاهرين, فكانت وفاته في 15/10/ 1384هـ عن عمر يناهز الواحد والثمانين , عن غير عقب فلم يخلف ذريه ولا مال بل خلف سيرة عطره.


التقييم الحالي
بناء على 66 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث