نسخة تجريبيـــــــة
ناشطون حقوقيون: حفلات تعذيب الداخلية داخل السجون انتهت بمأتم في ثورة 25 يناير

كتب:أحمد جمال

 بتاريخ: 05-09-2011

- عم ربيع مات بجاز الكيروسين وبدر الدين ذهب للإبلاغ عن اختطاف ابنته فاتهموه بقتلها

- حالات التعذيب بعد الثورة فردية ... والأطباء والقضاة شركاء بدون قصد

هناك الكثير من الضحايا الذين راحوا ضحية جريمة لم يرتكبوها وماتوا داخل السجون وكثيرا منهم خرجوا من السجن وهم لايعرفون أقاربهم من كثرة ماتعرضوا له من تعذيب ومنهم الذي اختفى داخل السجون ومات ولم يعرف عنه أحد شيئا ... كلها جرائم ارتكبتها وزارة الداخلية فكان الرد في ثورة 25 يناير والتى ثأرت للشعب من بطش الداخلية.

من جانبنا التقينا بالناشط الحقوقي طارق خاطر مدير مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان والذي أكد أن هناك الآلاف من جرائم التعذيب التي لا يعرف عنها أحد وكانت تقام حفلات تعذيب جماعية داخل السجون وللأسف كانت النيابة العامة والنائب العام شركاء أساسيين فيما يحدث سواء فيما يخص اختيار الدوائر التي تنظر فيها القضايا المرفوعة أو تحديد التهمة.

وأضاف خاطر أن هناك جرائم بشعة ارتكبت داخل السجون المصرية مثل قضية عم ربيع والذي مات حرقا داخل أحد السجون حيث تم سكب جاز الكيروسين سريع الاشتعال على جسده وتم إشعال النار فيه وتوفي في وقتها، والأغرب من ذلك أن وكيل النيابة قال أن الجريمة عبارة عن ضرب أدى إلى الموت، وعلى الرغم من أن ذلك الضابط متهم بتعذيب أكتر من 11 سجين إلا أن القاضي حكم عليه بالسجن 6 أشهر فقط وتم وقفه عن العمل وبعدها قام بعمل استئناف وتم تخفيف الحكم إلى خصم 10 أيام من راتبه، والأدهى من ذلك عقب وقوع حالة الوفاة وقبل بداية التحقيقات تم توفير شقق لأهالي المتوفى وتم تشغيل أبنائه لكي يتنازلوا عن توكيلاتهم لنا برفع القضية.

 

 

كما أوضح خاطر أن عمليات التعذيب هذه لم تكن ضد مسجونين سياسيين، بل كانوا مواطنين عاديين وفي جرائم ثبت أنها ملفقة، وهو ما تجلى في قضية محمد بدر الدين جمعة والتي شاء القدر لها أن تفضح تجاوزات بعض رجال الشرطة التي قد وصلت إلى مرحلة ظهر فيها مدى التسيب والفوضى والمعاملة اللاإنسانية التي وصل إليها الجهاز المسئول عن أمن وأمان المواطن المصري. حيث أن محمد بدر رجل بسيط شاء حظه السيئ أن تختفي ابنته جهاد فلجأ إلى قسم المنتزه للإبلاغ عن اختفائها، فإذا به يلفق له ضباط المباحث بالقسم تهمة قتلها لمجرد أنهم عثروا على جثة طفلة أخرى تشبه ابنته في بعض أوصافها، وحاولوا إجباره على الاعتراف بقتلها، فرفض فاستخدموا كافة طرق التعذيب لإجباره على ذلك، والتي كان منها تهديده بهتك عرض زوجته نعمة والشروع في ذلك على مرأى ومسمع منه، على الرغم من العثور على ابنته المتغيبة وتسليمها لنفس القسم وقام القسم بتحويلها إلى دار رعاية الأطفال! ولسوء حظ هؤلاء الضباط الذين برعوا في جمع الأدلة والبراهين الواهية على كونه قتل ابنته، أن عثرت سيدة على ابنته بعد هروبها من دار الرعاية وقامت بتسليمها لوالدتها التي توجهت إلى ذات القسم بصحبتها وأقرت لهم بكونها حية أمامهم فاحتجزوهم جميعا لمدة ثلاثة عشر يوما، وانتقلت النيابة العامة لقسم المنتزه وأثبتت ذلك في محضر رسمي، ولم ينته الأمر عند ذلك بل حاول الضباط إعادة الكرة مرة أخرى بأن حاولوا إجباره على الاعتراف مرة أخرى أمام النيابة العامة بقتل بنت أخرى خلاف ابنته، واختلقوا له رواية أخرى بأنه كان يعالجها من السحر والمس الشيطاني الذي أصابها بقراءة القرآن عليها وضربها بخرطوم من أجل خروج الجن منها فماتت في يده دون أن يقصد، وبعد ذلك تم إحالة قضية محمد بدر الدين إلى محكمة الجنايات ويحكم عليه غيابيا بالحبس لمدة خمس سنوات مع الشغل والنفاذ.

وأوضح خاطر أن أغلب القضايا التي ترفع ضد ضباط الشرطة يدافع عنها محامي التعذيب فريد الديب والذي يستغل قانون العقوبات لتبرئة المتهمين، بالإضافة إلى أن النيابة العامة تتقاعس عن تقديم التعويضات إلى المجني عليهم، الأمر الذي يكشف همجية النظام السابق في التعامل مع المواطنين العزل.

وعن حالات التعذيب بعد الثورة أكد أنها حالات نادرة داخل أقسام الشرطة نستطيع أن نسميها فردية، إلا أننا كنا ننتظر أن تعوض حكومة الثورة جميع المنتهكين داخل السجون المصرية تعويضا يليق بما تعرضوا له من جرائم ضد الإنسانية، كما يجب مراعاتهم مثلما يتم مراعاة شهداء الثورة لأنهم شهداء أيضا ولكن قبل الثورة، مؤكدا أن هناك العديد من الضحايا في حاجة إلى تعويضات مادية، وهناك الكثير أيضا يطالبون بأن تعترف الدولة بأنهم ضحايا التعذيب في السجون المصرية، كما أكد أن ضباط الشرطة بعدما شاهدوا الغضب الشعبي في الثورة سيفكرون ألف مرة قبل أن يقبلوا على ممارسة التعذيب مرة أخرى، كما أن المواطن الذي شاهد الضابط وهو يهرب خوفا من بطش الشعب لن يسمح بأن يعذب مرة أخرى ولو حدث ذلك ستكون هناك مواجهات دموية بين السجناء والضباط وسيكون العقاب شديد.

من جانبها أوضحت الناشطة ماجدة علي - مدير  مركز النديم - أن الثورة جاءت نتيجة تراكمات الظلم والقهر والقمع وأشعلتها دعوة للتظاهر يوم عيد الشرطة احتجاجا على سياسات التعذيب، كما أن تركة الداخلية من اعتقالات وتعذيب وقتل قد تضاعفت بعد أن أضيف إليها شهداء ومصابي الثورة، مشيرة إلى أنه ليس بكثير أن نطالب اليوم بضرورة إبعاد كل من هم موضع اشتباه في جرائم الاعتداء على المتظاهرين من جهاز الشرطة لحين الانتهاء من نظر القضية، كما طالبت بإبعاد كل المتورطين في جرائم التعذيب في عهد النظام السابق من عملهم بالجهاز إن صدقت النية في أن تكون الشرطة في خدمة الشعب وليست سيفا مسلطاً على رقاب المواطنين.

وعن معارك مركز النديم مع قضايا التعذيب أوضحت مديرة المركز أن أكثر حالات التعذيب التي كانت تقابلنا هي حالات المعتدى عليهم داخل أقسام الشرطة، وأول تقرير طبي يتناول وصف الإصابات هو التقرير المبدئي الذي نقوم كأطباء بإصداره حال تحويل المواطن للمستشفي، والتي غالبا ما تكون أقرب مستشفي لقسم الشرطة، وقد تتطلب ظروف المصاب حجزه في القسم الداخلي بها.

 

 

 

 

وكثيرا ما تكون ثمة علاقة بين قسم الشرطة والمستشفى القريب منه بحكم طبيعة عمل كل من الجهتين وقد تسمح هذه العلاقة في بعض الأماكن بطلب ودي لا يخلو من التكشير عن الأنياب للمستشفي بعدم تسجيل بعض الإصابات أو كلها، أو عدم ذكر أقوال الشاكي، كما قد تكون قلة الخبرة بكيفية تسجيل الإصابات من وجهة النظر القانونية سببا في ضعف التقرير واعتباره سندا قليل الشأن أمام النيابة، كما كان هناك حالات حرجة يتم فيها تهديد الطبيب من أجل تغيير التقرير إذا رأي الضابط أنه ليس في صالحه.

وأضافت الناشطة أنه خلال السنوات العشر الماضية صاحبنا مئات البشر أثناء رحلة العلاج العضوي والنفسي، ورأينا أن بعض الأطباء - دون دراية - قد يساهموا في مضاعفة آلام ضحايا التعذيب وقد يشاركوا في الجريمة بإعطاء الجناة فرصة للإفلات من العقاب وإهدار حق ضحايا التعذيب في ملاحقة المتهمين باقتراف تلك الجريمة الشنعاء، وبالتالي - وبمنتهى حسن النية - نرتكب خطأين: الأول خطأ إهدار حق ضحية التعذيب من جانب، والثاني السماح للجاني بالإفلات من العقاب علي الجانب الآخر.

ويرجع ذلك إلى أن هناك إشكالية في النظام المعمول به للحصول علي التقرير الطبي من المستشفي، حيث أن الضحية يحول من القسم مع أحد العاملين بالشرطة، والأخير هو الذي يتسلم التقرير الطبي وهنا تتاح فرصة الاطلاع على التقرير الطبي للمتهم بالتعذيب وفتح المجال للضغط علي الطبيب لتغيير أقواله أو إيذاء الضحية لذات الغرض.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتستمر عملية تعذيب المواطنين والتنكيل بهم إلي حد قتلهم، جريمة بلا عقوبة رادعة خلال السنوات الماضية، اللهم إلا حكم قضية تلبانة الذي انتهي بتأديب حقيقي للضابط محمد محمود معوض و3 من رفاقه نالوا 7 سنوات وقضية إسلام نبيه التي أيدت محكمة النقض سجنه 3 سنوات مع عزله من وظيفته.

في القضية رقم 644 جنح الوايلي التي سبق فيها اتهام الضابط حسين عبدالحكيم معاون المباحث بإحداث عاهة مستديمة في المواطن محمود أحمد فائق انتهت بشلل وبتر ساقه عقب تعذيبه، انتهت تحقيقات النيابة فيها بعد عام ونصف من الواقعة، إلي إحالته للمحاكمة الجنائية ليصدر القاضي حكمه بالحبس لمدة عام، إلا أنه استخدم الرأفة مع الضابط ليوقف تنفيذ العقوبة دون اتخاذ قرار بوقفه عن العمل، لكن الغريب أن تقرير الطب الشرعي كاد يفقد الضحية حقه في مقاضاة الجلاد، حين أكد أن آثار التعذيب قد تغيرت معالمها ويتعذر الجزم بتيقن سبب وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة في إحداثها، ومن الجائز كونها معاصرة للفترة الزمنية الواردة بمذكرة النيابة حول احتجاز المتهم، ونقض الضابط الحكم بسهولة دون انتظار لسنوات ليعطل حق الضحية في استئناف الدعوي المدنية.

وداخل سجن بورسعيد العمومي مات النزيل أحمد صبري الحلو داخل زنزانته متأثراً بنزيف شرجي حاد كما يزعم بيان وزارة الداخلية وتقرير طبيب السجن، لكن التقرير الطبي أغفل ذكر سبب النزيف وكم من الأيام استمر دون إسعاف النزيل، كذلك انتهت حياة السجين جابر الدمياطي المحبوس احتياطياً بسجن دمنهور العمومي، إلا أن مفتش الصحة قرر عدم وجود إصابات ظاهرية وأرجع الوفاة لهبوط حاد بالدورة الدموية والقلب، رغم أن الضحية لم يتجاوز سن «26 عاماً» وقتئذ. وفي توقيت مواز مات بركات بركات بسجن طنطا العمومي وصدر بيان الداخلية زاعما تأثره بأزمة ربوية حادة وفشل بالجهاز التنفسي، رغم موته داخل السجن وليس بالمستشفي، وهو ما تكرر مع زميله مدحت فاروق الذي زعم الطبيب الشرعي موته نتيجة قرحة شديدة بالمعدة دون سند طبي يشير إلي عدد الأيام اللازمة لإنهائها حياته.

عام 2007 ذهبنا، أعضاء فريق النديم، إلى المنصورة، مدينة ومركز وقرى، أكثر من مرة لم نكن أول ولا آخر من ذهب واهتم وتضامن مع أهالي المنصورة من نشطاء حقوق الإنسان ومراسلي الصحف والتليفزيون حين أصبحت تلك المدينة فجأة في بؤرة الضوء و لم يكن عيدها القومي ولا افتتاح مركز علاجي جديد على مستوى مركز علاج الكلى.. لم يكن زلزال ولا أنفلونزا الطيور ولا تصادم قطارين.. كانت أحداث أبطالها هم رجال الشرطة: ضباط وأمناء وخفر ومخبرين.. "الحكومة" كما يطلق عليهم الأهالي في المنصورة وفي معظم أنحاء البلاد.. وكما كانت هناك أدوار بطولة كان هناك أيضا الكومبارس، ممن قاموا بأدوار مساعدة، مثل العمد وأعضاء مجلس الشعب والمجالس المحلية و"كبارات البلد" في القاموس الشعبي.. نتيجة تلك "البطولة" قتيلان، أحدهما طفل، بالإضافة إلى شاب انتهك عرضه قبل زواجه بيومين، وأم عذبت هي وطفلتيها وأخواتها، وعشرات تعرضوا للسب والضرب والتهديد، وإصابات احتاجت إلى تدخل جراحي عاجل.

لم تسفر تلك الأحداث عن القبض على أحد كبار تجار المخدرات أو السلاح ولا الكشف عن تنظيم إرهابي خطير ولا كشف المتورطين في كوارث القمح المسرطن أو الدماء الملوثة أو العبارات الغارقة أو القطارات المحروقة ولا توجد أي علاقة بين الضحايا الرئيسيين سوى أنهم من أبناء قرى وضواحي المنصورة الفقيرة مثل تلبانة وسلمون القماش وشهاوهم إما طفل معوق يسترزق هو وأسرته من صدقات أهل الخير نجار يعول أسرة ممتدة ويجامل أهل قريته من صنع يديه سيدة أمية تتحدى الفقر والبطالة بماكينتين تريكو شاب لم ينتظر القوى العاملة ولا مساكن المحافظة وأعد بيتا من صنع يديه ليستقبل عروسه.

نماذج متنوعة الجنس والسن والتعليم والثقافة ما يجمع بينهم أنهم ليسوا من أصحاب النفوذ والثروة وأنهم برغم كل شيء كانوا لا يزالوا يرغبون في حياة كريمة.


التقييم الحالي
بناء على 38 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث