نسخة تجريبيـــــــة
في محاولة من الـ "الصوفي" لتقييم أدائه : الإعلام الحكومي يبحث عن "سيد" جديد بعد الثورة

 تحقيق: أحمد جمال

بتاريخ: 26-07-2011

- صناع قرار ماسبيرو تعاطفوا مع رغبات الحاكم الجديد لأنهم غير قادرين على العمل بحرية

- مطالبات بدستور جديد يحكم الإعلام الخاص والحكومي

- هناك إعلاميون يقومون بدور الأمن في التليفزيون حتى الآن

يعاني الإعلام الحكومي بعد الثورة حالة من التخبط الشديد بدأت منذ إلغاء وزارة الإعلام وتعيين اللواء طارق المهدي والذي لم يكمل مدة شهر حتى سلم مبنى ماسبيرو إلى الدكتور سامي الشريف الذي واجه ثورة داخل ماسبيرو ومطالبة بعودة اللواء طارق المهدي مرة أخرى وهو ما تم بالفعل وتبعه تشكيل مجلس أمناء ماسبيرو الذي ضم مجموعة من الإعلاميين المستقلين إلى أن جاء قرار عودة وزير للإعلام مرة أخرى لتبدأ الثورة من جديد داخل ماسبيرو. هذا وترى الدكتورة نجوى كامل - أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة – أنه على الرغم من هذا التخبط إلا أن الإعلام الحكومي قد خطا خطوات واسعة على طريق «المهنية» بعد ثورة 25 يناير من خلال التغطية الإخبارية الموضوعية لما يجري في مصر، كما أصبحت نشرات أخبار التليفزيون المصرى أكثر جذبا وأشمل في تغطيتها ليس فقط للشأن المصرى بل وحتى للشأن العربي، وأصبح بالإمكان أن تفهم ما يجري في ليبيا أو اليمن عبر هذه النشرات لأن فرق عملها من صحفيين ومحررين وغيرهم – ببساطة - لم تصلهم تعليمات توضح لهم «الخط السياسي المصري» من هذه الأزمات، وبالتالي تمكنوا من استعراض الأحداث بمهنية ظلت مكبوتة لعقود. وأضافت الدكتورة نجوى أن الحوارات التي تُدار على شاشة التليفزيون المصرى بدت وكأنها تبحث عن سيد جديد، وأطالتها على استحياء شبهة انحياز لرغبات القائمين على أمر حكم مصر حاليا في عدد من القضايا مثل وقف التظاهرات الفئوية، والترحيب بعودة الشرطة إلى الشارع، وكذلك في إقرار التعديلات الدستورية وفي أحداث جمعتي "الغضب الثانية" و "8 يوليو". كما نفت أن يكون المجلس العسكري قد تدخل بشكل أو بآخر لتمرير هذه الرغبة فالسماح بإبداء الرأي والرأي الآخر يكفى لتبرئة ساحة الإعلام الحكومي حتى لو مالت الكفة قليلا لرأي السلطة الحاكمة مشيرة إلى أن صناع القرار في ماسبيرو تعاطفوا مع رغبات الحاكم الجديد لأنهم غير قادرين على العيش في فضاء لا يقيد حركتهم فيه حاكم أو سلطة. وطالبت كامل بصياغة «دستور جديد» يحكم الإعلام المصري بشقيه العام والخاص، وينقلنا من مرحلة البحث عن سيد يحكم الإعلام الحكومي، أو البحث عن عدو يعارضه، إلى مرحلة تقديم خدمة خبرية وحوارية شاملة تهدف فقط إلى نقل الأخبار بشكل مجرد ثم فتح مجال عام لسبر كل ما يحدث داخل المجتمع من آراء . ومن جانبه أشار حسين الناظر رئيس مركز ماسبيرو لدعم حرية واستقلال الإعلام إلى أن حرية واستقلال الإعلام أحد أهم الحقوق السياسية في مجتمع يتطلع للتعددية السياسية والفكرية، فلا معنى لتعددية دون حرية ولا فائدة من التعددية إذا لم تتوفر لها الحرية والاستقلال الإعلامي، والتي تحتل مكانة بارزة كأحد أهم حقوق الإنسان وذلك منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948م. وأضاف الناظر أن مصر تمتلك بنية أساسية إعلامية تمثلت في مدينة الإنتاج الإعلامي بما تضمه من استوديوهات إنتاج عددها 11 استوديو ضخما لإنتاج الدراما والبرامج وغيرها من أشكال الإنتاج بالإضافة إلى 10 أماكن تصوير مفتوحة متنوعة ما بين مناطق ريفية ومناطق شعبية ومناطق تاريخية وغيرها من مستلزمات الإنتاج الضخم والمتنوع. كما أوضح أن تنظيم أجهزة الإعلام في العالم تتنوع حسب أشكال ملكية وسائل الإعلام في العالم بين أربعة أنواع مختلفة من الملكية, ما بين إشراف حكومي مطلق, ونظام تجاري حر وبينهما نظام احتكاري لجهة أو هيئة ونظام مختلط ، مشيراً إلى أن خصخصة الإعلام على أسس موضوعية وبدراسة واعية لتجارب الشعوب التي سبقتنا في هذا المجال هي أفضل الحلول لتأكيد التعددية السياسية والفكرية ودعم سيادة الشعب بشكل حقيقى فلا نجد دولة من دول الاتحاد الأوربي تمتلك أية محطة إعلام، ولا ننسى أن الإذاعة المصرية بدأت عام 1934م كإذاعة أهلية حرة ولم يكن فيها من التوجيه السياسي لخدمة الحاكم. وأضاف الناظر أن احتكار الدولة لأجهزة الإعلام جعلها تفرض على الجمهور أخبار الحزب الحاكم ودعايته مع مصادرة حق أحزاب المعارضة في المساواة, رغم أن أجهزة الإعلام ملكية عامة وليست ملكية مجموعة أشخاص يتحكمون في إنتاج وتوزيع وعرض نوعية معينة من الثقافة والدراما وتهبط بأذواق المواطنين في التسلية والترفيه، منوها أن حرية الإعلام تتيح الفرص للمبدعين للإبداع وللمفكرين للتواصل مع المتلقين, ولذلك نجد إقبالا متزايدا على القنوات الفضائية الخاصة والتي تتمتع بحرية البث وتجتذب كوادر إعلامية ناجحة وتحقق نسبة مشاهدة عالية وتجني أرباحا طائلة لإقبال المشاهدين عليها. كما انتقد الناظر عودة وزارة الإعلام مرة معتبرًا أنها خطوة للوراء، كما طالب بإلغاء المجلس الأعلى للصحافة لاختفاء مبرر وجوده، وزيادة دور نقابة الصحفيين في تدريب الصحفيين وتأهيلهم والدفاع عنهم ومحاسبة المخطئين منهم مهنيا مع تعديل القوانين التي تحكم الطباعة والنشر والصحافة، والسماح للأفراد والهيئات بإصدار الصحف والمجلات وغيرها من المطبوعات وكذلك السماح للأفراد والهيئات بامتلاك محطات الإذاعة وقنوات التليفزيون. من جانبه أكد الناشر الإعلامي هشام قاسم أن المشكلة الأساسية تتمثل في وجود إعلاميين يقومون بدور الأمن وهذه المشكلة تمثل تحدياً كبيراً خلال الفترة المقبلة، منتقدا أسلوب الإعلام المصري في تصوير بعض المسئولين المتهمين في بعض قضايا الفساد بشكل غير لائق فلا بد أن يكون هناك احترام للأفراد والعمل عملاً بمبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته وأوضح قاسم أنه لا يجب أن تسيطر علينا الرغبة في الانتقام، مشيرا إلى أن النظام حرم الشباب من حرية استخدام الإعلام المنظم الأمر الذي جعله يستخدم الإعلام الافتراضي المتمثل في الإنترنت و الموبايل مطالبا بأن تكون القنوات الأرضية و الترددات الإذاعية ملكا للشعب ومؤكدا أن وجود قناة إذاعية واحدة فقط كإذاعة خاصة يعتبر نوع من الاحتكار الذي يجب القضاء عليه خلال الفترة المقبلة وأكد قاسم أن الفترة المقبلة سوف تشهد تحولات كبيرة في مفاهيم الصحافة خاصة الصحافة الورقية و مستقبلها الذي لم يعد قاصر علي الصحف الورقية بل أصبح هناك ما يعرف بالبيت الإعلامي الذي يقدم كافة أشكال الصحافة ويكون الصحفي قادر علي تصوير الحدث بالفيديو وكتابته في نفس الوقت وتوقع أنه عند الإعلان عن ميزانية وزارة الإعلام فإن هذه الميزانية سوف تفوق ميزانية وزارتي الصحة و التعليم مجتمعين. وأكد أن سقطة الإعلام خلال الثورة سيعاقب عليها الإعلام المصري مشيرا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد خروج الكثيرين من إعلاميي النظام السابق من الساحة إما بالمعاش المبكر أو ترك الساحة الإعلامية تماما. من جانبها شددت الدكتورة عواطف عبد الرحمن أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة على ضرورة التمهل قبل أن نتخذ أي نظام إعلامي جديد للإذاعة والتليفزيون حتى لا نجد أنفسنا في المستقبل أمام صيغة غير مناسبة ، فهناك إعلاميون ومثقفون كثر في مصر يعتقدون أن الثورة لم تصل إلى الإعلام، وهم لذلك يرون أن هذا الإعلام ما زال جزءا من الماضي، وأنه يسعى للسيطرة على الثورة وامتصاص زخمها بل إجهاضها. وأكدت أن الإعلام المصري كيان عريق وضخم يضم العشرات من الصحف والقنوات التلفزيونية الرسمية أو الخاصة، ويتهم هذا الإعلام لاسيما الرسمي أو (القومي) منه بتسويق نظام مبارك طيلة عقود حكمه وتشجيعه على التغول بالشكل الذي وصل إليه فسادا وقمعا، كما يتذكر المصريون ومعهم ملايين المشاهدين العرب كيف أن قنوات مصرية حكومية وخاصة كانت تسخر من الثورة والثوار وتروج للروايات الرسمية، بالإضافة إلى وجود مذيعين ومقدمي برامج حوارية من (النجوم) تطوعوا للدفاع عن مبارك ونظامه ومهاجمة الثورة، قبل أن يغيروا نبرة الحديث بالكامل بعد تنحي مبارك، بل إن بعضهم قدم نفسه على أنه من داعمي الثورة، وكأن الناس من دون ذاكرة. ووصف عبدالله السناوي الكاتب الصحفي تعدد القنوات الفضائية وتنوعها بالطبيعي وذلك للاختلاف الجذري الذي تشهده مصر حاليا وخروجها من حالة الكبت والتضييق الإعلامي الذي كان يمارس على وسائل الإعلام الرسمية والخاصة في ظل النظام السابق بالإضافة إلى اختلاف وتعدد القضايا المطروحة في المجتمع .


التقييم الحالي
بناء على 30 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث