اسمه وكنيته:             

أبو الفيض ذو النون المصري الإِخميمي، واسمه ثوبان بن إبراهيم، وقيل: الفيض بن إبراهيم، وكان أبوه نوبيًّا.

بدء أمره:

سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السُّلَمِيَّ -رحمه الله- يقول: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن شَاذَانَ يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: حضرت مجلس ذي النون يومًا، وجاءه سالم المغربي، فقال له: يا أبا الفَيْضِ، ما كان سبب توبتك؟ قال: عجب لا تطيقه. قال: بمعبودك إلا أخبرتني. فقال ذو النون: أردت الخروج من مصر إلى بعض القرى، فنمت في الطريق في بعض الصحاري، ففتحت عيني، فإذا أنا بِقُنْبُرَةٍ ( بضم القاف ضرب من الطير، ويقال: قُبَّرة بحذف النون وتشديد الباء، وقنبرًا)عمياءَ سقطت من وكرها على الأرض، فانشقت الأرض، فخرج منها سُكُرُّجَتَانِ إحداهما ذهب، والأخرى فضة، وفي إحداهما سمسم، وفي الأخرى ماء، فجعلت تأكل من هذا، وتشرب من هذا، فقلت: حسبي( أي: كفاني هذا في قوة يقيني) ، قد تُبْتُ، ولزمت الباب (أي: باب الكريم تعالى بالعمل المرجوِّ ثوابه) إلى أن قَبِلَني الله عز وجل.

ما حصل له في زمانه:

سعَوْا به إلى المتوكل، فاستحضره من مصر، فلما دخل عليه وعظه، فبكى المتوكل ورده إلى مصر مكرَّمًا، وكان المتوكل إذا ذُكِرَ بين يديه أهلُ الورع يبكي ويقول: إذا ذُكِرَ أهلُ الورع فحَيَّهَلا بذي النون.

وصفه:

كان رجلاً نحيفاً، تعلوه حمرة، ليس بأبيض اللحية.

أقواله:

سمعت أحمد بن محمد يقول: سمعت سعيد بن عثمان يقول: سمعت ذا النون يقول: مدار الكلام على أربع : حب الجليل، وبغض القليل، واتباع التنزيل، وخوف التحويل.

سمعت محمد بن الحسين -رحمه الله- يقول: سمعت سعيد بن أحمد بن جعفر يقول: سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول: سمعت سعيد بن عثمان يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: من علامات المحب لله عز وجل: متابعة حبيب الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله، وأوامره، وسننه.قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾   [آل عمران: 31].

وسئل ذو النون عن السِّفْلَةِ فقال: من لا يعرف الطريق إلى الله ولا يَتَعَرَّفُهُ.

سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: سمعت ابن رَشِيقٍ يقول: سمعت أبا دُجَانَةَ يقول: سمعت ذا النون يقول: لا تَسْكُنُ الحكمةُ مَعِدةً مُلئت طَعَامًا.

وسئل ذو النون عن التوبة فقال: توبة العوامِّ تكون من الذنوب، وتوبة الخَوَاصِّ تكون من الغفلة.

وفاته رضي الله عنه ونفعنا به:

تُوفي  يوم الاثنينسنة خمس وأربعين ومائتين،ودفن بالقرافة الصغرى,فائق في هذا الشأن، وأوحد وقته علمًا، وورعًا، وحالاً، وأدبًا، رضي الله عنه.