نسخة تجريبيـــــــة
مشكلات الفتوحات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.

 

ملاحظات على كتاب

شرح مشكلات الفتوحات المكية

لعبد الكريم الجيلي – تحقيق د. يوسف زيدان

 

1)    أسلوب التحقيق:

 

أ‌-    اعتمد التحقيق على ثلاث نسخ: المخطوطة أ غير مؤرخة، ومذكور فيها كتاب للشيخ ابن عربي اسمه "الأجوبة اللايقة على الأسئلة الفايقة" ص30 – لا يوجد بالتحقيق العلمي كتاب بهذا الاسم للشيخ ابن العربي

ص31 المخطوطة هـ السطر11 النسخة غير مؤرخة

ص32 المخطوطة ط السطر الأول النسخة غير مؤرخة

كيف يحقق كتاب ليس عليه أي تاريخ يشير إلى نسخه أو إلى الأم الأصل؟ وكيف يحقق كتاب لا ذكر له لعبد الكريم الجيلي في الفهارس العالمية؟ - راجع ص29 سطر6.

 

ب‌-   يقول يوسف زيدان في ص23 السطر18: لاحظ أن ابن عربي "صرح بأنه جمع معاني العلوم المبسوطة في الكتاب، وجعلها مرموزة في الباب التاسع والخمسين بعد الخمسمائة، فعمد "أي الجيلي" إلى هذا الباب قاصداً بشرحه" حل جميع مشكلات الكتاب (الفتوحات)" اهـ،

كيف يحل الجيلي رموزاً هي مبسوطة في الكتاب، وهي مذكورة مفصلة في الأبواب، ويأتي في شرحه بما يخالف ما هو مبسوط في الكتاب؟

 

2)    تحقيق النص المنسوب إلى الجيلي:

 

·        ص69 سطر2 –  قول الشيخ الأكبر: "عيـّنه في الوجود فرداً الواجدُ العالمُ البصيرُ"

هل يعقل أن الجيلي يخطئ هذا الخطأ الفاحش فيجعل ضمير الفاعل في "عيـّنه" إلى النور المحمدي ويجعله هو الواجد العالم البصير، في حين أن الضمير المضمر للفاعل هو الحق الواجد العالم البصير لا النور المحمدي الذي هو المعيَّن بالهاء.

 

·   ص70 السطر الأول: ويكون الخطاب حينئذ للذات الإلهية التي هي ذاته وذات كل ذات فافهم.اهـ هذا نص من الوحدة والاتحاد، وهو يخالف ما نص عليه الشيخ الأكبر في جميع كتبه، يقول في الفتوحات المكية ج2ص138: "عيون المعارف سدّها الله في العموم لكون الفطر أكثرها لا تسعد بتفجيرها، لما يؤدي إليه بالنظر الفاسد من الإباحة، والقول بالحلول، وغير ذلك مما يشقيهم"، وفي ج4ص372: "من فصل بينك وبينه أثبت عينك وعينه ألا تراه تعالى قد أثبت عينك وفصل كونك، بقوله إن كنت تنتبه: (كنت سمعه الذي يسمع به) فأثبتك بإعادة الضمير إليك ليدل عليك، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد"، ويقول في ج4ص379: "من قال بالحلول فهو معلول وهو مرض لا دواء لدائه ولا طبيب يسعى في شفائه"، وفي ج4ص387: "لا تقل باتحادنا                  فتكذبك نشأتي"، ويقول في كتاب الإسرا إلى مقام الأسرى: "فلا تنسبوني إلى الإتحاد الفرد فإنه السيد وأنا العبد"، و راجع نص كلام الشيخ الأكبر في كتابنا "الرد على ابن تيمية" ص102.

 

·        ص75 هامش – شرح يوسف زيدان

الجوهر: اصطلاح يطلق على عدة معان أشهرها الموجود القائم بنفسه، حادثاً كان أو قديماً . . إلخ اهـ، الحادث لا يكون موجوداً قائماً بنفسه، وكلمة الجوهر لا تطلق على الموجود القديم القائم بنفسه وهو الله تعالى.

 

·   ص76 السطر10 "والاستتارات الغيبية" صحتها كما جاء في الهامش نقلاً من الفتوحات "والاستنادات العينية" فكل ما جاء في الشرح المنسوب إلى الجيلي غير مقصود للشيخ ابن العربي ويخالف المبسوط في الكتاب.

 

·   ص81 السطر6، ص93 السطر2، يجعل الجيلي مراتب الحروف ثمانية في الوجود، والشيخ ابن العربي ينص على أن المراتب أربعة لا خامس لها وهي الوجود العيني والرقمي واللفظي والخيالي – فلا يعقل أن الجيلي يجهل ذلك.

 

·   ص86 السطر 21 يقول يوسف زيدان: يتوغل الجيلي هنا في مفاوز الرمز الصوفي ويقول ص141 آخر هامش: إن المفروض أن الجيلي هو الشارح الذي يصرح بجميع ما رمزه ابن عربي!

فيضع يوسف زيدان علامة تعجب، فكيف ينسب إلى الجيلي أنه يشرح ما رمزه ابن العربي بالتوغل في الرمز ثم يسمي ذلك شرح مشكلات الفتوحات، وينسب إلى الجيلي قوله: وقد رمزت لك في هذه النبذة جميع ما صرح به الشيخ، فكيف يكون قلب الصريح رمزاً شرحاً؟!!

 

·   ص105 سطر1: "لأن الله عين كل موجود" وفي سطر 10: "واعلم أنه عينك وأنت عينه": يخالف ما نص عليه الشيخ الأكبر، راجع وحدة الوجود بنص كلام الشيخ ابن العربي في كتابنا شرح كلمات الصوفية، ص489، وفيها: "فهو (الحق) عين كل شيء في الظهور ما هو عين الأشياء في ذواتها سبحانه وتعالى بل هو هو والأشياء أشياء"، ويقول: "وقد علمنا أن العالم ما هو عين الحق، وإنما هو ما ظهر في الوجود الحق".

 

·   ص125 الهامش سطر15، يشير يوسف زيدان إلى أن عبد القادر الجيلاني يقول: بسم الله من العارف بمنزلة كن من الله – وهذه المقولة من أقوال الحلاج وهو سابق لعبد القادر الجيلاني ويناقض يوسف زيدان نفسه في ص132 سطر9 حيث ينسب هذه المقولة إلى الحلاج نقلاً عن ابن العربي.

 

·   ص137 سطر10 يقول الجيلي: أشار إلى قوله صلى الله عليه وسلم لشيخ (والصحيح لشبح) رآه من بعيد: كن زيداً، فكان ذلك الشيخ (الشبح) زيداً أخو عمر بن الخطاب إلخ – والذي ذكره الشيخ ابن العربي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كن أبا ذر، فكان أبا ذر وذلك في غزوة تبوك وليس زيداً أخو عمر بن الخطاب.

 

·   ص138، 139 كل ما جاء في هذه الصفحة وينسب إلى الجيلي يخالف مذهب الشيخ ابن العربي في شرحه لقول أبي السعود الشبلي: "نحن تركنا الحق يتصرف لنا" – راجع كتابنا شرح كلمات الصوفية ص299.

 

·   ص141 كل ما جاء من كلام ينسب إلى الجيلي في هذه الصفحة مثل "فالربوبية لازمة لذواتنا، والعبودية عارضة بحكم المحل" إلخ، كل ذلك يخالف ما ينص عليه الشيخ ابن العربي، يقول الشيخ في كتاب الفتوحات ج3ص224: "فالعبودية ذلة محضة خالصة ذاتية للعبد لا يكلف العبد القيام فيها فإنها عين ذاته"، ويقول الشيخ عن نفسه في كتاب المسامرات: "أنا العبد المحض الخالص لا أعرف للربوبية طعماً".(راجع كتابنا ترجمة حياة الشيخ ص160).

 

·   ص165 السطر8 قول الجيلي: فكل من خلق أعمى لا عين له، ليس يعرف شيئاً من هذه الحكم المستفادة بواسطة البصر، لا في الدنيا ولا في البرزخ ولا في الآخرة، . . . "، هذا خطأ فاحش لا يصدر عن الجيلي أصلاً فهو لا يجهل أن موطن البرزخ وموطن الأخرة غير موطن الدنيا تماماً، كما لا يصح أن يقول: "أعمى لا عين له"، فقد يخلق الأعمى وله عين ولكن لا بصر له.

 

·   ص172 السطر3: قول الجيلي "فكانت الآخرة . . . باقية بإبقاء الله تعالى" اهـ، يخالف مذهب الشيخ ابن العربي في جميع كتبه أن الآخرة باقية ببقاء الله لا بإبقاء الله.

 

·   ص176 السطر الأول شرح الجيلي للبرزخ : لما كان عالم الخيال وعالم المثال متشابهين كأنهما من جنس واحد . . . إلخ، يخالف ما نص عليه الشيخ ابن العربي من أن عالم الخيال هو عالم المثال، راجع كتابنا – بنص كلام الشيخ ابن العربي – الخيال عالم البرزخ والمثال.

 

·   ص180 السطر الأول – ينقل الجيلي عن الشيخ ابن العربي قوله "والمعنى في الحكم" ويشرحها، والمحقق يوسف زيدان يقول إن كلمة "المعنى" لم ترد في الفتوحات بل ورد "المضاء" وعلى ذلك يكون "المضاء في الحُكـْم" لا "الحـِكـَم" ويكون كل الشرح خطأ من الجيلي وغير مقصود للشيخ ابن العربي، وهو مبسوط في الباب الأصلي من الفتوحات.

 

·        ص183 السطر الأول – "يخرجه العقل ببرهانه" الأصل في الفتوحات كما أورده يوسف زيدان "يجرحه" لا "يخرجه" فكل الشرح غير مقصود لابن العربي كما هو مبسوط في الباب، وكل ما ينسب إلى الجيلي من شرح للخيال في هذا الكتاب يخالف ما نص عليه الشيخ الأكبر – راجع كتابنا "الخيال" فلا يمكن أن يكون هذا الكلام للجيلي.

 

·   ص187، 190، 191 يقول الجيلي في شرحه إن الجن خلقهم الله من امتزاج النار بالهواء كما خلق الإنسان من امتزاج الماء بالتراب، والشيخ ابن العربي ينص على أن الجن والإنس مخلوقان من العناصر الأربعة مع خصوصية للعنصرين في كل منهما.

 

·   ص187 سطر 10 يقول الجيلي: إذا أخذت شمعة وأقلبتها.اهـ ويعلق يوسف زيدان "هكذا في كل النسخ" فهل يعقل أن الجيلي يجهل تصريف فعل "قلب".

 

·   ص195 يقول يوسف زيدان في الهامش: يشير الجيلي هنا إلى أن للإنسان جسماً بينما الجن لا جسم له.اهـ هل يعقل أن الجيلي يجهل أن للجن أجساماً وللملائكة أجساماً؟!!

 

·        ص205 مسألة تفضيل الملائكة على البشر:

الجيلي يخالف الشيخ ابن العربي في هذه المسألة ويشرح قوله: "واعتمد على ما جاء به الكشف والخبر"، فيقول الجيلي: أراد بالخبر قوله صلى الله عليه وسلم: "كنت نبياً وآدم بين الماء والطين"، وهذا الخبر هو الذي يعطيه الكشف.اهـ والشيخ ابن العربي ذكر مسألة تفضيل الملائكة على الإطلاق في الفتوحات ج1ص527، 640 – ج2 ص61، 233، 423، وفيها يقول: وقد أوضحت دليل تفضيل الملأ الأعلى من الملائكة على أعلى البشر، أعطاني ذلك الدليل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤية أريتها. اهـ

فالكشف الذي أراده الشيخ هو رؤيته رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخبر هو الدليل الذي أعطاه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله عن الله عزّ وجلّ: "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه"، وليس كما جاء في شرح الجيلي هو حديث: "كنت نبياً وآدم بين الماء والطين"، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ ابن العربي في الرؤيا: "وكم من ذاكر لله في ملأ أنا فيه فذكره الله تعالى في ملأ خير من ملأ أنا فيه".

     فبعد هذا التصريح لا يجوز لأحد أن يؤوِّل كلام الشيخ ابن العربي ولا يشرحه وما بقي إلا قبول رؤيا الشيخ أو رفضها.

 

·   ص231 يقول يوسف زيدان في شرحه في الهامش (1): لأن الحيوان أعلى مرتبة من الجماد.اهـ، وهذا يناقض ما ذكره الشيخ ابن العربي في الفتوحات من أن الجمادية في الإنسان هي أعلى المراتب. (راجع نص كلام الشيخ ابن العربي في شرح كلام سهل بن عبد الله في كتابنا شرح كلمات الصوفية ص220، وكتاب الفتوحات المكية ج1ص710)

 

     من ذلك يتضح أنه لا صحة لنسبة كتاب شرح مشكلات الفتوحات إلى عبد الكريم الجيلي لا من جهة ثبوت النسخ ولا من جهة الشرح.

 

 

                                   والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

والحمد لله رب العالمين

 

محمود محمود الغراب

الإسكندرية 18/10/1999

 


التقييم الحالي
بناء على 30 آراء
أضف إلى
أضف تعليق
الاسم *
البريد الإلكتروني*
عنوان التعليق*
التعليق*
البحث