نائب عام الطريقة البرهامية بجمهورية مصر العربية في حديثه لـ "الصوفي"
ــ أكرم عقيل : السلفية رعاة تشويه الصوفية!
ــ حينما سألت كيف أتعلم الصوفية الحقة أرشدني كبار علماء العالم إلى د/علي جمعة ولم يكن وقتها مفتياً
حوار: محمد على
بتاريخ : 21-12-2011
في حواره للـ "الصوفي" تحدث الشيخ محمد أكرم عقيل مظهر، نائب عام الطريقة البرهامية بجمهورية مصر العربية، عن أوضاع الطرق في مصر، وتعريف التصوف، وتشويهات التيار السلفي للتصوف قائلاً: "السلفية رعاة تشويه الصوفية " محذراً من ندرة وجود الشيخ الصوفي المربي، ورفض أكرم الحديث عن سبب الخلافات التي نشبت أواخر السبعينات بين والده وبين شيخه محمد عبده عثمان البرهاني والتي انتهت بوفاة شيخ البرهانية، إلا انه قال: والدي اكتشف في الطريق البرهاني مخالفات ضد الشريعة الإسلامية مما دفعه للاستقلال التام وأخذ العهد من جديد علي يد الشيخ على عاشور شيخ الطريقة البرهامية في مصر، حتى يستطيع أن يمارس نشاطه الدعوى ونشر التصوف.
وأوضح الشيخ أكرم أن الطريقة البرهامية تنسب إلى مؤسسها سيدي إبراهيم الدسوقي القرشي، في القرن السابع الهجري ، وولد الشيخ بمدينة دسوق محافظة كفر الشيخ.
وأكد أن الحضرة داخل الطريقة البرهامية لاتخالف الشريعة الإسلامية، حيث تبدأ الحضرة بقراءة القران الكريم ويقال بعد الصلوات على رسول الله المدائح، ثم الذكر بلا اله إلا الله، ثم لفظ الجلالة ثم يختم المجلس بالدعاء .
ــ في البداية، نطلب من فضيلتكم التحدث عن علاقتكم بالتصوف الإسلامي، كيف بدأت, ومن هم الأشياخ والعلماء الذين أخذتم عنهم ؟
* بدأت علاقتي بالتصوف الإسلامي قبل الإدراك المعرفي للطفل؛ بمعنى أن والدي سلك الطريق وعمري ثلاث سنوات وفتحت عيني أمام الحضرات ومجالس الذكر وعندما التحقت بالصف الأول الابتدائي حرص والدي على حضوري موالد أولياء الله الصالحين فكان يستأذن من مديرة المدرسة لحصولي على ثلاثة أيام اجازة لحضور مولد سيدي إبراهيم الدسوقي، لكن في مرحلة الشباب المبكر بدأت أهتم بالرياضة حتى سن العشرين عامًا . وبعد ذلك التزمت بالطريق مره أخري حتى وفاة والدي في الليلة الكبيرة لمولد الإمام الحسين سنة 1993.
وبدأت أتحمل المسئولية منذ هذا العام، رغم أني كنت مريد في الطريق، حيث اختارني الإخوان بأن أكون خلفاً لوالدي في مشيخة الطريقة واستشعرت حينها أنني في حاجه إلى التعلم حتى أستطيع أن أقوم بهذا الدور .
وفي زيارتي لرسول الله بالمدينة المنورة عام 2002، التقيت بالحبيب على الجفري- أحد علماء وشيوخ التصوف- وطلبت منه النصيحة بعد أن تحملت تلك المسئولية، فقال: ألزم الشيخ على جمعة في مصر - ولم يكن قد تولى منصب مفتي الديار المصرية- حتى تحصل على علم التصوف الحقيقي، أما إذا أردت الحصول على رخصة الخطابة وعلى العلم السطحي ادرس في معاهد إعداد الدعاة التابعة لوزارة الأوقاف المصرية، وبالفعل اتصلت بالشيخ أسامه السيد ،أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، ليعرفني على د. على جمعة وبدأت منذ ذلك الوقت باحثاً في علم التصوف، ولزمت الأزهر أيضاً مع تلاميذ الشيخ عمر الورداني، والشيخ السيد شلتوت، وتعلُمي على أيدي هؤلاء العلماء كان نقطة تحول في الطريق والفهم الصحيح للعلوم الشرعية والفقه.
ــ من خلال معايشتكم الطويلة لهذا الطريق, ما هو مفهوم التصوف وحقيقته في تصوركم ؟
*التصوف هو رؤية الحقيقة وانعكاسها في قلب الإنسان كما هي عند الله سبحانه وتعالى، فالإنسان إذا أراد أن يفهم حقيقة الأشياء لابد أن يصفوا بنفسه من شوائب الدنيا فينعكس ذلك على قلب الإنسان، ويصبح القلب صافيًا كما خلقه الله عز وجل ويخرج بذلك الإنسان من الوهم ليرزق الفهم بنور الله .
ــ نجد صورة التصوف وأهميته غير واضحة في أذهان الكثيرين، فما أهمية التصوف, وما السبب في عدم وضوحه عندهم؟
* التصوف طوق النجاة للمسلم وذلك لفهم الدين على حقيقته، فالإمام الغزالي رحمه الله قال: إن التصوف فرض عين على كل مسلم؛ لأنه علم طريق الآخرة ، فالتصوف يطلب من كل مسلم أن يتخلص من كل الآفات ويتحلى بكل خلق" . أما سبب عدم وضوح التصوف عند العامة؛ هو أن أهل الطريق قد شوهوا حقيقته في أعين العامة، كما أن هناك بعض التيارات السلفية دعوتها الأساسية هي تشويه صورة التصوف فهم رعاة هذا التشويه ، ومن الأسباب أيضًا هو جهل الناس في البحث عن حقيقة التصوف.
ــ ماذا تعني الطريقة الصوفية, وما سبب تعدد تلك الطرق, وهل هناك تناقض بين تعدد الطرق والدعوة إلى وحدة المسلمين؟
*الطريقة تعنى أسلوب تربية المريد وتختلف طريقة التربية من شيخ لآخر، فهناك مشايخ يعتمدون في تربية المريدين على الرياضة الروحية وآخرون على الذكر، وشيخ يعتمد على قراءة القرآن، فليس هناك تعارض في هذه الأساليب طالما أن المقصد واحد؛ وهو السلوك إلى الله عز وجل .
والطريقة الصوفية ليست مذهباً فكريًا بل إن عقيدة الطرق هي منهج أهل السنة والجماعة ويعتمدون على مذاهب الفقه الأربعة، وإذا حدث فرقة أو خلاف على هذا المنهج فهذا سوء فهم للسالك حتى ولو كان شيخًا، فالبعض يظن أن طريقته هي الأفضل والأسمى لكن فضل الله واسع فالعبرة بمن صدق وليس بمن سبق.
ــ هل يلزم في هذا العصر الذي كثر فيه الأدعياء – اتخاذ الشيخ المربي، وإذا كان لازما فما صفته ؟
*الشيخ المربي لازم لمن أراد أن يسلك الطريق إلى الله، فإذا كان آخر أراد الدنيا فلا يحتاج إلى شيخ مربي، فالمريد الذي لم يكن له شيخ مربي يرعاه سيكون تائهًا في الدنيا، وصفات الشيخ أن يكون عالماً بالعلم الضروري من العقيدة والفقه، وأن يكون تربى على يد شيخ وأن يكون قد أذن له بالإرشاد.
ــ ما علاقة التصوف بالعلم والدعوة والجهاد وحياة الناس الاجتماعية؟
*الصوفي فرد في المجتمع له أحلامه وطموحاته فقد يكون عالمًا بالعلوم الشرعية أو عالمًا من علماء الطبيعة أو يكون صاحب حرفة أو غير ذلك من المهن المتعددة، لكن الصوفي يعلم وهو في مهنته أنه سلك طريق تزكية النفس، ومما ورد عن أبي العباس المرسي رضي الله عنه: "عندما قال بعض الناس لابن عطاء الله السكندري بعد صحبته للشيخ المرسي إن هذا الشيخ يشغلك عن طلب العلم، فقال له أبو العباس عندما دخل عليه: ما صاحبنا صانعاً فأمرناه أن يترك صنعته، ولا صاحب حرفة فأمرناه أن يترك حرفته، ولكن كلٌ يكون فيما أقامه الله، وما كان له منا فسيصل إليه "، والصوفي يجاهد نفسه طول الوقت فإذا وجدت راية الجهاد فيجب عليه أن يكون أول من يتقدم الجهاد في سبيل الله، وتاريخ الصوفية مليء وذاخر بالمجاهدين قديمًا وحديثًا، والصوفي إذا صحت تربيته تحقق قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم "لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "، وبهذا من يسعى في قضاء حوائج الناس معيناً لهم ومتعاوناً معهم على البر والتقوى قد حقق شرط من شروط الإيمان .