كان اصطلاح شيخ السجادة، ينطبق على شيوخ السادة البكرية والعنانية والخضرية والوفائية، الذين يرجعون أنفسهم إلى أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب والزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب على التوالي.
وقد تكلمنا على ذلك بشىء من التفصيل فى موضوع (@السجاجيد الشريفة - أرباب السجاجيد - مدخل عام@)
ومن هنا فإن السادة الوفائية - شأنهم شأن المنحدرين عن سلالة أبي بكر الصديق- قد حولوا أنفسهم من جماعات أسرية عائلية إلى طرق صوفية، وكان مركز ووضع قادة هذه الطرق متشابهًا للغاية مع مركز ووضع شيخ السجادة البكرية؛ إذ أصبحت قانونية امتلاكهم للأراضي، تتوقف على اعتراف القاضي، وعلى التسجيل القانوني في سجلات المحكمة، ولقد امتلكوا أيضًا ممتلكات هائلة، ولعبوا دورًا مهمًّا في إدارة شئون الدولة؛ بل وكانت لهم حقوق غير متبلورة في المجالات القضائية والتشريعية، مثلهم ذلك مثل سائر أرباب السجاجيد.
وقد احتفظ السادة الوفائية - مثلهم مثل أرباب السجاجيد - باستقلالهم الذاتي التقليدي؛ وبذلك لم ينجم عن الفرمان أو الاتفاق مع الأزهر أي تغيير بالنسبة لهم؛ إذ ظلت طرقهم من بين الطرق التي ليست لها روابط رسمية مع شيخ السجادة البكرية.
لذلك نجد أن تواجد أرباب السجاجيد ، وتواجد نظائرهم ممن لهم هذه الروابط الرسمية، قد أدى إلى ظهور انقسام في عالم الطرق في مصر؛ فظل هذا الانقسام هو الطابع الرئيسي المميز للبناء الأساسي للطرق في مصر.
وقد اختص السادة الوفائية بلقب شيخ السادات، فحيث أطلق هذا اللقب فالمراد به هو شيخ السادات الوفائية.
وكان وضع الطريقة الوفائية فريدًا من نوعه بين الطرق في مصر حيث لم يرد ذكرها في قائمة الطرق الصوفية 1265 هـ/ 1849 م ، ولا فى قائمة عام 1279 هـ/ 1864 م . وقائد هذه الطريقة التي كان لها طابع تكافؤى منذ أن كانت مجموعة من الناس المنحدرين من سلالة الإمام علي بن أبي طالب أي منذ أن كانت على شكل جماعة عائلية منتظمة على شكل طريقة في نفس الوقت-لم تتخذ إجراءات إخضاعه لسلطة البكري عن طريق فرمان 1812. فلقد كان شيخ هذه الطريقة -شأنه شأن البكري وليس على غرار أي رئيس طريقة آخر- مستمرًا في الحصول على الشرعية من خلال التعيين بقرار من الخديوي وعندما تطورت وتقدمت إدارة البكري استمر هو في الاحتفاظ باستقلال الذاتي التقليدي. بل ولقد عين بنفسه النواب، والخلفاء التابعين له بدون الرجوع للبكري بأي حال من الأحوال. ورغم كل هذا فإن حق القدم الخاص بهذه الطريقة في مناطق معينة كان معترفًا به.
ولذلك فإن التفسير المقبول لظاهرة التنظيم الاستثنائي على النحو الوارد في حالة الوفائية هو أنه أمكن الحصول عليه والحفاظ عليه بسبب الدور البارز الذي لعبه شيخ السجادة الوفائية في المجتمع المصري وهو دور يتساوى في كثير من جوانبه مع دور البكري.
وكلا صاحبي المقام الرفيع (شيخ السادة البكرية ، وشيخ السادة الوفائية ) كانا أيضًا من بين أعضاء مجالس المشورة التي أنشأها محمد علي في عام 1829 ومن بين أعضاء المجلس الخصوصي الذي أنشأه الخديوي عباس في 11 ربيع الثاني 1265 «فبراير 1849» كما كانا من بين أعضاء الهيئات الأخرى الاستشارية والقضائية والنيابية التي أنشأها الحكام المصريون مثل مجالس الأحكام.
المرجع : فريد عبد الرحمن دي يونج، تاريخ الطرق الصوفية في مصر في القرن التاسع عشر، ترجمة: عبد الحميد فهمي الجمال، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1995م، ص 13-16 ، 35، 73 - 74، 85-86.