(أ – ف – ب) الصوفي
بتاريخ: 10-04-2012
طالبت نقابة الصحافيين التونسيين بمقاطعة أنشطة وزير الداخلية علي العريض بعد أن أقدمت الشرطة على قمع وحشي لمظاهرة نظمت يوم أمس في شارع الحبيب بورقيبة للاحتفال بذكرى "عيد الشهداء". وكانت مشاهد العنف الشديدة لتعامل السلطة مع المتظاهرين أحدثت صدمة كبرى لدى التونسيين الذين استحضروا عنف نظام بن علي مع المتظاهرين قبل الثورة.
يشكل القمع الوحشي للتظاهرات المحظورة من قبل الشرطة الاثنين في تونس "نقطة لا عودة"، كما يعتبر المجتمع المدني والناشطون التونسيون، في مواجهة سلطات تشدد على ضرورة احترام القانون وتحمل عناصر الشرطة والمتظاهرين على حد سواء المسؤولية.
وعلى رغم المبالغة احيانا في اضفاء طابع مأسوي على ما حصل، مثل استخدام عبارات "اثنين اسود" و"اساليب فاشية" و"وحشية"، يبدو السخط الذي عبر عنه الناس حقيقيا.
فمشاهد العنف المحظورة منذ الثورة، احدثت صدمة عميقة. وشعر عدد من التونسيين انهم عادوا الى الايام المأسوية التي سبقت فرار الرئيس زين العابدين بن علي.
وقالت فدوى علوش المسؤولة في شبكة "دستورنا" وهي حركة من المجتمع الاهلي "نحن غاضبون فما حصل مرعب وقد تجاوزت الامور نقطة اللاعودة".
واضافت ان "التعامل مع شخصيات مرموقة ومسؤولين عن حركات بهذه الطريقة امر لا يمكن تصوره". فزعيم شبكة "دستورنا" جوهر بن مبارك استجوب خلال التظاهرات وتعرض اعضاء من المجلس التأسيسي للتدافع وصحافيون للتعنيف.
ودعت نقابتهم الاثنين الصحافيين الى مقاطعة انشطة وزير الداخلية علي العريض طوال اسبوع.
من جهتها، قالت المحامية راضية النصراوي ان "تصرف عناصر الشرطة كان عنيفا جدا جدا. شعرت أنهم يحيون اساليب من ايام بن علي".
واضافت في تصريح لوكالة فرانس برس ان "هذه الحكومة لم تجد حلولا للمشاكل التي يواجهها التونسيون لكنها لم تفقد القوة عندما يتعلق الامر بالضرب".
وقد صدم اقدام عناصر الشرطة يوم السبت الماضي على تفريق متظاهرين من حملة الاجازات الجامعية العاطلين عن العمل، عددا كبيرا من التونسيين، فيما تشكل نسبة البطالة (19%) المشكلة الكبرى في البلاد.
واعرب عدد من المتظاهرين ايضا عن استيائهم من التمييز في تصرف السلطات التي تقمع عن يسارها "لكنها تترك السلفيين يتصرفون على هواهم" على يمينها، كما قالوا.
وحيال الاستياء والصور واشرطة الفيديو عن تجاوزات عناصر الشرطة، الموجودة على شبكة الانترنت، لم تحرك الحكومة وحزب النهضة الاسلامي ساكنا.
وخلال تجمع الاثنين في العاصمة التونسية بينما كانت اعمال العنف مستمرة في وسط المدينة، لم يتطرق زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي الى الاحداث لا من قريب او بعيد.
وكررت وزارة الداخلية تأكيد لا شرعية التظاهرة ومنعت التجمعات في شارع بورقيبة منذ 28 اذار/مارس واتهمت المتظاهرين بانتهاك القانون عن سابق تصور وتصميم.
وحده الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الذي يتحالف حزبه المؤتمر من اجل الجمهورية مع الاسلاميين دان "عنفا غير مقبول" لكنه ساوى ما بين الشرطة والمتظاهرين.
وقال المحلل فيصل شريف "يجب الخروج من هذا الوضع وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة". واضاف ان "الحكومة تضطلع بدورها عندما تذكر بضرورة احترام القانون، والمتظاهرون يضطلعون بدورهم عندما ينددون بالقمع".
وردا على اسئلة فرانس برس عن رأيه في عواقب يوم التاسع من نيسان/ابريل، اعتبر ان "ما حصل لن يؤثر تأثيرا عميقا كما اعتقد على القاعدة الانتخابية لحزب النهضة".
ويؤيده في هذا التحليل استاذ علم الاجتماع السياسي سالم البيض الذي يرى ان "الاستنكار ما زال حتى الساعة على مستوى النخبة السياسية والفكرية".
واضاف ان "حوادث امس كانت محدودة ومحصورة، واذا ما تكرر حصول ذلك في الارياف فسيكون مسألة اخرى".
ويشدد البيض على ضرورة واهمية اعادة فتح شارع بورقيبة امام التظاهرات. واعتبر ان منع التظاهرات في هذا الشارع الحيوي "قرار مرتجل" لم تقدر السلطات عواقبه.
هاجم عشرات الاشخاص احد مقرات حركة النهضة الاسلامية في المنستير بعد ظهر الاثنين على ما افادت الحركة التي ربطت ذلك باعمال العنف التي جرت نفس اليوم في وسط العاصمة تونس.
وصرح نجيب مراد نائب النهضة في المنستير لوكالة فرانس برس "انهم هاجموا المحل وصعدوا على سطحه واقتلعوا الملصقات واعلام النهضة وحاولوا دخول المبنى لكن تم صدهم".
واعتبر "أنهم استغلوا ما حدث صباحا في تونس في شارع بورقيبة" مؤكدا ان المهاجمين كانوا يهتفون "تسقط الجمعية" و"ديغاج" لحاكم المنستير الجديد.