5 مليون بائع متجول في مصر يمارسون اقتصاد حجمه 30 مليار جنيه .. ومشروع قانون للمجلس العسكري لتقنين أوضاعهم
وأكد المهندس عبد المعطي لطفى نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية أن حجم الاقتصاد الذي يمارسه الباعة الجائلين يصل إلى أكثر من 30 مليار جنيه وفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وأضاف أن المشروع عرف البائع المتجول بأنه كل من يبيع سلعا أو بضائع يعرضها للبيع أو يمارس حرفة أو يمارس مهنة أو صناعة في أي طريق أو مكان عام دون أن يكون له محل ثابت، وكل من يتجول من مكان إلى آخر ليبيع سلعا أو بضائع أو يعرضها للبيع أو يمارس حرفة أو صناعة بالتجول، وأنه لا يجوز ممارسة حرفة البائع المتجول إلا بعد الحصول على ترخيص من الوحدة المحلية أو الحي المختص في حالة عدوله عن ممارسة حرفته على أن لا يرخص لمن يقل عن 16 عاما.
وتابع لطفي أنه لا يجوز الترخيص للمصابين بأحد الأمراض المعدية أو الأمراض النفسية والأشخاص غير المصريين حتى لو كانوا يدرسون في مصر، وينص القانون على أن الجهة المختصة بالترخيص من اختصاصها تحديد أماكن معينة لوقوف الباعة الجائلين وتحديد الحد الأقصى لعددهم.
وأضاف أن مشروع القانون يمنع الباعة المتجولين من ملاحقة الجماهير بعرض سلعهم أو الوقوف في الشوارع والميادين وبجوار المدارس والمحال التي تتاجر أو تمارس نفس المهنة والأماكن التي تمنع فيها الشرطة وقوفهم، كما يمنع مشروع القانون بيع المفرقعات أو الشماريخ أو الألعاب النارية والأطعمة بجميع أنواعها إلا إذا كان حاصلا على موافقة "أغذية المدينة"، مشيرا إلى أنه بمجرد استيفاء الطالب للشروط التي يقضي بها القانون تسلم له الإدارة المختصة الترخيص المطلوب والعلامة المميزة مقابل مبلغ 120 جنيها وتكون العلامة المميزة من القماش مكتوب عليها عبارة بائع متجول ورقم الترخيص ويجوز للحى المختص تحصيل رسم أشغال طريق ولايجوز التنازل عن العلامة المميزة أو تسلميها للغير ويحرم صاحب العلامة من الترخيص لمدة عام إذا ثبت ذلك.
وأشار إلى أن مشروع القانون أعطى الحق للسلطة المختصة بإزالة الأشغال المخالفة فورا ونقلها إلى مخرن وعلى المخالف أن يسترد الأشياء المضبوطة فى ميعاد أقصاه ثلاثة أيام وذلك بعد دفع غرامة لاتقل عن ضعف رسم الأشغال المستحق، فإذا لم يقم بذلك جاز للسلطة المختصة بيعها في المزاد العلني أو إعدامها وعلى المخالف للقانون دفع غرامة لاتقل عن 500 جنيها مع عدم الإخلال بأي عقوبة أخرى ينص عليها قانون آخر، وإذا خالف القانون مرة أخرى يسحب الترخيص لمدة 3 شهور.
من جانبه يرى الخبير الأمني العقيد محمود يسري أن القانون يسهل تطبيقه ولكن مع تفعيل دور "البلدية" فهي السلطة القائمة على أعمال التنظيم التابعة لمديرية الأمن في المنطقة، وتقوم بدوريات لمنع وقوف هؤلاء الباعة الذين تعتبر ممارستهم لأنشطة البيع على الأرصفة عملا محظورا، حيث يشترط القانون المصري الحالي ضرورة الحصول على ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم كشرط أساسي لممارسة هذه الحرفة.
أما عم محمد أحمد - 56 سنة - فرفض القانون وأكد أن أكبر انتشار للباعة الجائلين يكون بجوار المدارس والميادين وهو ماسيمنعه القانون قائلا أنا نقاش ولكن أحيانا تمر شهور لا يأتيني عمل وبالتالي فلا شيء أمامي سوي الرصيف.
أما مصطفى عبد الحي حسن الذي جاء من المنيا بعد أن ضاقت به سبل العيش فيقول كنت فلاحا أزرع الأرض ولكن أرض غيري وليست أرضي ولكن مع زيادة الأسعار وغلاء المعيشة أصبح الأجر لا يلبي احتياجاتي اليومية فتركت بلدتي مهاجرا إلى القاهرة لأعمل مع أخي بائعا متجولا علي الرصيف.
وفي شارع طلعت حرب يقف عادل منصور - 25 سنة - بائع والذي بدأ حديثة معي قائلاُ أقف هنا من أجل توفير المال لإكمال دراستي، ولكن بعد فترة من الوقت قررت عدم إكمال الدراسة فبعد التخرج والحصول علي المؤهل ماذا سأعمل ؟
وبعد «25 يناير»، أصبح ميدان التحرير سكنا ومقرا دائما للعديد من الباعة الجائلين مثل أم محمود، بعد أن كان الميدان الذي يعج بالحركة ممنوعا عليهم بحكم قربه من أماكن سيادية وسياسية من قبيل مجلسي الشعب والشورى ومجلس الوزراء وجامعة الدول العربية والمتحف المصري، وغيرها من المؤسسات والسفارات، ولكن الأمور تغيرت كثيرا بعد الثورة، وبعد تحول الميدان إلى قبلة للثوار والمعتصمين والمتظاهرين في مصر، حيث تطلب الأمر توفير خدمات ومتطلبات الزائرين، فاحتل الباعة الجائلون أرجاء الميدان ورفضوا مغادرته أو الرحيل عنه.. ليأتي الثوار ويذهبوا، ويبقى الباعة مقيمين دائمين.
"أم محمود" قبل قدومها إلى التحرير، كانت تبيع الشاي بميدان الجيزة جنوب العاصمة، ولكنها أتت في إحدى المظاهرات إلى الميدان للمطالبة بالإفراج عن ابنها السجين في مشاجرة قبل تسعة أشهر من الثورة، وحينها قررت نقل مكان عملها للميدان، ومنذ ذلك الحين لم تنتقل منه إلا أن بقاءها في الميدان جعلها تقول: «أنا نفسي الدنيا تتصلح زي ما كانت، والشباب يلاقي شغل والناس المسجونة تطلع والظلم مايرجعش تاني».
وعلى خلاف أم محمود وأحلامها البسيطة، تقول فوزية حسن، التي تبيع بعض العصائر في الميدان: «أنا بلف بصندوقي في كل (مناطق الثورة)، أنا رحت ماسبيرو والتحرير ومصطفى محمود وكله أكل عيش».
ورغم أن فوزية لا تكاد تميز بين المتظاهرين في هذه الأماكن، واختلاف مشاربهم وأهدافهم الجوهرية، فإنها تهتف لتحقيق مطالب الثورة في التحرير، وتذهب إلى مصطفى محمود لتهتف مطالبة بعدم محاكمة الرئيس السابق! فهي لا تلقي لهذه الاختلافات بالا، إلا أنها تعتبر الثورة مصدرا للرزق، بغض النظر عن خلافات الميادين التي يتجمع فيها المتظاهرون.
أما أصحاب المحلات فكان لهم رأي آخر حيث يرون أن هؤلاء الباعة يقطعون أرزاقهم فيقول محمد سيد - صاحب أحد المحلات بمنظقة وسط البلد - قبل الثورة كانت البلدية تطاردهم من يوم إلى آخر، وعلى الرغم من قيام العديد من الحملات الأمنية لمطاردتهم بعد الثورة إلا أنهم سرعان ما يعودون مرة أخرى، كما أنهم يشكلون عصابة في وسط البلد وحدثت العديد من المشاجرات بينهم وبين أصحاب المحلات وكان دور الشرطة فض الاشتباك فقط ، ورحب سيد بالقانون الذي سيخلصه من الباعة الجائلين الذين يفترشون أمام محله ولا يقدر على السيطرة عليهم، ولكنه أكد أن عودة الأمن لتأدية دوره مرة أخرى هو السبيل الوحيد للحد من انتشار ظاهرة الباعة الجائلين.
كما أكد صلاح عمر "61 سنة" عامل وهو أحد المارة بمنطقة وسط البلد بأن الباعة الجائلين عادوا من جديد وسيطروا علي حرمة الشارع.. مما أدى إلي توقف حركة المرور نهائيا مطالبا بسرعة إقرار القانون وتطبيقه حتى تعود الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى.