بتاريخ: 24-01-2010
نظم مركز الدراسات والبحوث اليمني بالتعاون مع سفارة الجمهورية التونسية بصنعاء اليوم صباحية ثقافية تونسية تضمنت عرض فيلم "وجد"حول الصوفية في العالم العربي والإسلامي للمخرج التونسي محمود بن محمود.
وفي افتتاح الفعالية قال المستشار الثقافي للرئيس اليمني شاعر اليمن الكبير الدكتور/عبد العزيز المقالح/: هناك كتابات كثيرة عن صلة التصوف بالأدب وبالشعر خاصة، لكن أحداً في حدود ما أعلم لم يتحدث أو يتناول بالكتابة الصلة بين الصوفية والسينما، وهو موضوع جدير بالاهتمام.
وأضاف: لعل الأشقاء في تونس الحبيبة سيكونون سباقين في هذا المضمار، وفي حرصهم على إخراج هذا الفيلم البديع الذي يجعل مشاهده يتجول في أقطار شتى متتبعاً بشغف ومحبة مناهج المتصوفة في هذه الأقطا،ر ودور التصوف الإشراقي والعرفاني في ترقية الأرواح ونشر التسامح والقبول بالآخر انطلاقا من مبدأ شيخهم العظيم ابن عربي الذي يحدد مذهبه الروحي الإنساني في أبيات شهيرة منها " أدين بدين الحب أني توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني.
وتابع الدكتور المقالح: لا مجال هنا للحديث عن الحب بمعناه الصوفي، والذي التبس على البعض فأقصوه عن شفافيته وروحانيته وظنوه حبا جنسيا كالحب أو بالأصح الغزل المتداول بين الشعراء، إنه عند الصوفية حب أسمى يخاطب الأرواح لا الأجساد والضمائر لا المشاعر السطحية. .مشيراً إلى وجود نوعين من الصوفية الأول إيجابي وثوري يقاوم الظلم والفساد ويبشر بالحياة الكريمة لكل البشر بغض النظر عن أجناسهم وأعراقهم وانتماءاتهم، والآخر سلبي منكفئ على ذاته يعيش أتباعه في الزوايا حياة النساك الزهاد ويتكلون على من يقدم لهم الطعام والشراب، وقد كان هذا المستوى من التصوف موضوع اعتراض من خصومهم، لكن كثيرا ما انتفضت هذه الزوايا وثارت وتحول الدراويش إلى مقاومين للغزاة والأعداء.
ولفت الدكتور المقالح إلى وجود نماذج في التاريخ العربي والإسلامي من الصوفيين استطاعوا عن طريق النصح للحاكمين بأمرهم أن يغيروا، كما استطاعوا عن طريق الثورة أن يغيروا أيضا، مضيفاً: يكفي أن نتذكر مقاومة المتصوفة في مصر العربية للغزاة الأوربيين للاستيلاء على مصر والمتصوفة في الشام ومواقفهم في مقاومة الصليبيين والمغول والتتار.
وتابع الدكتور المقالح: في العصر الحديث يكفي أن نتذكر القائد العربي المتصوف عبدالقادر الجزائري الذي خرج من الزوايا ليقاوم الاحتلال الفرنسي ممتطياً حصانه وشاهراً سيفه فكان واحداً من أبرز المؤسسين للاستقلال في بلد المليون ونصف المليون شهيد، متمنياً للأشقاء في تونس الخضراء ومبدعيها المزيد من الإبداع.
من جانبه أعرب السفير التونسي بصنعاء توفيق جابر عن شكره وتقديره للدكتور المقالح لجهوده في تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين الشقيقين، مشيداً بمستوى هذه العلاقات.
وأوضح السفير التونسي أن الوجد بمفهومه الصوفي هو السعادة الروحية التي تشعر بها نفس المؤمن تجاه بارئ الأكوان، والتي تترجم بالإنشاد والتلحين، وفي بعض الحالات بالرقص إلى حد السكر والغيبوبة.
وأكد أن غاية الفيلم استعراض بعض ألوان هذه الترانيم والطقوس الجسدية التي يناجي من خلالها المسلم ربه في حلقات الذكر والسماع.
وأشار إلى أن الفيلم يبدأ رحلته من تونس على إيقاعات أوراد الطريقة الشاذلية لتحط على ضفاف النيل لحضور دروس تجويد القرآن الكريم بالأزهر الشريف مروراً بجامع الحسين حيث تتجمع المواكب الصوفية للاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.
ويتابع السفير التونسي قائلاً: أما خارج الوطن العربي فلنا موعد مع أهازيج القوالين الهنود اتباع الطريقة "الشيشتية" قبل الانتقال إلى اسطنبول لحضور إحدى مجالس السماع " المولاوية " والاستمتاع بمشاهدة شطحات الدراويش الدوارين ويكون الختام في السنغال، حيث لا تزال شعائر " الباي فال" التابعة للطريقة " المريدية " متأثرة بطقوس الروحانيين مما قبل الإسلام.
معتبراً انتشار وتنوع هذه الاحتفالات والمواسم اكبر دليل على أن الإسلام ثقافة إنسانية بقدر ما هو عبادة وإيمان، وتلك الرسالة الروحانية السمحة للدين الإسلامي الحنيف دين الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش الذي ينبذ كل أشكال التطرف والعنف.
عقب ذلك تم عرض الفيلم الوثائقي التونسي "وجد"، الذي أنتج في العام 2001م، للمخرج السينمائي التونسي محمود بن محمود الذي ولد في العام 1947م، بتونس وانتقل إلى بلجيكا في العام 1968م ودرس فيها السينما.
التسميات: